د.رمسيس
بهنام ، دكتور في القانون من جامعتي روما وباريس ، وهو الأستاذ الفخري
بجامعة روما ، و هو أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بجامعة الإسكندرية
(سابقًا) و أستاذ متفرغ بكلية حقوق الإسكندرية. و قد برز الدكتور رمسيس
بهنام في القانون الجنائي بروزا مذهلا حتي أسندت إليه إيطاليا مهمة
الاشتراك في اللجنة الواضعة لبنود القانون الجنائي الإيطالي ، و بعيدًا عن
كل هذا فهو مؤلف كتاب اليوم ، الذي قررنا أن نختصه بتلك المساحة ، نظرًا
لأهميته و مرجعيته وثانيًا لضخامة حجمه ودقة تخصصه و تشعب المباحث التي
يتصدي إليها.
تعرف موسوعة الوب التشاركية للقانون (جوريسبيديا) مصطلح القانون الجنائي
علي أنه : مجموعة القواعد التي تحدد الجرائم وتبين العقوبات المقررة لكل
منها ، وكذلك القواعد التي تبين الإجراءات التي تتبع في ملاحقة وتعقب
المجرم والتحقيق معه ومحاكمته وتنفيذ العقوبة عليه .ولهذا فان القانون
الجنائي يتضمن طائفتين من القواعد القانونية :
- الأولى : تبين الجرائم والعقوبات وتسمى قانون العقوبات وهي قواعد موضوعية.
-الثانية : تعنى بالإجراءات وتسمى قانون الإجراءات الجنائية أو الجزائية وهي مجموعة قواعد إجرائية.
ورغم أنه تعريف موجز ومختزل يشوبه النقصان لا أنه كافي ليعطينا لمحة سريعة
عن أهمية ما يمثله القانون الجنائي في حياتنا اليومية ، فهو من أكثر
القوانين التي تتماس مع حياة الفرد ، فهو عدة المجتمع و جزء مؤسس للعقد
الاجتماعي الذي يحافظ علي كيان ذات المجتمع وبقائه و كلاً من الدولة و
الفرد يدينان له علي السواء بأمنهما ، و يطلق عليه البعض لقب الحارس
الأمين علي البنية الاجتماعية .
ويتميز ذلك القانون عن غيره من القوانين بأنه وثيق الصلة تشريعا وقضاء و
تنفيذا بكافة العلوم الواقعية ، و تنبري لخدمة مجموعة متمايزة من العلوم
المساعدة التي تضمن له سلامة التطبيق و وضعه الموضع الصحيح .
ويتناول الكتاب مفهوم "العقاب" في القانون كصورة للجزاء الذي يوقعه
القانون علي من يهدر حكما من أحكامه التي ينص عليها ، و يشير المؤلف أثناء
حديثه عن العقاب كمفهوم لحقيقة مفادها أنه لا يزال لليوم محلا لصراع مذهبي
فلسفي ، فهناك من يقول أن الأساس في العقاب : عدالة الأرض تردد أصداء
عدالة السماء ، و تقتص من الإنسان حين يصنع الشر لأنه كان حرًا في اختيار
الخير ، لكنه لم يفعل.
البعض الأخر -وهم أغلبية - يزعم أن العقاب مبني علي أساس مغاير هو التوقي
من جرم المستقبل لذات الجاني لا الاقتصاص من جرمه الماضي الذي لم يكن بد
من أن يقترفه أي إنسان أخر علي ذات طباعه و في ذات ظروفه التي أحاطت به
وهو علي تلك الطباع . ذلك المذهب يعتقد أن الإنسان مسيرا بقوة داخلية لا
يملك لها صدا ن وذلك لأن ما يظن انه حرية بالاختيار ليست سوي تعدد في
المعروضات التي تتمثل له ليختار منها ، هؤلاء هم أصحاب المذهب الجبري ،
ومفاد هذا النظرة أن الجزاء الجنائي لا يقوم شرعا علي تحقيق عدالة ليست في
مقدور البشر ، بقدر ما يبني علي تحقيق دفاع المجتمع عن نفسه ضد إجرام
مستقبل يخشي أن يقترفه ذات الجاني - في ذلك الجزء وتحت تلك الفرضية
بالتحديد كان لرمسيس بهنام تقرير أعده لمجلة الحقوق العام 1968 تحت عنوان
: العقوبة و التدابير الاحترازية - و إلي المدرسة الواقعية الإيطالية
تحديداً يرجع فضل تصويب النظرة لكيفية وطبيعة العقاب من عقوبة التكفير عن
ذنب بمعناها الراديكالي ، إلي غاية هدفها إصلاح وتقويم المجتمع .تنص
المادة 42 من الدستور المصري الدائم علي أن كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو
تقيد حريته بأي قيد يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته الإنسية ولا يجوز
إيذاؤه بدنيا أو معنويًا .و بهذا تتمثل لنا أهم سمة تطبع القانون الجنائي
العصري حيث العناية بالجاني كشخص بعد أن كان الانتباه منحصر فقط في
الجريمة كفعل .و يحدد المؤلف في كتابه شرطان جوهريان يوقف عليهما أداء
القانون الجنائي لرسالته.
الشرط الأول : أن معيار التجريم لا ينحصر فيما يتحتم عن السلوك الإنساني
من ضرر فعلي ، وإنما يتسع مداه لوزن هذا السلوك في ذاته علي ضوء القيم
الخلقية الإنسانية
و الشرط الثاني لنجاح القانون الجنائي في أداء رسالته هو أن يسري في حق كافة من يخالفونه دون تمييز.
هل تساءلت يومًا لماذا كل تلك الأهمية للدور الذي تلعبه النيابة العامة في حياة المواطن ؟
تعد النيابة العمومية هي الأمينة علي كيان المجتمع واستقراره ، وذلك لأنها
السلطة المعهود إليها بتطبيق القانون الجنائي كلما توفرت أسباب انطباقه في
واقعة ما .
الكتاب ينقسم غلي خمس أبواب كلاً منها مقسم إلي عدة فصول وكل فصل يحتوي
علي عدة نقاط فرعية حتي أنه يشمل علي 228 مبحث داخلي ، وهو علي الرغم من
ضخامته وتخصص ، مرجع هام وغني ليس للمحامين فقط ولكن لكل مواطن ، حيث لا
يفرق انطباق العقاب بين المواطنين بمسمياتهم الوظيفية .و لهذا فالإلمام
نشئ منه خيرًا من الجهل المطلق بهhttp://qadaya.net/node/2758
الإثنين فبراير 15, 2010 11:57 am من طرف هشام مزيان