ن الصراع الفكري بين الفلاسفة المثاليين والماديين حول طبيعة الكون( 1)
الذي كان بداُه فلاسفة الاغريق الاوائل خفت حدته كثيرا في القرنين
الاخيرين بعد ان انتقل ذلك الصراع بين علماء الفيزياء .
ثلاثة قرون
مضت على الصراع القائم بين العلماء حول طبيعة الضوء بعدما انقسموا الى
تيارين متعارضين، التيار الاول كان يؤمن بأن الضوء ينتقل على شكل جسيمات
منفصلة عن بعضها والتيار الثاني كان يؤمن ان الضوء ينتقل على شكل موجة.
قاده
التيار الاول العالم الكبير اسحق نيوتن الذي كان معتمداً على ظاهرتين
مهمتين تحدثان للضوء هما الانعكاس و الانكسار، فشبه ظاهرة الانكسار في
الضوء مثل كرة البليارد المنحرفة بعد اصطدامها بجسم اخر، وظاهرة الانعكاس
بالكرة المرتدة من الجدار حسب قانون الفعل ورد الفعل.
على الرغم من
وجود اراء مناقضة في حينها لهذه النظرية ( مثل العالم الهولندي هوينغز
الذي فسر انتقال الضوء على شكل موجة في 1678 م) الا ان المكانة العلمية
لاسحق نيوتن اعطت لتيار الاول الزخم الاكبر ان لم نقل التاييد المطلق ً
فأهملت اراء اصحاب النظرية الموجية في وقتها، هذا بالاضافة الى عجز اصحاب
هذه النظرية تفسير كيفية انتقال الضوء في الفراغ.
في سنة 1801 قام
العالم توماس يونغ بإثبات ظاهرة التداخل والحيود من خلال تجربته على حاوية
الماء المهتزة (اي ظهور فترات مظلمة واخرى مضيئة على التعاقب) اعطت نتائج
هذه التجربة النظرية الموجية دفعة قوية بعد ان كانت وضعت على الرفوف لمدة
قرن كامل. ثم جاء دورالعالم الفرنسي فرينل الذي اثبت مرة اخرة من خلال
تجاربه حدوث ظاهرة الحيود والتداخل وبأن النظرية الموجية هي النظرية الاصح
في وصف طبيعة الضوء.
بعدما عجز اصحاب النظرية الجسيمية عن تفسير
هاتين الظاهرتين، اصبحت النظرية الموجية هي النظرية السائدة معظم فترات
القرن التاسع عشر في محافل العلمية، فلم يكن امام العلماء المعارضين
والمؤيدين في حينها سوى تبنيها مع وضع فرضية مهمة وهي وجود الاثير الكوني
كوسيط لنقل الموجة الضوئية لحل مشكلة الوحيدة امامها انتقال الضوء في
الفراغ .
كان البرهان على هذه الفرضية اصعب بكثير من اثبات
النظرية الموجية نفسها. لكن التأييد الاكبر الذي نالته النظرية الموجية ،
كان على يد العالم ماكسويل عام 1873 حينما اثبت بصورة قاطعة ان سرعة الضوء
هي 300 الف كم في الثانية بعد ان اشتق معادلات الموجة الكهرومغناطيسية
معتمدا على نتائج ابحاث العالمين فردائي وكولوم من قبله على الرغم من
اثباته ايضاً على عدم وجود اي وسيط مثل الاثير الذي افترضه العلماء من قبل.
بعد اكتشافات ماكسويل هذه بقليل بدأت الابحاث تتركز على ظاهرة الكهروضوئية .
ففي
النصف الثاني من القرن الثامن عشر بحدود 1877، استطاع العالم الكبير هيرتز
اثبات توليد التيار الكهربائي من خلال تسليطه حزمة من الضوء على سطح
صفيحة معدنية رقيقة وسميت هذه الظاهرة بظاهرة الكهروضوئية على غرار مصطلح
الكهرومغناطيسية .
كانت نتائج هذه التجربة بمثابة ضربة صاعقة مرة
اخرى على النظرية الموجية حيث لم تسطيع النظرية الموجية تفسير استنتاجات
المهمة التي اتت بها هذه النظرية والتي هي:-
1- لا تحدث ظاهرة الكهروضوئية الا عندما تكون للحزمة الضوئية تردد اعلى من تردد الادنى Cutoff frequency.
2- ان التيار المتولد وعملية تسليط الحزمة الضوئية تكون في ان واحد، اي لا توجد فترة زمنية فاصلة بينهما.
3- لكن
النتيجة الاهم في هذه التجربة كانت، ان الطاقة الحركية المكتسبة من قبل
الالكترونات لا تعتمد على شدة الضوء الساقط كما كانت تتوقعه النظرية
الموجية وانما على تردده وتزداد طاقته بزيادة تردده.
هذه الابحاث وغيرها كانت بداية المخاض لولادة النظرية الكوانتية على يد ماكس بلانك في سنة 1900م .
فما هي نظرية الكوانتوم؟ وعلى اي اساس وضعت؟
قبل ان ندخل في الحديث عن النظرية الكوانتية لابد تقديم شرح قليل عن الجسم الاسود الذي كان رحم الذي ولدت منه هذه النظرية.
يعتبر
العلماء الجسم الاسود، جسم مثالي، ، اي انه في حالة توازن حراري لا يسمح
بانتقال او اكتساب اي نوع من الطاقة مع محيطه الخارجي نتيجة القوة
الجاذبية الكبيرة التي يمتلكها. ما معناه انه يكتسب الحرارة والطاقة
الضوئية المنبعثة من سطحه الداخلي تماما.
حسب النظرية الكلاسيكية في
تفسير الظواهر الضوئية ان سطوح الاجسام تطلق اشعاعا حراريا عند اية درجة
حرارية، وان طاقة هذا الاشعاع وتوزيع تردادته تعتمد على درجة الحرارة
وخصائص سطوح تلك الاجسام. اي كلما سخن الجسم كلما زاد ترددات الجسيمات على
السطح فتزداد طاقتها الى ان تصل ما لانهاية على غرار ترددات المجال
الكهرومغناطيسي . (2)
كانت محاولات العالم رايليغ Rayleigh هي
الخطوات النظرية الاولى لاثبات هذه العلاقة عن طريق اجراء دراسة على الجسم
الاسود. لقد توصل الى ان الحد الاقصى لطاقة الاشعاع تقترب من التردادت
العالية فوضع المعادلة التالية بتعاون مع عالم اخر يدعى جيمس جينز Jeans
James على ان كثافة الطاقة الاشعاعي تتناسب طرديا مع زيادة التردد حسب
المعادلة التالية ( معادلة رايليغ – جينز) :-
ρ=8ЛkT/ λ^4
ρ: يمثل كثافة الطاقة الاشعاعية
Л: هي النسبة الثابتة
K: يمثل ثابت بولتزمن مقداره k= 1.381x1^-23 J/K
T: درجة حرارة - كلفن
λ: طول الموجي
ملاحظة ان التردد يتناسب عكسيا مع طول الموجة حسب العلاقة التالية
λ = C/v
حيث ان v تمثل الطول الموجي
C هي سرعة الموجة
ان
معادلة رايليغ - جينز اعلاه اثبتت ان الطاقة الاشعاعية بغض النظر عن
قيمة درجة حرارة الجسم الا انها تعتمدعلى التردد وتصل الى ما نهاية عند
ترددات العالية.
لكن التجارب العملية على الجسم الاسود اثبتت ان
الطاقة للاشعاع الحراري تزداد بزيادة التردد لكنها لا تصل الى ما نهاية كما
يظن اصحاب النظرية الموجية الكلاسيكية كما تقول معادلة رايليغ – جينز .
حيث تصل هذه الطاقة الى حد معين (الحد الاقصى) ثم تبدا بإلانخفاض لتصل الى
الصفر عندما يصبح التردد ما لانهاية. حسب العلاقة التي وضعها العالم واين
سنة 1893 التي سميت بقانون واين للازاحة wien's displacement
Max.T=2.9mm.k λ
Max λ: تمثل الطول الموجي عند الحد الاقصى لطاقة الاشعاع بالامتار
T : تمثل درجة الحرارة بمقياس كلفن
اطلق على نتيجة هذه التجربة بالكارثة فوق البنفسجية، اي عدم خضوع الضوء
الى القوانين المعروفة انذاك بسبب اختلاف
سلوك الضوء عن وصف النظرية الموجية في هذه المنطقة.
كان علماء
التيارين في الحيرة في امرهم ، الى ان جاء ماكس بلانك ووضع النظرية
الكوانتية او الجسيمية التي تقول: ان الاجسام المتذبذبة والممتصة للطاقة
الاشعاعية لا تبث ولا تمتص الا بمقادير محددة من الطاقة مثل مضاعفات اعداد
الصحيحة الموجبة وانها تتناسب طرديا مع تردادت المذبذب حسب المعادلة
المشهورة التي وضعها
E=nhv
E: هي طاقة الفوتون
n: تمثل الاعداد الصحيحة 1,2,3…………
h: ثابت كوني سمي بثابت بلانك
V: تردد المذبذب
فوجد ماكس بلانك ما لم تكن مقدار h =6.626x10^-34 Js ان التوزريع الحراري لا يتطابق مع التوزيع التجريبي.
من
هذه استنتج ان انتقال الطاقة لا يتم الا على شكل اجسام صغيرة جدا سميت
كوانتم اي كميات محددة لا تقبل التجزئة التي تمثلها الاشعاع الكهرومغناطيسي
او كهروضوئي.
حملت هذه الفكرة تصريحا خطيرا جدا في اوساط العلمية ،
حيث تناقض الفكر الكلاسيكي القديم الذي يقول ان الطاقة تنتقل بصورة مستمرة
غير منقطعة على شكل موجة. فوصفها البعض بالسخافة، لكن شيئا فشيئا الزمت
هذه النظرية العلماء الاعتراف بها والعودة الى فكرة انتقال الضوء على شكل
جسيمات والتخلي عن النظرية الموجية التي سادت قرابة قرن كامل في اوساط
العلمية.
وفسر في حينها عجز معادلة ( معادلة رايليغ – جينز) :-
ρ=8ЛkT/λ^4
في تفسير هذه الظاهرة بسبب اعتمادها على مباديء الفيزياء الكلاسيكية.
في
سنة المعجزة كما يحلو للبعض ان يطلق عليها- اي في سنة 1905 وضع العالم
الكبير البرت اينشتاين النظرية النسبية . اسقط فيها اينشتاين الصفة
المطلقة لقوانين الكونية والثبوتية حسب المفاهيم الكلاسيكية، فلم هناك
لزمان او مكان او اي كتلة قيمة مطلقة سوى سرعة الضوء بعد ان ادخل متغير
اخر( الزمن) الى معادلاته الرياضية الذي يطلق عليه بالبعد الرابع . اي لا
توجد قيمة ثابتة ولا صفة الثبات او السكون المطلق للكون كما توقع الفيلسوف
الاغريقي هيرقليدس حينما قال (لا تستطيع ان تضع رجلك في نفس النهر مرتين).
اي لا توجد لدينا معرفة مطلقة لاي موضوع ، فكل شيء هو نسبي، نحن نعيش في
عالم كل معرفتنا عنه هي نسبية وفي حالة تطور مستمرة مثلما قال الفيلسوف
الالماني كانط: ( لانستطيع فهم كل الاحاسيس الواردة الى حواسنا ، فما نفهمه
يعتمد على قابلية حواسنا لتفسيرهو امكانية عقلنا نفسه). مثل عدم امكانيتنا
لسماع الاصوات التي تقع تحت او فوق ترددات التي يمكن للاذن التحسس بها.
حينما
عرضت نتائج التجربة الكهروضوئية الانفة الذكر وتم توليد تيار كهربائي من
تسليط حزمة الضوء على سطح رقائق وعجزت النظرية الموجية من ايجاد تفسيرا
لها ، قدم اينشتاين تفسيره الجديد مبنياً على ما توصل اليه ماكس بلانك.
فقال:
يمكن فهم ظاهرة الكهروضوئية وانتقال الضوء في الفضاء على اساس مفهوم
كوانتم الذي وضعه بلانك. فافترض اينشتاين ان الضوء هو عبارة عن سيل من
الجسيمات المنفصلة من بعضها بحيث يمثل كل واحدة منها وحدة الطاقة واطلق
عليها الفوتون . يكون لكل فوتون مقدار من الطاقة الذي يعتمد على تردد الضوء
نفسه حسب العلاقة التالية.
E=hv
حيث ان Eتمثل كمية الطاقة
h: ثابت بلانك
V: تردد الضوء
بحسب
هذه الفرضية ان الالكترون يكتسب كمية من طاقة الفوتون التي تكفي لانطلاقه
من سطح الرقيق للصفيحة المعدنية والطاقة المتبقية منه تتحول الى طاقة
حركية للالكتورن حسب قانون حفظ الطاقة.
اذن
K=hv - O
حيث ان k = طاقة الفوتون - الطاقة الحركية اللازمة لانطلاق الالكترون
واي ان O ; تمثل الحد الادنى من الطاقة اللازمة لتحرير الالكترون من سطح الرقيقة المعدنية.
رفض
زعيما كلا المدرستين بور وبلانك هذه الفرضية لانها سوف تخلق مشاكل كبيرة
امام كلا النظريتين حيث ستعارض الحقيقة المسلم بها لهم بان الضوء ذو طبيعة
متصلة وينتقل بصورة موجية.
لقد اثارث فرضية اينشتاين هذه زوبعة فكرية
في اوساط العلمية في حينها ، خلقت اسئلة كثيرة معقدة. اذ كيف يمكن للضوء ان
ينتقل على شكل جسيمات منفصلة لها وحدات من طاقة محددة وفي نفس الوقت تحدث
عملية الحيود والتداخل في الضوء التي هي من صفاة النظرية الموجية. كيف
يمكن التوفيق بين هذه المعطيات المتناقضة.
بقى الشك يراود العلماء حول
فرضية اينشتاين الى سنة 1932 حينما اكتشف مفهوم تبعثر كمبتون Compton الذي
لم يكن له اي تفسير الا برجوع الى نظرية الجسيمات.
ما هو مفهوم كمبتون؟ ما هي الاستنتاجات منه؟
حسب
النظرية الكوانتية ان الضوء عبارة عن كمية من الفوتونات التي تتصرف على
شكل جسيمات لها طاقة محددة وكتلتها معدومة. يعني ان الجسيم الفوتوني حينما
يصطم بالالكترون يمكن معالجته ضمن الميكانيكا التقليدية (قوانين الفيزياء
الكلاسيكية لغاليلو وكبلر ونيوتن) اي يمكن تشبيهه بكرة البليارد . فحسب
قانون حفظ الطاقة، ان الفوتون حينما يصطم بالالكترون يفقد قليلا من طاقته
ليكتسبها الالكترون وكذلك يفقد قليلا من الطاقة الحركية التي يكتسبها
الالكترون ايضاً.
على هذه الاساس اقام كمبتون Arthur H.Compton تجربته،
فسلط حزمة من الاشعة السينية على لوح من كرافيت، فوجد كمبتون ان الاشعة
السينية المتعبثرة نتيجة اصطدامها بلوح الكرافيت لها طول موجي اكبر من
الطول الموجي للحزمة الضوئية المسلطة.
λ –λ0 =λ Δ
حيث ان λ Δ يمثل الزيادة في الطول الموجي بين الحالتين واطلق عليه ازاحة كمبتون Compton Shift
وان λ0 هو الطول الموجي قبل تسليط الاشعة على اللوح.
جعلت
نتائج هذه التجربة ان يكون برهان النظرية الجسيمية اكثر صلابة من اي وقت
اخر. ووجهت ضربة قاسية للنظرية الموجية التي كانت تتوقع عكس نتائج هذه
النظرية، حيث كانت دائما تعتبر ان الطول الموجي لاشعة السينية الساقطة
تساوي نفس الطول الموجي لاشعة المنعكسة، اي ان الاشعة السينية -
الكهرومغناطيسية سوف تصطدم بالالكترونات فتجعلها ان تتذبذب وبالتالي ستشع
الطاقة الكهرومغناطيسية نفسها التي اكتسبتها، اي ان الطول الموجي لاشعة
المنعكسة ستساوي نفس الطول الموجي لاشعة الساقطة حسب العلاقة التالية.
λ –λ0=h(1-cos O) mc =λ Δ
حيث ان Ø هي الزاوية المحصورة بين سقوط وانعكاس الفوتون
وان mc هي سرعة الضوء وكتلة الالكترون على التوالي
وان h هو ثابت بلانك.
ان
النتيجة التي اعطته تجربة كمبتون كانت برهاناً اخراً لنظرية الكوانتية
وفرضية اينشتاين. فعندما نجعل من قيمة ثابت بلانك يقترب من الصفر او
مهملا، نحصل على نفس النتائج التي توقعتها النظرية الكلاسيكية.
لكن كانت مسالة الحيود والتداخل في الحزمات الضوئية بقت هي العائق الاكبر امام النظرية الكوانتية . فكان لابد من وجود تفسير لها.
امام
هذا المأزق لم يكن امام علماء التيارين الا التصالح معا والاتفاق على حل
توفيقي بين النظريتين وهو ان للضوء طبيعة ثنائية، الطبيعة الموجية
والطبيعة الجسيمية Duality على غرار ما ذهب اليه الفيلسوف وعالم الرياضيات
ديكارت في القرن السادس عشر حينما قال ان للكون طبيعتين الروحية والمادية.
ان
هذه الاستنتاجات اوقعت العالم في الحيرة من جديد، فراح البعض يسأل كيف
يمكن ان يكون للضوء طبيعتين، الموجية والجسيمية في ان واحد ، الامر الذي
يخالف الواقع والطريقة التي اعتادوا التفكير فيها.
فكانت هذه
اللحظات الاولى هي لحظات التهيئة لولادة نظرية جديدة اشد تعقيدا من الاولى
الا وهي نظرية اللادقة او او الكشوكية اوالارتياب على يد العالم هايزنبرك
.Werner Heisenberg (التي سنعالجها في مقال اخر)
ولم يكن هناك اي
تفسير اخر افضل من التفسير النظري التوفيقي الذي وضعه العلماء في حينه لهذه
النتيجة التي هي ان الاجسام ذات الكتل الكبيرة تتصرف بحسب قوانين
الفيزياء الكلاسيكية لكن لا تتصرف الكتل الصغيرة مثل الفوتون والالكترون
بموجب هذه القوانين . فالاجسام الصغيرة يمكن ان تتصرف بحسب قوانين خاصة
بعالمها .
هذا ما مهد العالم الفرنسي لوي دوبروي Louis de Broglie
سنة 1924 م على اثباته حينما كان يعد اطروحته في الدكتوراه فسأل : ان
كان للضوء طبيعة موجية فهل يمكن العكس،اي هل يمكن ان يكون للجسيمات مثل
الفوتون والالكترون طبيعة موجية؟ وخلص الى نتيجة مفادها ان كل جسم في
الكون يكون مصحوب بموجة خاصة به على الدوام.
كان هذا برهاناُ اخر
على وجود اختلاف في تصرف المادة في العالم الميكروسكوبي والعالم
الماكروسكوبي، اي عالم الكتل الصغيرة وعالم الكتل الكبيرة.
لم يمضي
الوقت طويلا حتى استطاع العالمان الامريكيان دافيسون C.J.Davisson و جيرمر
L.H. Germar عام 1927 من اثبات تجريبيا حصول تداخل بين الالكترونات. فقط
سلطا حزمة من الضوء على قطعة من النيكل بشكل عمودي وبطاقة 54 الكترون
فولت. فوجدا هناك مناطق مضيئة واخرى مظلمة عند زوايا محددة كمل يحصل في
الاشعة السينية (النتيجة التي توصل اليها العالم توماس يونغ قبل 125 سنة) ،
فلم يكن هناك تفسير اخر لها سوى انه يحصل تداخل بين الالكترونات
المتبعثرة.
قبل هذه الفترة بقليل سنة 1924 م كان العالم النساوي
شرودينغر Erwin Shrodinger ان يبرهن الطبيعة الثنائية للموجة الضوئية
من خلال معادلته التي تصف الطريقة التي تتغير بها الموجة المرتبطة بالجسيم
او الفوتون من خلال الزمان والمكان . فكان لهذا الاكتشاف الاهمية الكبيرة
مثل اهمية قانون نيوتن الثاني للحركة في الميكانيكا الكلاسيكية وهكذا
تظافرت الجهود من الناحية النظرية والتجريبية لتعزيز نظرية دوبروي.
اعتبر دوبروي ان لاي جسيم (الفوتون) مصاحب بموجة وبالعكس ، يعني اي موجة كهرومغناطيسية لها خصائص جسيمية.
اذن بما ان للفوتون الطبيعة الجسيمية فإذن له كمية حركة ويكمن وصفها حسب المعادلة التالية:
P = E/c = hc/ λc = h/λ λ= h / p
حيث ان p هي الطاقة الحركية للفوتون الضوئي.
من هذه المعادلة نرى ان الطاقة الحركية للفوتون الضوئي تعتمد على الطول الموجي.
فعمم دوبروي هذه المعادلة كما قلنا على جميع الاجسام.
وبما ان الطاقة الحركية لاي جسم تعتمد على كتلته m وسرعته v حسب العلاقة التالية
P = mv
وبالتعويض في المعادلة السابقة تصبح النتيجة
λ = h / mv
من هذه العلاقة يتبين انه كلما كانت حركة الجسم كبيرة كان الطول الموجي صغير وبالعكس.
الاختلاف
بين هذه الموجة والموجة العادية هو ان الاولى لا تمتلك اي طاقة ولكن لها
نفس الخصائص مثل طول الموجي والسعة والخضوغ لقوانين التراكيب والتداخل
والبناء.
من المعلوم ان طاقة الموجة العادية تعتمد على مربع السعة،
بينما مربع السعة في الموجة الكوانتية يعبر عن احتمالية وجود الجسيم في
موقع معين.
بما ان الموجة الكوانتية لا تحمل اي طاقة ، فإذن انها غير قابلة للقياس والملاحظة.
كان
هذا اخر دليل الذي اعاد الانفاس الى النظرية الموجية واثبت بشكل القاطع ان
للدقائق الصغيرة طبيعة وقوانين خاصة بها تختلف عن القوانين التي تتحكم
بعالم الكتل الكبيرة.
المصطلحات المهمة
الفيزياء
التقليدية او ميكانيكا الكلاسيكية :- هو علم الفيزياء القديم الذي كان يهتم
بحركة الاجسام في الفضاء الاقليدي( ثلاثي الابعاد) التي اسسها العالم
الكبير اسحق نيوتن بإعتماده على التحليل الرياضي مع توازي عمل العالم
لبينتز بالاخص حقل رياضيات التفاضل. من مؤيدي هذه النظرية غاليلو، يوهانز
كبلر، كوبنكريوس، نيوتن، ماكسويل.
النظرية النسبية:- هي النظرية
التي وضعها العالم الكبير اينشتاين في سنة 1905 التي تهمل تاثير الجاذبية
(قانون الجاذبية لنيوتن) على سرعة الاجسام واعتبار البعد الرابع (الزمن)
متغير في معادلاته .
النظرية الموجية لطبيعة الضوء:- هي النظرية
التي تؤمن بأن الضوء ينتقل على شكل موجه كما ينتقل كالصوت. من العلماء
المؤيدين لهذه النظرية بور، هايزنبرك، توماس يونغ، ماخ، يورون، ديراك.
النظرية
الكوانتية:- هي النظرية التي تؤمن ان الضوء عبارة عن سيل من جسيمات دقيقية
منفصلة لها طاقة عن بعضها تنتقل في الفضاء بدون وسيط
من مؤيدي هذه النظرية هم ماكس بلانك ،البرت اينشتاين ، اسحق نيوتن، دلوي، كلود دبردي، ديفيد.