سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3152
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | الفلسفة و الدين صراع العقل و الخيال | |
الصراع بين الفلسفة والدين غالبًا ما يُصور كتجاذب بين العقل والخيال؛ بين السعي نحو الحقيقة المحضة من خلال التفكير المنطقي من جهة، واستنارة الروح والإيمان بما يتجاوز العقل من جهة أخرى. يمثل هذا الصراع جذور الأسئلة الأساسية حول طبيعة المعرفة، وإمكانات الإنسان وحدوده، وسبل الوصول إلى معنى الحياة.1. الفلسفة والعقل: البحث عن الحقيقة بالعقلانية- في الفلسفة، العقل هو الأداة الأساسية التي يعتمد عليها الفكر للوصول إلى الحقائق، سواءً كانت عن الكون، أو الطبيعة، أو حتى الوجود نفسه. الفلاسفة منذ سقراط وأفلاطون، مرورًا بديكارت وكانط، حاولوا تأسيس نظام عقلاني يعرض رؤية نقدية للعالم ويستند على الشك والتحليل والتجربة، بحثًا عن قوانين موضوعية تحكم الكون.
- يتركز الهدف الفلسفي حول السعي لإجابات تستند إلى مبادئ منطقية، وقوانين واضحة، ونهج استقرائي قادر على تقديم نتائج متماسكة. وهذا السعي العقلي يعارض فكرة القبول بلا دليل، وهي ما يعتبره العقلانية "إيمانًا" عميانيًا لا يتوافق مع متطلبات التحليل الفكري.
2. الدين والخيال: نحو معاني تتجاوز العقل- في المقابل، تعتمد الأديان غالبًا على الخيال الرمزي والأسرار الروحية التي تهدف إلى تجسيد الحقائق الوجودية من خلال الرمز والإيحاء، بما يتجاوز الإمكانيات الحسية أو المنطقية المجردة. تمثل النصوص الدينية، كالقرآن والإنجيل والتوراة، مصادر يستمد منها المؤمنون معانٍ متعالية عن الحياة والموت، والأخلاق، وغاية الإنسان، وأصله ومصيره.
- الخيال هنا ليس مجرد تصورات باطلة، بل يُعد بوابة لفهم رمزي للكون والوجود، حيث يُنظر للمعاني الدينية كصور متعالية تساعد البشر على إدراك ما هو أعمق وأعقد من قوانين العقل، كالإلهيات والأخلاقيات والمآلات النهائية للحياة.
3. الصراع بين العقل والخيال: الحداثة وتفكيك المسلمات- مع صعود الحداثة، تعرضت النصوص الدينية والمفاهيم التقليدية للكون للتفكيك والنقد، إذ دفع التطور العلمي والفلسفي، منذ عصر التنوير، إلى إعادة التفكير في التفسيرات الدينية القديمة ومحاولة استبدالها بنظريات علمية. من هنا نشأت مدرسة نقدية تمثلها شخصيات مثل نيتشه وفويرباخ، رأت في الدين أداة "خيالية" تشكل وعيًا زائفًا لاحتياجات الإنسان النفسية، بينما ينظر إليها آخرون كظاهرة روحية ضرورية لإشباع احتياجات الإنسان المعنوية.
- قاد هذا النقد إلى نزاعات أيديولوجية ووجودية بين الفلسفة والعلم من جهة، والدين من جهة أخرى، حيث يتساءل كل منهما عن طبيعة الإنسان، وغاية الوجود، ومصدر الأخلاق.
4. نحو فلسفة متصالحة: محاولات للتوفيق- ثمة محاولات عديدة للتوفيق بين الدين والفلسفة، حيث يُنظر للدين كوسيلة لفهم الحقائق الروحية التي قد لا يستطيع العقل وحده الوصول إليها، بينما تُعتبر الفلسفة أسلوبًا ضروريًا لتنظيم الفكر الديني وتحقيق فهم أعمق له. الفلاسفة مثل ابن رشد والغزالي، وكذلك الفلاسفة المعاصرين كـ "هنري برجسون" و"هيدغر"، سعوا لطرح رؤى تتعامل مع العقل والإيمان كطريقين متوازيين، حيث لا يعادي أحدهما الآخر، بل يكملان رحلة الإنسان نحو الحقيقة.
- كما أن تطور الفكر الفلسفي بعد الحداثة شمل حركات تتجاوز العقلانية المحضة، كالفينومينولوجيا والهرمنيوطيقا، التي تنظر إلى المعنى باعتباره أكثر من مجرد معطى عقلي، بل جزء من التجربة الإنسانية التي تضم الخيال والشعور والرمز.
الخلاصةيمثل الصراع بين الفلسفة والدين، أو بين العقل والخيال، مسرحًا للبحث عن "الحقيقة". ولئن بدا أن هذا الصراع لن يُحسم بسهولة، فإن التاريخ يشير إلى أن هناك مساحة لكليهما في حياة الإنسان، حيث يمكن أن يسهم الخيال في تخطي الحدود التي يقيمها العقل، بينما يمكن للعقل أن يُنير الطريق أمام الخيال ويحرره من مغبة الزيف والتصورات الباطلة. إن فهم التوازن بينهما ربما يكون خطوة نحو فهم أكثر عمقًا وشمولية للوجود الإنساني وغاياته المتنوعة | |
|