باسكال معاصرًا باديو وغولدمان: حول قيمة الرهان وعودة الله بالتفصيل
باسكال كان قد طرح "رهانه" كدليل على ضرورة الإيمان بالله، حيث يعتبر أن من الأفضل للإنسان أن يراهن على الإيمان بوجود الله، حتى لو لم يكن متأكدًا من ذلك، لأن المكاسب المحتملة في الحياة الآخرة تفوق الخسائر في حال كان الإيمان خاطئًا. هذا الرهان يعتمد على منطق المنفعة الذاتية الذي يضع الربح الأكبر في جانب الإيمان.
أما باديو، فيعترض على فكرة الدين كرهان فردي أو كحل للهروب من الواقع، ويؤكد على ضرورة البحث عن الحقيقة عبر الفكر العقلاني والالتزام بالقيم الإنسانية العالمية التي لا تستند إلى الدين. فبحسب باديو، لا يتضمن الواقع الإنساني "رغبات مجردة" بل يتطلب تحركًا ماديًا وسياسيًا يهدف إلى "التغيير الثوري" بعيدًا عن التوظيفات الدينية.
غولدمان يقدّر الدين من زاوية اجتماعية أكثر، حيث يعتبر أن العودة إلى الله ليست فعلًا فرديًا فقط، بل تعبير عن وضع اجتماعي ومجتمعي. هو يرى أن الدين يظل أحد القوى المهمة في تماسك المجتمعات في مواجهة مشاعر العجز أو التوتر الوجودي. لكن غولدمان لا يرى في الدين الحل الوحيد لمشاكل المجتمع، بل يسعى إلى فهم دور الدين في سياق أوسع من التحولات الاجتماعية والنفسية
مقارنة "رهان باسكال" مع أفكار كل من باديو وغولدمان، نجد اختلافات هامة.
باديو يرفض الدين كحل فردي للوجود الإنساني ويرى أن الرهان على الإيمان ليس سوى طريقة للهروب من الواقع، مؤكداً على البحث عن الحقيقة والتزام القيم الإنسانية العالمية بعيدًا عن التوظيفات الدينية.
غولدمان من جهته، يرى الدين من منظور اجتماعي ويعترف بأهمية الإيمان كوسيلة لتماسك المجتمعات في مواجهة الأزمات الوجودية والروحية، مؤكدًا أن العودة إلى الله هي ردة فعل اجتماعية أكثر منها فردية.
كلا المفكرين يعيدان تفسير "عودة الله" بشكل نقدي ومجتمعي بعيدًا عن الأبعاد التقليدية للتدين الشخصي