هشام مزيان المشرف العام
التوقيع :
عدد الرسائل : 1760
الموقع : في قلب كل الاحبة تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش تاريخ التسجيل : 09/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25
| | الفلسفة الأمريكية والعولمة سيطرة البراغماتية على العالم | |
الفلسفة الأمريكية، خصوصاً البراغماتية، لعبت دوراً محورياً في تشكيل وجهة العولمة الحديثة. البراغماتية – التي تركز على الفعالية والنتائج العملية كمعيار للحقيقة والقيمة – باتت تتغلغل في كل مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مما جعلها الإطار الفكري الذي يحكم معظم السياسات العالمية، بقيادة الولايات المتحدة.تجسدت البراغماتية في العولمة، حيث ركزت على التجارة الحرة، السوق المفتوحة، والتكامل الاقتصادي، مستهدفة زيادة الإنتاجية والربح على حساب القيم الثقافية المحلية أو الاستقرار الاجتماعي. فبدلاً من السعي نحو تعزيز التنوع والتعددية، دفعت العولمة البراغماتية نحو توحيد الأنظمةوالأنماط الاستهلاكية، ليصبح العالم أشبه بسوق عالمي ضخم، تتحكم فيه الشركات الكبرى التي تتبع سياسات نفعية مفرطة.لقد هيمنت البراغماتية الأمريكية على المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، التي تعزز سياسات الليبرالية الاقتصادية، وتشجع الدول على اتباع النموذج الأمريكي في الاقتصاد والسياسة. يتم ذلك عبر فرض شروط على الدول النامية من أجل "تحرير" اقتصاداتها وخصخصة مؤسساتها، بما يتماشى مع المصالح الكبرى للنظام العالمي القائم، الذي تقوده القوى الرأسمالية.سيطرة البراغماتية على العالم تعني أن القيم الأخلاقية والإنسانية غالباً ما تتراجع أمام اعتبارات الربح والقوة والنفوذ السياسي. وقد أدت هذه الفلسفة إلى تآكل القيم الإنسانية، حيث أصبحت الشركات العالمية تسيطر على الأسواق المحلية وتستغل الموارد دون مراعاة لتأثيراتها البيئية أو الاجتماعية. لم تعد المسألة تتعلق فقط ببيع المنتجات، بل بخلق ثقافة استهلاكية عميقة ومتجذرة تستبعد القيم الإنسانية لصالح متطلبات السوق.من خلال البراغماتية، تحول الفرد إلى وسيلة في يد القوى الاقتصادية، حيث تركز العولمة على زيادة الإنتاج والاستهلاك، بغض النظر عن تأثير ذلك على الفرد والمجتمع. والأخطر من ذلك هو الهيمنة الثقافية؛ حيث يتم فرض النموذج الثقافي الأمريكي على الثقافات الأخرى، من خلال الإعلام وصناعة الترفيه، مما يؤدي إلى طمس الهوية الثقافية للشعوب وخلق تجانس ثقافي عالمي.وبالنظر إلى المستقبل، فإن استمرار هذه السيطرة البراغماتية على العالم قد يؤدي إلى تفكيك القيم المجتمعية وإفقار التنوع الثقافي، مما يضعف المقاومة الشعبية للهيمنة الاقتصادية، ويؤدي إلى نشوء حركات مضادة تحاول إعادة تشكيل مفهوم العولمة ليصبح أكثر شمولاً وعدلاً وإنسانية.تأسيساً على ذلك، يمكن القول إن فلسفة البراغماتية الأمريكية، بتركيزها على المنفعة والنتائج العملية، قد فرضت نموذجاً عالمياً يقوم على الربح والاستهلاك كأولوية، مما قاد العولمة إلى شكلها الحالي كأداة هيمنة أكثر من كونها وسيلة للتعاون الدولي المشترك | |
|