** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي"

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" Empty
مُساهمةموضوع: الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي"   الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" Icon_minitimeالخميس فبراير 18, 2016 8:59 am


الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" 56bf3d91f3591285610181
[size=40]13فبراير 2016بقلم معـاذ بنـي عامـرقسم: الدراسات الدينية

حجم الخط -18+للنشر:
[/size]
ثمّة ظمأ إبستمولوجي في كتاب (الدين والظمأ الأنطولوجي)[1] للمفكر "عبد الجبّار الرفاعي"، لناحية أنه يترك أطروحة الظمأ الأنطولوجي دونما إرواء إبستمولوجي، بما يجعلها غير تأصيلية على المستوى النظري، فهي أطروحة تتأسّس على تجربة شخصية أكثر منها على أُسس عقلية، لذا أمكنني تسمية الظمأ الأنطولوجي في الكتاب آنف الذكر بـ (الظمأ الذاتوي)، سيجد إرواءه في تجربة شخصية لدى الكاتب، يسعى عبرها إلى التأشير على أهمية الدين في حياته الشخصية، ليس على المستوى المعرفي فحسب، بل على المستوى الوجودي أيضاً.
ولربما كان الفصل الثاني الذي عنونه بـ (نسيان الإنسان)[2] هو الأكثر تعبيراً عما أراده من كتابه آنف الذكر، فهو يسرد -على شكل نص أدبي- ما آل إليه على المستوى الشخصي والديني أيضاً؛ تدرجّاً من صغره إلى لحظته الراهنة، بما تتضمن هذه السردية الجميلة من لحظة تنوّر على المستوى الوجودي، عبر الإضاءة الدينية. لذا لا يمكن سحب التجربة الرفاعية ـ نسبة إلى عبد الجبار الرفاعي- خارج سياقاتها الذاتية، لأنه يموقع نظرته الأنطولوجية للكون في سياق أنماط دينية إسلامية، يفترضُ أنها التجسيد الأمثل لهذه النظرة، والمواضعة الأعرق لعلاقة الإنسان بالمقدّس[3]. ويقيناً، لن تكون نظرته هذه نظرة موضوعية بقدر ما هي نِتاج تجربة ذاتية، قد يختلف معها كثير من الناس حتى من داخل الحقل الديني، لأنّ ثمة اختلاف جوهري على المواضعات التي يمكن للدين أن ينتقل بموجبها من مرحلة (الطوبى) والرؤية المثالية، إلى مرحلة الواقع العملي.
في الفصل إياه (الفصل الثاني)، وتحت عنوان حياتي الروحية الأخلاقية، يكتب عبد الجبار الرفاعي:
"خلاصي من سطوة التراث ليس بمعنى الخروج على الدين، أو الخروج من الدين، أو التحلل من التدين، والتبجح الزائف بما يجرح الضمير الديني للناس، مثلما يفعل بعض المتنطعين المراهقين*؛ تعلمت من التراث والواقع أنّ الدين أبدي في الحياة البشرية"... حياتي الروحية الأخلاقية هي أثمن رصيد أمتلكه، يمكنني التفريط بكلّ شيء إلا بالإيمان، والأخلاق، والإنسانية، إنها ثوابت شخصيتي الأبدية. تفكيري بكلّ شيء في حياتي يخضع للتحول والتغيير، ذلك أنّ عقلي لا يكفّ عن التساؤل والمراجعة والنقد والتقويض والغربلة، لكن ضميري الديني يتمثل في هذه العناصر الثلاثة المتضامنة: الإيمان والأخلاق والإنسانية، انطفاء أيّ منها يعني انطفاءها بتمامها...، كلما اتسعت خبرتي بالنصوص الدينية أشرق إيماني، وتنامى حسي الأخلاقي، وتعمقت نزعتي الإنسانية. بالرغم من احترامي لأصحاب التجارب الدينية كافة، غير أني لا أتذوق حلاوة الإيمان، ولا تضيء التجربة الدينية روحي، من دون أداء الصلاة والتمسك بالتقليد الطقوسي المستمد من الإسلام وشريعة نبيه. الصلاة والعبادات التي أؤديها هي معراج وصالي مع الحق، وهي جسر عبوري إليه في مدارج التسامي والصعود. وحسب تعبير المتصوفة والعرفاء: الشريعة توصلنا إلى الطريقة، والطريقة تقودنا إلى الحقيقة، فحين نتخلى عن الشريعة لا ننال الطريقة، وبالتالي لا نتذوق الحقيقة".[4]
ويقول في موضع آخر:
"حسب فهمي الذي استقيته من مطالعاتي المتنوعة، وتجربتي الدينية، وخبرة حياتي الروحية، انتهيت إلى ما يلي: لا يُمتلَك الإيمان ويتكرّس بلا مواظبة وإدمان على العبادات والطقوس. تكرار العبادات والطقوس يسقي الإيمان بماء الحياة، ويُرسّخه ويجذّره. الإيمان شعور حي يقظ فوّار، وهو من جنس الحالات، وكلّ ما هو من الحالات هو أمر تكويني، لا يتحقق من دون روافد يستقي بها وجوده، وتتجدد حياته. إنه جذوة مشتعلة، وهذه الجذوة بلا صلاة وطقوس تظل تذوي شيئاً فشيئاً حتى تنطفئ، ما لم تتكرر الطقوس والصلاة في سياق تقليدي عباديٍّ مرسومٍ، يذبل الإيمان فيصير حطاماً".[5]
لِنَعُد خطوة إلى الخلف، ونرى ما هي الأطر التي احتكمت إليها نظرة عبد الجبار الرفاعي لما أسماه بالظمأ الأنطولوجي، ونربطه بما ذكرته آنفاً. في مقدمة الكتاب الموسومة بـ (الدين والظمأ الأنطولوجي للمقدّس) يكتب عبد الجبار الرفاعي:
"أعني بالظمأ الأنطولوجي الظمأ للمقدّس، أو الحنين للوجود، إنه ظمأ الكينونة البشرية، بوصف وجود الإنسان وجوداً محتاجاً إلى ما يثريه، وهو كائن متعطش على الدوام إلى ما يرتوي به...، لكل موجود نمط كماله الذي هو من جنس كينونته، ويتسق مع سنخ وجوده. الظمأ الأنطولوجي إنما هو الفقر الوجودي، وارتواء الظمأ هو الغنى الوجودي. أي أنّ هذا النقص لا يكتمل إلا ببلوغ الكائن البشري طوراً وجودياً جديداً، يضعه في رتبة أعلى في سلّم التكامل الوجودي. الدين هو ذلك السلّم الذي يرتقي عبره هذا الكائن صعوداً للكمال، ويرتوي من خلاله ظمؤه الوجودي".[6]
حقيقة، هذا كلام مُنمّق، إلا أنه يفتقد إلى إطار منهجي يقوم على: تعريف المقدَّس، ممّا يجعله مفارقاً للمُدنَّس ومطلوباً بعينه، بصفته تعطشّاً إنسانياً لغاية التحقّق الأنطولوجي. فالالتباس الحاصل على المستوى البنيوي بين المقدّس والمدنّس، سيجعل من الإنسان نهباً لهواجس شتّى تجعله في حيرة من أمره، وهو يقارف هذا الوجود. فذاك الإنسان البدائي الذي تمثّل مُقدّسه على هيئة حيوان طوطمي، وذاك الإنسان الذي تمثّل إلهه على هيئة آلهة عديدة بما تحتمله من ملابسات مع الواقع العياني، أليسَ في تمثّلاته ظمأ أنطولوجي هو الآخر، أمكن فيه الاختلاط الحميمي بين المقدّس والمدنّس؟ أليسَ في التباسات (المقدّس/ المدنّس) نزوع ناحية ظمأ متعالٍ لا يمكن له أن يتحقّق إلا بمعاقرة الدَنَس والامتزاج به؟.
تعريف الظمأ الأنطولوجي، فالمحمول المفاهيمي لهذا المصطلح يشي بالقليل، رغم أنّ وعود الكتاب وعود كبيرة. فالظمأ الأنطولوجي هو ظمأ للمقدّس كما جاء في الفقرة أعلاه، إلا أننا رأينا ما يفتقد إليه التعريف السابق من كشف للمقدّس أساساً، لذا تبقى الثغرة المفاهيمية قائمة، لأنها لا تشبع نهم القارئ على المستوى العقلي.
تعريف الدين، إذ لم يقل لنا الكاتب ما هو الدين الذي يمكن أن يردم الهوّة الأنطولوجية التي تقف عائقاً أمام الطموح الإنساني للتسامي والارتقاء، ويتحوّل إلى قنطرة يمكن للإنسان أن يعبر من خلالها إلى مُقدّسه، ويتمثّل خلاصه الكبير بالتالي.
في حالة الافتقاد إلى تعريف المقدّس، سنكتشف أنّ المُراد به كما جاء في كتاب (الدين والظمأ الأنطولوجي) هو الله على الأغلب، لا سيما الله الخاص بالمسلمين، وليس الإله الكلّي أو فكرة الإله التي شغفت العقل البشري منذ بواكير نشاطه الديني. بما يجعل من الكتاب آنف الذكر كتاباً ذاتوياً يستند إلى تجربة شخصية، لا إلى تجربة إبستمية تسعى إلى إضفاء نوع من الشرعية العقلية على فكرة المقدّس عند الإنسان المُطْلَق، وقدرتها على منحه ارتواءً إبستمولوجياً يحدّ من ظمأه التكويني.
وفي حالة الافتقاد إلى تعريف الظمأ الأنطولوجي، سنكتشف أنّ فكرة الظمأ في ذهن الكاتب، هي فكرة جمالية أكثر منها فكرة معرفية، فالقارئ يقرأ الاستفاضات التي جاء بها الكاتب حول الظمأ الأنطولوجي وحاجة الإنسان إليه، لكنه سيبقى على ظمئه الإبستمي، لأنّ ذاك الظمأ لن يُلحّ على الكاتب إلحاحاً معرفياً، بقدر ما سيسعى إلى تفجير كوامنه الجمالية، التي صاغها في الفصل الثاني، عبر اعترافات أدبية جميلة، لا يمكن أن تنطبق حيثياتها إلا على الكاتب نفسه.
وفي حالة الافتقاد إلى تعريف الدين، ستتعزّز فكرة البوح الذاتي الجميل، الذي يعني الدين الإسلامي على نحو خاص، ومواضعاته في الحوزة العلمية على نحو أخصّ، بصفتها الإطار المرجعي للكاتب، بما يفضي إلى اقتصار الظمأ الأنطولوجي على الكاتب وحده، فهي تجربة تنوّر على المستوى الذاتي، وإفضاء بمكنون النفس بما يعتمل داخلها من حنين إلى عالَم آخر، أبرز صفاته أنه عالَم يروي عطش الظامئ، ويمنحه استقراراً على المستوى الأنطولوجي.
وإذا كان للكاتب أن يعترف بأنّ الإيمان خيار شخصي[7] كما جاء في الفصل الأول الذي يفترض به أن يكون إطاراً نظرياً لأطروحته حول الظمأ الأنطولوجي، فإنه يفصح عن غير ذلك في الفصل الثاني، إذ يقول: "كذلك لا أزعم أني أمتلك ما يكفي من روح المجازفة والمغامرة والشجاعة، لتدوين ما يخدش الحياء، أو ينتهك التابوات المتجذرة في عالمنا، خاصة وأني ما زلت منتمياً للحوزة، ومتساكناً مع الإسلاميين بألوانهم واتجاهاتهم كافة، وحريصاً على حماية ذاكرتي المشتركة معهم، وعدم التضحية بعلاقاتي التاريخية، بل أعمل على تعزيزها، وعجزي عن الانفصال والخروج والانشقاق على المحيط الاجتماعي، ذلك أنّ من يعترف بخطئه في مجتمعاتنا يغامر بفقدان هويته، ويكون الطرد والنفي واللعن مصير كلّ من ينتقد قبيلته وطائفته وحزبه".[8]
بما يجعل الفصل الثاني، فصل الاعترافات ـ إن جاز هذا الوصف- فصلاً محورياً في الكتاب، يمكن أن يُعبّر أكبر تعبير عن هاجس الظمأ الأنطولوجي كما عبّر عنه "عبد الجبار الرفاعي"، ومَوْضَعة هذا الظمأ في دينٍ بعينه، ألا وهو الدين الإسلامي. مع ما تحتمله هذه المواضعة من حالةٍ التباسية تجاه الأديان الأخرى، فمن جهة أمكن اعتبارها حالة إكراهية تجاه تلك الأديان، لأنّ الخلاص ذاتوي هَهُنا ولا يمكن له أن يتحقّق إلا عبر عبادات وطقوس بعينها، غير موجودة لدى أتباع الديانات الأخرى. ومن جهة ثانية لربما شكلّت هذه الرؤية حالة انفتاحية على الأديان الأخرى، فكما ترى الذات خلاصها في خُلاصاتها الدينية، أمكن اعتبار الخلاصات الدينية للذوات الأخرى بمثابة خلاص ذاتي لها، على المستوى اللاهوتي.
إذن، نحنُ أمام كتاب يحمل بين طياته أطروحة جميلة، لا أطروحة عقلية، بما يُصدِّر خيار الذاتية ويقدّمه على خيار الموضوعية في مقاربة ما جاء في هذا الكتاب، لناحية إبقائه في إطار الخُلاصات الفردية التي تسعى إلى خلاصها الأنطولوجي وفقاً لاستحقاقات تجربتها الذاتية، بما يعني ـ من ضمن ما يعني- عدم انعكاسها على الخلاص الغيري، نظراً لعدم انسجام تِلْكُمُ التجربة مع تجارب الخلاص الأخرى، فهما تجربتان لا تلتقيان على أرض معرفية واحدة، يمكن الاتفاق على أسسها التكوينية، بقدر ما تفترقان في رؤية العالم وفقاً لمقتضيات التجربة الذاتية المحضة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سميح القاسم
المد يــر العـام *****
المد يــر  العـام *****
سميح القاسم


التوقيع : تخطفني الغاب، هذه امنيتي الحارقة حملتها قافلتي من : الجرح الرجيم ! أعبر من ازقة موتي الكامن لاكتوي بلهب الصبح.. والصبح حرية .

عدد الرسائل : 3227

تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" Empty
مُساهمةموضوع: رد: الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي"   الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي" Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 26, 2024 12:30 pm

نقد وتفكيك النص

المنهج التهديمي التهديفي يعتمد على نقد النصوص من خلال تحليل نقاط الضعف التي قد تكون غائبة أو مغفلة، بهدف فتح مساحة للتساؤلات النقدية وإعادة النظر في الأطر النظرية والوجودية التي يقدمها الكاتب. في هذا السياق، يمكننا تطبيق هذا المنهج على نص "الظمأ الأنطولوجي" للمفكر عبد الجبار الرفاعي لنقد بعض جوانب الأطروحة، كما وردت في الكتاب، على النحو التالي:
1. الظمأ الأنطولوجي والافتقار إلى إرواء إبستمولوجي
الكاتب يطرح أطروحة "الظمأ الأنطولوجي" بشكل جمالي أكثر منه معرفي، متبنيًا تجربة ذاتية ترتكز على محاور دينية إسلامية. ينطلق المفكر من فرضية أن "الظمأ الأنطولوجي" هو نقص وجودي يستدعي الإرواء بالمقدّس، لكن هذه الأطروحة تبقى ناقصة من الناحية الإبستمولوجية لأنها لا تقدم تعريفًا واضحًا للمقدّس ولا للكائن البشري الذي يعاني من هذا الظمأ. إذ لا يكفي القول أن الدين هو "السلّم" الذي يعبر به الإنسان إلى الكمال، بل يجب تقديم شرح منطقي يربط بين الظمأ الأنطولوجي والعملية المعرفية التي تفضي إلى "الغنى الوجودي". في غياب هذا التوضيح، يبقى السؤال قائماً: كيف يمكن لهذا الظمأ أن يتحقق معرفياً بعيدًا عن التجربة الذاتية التي يتبناها الكاتب؟
2. التجربة الشخصية مقابل التأصيل النظري
النص يفتقر إلى التأصيل النظري العميق للأفكار المطروحة. فالتجربة الشخصية لعبد الجبار الرفاعي هي المحور الأساسي، حيث يعبر عن "الظمأ الأنطولوجي" كحالة ذاتية لا تكتسب شرعيتها من تصورات معرفية أو فكرية أوسع. بينما يطرح الكتاب قضية عالمية تخص الإنسان في جوهره، فإنه يظل محصورًا في تجربة فردية لا تصلح كنموذج معرفي يمكن تعميمه أو حتى نقده بشكل شامل. في هذا السياق، يمكن القول أن الكتاب يظل مشدودًا إلى الذاتية على حساب الموضوعية، إذ لا يقدم نقدًا فلسفيًا أو دينيًا يعمق المفاهيم المطروحة ويعطيها بُعدًا نظريًا يتجاوز التجربة الفردية.
3. إشكالية تعريف المقدّس
كما أُشير في النص، يعاني الكتاب من غموض في تعريف "المقدّس". فإن كان الظمأ الأنطولوجي متعلقًا بالمقدّس، فلا بد من تقديم تعريف دقيق للمقدّس ذاته. من خلال النص، يبدو أن الكاتب يقصد "الله" كما هو في التصور الديني الإسلامي، وليس المقدّس في عموميته كفكرة إلهية أو روحانية عامة. وهذا التحديد يخلق نقصًا في الفهم، إذ لا يُبرز الكتاب كيف يمكن للمقدّس أن يتجسد في أديان أخرى أو في فلسفات غير دينية. كذلك، يطرح السؤال عن علاقة المقدّس بالمدنّس في التصورات الأنطولوجية الأخرى، وهي قضية تم تمريرها في النص دون تطوير حقيقي.
4. فقر المفهوم الأنطولوجي
الظمأ الأنطولوجي كما قدمه عبد الجبار الرفاعي في كتابه يظل مفتقرًا إلى إطار منهجي يكشف العلاقة بين الإنسان ووجوده والإنسان وعلاقته بالمقدّس. بينما يركز النص على تعبيرات ذاتية جميلة من شأنها أن تلامس القارئ على مستوى عاطفي، فإنه يعجز عن استحضار بُعدٍ معرفي يربط بين الظمأ الوجودي والقدرة على إروائه من خلال مقاربات فلسفية أو إبستمولوجية. بهذا الشكل، يبقى الكتاب مسكونًا في دائرة الشعور الشخصي، ويغفل عن تقديم تحليل معرفي عميق يتجاوز التفسير الذاتي للظمأ.
5. نقد فكرة الدين كإرواء نهائي
النص يطرح الدين كحل نهائي للظمأ الأنطولوجي، ويعتبر أن الصلاة والطقوس الدينية هي السبيل الوحيد لارتواء هذا الظمأ. لكن هذه الأطروحة تفتقر إلى تساؤلات نقدية حول كيفية ارتباط الدين بنواقص الإنسان الوجودية على مستوى أوسع، لا سيما عند مقارنته بمفاهيم دينية وفلسفية أخرى. إذ أن الكتاب يقدم الدين الإسلامي كحل نهائي، مما يعزز من الطابع الذاتوي للأطروحة ويغلق المجال أمام معالجات دينية أو فلسفية بديلة قد تكون أكثر تنوعًا.
6. الظروف الاجتماعية والذاتية وتأثيرها على الرؤية الدينية
في مواضع متعددة، يعبر الكاتب عن تبعيته لمجتمعه ودينه، مشيرًا إلى عدم قدرته على الانفصال عن محيطه الديني والاجتماعي. هذه الحالة من الارتباط بالأطر الاجتماعية والدينية تُسهم في تشكيل رؤيته الذاتية الدينية. ومع ذلك، يبقى التساؤل عن إمكانية الخلاص الأنطولوجي خارج هذه الأطر الضيقة، وكيف يمكن للإنسان أن يحقق اكتشافه الشخصي للوجود بعيدًا عن السياقات الاجتماعية والثقافية المحددة. في هذا السياق، يمكن أن يُعتبر الكتاب تكريسًا لمرجعية دينية محددة على حساب إمكانيات الفكر النقدي حول الدين وعلاقته بالفرد في مختلف السياقات الثقافية.
الخلاصة
بناءً على النقد التهديمي التهديفي لهذا النص، يمكن القول إن أطروحة "الظمأ الأنطولوجي" كما قدمها عبد الجبار الرفاعي تظل محكومة بتجربة ذاتية، لا تأصيل معرفي فلسفي لها. الكتاب يركز على حنينه الشخصي للإيمان ويعتبره "إرواء" للظمأ الأنطولوجي، ولكن يفتقر إلى التحليل النظري والأنطولوجي الذي يوسع من فاعلية هذه الأطروحة في أفق معرفي أوسع. كما أن غياب تعريف دقيق للمقدّس وتداخل المفاهيم بين المقدّس والمدنّس يساهم في خلق إبهام مفهومي في النص
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الظمأ الإبستمولوجي في كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قراءة في كتاب "الدين في الديمقراطية"
» كتاب الدين والعلم لــ "برتراند راسل"
» قراءة في كتاب قوة الدين في المجال العام ادارة الموقع
» قراءة في كتاب: قوة الدين في المجال العامّ عدنان الهلاليّ
» كتاب "الدين والصراع الاجتماعي السياسي" للدكتور عبد الله شلبي

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: