سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3206
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | التخلّص من نيتشه؟ | |
التخلّص من نيتشه" عبارة تستحق التفكيك والتأمل في سياق علاقتها بالفكر الفلسفي، حيث إن نيتشه كان ولا يزال شخصية مثيرة للجدل بالنسبة للمثقفين بسبب ما يمكن تسميته بـ"قسوة فكره". دعنا نستعرض هذه القسوة من خلال فهم كيف ولماذا احتفى المثقفون بها أو رفضوها.القسوة في فكر نيتشه:- النقد الجذري للمؤسسات: نيتشه لم يتردد في هدم الركائز التقليدية للحضارة الغربية، مثل الدين والأخلاق والميتافيزيقا. بالنسبة له، هذه المؤسسات تمثل قيودًا تكبح الحرية والإبداع. هذا النوع من الهدم يبدو "قسوة فلسفية"، حيث يعري نيتشه الأفكار الراسخة ويكشف عن أبعادها السلطوية.
- إرادة القوة: مفهوم نيتشه لإرادة القوة يُنظر إليه كدعوة صريحة للتمرد على الأطر التقليدية. القسوة هنا تكمن في تقبله للعالم كصراع دائم، حيث تُفرض الإرادة الأقوى، في تضاد مع الأفكار الإنسانية التي تركز على المساواة والتعاون.
- "موت الإله": إعلان نيتشه "موت الإله" لا يعني فقط التشكيك في الدين، بل هو هجوم شامل على القيم المطلقة التي تعتمد عليها الحضارة. القسوة في هذا المفهوم تأتي من تحميل الفرد عبء خلق القيم في فراغ وجودي.
لماذا أحب المثقفون هذه القسوة؟- الرغبة في التحرر: المثقفون الذين يتوقون للتحرر من القيود التقليدية وجدوا في نيتشه منبعًا فكريًا يلهمهم للتفكير بطرق غير مألوفة. قسوته على التقاليد تعكس شجاعة فكرية تستدعي الإعجاب، خاصة بين من يسعون لتحدي الأنماط الفكرية السائدة.
- الهدم كخطوة أولى للإبداع: القسوة الفلسفية لنيتشه ليست بلا هدف؛ هي دعوة لهدم الأفكار القديمة من أجل بناء شيء جديد. هذا الانقلاب الراديكالي يجذب المفكرين الذين يرون في التغيير فرصة لإعادة تعريف الذات والمجتمع.
- الرؤية العميقة للإنسان: نيتشه يرى الإنسان ككائن مأزوم، يتصارع مع نفسه ومع العالم. هذه الرؤية العميقة للإنسانية تجعل المثقفين يعترفون بصعوبة الحياة وبالتحدي الكامن في تجاوز المألوف.
لماذا رفض آخرون هذه القسوة؟- إلغاء المعايير الأخلاقية: بالنسبة لمنتقديه، فكر نيتشه يهدد بإلغاء المعايير الأخلاقية التي تضبط المجتمعات. دعوته لتجاوز الخير والشر واحتضان إرادة القوة بدت بالنسبة للبعض كمبرر للفوضى والعنف.
- الاتهام بالنخبوية: رؤية نيتشه للفرد المتفوق (Übermensch) فُهمت من قبل البعض كدعوة لنخبوية فكرية وثقافية، تُقصي من لا يستطيعون الوصول إلى هذا المستوى من التجاوز.
- التبعات السياسية: تم استخدام أفكار نيتشه، ولو بشكل محرف، لتبرير أيديولوجيات سياسية قاسية، مثل النازية. هذا الربط التاريخي جعل بعض المثقفين يتخذون موقفًا سلبيًا من إرثه الفكري.
التخلّص من نيتشه؟رغم الهدم والقسوة، يصعب على المثقفين "التخلص" من نيتشه بشكل كامل. أفكاره أصبحت حجر أساس للعديد من الحركات الفكرية، مثل الوجودية، وما بعد الحداثة. التحدي ليس في التخلص من نيتشه، بل في فهمه وتجاوزه بطريقة تعيد طرح أسئلته الكبرى في سياقات جديدة.القسوة التي أحبها المثقفون ليست قسوة بلا معنى؛ إنها دعوة لتحرير الفكر من قيوده، ومواجهة الحقيقة كما هي، بغض النظر عن مدى صعوبتها. | |
|