** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الردُّ على الملك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هشام مزيان
المشرف العام
المشرف العام
هشام مزيان


التوقيع : الردُّ على الملك Democracy

عدد الرسائل : 1752

الموقع : في قلب كل الاحبة
تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش
تاريخ التسجيل : 09/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25

الردُّ على الملك Empty
18062012
مُساهمةالردُّ على الملك




عمر بنعمر






الاثنين 18 يونيو 2012 - 18:53



سيدي الوزير،
وقف طه حسين يوماً أمام الملك فاروق يؤدي اليمين لتنصيبه وزيراً للمعارف، وزارة التعليم حالياً، فخاطبه الملك قائلاً:
" يا دكتور طه، حضرتنا يمتحنك، ولا أريد هذا الكلام الفارغ الذي تحدث به الناس في الجرائد..."
ساعتها
لزم وزيرنا الجديد الصمت و اكتفى بعدم تقبيل يد الملك و لم يرد عليه...
ربما احتراماً للطقوس السائدة آنذاك، القاضية باعتبار كلام الملك أمر لا
يناقش، أو ربما ارتباكاً في موقف لم يخطر في الحسبان، رغم الكاريزما التي
كان يتميز بها عميد الأدب العربي، أو ربما، كذلك، لحاجة في نفس يعقوب،
سيقضيها فيما بعد...
رده على الملك فاروق كان بعد ذلك اللقاء بيوم
واحد، أعلن فيه مجانية التعليم الابتدائي و الثانوي. فكان الرد في أبلغ
صورة... و صدح في الملأ قائلاً قولته المشهورة: "التعليم كالماء و الهواء،
حق لكل مواطن..." . واش فهمتي و لا لا؟؟؟
كان طه حسين يعلم علم
اليقين، أن قراره مغامرة غير محسوبة العواقب، خاصة في ظروف اقتصادية لا
تسمح بمزيد من المصاريف تثقل كاهل الدولة. بل لم يكتفي الوزير عند هذا
الحد، خاصة بعد أن ذاق حلاوة تأييد الشارع له، فأراد أن يعلن مجانية
التعليم الجامعي، في محاولة لرفع سقف المطالب و جس نبض الملك... لكن فاروق
في هذه المرة رفض بشدة و صاح في قصره : "إن طه، هذا، يريد أن يجعل البلد
شيوعية..."
فوجد بعض الأزهريين، المتملقين و المترامين على عتبة
الملك، فرصتهم السانحة لاسترجاع كرامتهم التي هدرت في زمن سابق، عندما
هاجم طه حسين في مقالاته اللاذعة تخاذلهم عن مؤازرة معلمهم الإمام محمد
عبده في محنته، بعد منعه من إلقاء درسه المسائي في جامع الأزهر.
فَحَرِصَوا
على النيل من شعبيته المتزايدة بين الأوساط المثقفة المصرية، و تحريض
الحاقدين عليه و تأليب العامة ضده، باتهامه بالزندقة، و تسفيه آراءه التي
كانت تفند جمودهم عند كل ما هو قديم... فقد كان يراهم ينامون على قديمهم
نوم الشحيح على ماله، كلما سمع صوتاً غريباً فزع قلبه و طار لبه و صاح
صياح المعتوه: "قديمي ! قديمي ! "
و مما يروى أن خطيباً استغل حضور
الملك فاروق في مسجده لأداء صلاة الجمعة، فقام الخطيب إلى المنبر و قال "
لا عبس و لا تولى أن جاءه الأعمى..." مقتبساً من القرآن و معاكساً للآية،
يلمز طه حسين الكفيف، ليتقرب زلفى عند الملك. فوقع ذلك موقعاً غير حسن في
نفس أحد العلماء الحاضرين في المسجد، فاستيقظت في نفسه الغيرة على الدين
الحنيف، و جَرَتْ في عروقه حرارة الذود عن حمى النبي الكريم، و انبعثت من
عينيه تلك الشرارة التي تنبعث من عيني الغيور حينما تمتد يد من الأيادي
إلى العبث بعرضه أو بكرامته، فقام وسط الجموع و الإمام يخطب، و صرخ صرخة
تدوي لها الجدران و السواري، و قال: "أُلْغُوا... فقد لغا الإمام..."
حظ
طه حسين من جمال عبد الناصر و ضباطه الأحرار لم يكن أقل تعاسة من حظه
السابق. فها هو يجد نفسه متهماً بالدفاع عن الملكية بعدما اتُّهِمَ في
عصرها بالشيوعية و الزندقة. فوشى الواشون أنه كان يقبل يد الملك المخلوع،
فلنسمع رده عليهم:
"... والله يشهد ما قبلت يد فاروق ولا يد أبيه...
ولا يد ملك من الملوك الذين لقيتهم‏ قط، والله يشهد أنني ما قمت بتقبيل يد
أحد من الناس إلا أن تكون يد أبوي أو يد بعض شيوخنا في الأزهر رحمهم الله،
لا أستثني يد سيدة أجنبية كانت ترفع يدها إذا لقيتني في بعض المحافل
فتلصقها بشفتي إلصاقاً... واضحك من ذلك إن شئت، واعبث به إن أحببت، فليس
عليك في الضحك والعبث جناح..."
حظ عميدنا المتعثر لازمه و التصق به
حتى في الأكاديمية السويدية، عندما رُشِّحَ لنيل جائزة نوبل للآداب. ذلك
أن غريمه في التنافس على الجائزة لم يكن سوى "السِّيرْ ونستون تشرشل"
الوزير الأول البريطاني الذي خاض الحرب ضد النازيين و جلب نصراً عظيماً
لأمته بمساعدة الحلفاء. فشخص تشرشل المحارب الداهية الشرس، أو الأسد
العجوز كما يُلقب في المملكة المتحدة، يتخفى وراءه أديب مرهف الحس و
الوجدان، مكنته بلاغته و فصاحته من نيل جائزة نوبل للآداب.
و من
سخرية الصدف أو عبث الأقدار، إن شئت، وقف كذلك أسدنا العجوز يوماً أمام
ملك بريطانيا العظمى، جورج السادس، يؤدي اليمين ليتولى منصب الوزير الأول،
كما وقف عميدنا أمام ملكه.
يروي لنا تشرشل بِتَكَتُّمٍ شديد في
مذكراته، التي كتب معظمها في فندق المامونية بمراكش، حيث قضى آخر أيامه
بعد أن سقط في غرام المدينة الحمراء، فيقول: " ...و بعد تقبيل يد الملك،
إيذاناً بتسلم مقاليد رئاسة الحكومة، كما هو متعارف عليه في المراسيم و
الطقوس المسماة ب " تقبيل الأيادي / Kiss hands "، رافقني الملك إلى بوابة
القصر وقال لي في تلعثم، بسبب مشكل النطق الذي كان يعاني منه: " حضرة
السير ونستون تشرشل، أُعَوِّلُ عليكم في بعث الأمل من جديد في نفوس شعبنا
البريطاني العظيم، و بَشِّرْهُمْ بمستقبل واعد، يَعُمُّ فيه الأمن و
الرخاء..." فوَدَّعْتُهُ و انصرفتُ دون أن أَرُدَّ على كلامه..."
كيف
له أن يرد و هو يعلم، كما يعلم الملك، أن بوارج و غواصات هتلر تحاصر
جزيرتهم الكبيرة من كل جانب، و تدمر كل السفن التي تحمل المئونة إليهم.
كيف له ذلك و احتياطي مخزون الغذاء لا يتعدى الشهر...
جاء الرد على
الملك بعد ثلاثة أيام من تنصيبه، فخرج "تشرشل" على الناس و خَطَبَ خطبته
الشهيرة، خطبة الحرب، و هو الخطيب المُفَوَّه و الأديب البارع، فألهب
مشاعر الإنجليز بعبارته المعروفة: " ليس لدي ما أقدمه لكم سوى الدم والتعب
والدموع والعرق... أمامنا محنة من أخطر المحن، وأمامنا أشهر طويلة من
الكفاح والمعاناة..." واش فهمتي و لا لا؟؟؟
سيدي الوزير،
أعلم
أن زماننا ليس زمان طه حسين، فالتعليم، و لله الحمد و المنة، مجاني من
الابتدائي إلى غاية السلك الثالث الجامعي، و المدارس منتشرة حتى في قمة
جبل توبقال، و العلم و المعرفة يعيشان في منازلنا جنب الخبز و الماء... أو
ذلك ما نحلم به.
كما أعلم أن زماننا ليس زمان تشرشل، فالساعة، و لله
الحمد و المنة، ساعة سِلْمٍ لا ساعة حرب، و السفن المحملة بالقمح و النبيذ
لا زالت تتقاطر على موانئنا كل يوم، لا يعترض سبيلها في البحر أحد، و بصلك
و طماطمك يملئان بطوننا حد التخمة...
و لكنني أعلم أيضاً أنك وعدت
بمحاربة الريع، فمنحته شرعية كاملة بعد أن نشرت أسماء المستفيدين منه و
اكتفيت بذلك... و وعدت بإصلاح القطب العمومي و تجديده، فعجزت حتى في تطبيق
دفتر تحمُّلات جديد و اصطدمت بجدار لا طاقة لك في هدم عُشْرِ معشاره...
فرجعت
منكمشاً إلى مكتبك تضرب الأخماس في الأسداس، و ضاقت عليك الأرض بما رحبت،
و بلغت القلوب الحناجر، و تَحَسَّسْتَ عجزك و سَقَطَ بالكلية مُرادك، و
علمت أن ركوب وزرائك القطار لن يشفع لك في شيء، حتى و إن أتوك يمشون على
أربع أو زحفاً على البطون... فَعَمَدْتَ إلى أضعف حلقة و كسرتها، و تلطفت
بلطائف الأعذار، لتبرير تلك الزيادات في ثمن الوقود.
تلك، و يمين الله، لقاصمة الظهر...
عذرتك لو أنك أصدرت مرسوماً وزارياً يحد من نزيف العملة الصعبة، بمنع استيراد قنينات الوسكي و النبيذ الاحمر.
عذرتك لو أنك ضاعفت الجبايات على السيارات الفارهة المستوردة و المصنوعة تحت الطلب في مصانع "بورش" و "فراري".
عذرتك
لو أن خبرائك في المحاسبة طاردوا الشركات الوهمية التي تهرب العملة
بفاتورات مزورة، و حاربوا التهرب الضريبي المستفحل في معظم كبريات الشركات.
عذرتك لو أنك لم تمنح الدعم لشركة "كوكا كولا" العملاقة و تبيعها السكر بدرهمين للكيلوغرام.
عذرتك لو أنك لم تمنح دعماً خاصاً في سعر الوقود لأرباب أساطيل الصيد في أعالي البحار.
و
لكنك استضعفت المواطن المغلوب على أمره، فلَجَمْتَ البُرَاق السَّهْلَ
الانقياد، الذي هو دون البغل و فوق الحمار، كما أطرفتنا به يوم تصريحك
الحكومي تحت قبة البرلمان، و امتطيته لتسري إسراءك وتعرج معراجك إلى حيث
يترك الخليل خليله... فتذكرتُ قصة المعري مع الدجاجة:
يُروى أن أبا
العلاء المعري مرض مرضاً شديداً، فوصفوا له أكل لحم الدجاج، فامتنع عن
ذلك، فألحوا عليه حتى أظهر الرضا، فلما قُدِّمَ له لمسه بيده فجزع، وقال:
"استضعفوك فوصفوك... هلا وصفوا شبل الأسد؟ " ، ثم أبى أن يأكله...
سيدي الوزير،
سأجود عليك، لأختم كلامي، بما ختم به "تشرشل" مذكراته في تلك الشرفة المطلة على بساتين مراكش و نخيلها، فكتب مستعبراً:
" الذكي من لا يرتكب كل الأخطاء بنفسه، بل يترك الفرصة لغيره..."
أظنهم قد تركوا لك الفرصة كاملة لارتكاب حماقاتهم. و السلام.
صديقك الوفي عمر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الردُّ على الملك :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الردُّ على الملك

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: