بوعشرين: "نعم" ورقة تأمين في جيب الملك
توفيق بوعشرين
2011-07-04 15:05:00
72
في المائة من المسجلين في اللوائح الانتخابية لبوا، الجمعة، نداء الدستور،
وصوتت نسبة 98.4 في المائة منهم بـ«نعم» على أول دستور للملك محمد السادس،
فيما همس الباقون بـ«لا»... هذه الملايين التسعة التي شاركت في الاستفتاء
قالت للملك محمد السادس: «الآن تستطيع (NOW YOU CAN)، الآن بإمكانك أن
تقود سفينة المغرب في بحر الإصلاحات العميقة دون أن تخشى العواصف، إلى أن
تصل إلى بر الأمان.. إلى الديمقراطية الحقة والملكية البرلمانية الكاملة».
«نعم» المريحة هذه لا يجب أن تنسينا رقما آخر له دلالة أو بالأحرى دلالات،
بعضها سياسي وآخر اجتماعي وثالث ثقافي، وهي نسبة عشرة ملايين التي لم
تشارك في التصويت ولم تسجل نفسها في اللوائح، بعضها استجابة لنداء
المقاطعة والكثير الكثير منها لأسباب ذاتية وموضوعية.
الذين
قالوا «نعم»، قالوا في الوقت ذاته «لا» لمراكز مناهضة التغيير داخل السلطة
السياسية والاقتصادية وخارجها.. الذين وضعوا «نعم» في أظرفة الاستفتاء
وضعوا معها آمالهم في أن يقود الملك محمد السادس قطار الإصلاحات في تناغم
مع الموجة الرابعة للديمقراطية في العالم العربي...
الذين قالوا
«نعم» لم يوقعوا شيكا على بياض، بل أعطوا القصر ورقة تأمين على الاستقرار،
حتى لا يخشى شيئا وهو يخرج البلاد من ظلام السلطوية إلى نور الانفتاح
الديمقراطي والإصلاح الاقتصادي والترميم الاجتماعي...
الدولة
ربحت هامشا كبيرا للحركة بعد المصادقة على الدستور الجديد بنسبة مشاركة
عالية ونسبة «نعم» كاسحة، لكن حذار من الاطمئنان إلى هذا الهامش الذي يمكن
أن يتآكل بسرعة إذا لم يُستثمر في مشاريع ديمقراطية على المديين المتوسط
والبعيد، فالبلاد تعاني من اختلالات عميقة ومن تفاوتات صارخة بين الأغنياء
والفقراء، والبلاد تشكو من عزلة قاتلة للنخب السياسية إزاء قاعدة المجتمع،
خاصة الشباب منه. وإذا كانت حركة 20 فبراير لم تنجح، إلى الآن، في استقطاب
أعداد كبيرة إلى صفوفها، فليس معنى هذا أن وضع الغالبية مريح، وليس معناه
أن الناس لا يحتاجون إلى التغيير، عدم خروج الناس بالملايين إلى الشارع
معناه أن القاعدة الشعبية مازالت تراهن على إصلاح البيت من الداخل عوض
المغامرة بهدمه من الخارج.
الإحساس بالأمل لدى الناس ليس شعورا
أبديا أو مادة غير قابلة للتلف. الأمل منتوج عمر صلاحيته محدود، ولهذا فإن
الملايين الذين قالوا نعم للدستور الجديد، قالوا، في الوقت نفسه، لا لعودة
المغرب إلى سابق عهده، وقالوا لا لاستمرار الفساد والتفاوت الاجتماعي،
وقالوا لا للإحساس بالحگرة وعدم الأمان على حقوق الإنسان والكرامة. اقلبوا
صفحة «نعم» ستجدون فيها كل هذه اللاءات...
هكذا نفهم نتيجة
الاستفتاء على أول دستور في عهد الملك محمد السادس، مادام أن هذه الوثيقة
ولدت من رحم «الربيع العربي الديمقراطي»، الذي تفاعل معه شباب المغرب.
لهذا، لا يجب على السلطة أن تقرأ النسبة العالية للمشاركة والتصويت الكاسح
بـ«نعم» على الدستور قراءة خاطئة، فتجنح إلى التشدد مع مطالب التغيير أو
إلى ربح الوقت إلى حين أن تمر العاصفة. التاريخ لا يقدم فرصا كثيرة للذين
يريدون أن يصنعوا صفحاته في بلادهم.
Partager57
التعليقات (9 مرسل)
1 -
محمد مغربي
استنتاج سطحي و أعمى إفترض أن الإستفتاء مر في جو ديمقراطي لكن العكس هو
الصحيح بلطجة وتطبيل وشحن الناس في شاحنات وضغوطات على أخرين للتصويت،
ببساطة صحافي مطبل مقابل حفنة دراهم عبر الإشهار، إلى مزبلة التاريخ