هشام مزيان المشرف العام
التوقيع :
عدد الرسائل : 1752
الموقع : في قلب كل الاحبة تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش تاريخ التسجيل : 09/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25
| | المنصات الرقمية وأزمة العقل ما بعد الرقمية هندسة. للوعي بادوات التسطيح والتفاهة تك توك نموذج | |
في عالم تتحكم فيه المنصات الرقمية بآليات تشكيل الوعي العام، أصبح تيك توك نموذجًا لعمق الأزمة التي يواجهها العقل البشري في "ما بعد الرقمية". فالمنصة، المبنية على خوارزميات تفضل المحتوى القصير والسريع، باتت تُعزز التسطيح الفكري عبر تقديم الوجبات السريعة من الأفكار، مما يضعف ملكات التركيز والتأمل.هذه المنصات لا تكتفي بعرض المحتوى بل تعيد صياغة المفاهيم حول قيمة الوقت والانتباه؛ حيث تصبح الكمية أهم من الجودة، والإثارة اللحظية تغلب على الفكر العميق. وما يتم تسويقه كمنصات "للتعبير الحر"، يتحول في حقيقته إلى إطار محدود يوجه العقل نحو الاستهلاك السطحي ويهندس الاهتمامات بحيث تتناغم مع مطالب السوق لا مع ضرورات الوعي الإنساني.تيك توك إذن ليس مجرد تطبيق ترفيهي، بل نموذج يفضح كيف أن التقنية قادرة على اختزال الوعي وتوجيهه نحو ما يخدم التسليع والتسطيح، ويهدد بتحويل الإنسان من كائن مفكر إلى مجرد مستهلك "رقمي" مستجيب للأوامر الخفية للنظام الرقمي الجديدتيك توك، بما يمتلكه من هيمنة على ثقافة العصر الرقمي، تحول من منصة ترفيهية إلى سلاح ناعم يتحكم بالمحتوى ويوجّهه وفقاً لأجندات محددة ومعايير غير واضحة. يتمثل جوهر المنصة في تكميم الآراء التي لا تتوافق مع "خط التحرير" غير المعلن، مما يقيد حرية التعبير ويحولها إلى واجهة للتلاعب بالرأي العام وتحجيم الأفكار المغايرة.هذه المنصة، التي تُغذيها الخوارزميات المصممة خصيصاً لجذب المشاهدات والانتشار الفيروسي، تعمد إلى تصفية المحتوى وفق مصالح اقتصادية وسياسية، وكأنها أصبحت مراقباً خفياً يملي ما يستحق الظهور وما ينبغي إخفاؤه. وفي هذا التكميم المتعمد، يسقط كل مضمون جريء يتحدى السائد أو يطرح الأسئلة الجوهرية، ليبقى لنا في النهاية مشهد من التكرار السطحي الذي يكرّس الاستهلاك بدل التغيير، ويجعل من الحرية مجرد وهم في زمن الرقابة الرقمية | |
|