0inShare
Share on Tumblrمقدمة : يعد الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس ، احد الوجوه الفلسفية البارزة في القرن العشرين، ويعتبر في نظر المؤرخين للفلسفة ممثلا للجيل الثاني لمدرسة فرانكفورت النقدية وان كانت لديه اختلافات مع ممثلي هذه المدرسة .
يمكن اعتبار هذا الفيلسوف موسوعيا فهو تطرق الى الفلسفة والسوسيولوجي والتداوليات والأخلاق والسياسة ؛ في مجموعة من كتابته منها ملامح فلسفية وسياسية والخطاب الفلسفي للحداثة وأخلاقيات المناقشة والحق والديمقراطية....
ومن ابرز نظرياته نظرية الفعل التواصلي التي تجاوز بها العقل الادتي ليطرح مفهوم العقل التواصلي وما أحوجنا اليوم إلى عقل تواصلي يحقق لنا الإجماع والتفاهم والحوار.
* العقل الاداتي : طبيعته وسماته
يميز هابرماس في كتاباته بين العقل الاداتي والعقل التواصلي ،.فما هي طبيعة العقل الاداتي ؟ وما هي سماته؟ - الطبيعة الاختزالية للعقل الاداتي: لقد ظهر مفهوم العقل الاداتي في العديد من مؤلفات الفلاسفة والمفكرين السابقين على هابرماس ، أهمهم : هوركايمر وادورنوفي " جدل التنوير" وكتاب أفول العقل " لهوركيمر وماركيوز في كتابه " الإنسان ذو البعد الواحدّ" وكلهم يجمعون على أن العقل الاداتي هو منطق في التفكير وأسلوب في الرؤية العامة أي أن العالم الاجتماعي أصبح له طبيعة ثانية وأصبح كالطبيعة غير قابل للتغيير ومستقل عن أفعالنا.
انه العقل المهيمن في المجتمعات الرأسمالية الحديثة الذي فقد فيها العقل دوره كملكة فكرية وتم تقليصه إلى مجرد أداة لتحقيق أهداف معينة ، كما أصبح أداة لتوفير الوسائل.
انطلاقا من كتاب " التقنية والعلم كايدولوجيا " يرى هابرماس أن العقل الاداتي يعبر عن العقلانية الاداتية والتي لهبت دورا هاما في المجتمع الرأسمالي الحديث.
- سماته:
إن هذا العقل ينظر الى الطبيعة والواقع من منظور التماثل ، ولا يهتم بالخصوصية انه يحاول تفتيت الواقع إلى أجزاء غير مرتبطة ، كما ينظر الى الإنسان باعتباره جزءا يشبه الأجزاء الطبيعية المادية.
إن هابرماس يقصد من وراء نقده للعقل الاداتي : هدم المعطيات هذا العقل وذلك من خلال القضاء على مركزه الفلسفي الوضعي الذي ابرز هذه الرؤية .
* العقل التواصلي:
للخروج من سلبيات العقل الاداتي ، يطرح هابر ماس مفهوم العقل التواصلي الذي يعتبره المخرج من هيمنة العقل الاداتي.
فالعقل التواصلي مفهوم صاغه هابرماس لمحاولة تنمية البعد الموضوعي والإنساني للعقل ، انه فاعلية يتجاوز العقل المتمركز حول الذات والعقل الشمولي المنغلق الذي يدعي انه يتضمن كل شيء ، والعقل الاداتي الوضعي الذي يفتت ويجزئ الواقع ؛ ويحول كل شيء إلى موضوع جزئي حتى العقل نفسه.
فالعقل التواصلي لم يعد جوهرا أكان هذا الجوهر موضوعا أو ذاتا بل صار معمولا به. لقد أصبح العقل معه وسيلة إذ يرى انه من الحكمة البحث عن ما هو عقلاني عوضا البحث في مفهوم العقل.
بالإضافة إلى أن هذا العقل متواصل مع غيره ولا يقوم على الضغط بل على الاتفاق وهدفه بلورة إجماع يعبر عن المساواة داخل فضاء عام ينتزع فيه الفرد جانبا من ذاتيته ويدمجها في المجهود الجماعي الذي يقوم بالتفاهم والتواصل العقلي.
خاتمة : ما أحوجنا اليوم إلى التواصل في زمن العنف والتطرف! ، الم يحن الوقت بعد للدخول في عالم التواصل والحوار؟