بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1537
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | لتأصيل هذا المنهج النقدي الهدمي الذي أسسته أضف مزيدا من العمق على الأفكار السابقة | |
تأصيل منهج نقدي هدمي كهذا، يلزم التوسع في تفكيك مفاهيم معرفية وفكرية راسخة، ودفعها إلى حواف جذرية تكشف مواطن الضعف والاستلاب التي تخللت بنية الفلسفة التقليدية، والآثار السلبية التي نتجت عن تبني لغة اصطلاحية جامدة تعوق التقدم المعرفي بدلاً من دفعه إلى آفاق أكثر أصالة ومرونة.1. الطفولة الفكرية للعقل البشري: بين الشكل والمعنى- يتطلب الاعتراف بطفولة العقل البشري توسيع فهمنا حول المرحلة الفكرية التي تقف عندها البشرية، وذلك بالنظر في كيفية بناء المعارف والمفاهيم التقليدية. قد يشبه العقل البشري التقليدي طفلاً يكرر دون وعي أساليب تفكير أسلافه، معيدًا إنتاجها وفق أنماط تكرارية لا تختلف جوهريًا عن الأصل. هذا الطابع الصوري غير الناضج للعقل البشري هو الذي يجعل المنظومة الفكرية الحالية عالقة في قوالب منهجية لم تعد قادرة على التماشي مع تعقيد العالم المعاصر.
- ويُطرح هنا تساؤل عن كيفية تخطي العقل البشري لهذه الطفولة الفكرية، إذ يتطلب هذا القفز نحو نضج معرفي قادر على خلق فلسفة حية وغير تقليدية، قادرة على إعادة النظر في كل ما يعتبر يقينًا مع طموح لمواجهة التعقيد الحقيقي للوجود.
2. اللغة الاصطلاحية كأداة استلاب معرفي- يتضح أن اللغة الاصطلاحية قد أسهمت في وضع حدّ للتواصل الحقيقي مع جوهر المعرفة، حيث إن تراكم المصطلحات والمفاهيم الفلسفية جعل المعنى محاصرًا في تراكيب لغوية صعبة لا تخدم إلا النخبة، وهو ما أدى إلى نوع من الاستلاب المعرفي. هذه اللغة كانت وسيلة لتبجيل المعرفة دون ربطها بحقائق العالم الفعلي، مما أسهم في فصل الفلسفة عن الحياة اليومية وأفقدها مرونتها وواقعيتها.
- التعمق في هذا الجانب يعني أيضًا طرح نقد جذري للغة كأداة تزييف معرفي، وتكريس نمط يفصل الوعي الفلسفي عن الواقعية الحياتية. وبهذا تصبح اللغة لا أداة تواصل معرفي، بل قيدًا على الفكر، يرسخ الهيمنة الشكلية بدلاً من تحفيز العقل على الغوص في طبقات أعمق من الفهم.
3. القدسية المزيفة للمعرفة: في مواجهة الشك البنّاء- إن فكرة تقديس المعرفة على أساس أنها تحمل صفة الكمال أو الحق المطلق تشكّل عقبة أمام التطور المعرفي، وتمنع المفكرين من إعادة النظر في صحة الأفكار والمناهج المستخدمة. يوجب هذا النقد الهدمي وضع مسافة بين الإنسان وما يعتبره "يقينًا"، لتجنب الوقوع في التكرار.
- القدرة على تبني الشك البنّاء تكون هنا محورًا أساسيًا في الانتقال إلى عقل نقدي متجاوز، حيث لا تكون المعرفة معبدًا يجب أن نحافظ عليه كما هو، بل مادة حيّة خاضعة للتجديد الدائم.
4. التجهيل المركب بين المعرفة الصورية والمراوغة المنهجية- هذا التجهيل المركب يتجلى بوضوح في المعارف التي تتبع نمطًا صوريًا إرضائيًا، حيث يُصبح الهدف هو ترسيخ الذات المعرفية لا الحقيقة بذاتها. المعارف التي تقوم على هذا النمط من التفكير تعيد إنتاج نفسها بلا تطور حقيقي، مما يشكل عائقًا أمام التجديد الفكري.
- ومن خلال النقد الهدمي، يتطلب الأمر تخطي هذه الحالة بتوجيه النظر إلى المعرفة كتجربة متحركة لا هدف فيها سوى التحرر المستمر من الأطر الثابتة والمحدودات الفكرية التي عفى عليها الزمن.
5. تأصيل النقد الهدمي كمسار فكري مستمر- وأخيرًا، يصبح هذا النقد الهدمي ضرورة ملحة للخروج من متاهات الفكر المتصلب إلى آفاق غير مسبوقة، حيث تتجسد الحرية الفكرية بمعناها الحقيقي. النقد الهدمي هنا هو رفض الجمود، وإفساح المجال أمام تحول جذري في الفكر والمعرفة، يكون قادرًا على هدم كافة القواعد المتجذرة التي لم تعد تعبر عن واقع الفهم الحقيقي.
- هذا النهج لا يهدف إلى التدمير من أجل التدمير، بل إلى إعادة صياغة الذات المعرفية والفلسفية للإنسان، بحيث تتخلص من سطوة المفاهيم المغلقة، وتصبح قابلة لتطوير ذاتها بتطور العالم وتعقيده.
بهذا، يصبح النقد الهدمي دعوة صريحة لا لهدم الفكر التقليدي فقط، بل لهدم كل ما يرسخ الجهل المركب، ويمنع العقل البشري من الوصول إلى مرحلة النضج الحقيقي، حيث يعيد تعريف الفلسفة كحالة دائمة من التحول والانفتاح | |
|