إعدام الطاغية ميدانياً بين مهللين ومستنكرين... MTV: عنصرية لبنانية ضد السود والاكراد
زهرة مرعي
2011-10-23
حارب
الثوار الليبيون الطاغية وأدواته العسكرية طوال ثمانية أشهر وأخيراً وضعوا
حداً لحياته برصاصة في الرأس. الطاغية القابض على أنفاس ليبيا طيلة أربعة
عقود طالما وصفه الثوار بالمجرم قضى بحكم ميداني سريع وتمّ إعدامه بعد كثير
من الإهانات. فهل تتم محاكمة المجرم أم تُدفن جرائمه معه ميدانياً تماماً
كما تمت تصفية القذافي؟ الشرائط المصورة التي عرضتها شاشات التلفزة للدقائق
الأخيرة من حياة القذافي لم تظهر فرقاً بين طغيان 'الطاغية' وما اكتسبه
الثوار من طغيان.
ومهما كان موقفنا مناوئاً لطغيان القذافي وأمثاله
فالعين تأبى مشاهدة الشريط الذي سجل اللحظات الأخيرة من حياته. كان الرجل
كمن يهذي يتساءل عن ما يجري حوله: ماذا يجري؟ ماذا فعلت؟ لا أحد يصدق؟ وقال
لمن أهانه لفظياً ولآخرين امتدت أيديهم إلى جسده تعبث به ذات اليمين وذات
اليسار 'حرام عليك'. كان القذافي كما الدمية بأيدي من أسروه. ضجيج وجلبة
سمعناها في الشريط ومن ثم إنطلقت رصاصة تبعها تكبير. ويبدو أن هذه الرصاصة
هي التي وضعت حداً لحياة القذافي وتركت خلفها مرحبين ومهللين، وكذلك
مستنكرين ورافضين.
اللقطات التي أخذت للقذافي عن قرب أظهرت أنه كان
مصاباً بجرح في الرأس حين إلقاء القبض عليه، أما تلك التي تلت إعدامه فقد
أظهرت جرحاً دائرياً قرب صدغه الأيسر وآخر وسط جبهته. أما الرحلة الأخيرة
للقذافي فكانت إلى مصراته. هناك سجي أرضاً على فراش بطريقة عشوائية وفي
مركز تجاري، وعرضت جثته للجمهور. ربما لم يصدق أحدهم مقتله فجاء ليصدق وبأم
العين، ويوثق بالصورة لهذا الحدث الكبير. فالمتفرجون كانوا يلتقطون الصور
للتاريخ وبكثافة ملحوظة، يدورون حول الجثة كمن لم يصدق ولا يريد أن يصدق ما
حدث. إزاء هذا المشهد وهذا التبصر والتأني في معاينة جثمان القذافي لا بد
من طرح السؤال إن كان هناك تمتع بالموت من قبل المشاهدين حتى وقفوا صفاً
طويلاً منتظرين دورهم؟
إنتهى القذافي وطويت مرحلة من حياة ليبيا وإعترف
حلف شمالي الأطلسي بدور طائراته في ملاحقة موكبه حين خروجه من سرت وضربه.
وحتى بعد مقتل القذافي لم يستطع هذا الحلف نسب 'شرف' المشاركة في القضاء
عليه لهذا الطرف أو ذاك، لكن كل المؤشرات تقول بأن الطائرات أميركية. أما
المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فقد طالب بفتح تحقيق في ظروف
وفاة معمر القذافي. فهل سيتم ذلك فعلاً؟
عمره 68 وعمرها 20
إنها
فعلة رجل دين أظهرتها إلى العلن قناة الجديد حين رافقت الكاميرا ذوي فتاة
عمرها عشرين سنة تزوجها رجل الدين حسن المصري وهو في الثامنة والستين من
العمر. لم يدر في خلد أهل الفتاة أن رجل دين عاقل سيقوم بكتب الكتاب على
ابنتهم اليانعة وذاك الشيخ البالغ من العمر عتياً بدون حضور ولي أمرها. لكن
هذا ما حدث وفي بيروت التي لجأ إليها الشيخ الخاطف هرباً من مدينته صيدا.
إنها
الزيجة الخاطئة بنظر والدي الفتاة، لكنها الزيجة التي لا يشوبها شائبة
بنظر القانون فالفتاة تخطت سن الرشد بإشارتين وهي في العشرين. لكن الأهل لم
يناموا على ضيم أو على تغرير لحق بإبنتهم والتي ينتظرها مصير مبهم.
اصطحبوا معهم كاميرا الجديد وفي يوم جمعة وانقضّوا على 'الصهر الشيخ' في
مسجده حيث كان يستعد لإلقاء خطبته 'لسنا ندري تحت أي عنوان ربما في أحكام
الزواج الصحيح'. أفسدوا عليه اللحظة، وشنعوا بسيرته. وولوّا وجهتهم مع
كاميرا الجديد إلى دار الفتوى في بيروت إليها لجأوا واستجاروا علّها تعيد
إليهم ابنتهم من أحضان ذاك الشيخ الذي لا يخاف ربه ويبحث عن ملذاته.
وإذا كانت مهمة رجل الدين الإصلاح في الأرض وليس إفسادها فلأهل الفتاة عدة مطالب من دار الفتوى:
ـ نزع صفة العالم عن ذاك الشيخ.
ـ إعادة الفتاة إلى بيتها.
ـ محاكمة من كتب لها الكتاب.
تلفزيون
الجديد شكل صوت من لا صوت لهم في كثير من الأحيان وفي مثل هذه الواقعة
بالتحديد. وزاد من الحنق على تصرفات بعض رجال الدين التي تأتي في باب
الأنانية، وكذلك في باب استغلال السلطة، وربما السطوة كذلك. لكن هل ستنصف
دار الفتوى أهل الفتاة وتعيد لهم ابنتهم؟ أظنها صرخة في واد إذا كان ذلك قد
تمّ برضاها ومع غسل لدماغها. وإن كان الزواج تمّ بتنويمها مغناطسياً ربما
يكون لديهم أمل.
في هذه الواقعة كان تلفزيون الجديد كمن يمارس ما يعرف
بتلفزيون الواقع وهو ساهم بشكل كبير بتسليط الضوء على هذا النوع من الزيجات
غير المتكافئة.
إنهم الغرباء!!!
كنت في بلاد الله البعيدة
جداً حين تابعت نشرة أخبار قناة MTV اللبنانية الموجهة للمغتربين والتي
تضمنت تقريراً مصوراً تحت عنوان 'برج حمود.. أحياء في خطر'. بدأت معدة
ومقدمة التقرير بقولها: بين الدورة وبرج حمود يخيل إليك أنك لست في لبنان
(...) يبدو إليك وكأنك في السودان.. أو في دولة تجمع الأكراد.. أو في إحدى
دول آسيا.
إلى هنا نفهم مباشرة ودون طول شرح أن مصطلح الغرباء هو
المقصود والمنشود. وهو تعبير يميني عنصري لا انساني طالما أطرب قلب مجموعة
ليست بقليلة من اللبنانيين. هم يرمون 'بلاويهم' وشذوذهم على 'الغرباء'
ويطلعون كما الشعرة من العجين لا تشوبهم شائبة، ولا تلطخ تاريخهم سوى
سلوكيات 'كلاس وبنت عيلة'.
في تقرير 'برج حمود.. أحياء في خطر' يبدو أن
الكاميرا زارت المكان في يوم أحد حيث يكثر العاطلون والمتنقلون والمتسوقون.
راحت الكاميرا تمسح المكان وتركز على الوجوه 'الغريبة' (السمراء). وشاهدنا
تمويهاً لوجوه ربما كانت لبنانية. إلى جانب الصورة جاء دور الصوت أو لنقل
الصرخة اللبنانية من تحول المكان لسوق 'عاهرات'. أو نشل من فعل الغرباء لا
اللبنانيين. كان المواطنون يعبّرون كمن ينتظر لحظة أن تفتح له زر المذياع.
الشكوى تضمنت تحريضاً مباشراً أو غير مباشر كذاك الضيق الذي يعيشه أحدهم من
'الحبشيات'. أو تلك المرأة التي حاولت بشكل أو بآخر وصف النساء في هذا
المكان بالعاهرات اللواتي يأتي الرجال بحثاً عنهن على 'الموتويات'
الموتورسيكل. كان اللبنانيون في هذا التحقيق كمن تمّ احتلالهم من بشر ضاقوا
بهم ذرعاً أكثر مما شعروا حيال الإحتلال الصهيوني. إنه التحريض الواضح
والصريح على الغرباء. وقد نسيت معدة هذا التقرير أن واحدة من العاملات
الأجنبيات في لبنان تقضي نحبها انتحاراً كل أسبوع، وإن العشرات يتمّ
الإعتداء عليهنّ بمختلف الوسائل المتاحة دون أن يتمكنّ من الإعتراض أو
الشكوى.
7 من 10 من سيدات لبنان تستعنّ بخدمات الفتيات الأجنبيات،
ومصانعنا تطرد العمال اللبنانيين وتستبدلهم بالعمال 'الغرباء' لرخصهم كيد
عاملة ولعدم وجود مطالب اجتماعية لديهم. صار هؤلاء من نسيجنا اليومي الذي
لا ينتظم بعيداً عن قوة عملهم، ونقول عنهم غرباء.
في هذا التقرير كانت
العنصرية ظاهرة بقوة: يبدو كأنك في السودان! هل تعرف معدة البرنامج أن
السودان في جامعة الدول العربية؟ أو دولة تجمع الأكراد فهل في الأكراد
كقومية وكبشر ما يفرقهم عنا؟ أو في إحدى دول آسيا! فهل لبنان في الإتحاد
الأوروبي 'بعيد الشر'؟
عنصريتنا يلزمها تشذيب. إنها تتأصل وهذا معيب.
'هدايا' ضارة في المأكولات
تزداد
البرامج التلفزيونية اللبنانية التي تسلط الضوء بالصوت والصورة والدليل
القاطع على 'الهدايا' التي تتضمنها بعض المأكولات، حتى يكاد أحدنا يحلف على
عصر الصناعة ويتمنى العودة الىHAND MADE في كل ما يتمكن، لأن الضمير
الإنساني بات في خبر كان، والربح هو الإله المعبود.
الجديد في الحالة
اللبنانية أن محلاً مشهوراً جداً للحلويات تمّ إقفاله وتمّ ذكر إسمه في
وسائل الإعلام لتسمم أكثر نمن 50 مواطناً من مادة 'القشطة' في نوع من
الحلوى. والجديد أن برنامج للنشر على قناة الجديد إستحضر مواطنين كانت لهم
مفاجآت في المأكولات. هذا الذي وجد صرصوراً في رب البندورة. وتلك الي رأت
كتلة باطون في زجاجة مشروبات غازية. أما كارثة الكوارث فكانت بوجود دود
وبكثافة في حفاض لطفل في عمر الشهر. فهل يعيش مواطنو لبنان تحت شعار 'كول
وموت'.
حين يغيب الضمير الإنساني يبقى السؤال عن إحترام حياة الإنسان
ضرب من الخيال. وحين تكثر الرشاوى للمكلفين بحماية المستهلك وتصبح مغرية
ومجزية يبقى رقم الهاتف 1739 الذي وضعته مصلحة حماية المستهلك بتصرف
المواطنين بدون جدوى، خاصة وأن القوانين الرادعة تعتبر ناعمة جداً في
بلادنا.