التلفزيونات اللبنانية تترقب الفتنة الطائفية والنساء اكثر وطنية من 'صنف الرجال'!
زهرة مرعي
2011-07-03
وأخيرا.. وبعد مرور سنتين على المعلومات التي نشرتها
صحيفة 'دير شبيغل' الألمانية عن القرار الاتهامي بقضية إغتيال رئيس وزراء
لبنان الاسبق رفيق الحريري، صدر القرار من بيروت. هذا القرار الذي عاش
الشارع اللبناني أهواله على مدى سنتين صار واقعاً ملموساً.
كان
التحذير من تلك اللحظة المفصلية من حياة اللبنانيين والتي سيتم فيها توجيه
الإتهام إلى أفراد من حزب الله في قضية 'العصر' يبلغ مداه، وتُرسم له
السيناريوهات. منها أن تقع فتنة مذهبية وإقتتال يجري فيه الدم أنهاراً على
خلفية قرار يقول بإغتيال أفراد من الشيعة رئيس وزراء سني. ولأجل هذا الحدث
المرتقب وما أن إنتشرت أخبار وصول وفد من المحكمة الدولية إلى قصر العدل
في بيروت لتسليم القرار، حتى سارعت كاميرات التلفزيونات المتعددة
اللبنانية والعربية والدولية للمرابطة في طريق الجديدة السنية، ترقباً
لشرارة الفتنة، التي ستشتعل مع الضاحية الجنوبية الشيعية المحاذية. ولكن..
والحمد لله مرّ القرار والفتنة بقيت في سباتها العميق، وكاميرات التلفزيون
ومعها مراسليها الذين كوتهم الشمس الحارقة، فككوا معداتهم ورحلوا بخفي
حنين.
القرار الاتهامي موجود في الأدراج ناجزاً جاهزاً منذ سنة 2009
وقد تناقلته أكثر من وسيلة إعلامية وبخاصة إسرائيلية، حتى أن التلفزيون
الإسرائيلي أعلن عشية وصول القرار إلى بيروت أنه سيصل في اليوم التالي،
والسؤال هو لماذا كل هذا الإنتظار؟ أليس تحيناً لفرصة مؤاتية سياسياً؟
والفرصة قد أتت مع حكومة نجيب ميقاتي المتهمة بأنها لحزب الله. وصدر
القرار حتى قبل مناقشة البيان الوزاري. والهدف واضح للعيان: إما حكومة
يرأسها سعد الحريري، أو حكومة مختلفة عنه يبقى سيف المحكمة الدولية مسلطاً
على رأسها. ويبقى حركتها مقيدة وعملها مشلول. وهكذا يتواصل لبنان مع حالة
الشلل منذ إغتيال الحريري. الحكومات المتتالية من 14 آذار لم يكن لها هم
سوى سيف المحكمة، وعندما نزل سعد الحريري عن كرسي الحكم أنزلت الويلات على
خلفه في توقيت مريب وواضح الأهداف.
هذا في جانب الحكومة، أما في جانب
حزب الله الذي بلغه بعد إنتصاره في عدوان تموز 2006 أن للنصر ثمن باهظ.
والثمن أنكم من قتل رفيق الحريري. 33 يوماً من العدوان والصمود قائم
وأهداف الحرب العدوانية تتداعى واحدة تلوى الأخرى. وكان وقف إطلاق النار
وذلك الصمود والقدرة العسكرية والقتالية التي أذهلت الصهاينة واخافت
مؤيديهم من اميركيين واوروبيين، فذهب الاتهام بإتجاه حزب الله الذي كان
على صداقة متينة مع رفيق الحريري. فهو ترك لهم المقاومة، فحرروا الجنوب،
وتركوا له الإقتصاد.
نصر 2006 مهّد الطريق للتفكير بكيفية إغتيال حزب
الله سياسياً، ولأجل هذا رصدت الإدارة الامريكية 500 مليون دولار بهدف
تشويه سمعة حزب الله عربياً وعالمياً وهذا ما أكده الكونغرس. وفي هذا
السياق يأتي كل التجييش الإعلامي الذي رافق القرار الاتهامي وتواصل حتى
المساء من ذلك اليوم الإعلامي بإمتياز. قرار شغل كل القنوات اللبنانية دون
إستثناء، وإنضمت إليها قناتي العربية والجزيرة بعد أن تخففتا قليلاً من
همهما السوري، والذي لم يكن هناك قبله ولا حتى بعده في الأشهر الماضية.
اليمن وشبح علي عبدالله صالح
إلى
اليمن إتجهت البي بي سي لـ'تفتح الأجندا' وتناقش مع معارضين وموالين
ومختصين في الشأن اليمني. تنوعت مشارب الضيوف بين منتم للجنوب وآخر
للشمال، وبين معارض في لندن وآخر في ليفربول، وبين دبلوماسي موالي في
بيروت، ومحلل سياسي في باريس. ضيوف متعددون وآراء متباينة. الشعب يطالب
بإسقاط صالح وإسقاط النظام منذ حوالى اربعة أشهر. صالح جريح في السعودية
منذ حوالى الشهر، ولم يسقط لا هو ولا النظام كما توقعت المعارضة. وفي
تحليله لهذا الواقع رأى الكاتب فيصل جلول أن ميزان القوى القائم في اليمن
بين المعارضة وصالح ومن يدور في فلك النظام من شبكة مصالح من الصعب أن
تؤدي لحل في المدى المنظور. وهذا الإنقسام لا يتيح للسلطة أن تحكم وكأن
شيئاً لم يكن، كما ولا يتيح للمعارضة أن تحصل على السلطة بالوسائل
المعتمدة الآن.
وفيما كان تفاوت في التوصيف اليمني للأزمة حيث كل منهم
قرأ الحاصل من وجهة نظره. كأن يستغرب محاور من اليمن الجنوبي عدم وجود
تمثيل للحراك الجنوبي في المعارضة، ورأى الحل بحوار وطني شامل، يؤكد
الدبلوماسي من بيروت أن صالح لم يرفض المبادرة الخليجية! نرى بدورنا أن
هذه المبادرة يعمل على إحيائها 'الرسول' الامريكي جيفري فيلتمان بتنقله
على خط الرياض صنعاء. مع العلم أن الشباب المعتصمين في الميدان في صنعاء
رفضوا إستقباله وحواره. وخيراً فعلوا. التظهير المستقبلي لأزمة اليمن إذاً
سيكون بجهود أميركية تحاول الإلتفاف على الربيع العربي. والامريكيون لن
يرضوا جارة للسعودية تؤثر على ثباتها الحالي ونباتها الذي ترجوه أبدياً.
إذاً في ندوة 'الأجندا المفتوحة' من قناة بي بي سي، هناك من توقع عودة
لصالح لتسوية الأمور وتسليم مقاليد الأمور لنائبه الذي لم نسمع صوته حتى
الآن، وهناك من يتوقع أن تتم تسوية الأمور من مقر صالح في الرياض، لأن
إصاباته بالغة وخاصة في الوجه.
ومن موقع الإختبار الفعلي والمجرب نقول
لشباب الميدان إحذروا 'جيف' فهو من فعل فعله في الإنقسام اللبناني، إنه
أفعى بأكثر من رأس بينها رأس صهيوني.
ما أدراكم بسياسة البنك الدولي؟
تصدت
ليلى الشيخلي في برنامج 'حديث الثورة' من قناة الجزيرة لرفض وزير المالية
المصري سمير رضوان الإقتراض من البنك الدولي وفق شروط الأخير. والبنك
الدولي من جهته يرفض الخطة الإقتصادية للحكومة المصرية لأنها بحسبه لا
تستجيب 'لحاجات الطبقة الفقيرة'؟ تصوروا هذا العهر المالي والسياسي. فما
من بلد دخلته أموال البنك الدولي إلا وجعلت فقراءه شحاذين، وشحاذيه
أمواتاً. فمصر التي نعرفها منذ توقيع إتفاق كامب ديفيد قد وقعت على سلام
مقابل الرخاء، لكن السلام حصده الصهاينة، وبقي المصريون يحلمون بالرخاء
حتى اللحظة، فيما تراكمت الديون التي عليهم بالمليارات. محللان إقتصاديان
إستقبلتهما الشيخلي من القاهرة لم تكن وجهات النظر بينهما متباعدة سوى
بحدود. ووصفت سياسة إقراض مصر بالأكذوبة الكبرى. وهذا ما أوضحه الخبير
محمد السعيد أدريس قائلاً بأن الأموال التي خرجت من مصر تفوق بأضعاف
مضاعفة تلك التي دخلتها. والسبب أن بيع القطاع العام الذي فرضته الولايات
المتحدة مقابل مد مصر بمعونات مالية ، خلق طبقة نهبت الإقتصاد المصري بما
يقدر بـ200 مليار دولار وهرّبت الأموال للخارج. وفيما رأي أدريس الحل
داخلياً بزيادة الإيرادات وإعتماد الضرائب التصاعدية، رأى الخبير ممدوح
الولي ضرورة عدم رفع الضرائب في المرحلة الراهنة،وعدد بدائل ضريبية على
المهن الحرة كالمحامين والأطباء وغيرهم.
والخبيران معاً توافقا على
ضرورة بناء إقتصاد يبتعد عن التبعية بقدر ابتعاده عن الاستدانة من الخارج،
وكلنا يذكر حين كانت مصر في عهد عبد الناصر متحررة من أية تبعية إقتصادية،
تأكل مما تزرع، محققة إكتفائها الذاتي في الكثير من الميادين. مصر بعد
ثورة 25 يناير يجب أن تكون حرة إقتصادياً ولا يتحكم أحد بلقمة عيش شعبها،
وتالياً لا يقرر سياستها.
حكومة ذكورية تساوي تخلفاً
نفر
من النساء اللبنانيات لبّين في الأسبوع الماضي دعوة المجلس النسائي
اللبناني مدعومات بقلة ذكورية، نزل الجميع إلى وسط بيروت للإعتراض على خلو
الحكومة اللبنانية الحالية من الوزيرات، في حين حظيت الحكومة السابقة
بوزيرتين. أرادت النساء إعتراضاً حضارياً فتوقفن عن العمل وعن الحركة في
الشارع لمدة خمس دقائق ظهراً. بخفر تابعت الشاشات المحلية هذا الحدث،
وحدها الجديد تبنت القضية النسائية ووزعت كاميراتها في أكثر من مكان. في
الشوارع وفي المؤسسات كانت كاميرا الجديد. في بعض المؤسسات كمثل المصارف
توقفت النساء عن العمل لخمس دقائق. وفي الشارع صرّحت النساء غاضبات بشدة
لإستبعادهن عن الوزارة وهنّ رفعن شعاراً بالعامية يقول: حكومة بلا مرا
تخلف ورجعة لورا. غضب النساء إنهمر على الذكور الذين توالوا على الوزارات.
والغضب الأكبر نزل على رؤوس وزراء الكهرباء والأشغال. بصوت بحّ من الصراخ
قالت إمرأة: سلمناهم الحكم من 30 سنة وهم لم يتمكنوا من تصحيح وضع التيار
الكهربائي، كما لم يتمكنوا من ردم الحفر في الطرقات!
في المعادلات
اللبنانية المحكومة طائفياً ومذهبياً هل ستنأى النساء اللبنانيات بأنفسهنّ
إلى مكان وطني؟ أم هنّ من ضمن اللعبة ذاتها؟ سياسة المناكفات السياسية
والمذهبية تعطل إي إصلاح لبناني منذ سنة 2005، فهل سيخرج لبنان من القمقم
المقيت. فلماذا لا نجرب النساء علهنّ أكثر وطنية من صنف الرجال.