زهرة مرعي
2012-06-07
تنبهت قنوات التلفزيون اللبنانية فجأة في الأسبوع الماضي إلى وجود الآلاف
من العمال السوريين على الحدود ينتظرون إنجاز أوراقهم لمغادرة لبنان وعلى
مدى أيام. موجة عودة إلى الديار من قبل العمال السوريين لا تعرفها الحدود
اللبنانية السورية سوى عشية عيدي الأضحى والفطر. للهجرة الحاصلة في هذا
التوقيت بالذات دوافعها البعيدة عن رغبة لقاء الأهل في عيدين مباركين. هي
هجرة حتمها الخوف على الروح، بعدما أنتفت أمام العامل السوري عوامل الأمان
والإطمئنان في لبنان. العامل الذي ساهم في إعادة إعمار لبنان، بعد كافة
الحروب الصغيرة والكبيرة، الناتجة عن تحابب الإخوة بالرصاص والقذائف
لسنوات، أو الناتجة عن عدوان صهيوني غاشم، يهجرنا وخوفاً منا. في موسم
الهجرة الراهن إلى سورية يكون العامل السوري قد جرّب الخوف من كافة
الطوائف والمذاهب اللبنانية، بحيث لا تعتب فئة 'حضارية' على فئة 'حضارية'
أخرى في سلوكها 'الراقي' حيال الأخ الضيف. أزمة اللبنانيين من زوار
العتبات المقدسة المخطوفين في سورية هي السبب في الهجرة الحالية. يوم وقع
الخطف في حلب قبل أسبوعين كان السوريون من عمال ومواطنين عاديين يسكنون أو
يمرون في ضاحية بيروت الجنوبية ضحية لممارسات ليس فيها من الأخلاق ذرة.
كانت محنة إستمرت لساعات قبل تدخل المراجع. هي شرارة يتحضر العامل السوري
لما هو أسوأ منها مع أي تطور سلبي في قضية المخطوفين اللبنانيين.
في
كافة تداعيات السياسة اللبنانية كان العامل السوري 'مكسر عصا' في جميع
المناطق وعلى يد جميع المذاهب. سقط منهم ضحايا وجرحى ولم يكن الإعلام يولي
تلك الجرائم ما تستحق من إهتمام. فبعد إغتيال رفيق الحريري تحول كافة
العمال السوريين إلى رستم غزالة في جميع المناطق والحارات والزواريب
الواقعة تحت سيطرة فريق 14 آذار. وأنزل بهم أصحاب النفوس الوضيعة، والنفوس
المريضة أقسى الممارسات الشنيعة. صحيح أن ممارسات المخابرات السورية في
لبنان تركت ندوباً مستمرة في جسد بعض العائلات التي لا يزال أبناؤها
مجهولي المصير حتى اللحظة، لكن هذا لا يقيم أي علاقة جدلية مع العامل
السوري. حتى ما قبل الثورة السورية كان كل عامل سوري رجل مخابرات في قاموس
14 آذار، بعد الثورة دبّ الغرام بهذا العامل المسكين. وفي لحظة إختطاف
زوار العتبات المقدسة في حلب صار العامل السوري في لبنان الجيش السوري
الحر، فتعرض لعقاب الإهانة اللفظية والجسدية. والأهم أن هذا العامل الذي
ربما يكون أهله قد تقاسموا منزلهم الصغير مع النازحين من لبنان إلى سوريا
خلال عدوان تموز 2006، لم يعد يأمن على حياته 'بموت ببلدي أحسنلي'.
القاصي والداني يعرف أنه بدون السواعد السورية لا يرتفع بناء في لبنان،
وبدون جهودهم لما كان عندنا إعمار. السواعد السورية عمّرت لبنان بأرخص
الأثمان وهم يستحقون نصباً كتحية لهم. أما أن يعيشوا هذا الرعب على مصيرهم
وتباعاً من قبل الجميع، فهذا يعني أننا مجتمع مريض يبحث عن ضحية يعنفها
ويمارس أحقاده عليها. وفوق هذا وذاك يصح فينا القول أننا نفتقد الذاكرة
ونفتقد الوفاء، والأهم أن بعضنا يفتقد الموضوعية والمنطق، وما من سلطة
تضبط سلوكنا.
ورودنا أشواك
تناقل مراسلو القنوات
التلفزيونية في بداية هذا الأسبوع إعتراض الكيان الصهيوني في جنوبي لبنان
على حوض ورود تجميلي غرسته بلدية بلدة العديسة الجنوبية قريباً من الشريط
الحدودي، وفي المكان الذي وقعت فيه المواجهة بين افراد حاجز للجيش
اللبناني ودورية لجيش العدو قبل سنتين. رفع ضباط الكيان شكواهم إلى قوات
الأمم المتحدة. فسارعت الأخيرة إلى الحوض وصنفته مناطق متنازع عليها بناء
على شكوى الصهاينة. صارت قوات الأمم المتحدة حارسة لحوض الورود (مساحته
ليس اكثر من عشرين مترا مربعا)ومنعت البلدية من ريّه إلى حين بت النزاع.
عقدت لهذه الغاية اجتماعات وشكلت لجان تحقيق خوفاً من أن يكون لهذا الحوض
إنعكاساته الإستراتيجية على أمن الكيان، وهو أمن مقدس ومصان دولياً. وهكذا
صار حوض الورود بمواجهة العدو شوكة في عينه، وتحول هذا العدو المتغطرس إلى
ضحية ترفع الشكاوى وتطلب من ينصفها.
من الوردة في الجنوب يضيق صدر
العدو. الحكاية رمزية للغاية. فهذا العدو اعتاد أن يرى الجنوب اللبناني
أراضي قاحلة، وقرى مدمرة شبه مهجورة. وقد هاله أن يرتفع العمران، وأن تزهر
الأرض بالورود والأشجار المثمرة. وهاله أكثر إنتشار المتنزهات وعلى الحدود
مباشرة مع فلسطين المحتلة. فهذا العدو الذي رفع جدران الباطون الشاهقة
الإرتفاع مقابل بوابة فاطمة، وجد في الوردة شوكة تدميه، وتحفر في ذاكرته
عميقاً خاصة مع الذكرى ال30 لإجتياح لبنان، والذي أدى لهزائم متتالية
لجيشه، ومنها الإنسحاب المذل سنة 2000.
أستاذ يتحرش بالصغيرات
تحول فعل التحرش بالصغيرات في مدارسهن مادة سجالية تناقلها كل بيت لبناني
منذ الأسبوع الماضي ولا يزال. فخبر التلفزيون فجّر قضية مسكوت عنها
لبنانياً. وما أن رمي طرف الخيط من تلفزيون أل بي سي عبر الصحافية ليال
حداد، حتى تلقفته بقية الوسائل وراحت تبحث له عن تفاصيل ومستجدات. وإن
كانت أل بي سي قد إكتفت عند تحديد مكان الفعل بالقول 'في مدرسة راقية
وعريقة في جبل لبنان' وعرفت الأستاذ الجاني 'بمدرس مادة الفنون'، سارعت
قناة الجديد في اليوم التالي لتحديد اسم المدرسة والاسم الأول للأستاذ.
في مثل هكذا أفعال شائنة هل الهدف معرفة اسم المدرسة واسم الأستاذ وأسماء
الضحايا؟ بالطبع ليس في الأمر فائدة تجنى على الإطلاق. المطلوب في حالة
مماثلة أن يعمل الإعلام لتهدئة نفوس الأهل الذين يرسلون أطفالهم 'بناتا
وأولادا' إلى المدارس وصار الرعب رفيقهم. في حالة مماثلة يمكن للإعلام
المتلفز أن يستغلها ليدخل إلى كل بيت شارحاً وبالتفصيل كيف يمكن للأهل
حماية أطفالهم بزيادة ثقتهم بأنفسهم، وفتح باب حوار معهم يسمح لهم بسرد
تفاصيل يومهم حين العودة إلى المنزل. وقعت الواقعة وانكشف الستار عن حوالي
ست ضحايا صغيرات، لكن هل من أحد قادر على إحصاء الضحايا المختبئة خلف
الأبواب المغلقة والتي ترتجف خوفاً، والتي تتآكل داخلياً بفعل عقدة الذنب
التي يحملها إياها الجاني؟ يثرثر إعلامنا كثيراً ويهتم بما يسمى السبق
الصحفي، إنما في حالة مماثلة دوره أن يكون موجهاً لا مثيراً للحشرية حتى
من خلال الحرفين الأولين للجاني المنحرف والذي لا يزال في ال22 من عمره.
وإن كان الأهل مقصرون في توعية أطفالهم بفعل الجهل، فعلى شاشات التلفزة أن
تحثهم على التنور والتفتح لما فيه صالح الجيل الذي يقومون على تنشئته. فما
الذي يمنع شاشة تلفزيون وحتى خلال النشرة الإخبارية التي هي أكثر مشاهدة،
من وضع فقرة تشرح للأهل وللأطفال وتسمي بوضوح الأماكن الحميمة في أجسادهم
والتي يحرّم على أي كان الإقتراب منها؟ وما الذي يمنع من القول للأهل بأن
يكونوا الملاذ الآمن لأطفالهم ليحكوا لهم قصصهم بدون خوف من القصاص؟
لم تكن هذه المرة الأولى التي يثار فيها موضوع كهذا. ربما هو أخذ حجماً
كبيراً لأن المدرسة التي وقع فيها خرّجت الكثير من المرموقين خاصة في
السياسة، وربما لأن المدرسة هي لطبقة إجتماعية منظورة. وربما لهذا السبب
إيضاً، أجتمع أركان الدولة المعنيين وزير العدل، وزير التربية ووزير
الشؤون الإجتماعية، وكان إقرار 'بنقص في مناعتنا الأخلاقية واختلال في سلم
القيم عندنا'. وكان تمنٍ من الوزراء الثلاثة على الإعلام 'ابتغاء التنوير
لا الإثارة'. وعلى وزارة التربية الإقرار بأهمية مادة التربية الجنسية في
مناهجها.
تذوقوا خبز ميريام فارس
حملت مريام فارس هضامتها
وسافرت إلى مصر لتخبز على الطابون في الصعيد بمساعدة أم حسن وأم سيد. كانت
مهمتها إدخال العجين إلى الطابون، فكانت مرة تصيب ومرة تخيب. وكان خبزها
بحسب أم حسن 'الله لا يوريكي'. وجدت أم حسن الحل للخبز الذي أفسدته ميريام
بأن تأكله النسوة، والجيد للرجالة. حل لم يرض ميريام فصرخت بأم حسن 'ليه
يا ختي'؟
ظهرت ميريام صعيدية بحق وحقيق في جلابيتها الزهرية، وربطة
رأسها التي تتدلى منها الورود، وهي كانت تخوض 'التجربة' بكل أريحية من
خلال قناة دريم.