صاروخ 'جو أرض' اغتال الحريري.. وبولا يعقوبيان تلوم الامريكان!
زهرة مرعي
2010-12-05
تحقيق ثانٍ بعد أول سبقه قال بأن ستة فرق راقبت موكب الحريري قبيل اغتياله وأعطى أسماء بأحرفها الأولى. في التحقيق الأول كانت معلومات وأسماء من داخل أروقة المحكمة الدولية ومن لبنان تحت عنوان 'القرار الظني'. دخل تلفزيون 'الجديد' اللبناني إلى دهاليز المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ليقول عنواناً جديداً ومثيراً مساء السبت الماضي 'جو أرض'. وينطلق باحثاً عن أصول وجذور 'هذه الخبرية' ليصل إلى ما يشبه اليقين بأن الحريري اغتيل بصاروخ جو ارض. وسيارة الميتسوبيشي إلى جانب الطريق لم تكن الا للتمويه.
نائبة مدير قسم الأخبار في تلفزيون 'الجديد' كرمى الخياط آلت على نفسها ملاحقة 'الحقيقة' بخطوات دؤوبة ومن داخل أروقة المحكمة الدولية، وكل ما تيسر لها من لبنان. قدمت للمشاهدين معلومات موثقة بالصوت والصورة في فيلم يمتد لـ25 دقيقة ويكاد يقترب من الفيلم الوثائقي. في بداية العرض كان هناك تحذير للمشاهدين بأن 'التحقيق مبني على معلومات أمنية سياسية دولية ومحلية...'. الانطلاقة كانت بصورة من الجو لسيارة ميتسوبيشي تخرج من مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان. فيما تمّ تقسيم التحقيق لأربعة محاور: شهود ماتوا، الميتسوبيشي، الاتصالات وموقع التفجير.
لمصداقية مشتهاة من قبل كل صحافي يتقصد البحث عن الحقيقة سمعنا في تحقيق 'جو ارض' اصوات محققين وشاهدين من اروقة المحكمة الدولية، أو تحديداً من مقرها في لبنان. الصوت الأول كان لميراي شدياق شقيقة مي شدياق. والصوت الثاني كان لأيمن سنو كشاهد في قضية اغتيال النائب وليد عيدو. وفي التحقيقين صرّح المحققان الأجنبيان عن اسميهما.
في محاور التحقيق أن الشاهد الوحيد في قضية الاغتيال والعامل في أحد محلات بيع الأجهزة الخلوية 'نوار الدونا' خطفه القضاء والقدر في حادث سير وشاهدنا جثمانه. فمن المتجر الذي عمل فيه الدونا بيعت الخطوط الهاتفية الثمانية. وفي المحور الثاني كان التركيز على الميتسوبيشي الخارجة من عين الحلوة وعودة إلى دور ما للأصوليين في قضية العصر. وفي محور الاتصالات دخلت كرمى الخياط في التفاصيل وتفاصيلها. وحصلت على أرقام الهواتف التي تحدثت عنها قناة سي بي سي الكندية. ومن بيروت حصلت 'الجديد' على أسماء أصحاب هذه الأرقام وتاريخ تشغيلها جميعها والذي كان في الخامس من كانون الثاني (يناير)، ثم توقفت جميعها عن العمل في اليوم ذاته بعد عملية الاغتيال. تساءلت الخياط باستغراب عن استعمال عبد الهادي عبد الله من حزب الله رقماً هاتفياً لخالد طه ـ صديق أبو عدس الذي دخل لبنان بعد أيام من اختفاء صديقه، وهو الوحيد من ضمن مجموعة الـ13 الأصولية الذي لم يتم إلقاء القبض عليه ـ وتساءلت الخياط عن ماهية 'التحالف بين دائرة خالد طه الأصولية ودائرة حزب الله الشيعية؟ والذي أضيف اليه اتصال بين متهم آخر من حزب الله وخالد طه في يوم الاغتيال؟
أما الهواتف الخلوية والاتصالات التي على أساسها سيكون حزب الله متهماً باغتيال الحريري، فقد تبين أن جميعها تمّ شراؤها من مناطق الحزب وحملت أسماء شيعية. وهنا تساءلت الخياط: هل الحزب الذي انتصر على إسرائيل في عدوان تموز لم يجد من يخترع له أسماء من غير طوائف وأن يشتري الهواتف من غير مناطقه؟ وترك هكذا الأسماء الحقيقية مكشوفة؟ ووصفت الأمر بالخطأ البهلواني في أن يتم استعمال هواتف تترك عليها البصمات. وفي جانب الاتصالات خلُصت كرمى الخياط للقول: في الشكل تدين الاتصالات حزب الله والأصوليين.
أما زبدة التحقيق 'جو أرض' فهو موقع التفجير ومن خلاله تطلق الخياط التساؤل التالي: لماذا لا يمكن لإسرائيل أن تكون قد قتلت رفيق الحريري؟ إنه تقرير المهندس في الطب الشرعي خافيه لاروش الذي قال في نهاية تقريره ان اغتيال الحريري ناتج عن قنبلة جوية وان الميتسوبيشي الشهيرة لم تكن مفخخة. لاروش قارن بين الحفرة التي أحدثها تفجير موكب الحريري وبين عدد من الحفر التي أحدثتها قنابل الإسرائيليين على لبنان والتي كان بعضها أعمق وأوسع. إذاً العبوة على مستوى الزفت كما قال لاروش، لا تحت الأرض ولا داخل الميتسوبيشي، ووزنها يتراوح بين 5 و10 أطنان من تي أن تي.
فرضية أو احتمال قيام إسرائيل باغتيال الحريري ممنوع الغوص فيه وقد تمّ سحبه من التداول سريعاً، كما تقول خياط. أما لاروش فلا يزال يعمل في المحكمة الدولية في لاهاي.
تحقيق صحافي غاية في الجدية، وجديده كثير. نسّق ما بين الصورة والصوت والمعلومة مقترباً قدر الإمكان من الفيلم الوثائقي. تحقيق أظهر قدرات تكبر يوماً بعد يوم في نشرة أخبار تلفزيون 'الجديد'، التي تتميز بشبكة مراسلين على درجة عالية من الاحتراف. فهل تقدم كرمى الخياط تحقيقاً جديداً قبل القرار الظني الذي سيعلّب في علب جميلة قريباً؟
للسلطة المحلولة تاج وصولجان
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بات منذ أشهر أسير لعبة 'الببي فوت' هو يشكل الكرة الموجودة في وسطها فيما يتقاذفه اللاعبان الكبيران في تنسيق تكاملي في ما بينهما. هي لعبة استيطان جزئي أو كلي. استيطان علني أو مستتر. وفي كل الأحوال هو استيطان على أراض فلسطينية تقول تقارير الأمم المتحدة انها محتلة. لماذا إذاً يوافق عباس على ما هو غير شرعي مطلقاً؟ ويقبل من الإدارة الامريكية والابتزاز الصهيوني لما هو غير شرعي بالأساس؟ لماذا جذبه في السابق شعار تجميد الاستيطان لأشهر معدودة؟ خاض خلالها مفاوضات أفضت إلى ما يشبه تعبئة الماء بالسلة؟ بالأمس وقف عباس مهدداً نتنياهو بحل السلطة الوطنية الفلسطينية لأن مفاوضات السلام لم تصل إلى شيء! وقال عباس بأنه لا يقبل على كرامته الاستمرار في هذا الواقع؟ فهل كرامة عباس موصولة نواصيها بما يتكرم به نتنياهو تنازلاً بالقطارة عن حق شرعي للشعب الفلسطيني؟
وفي الوقت نفسه نرى عباس 'المحبط' من الامريكيين الذين أبلغوه بعدم قدرتهم الضغط على نتنياهو، يقوم بحفلات تصوير وابتسامات للكاميرات وهو يضع حجر الأساس لبيت الضيافة. أليس من الأولى انتظار الماهية التي ستكون عليها الدولة الفلسطينية للنظر لاحقاً في حجم بيت الضيافة الذي تحتاجه؟ أمر محير أن يجتمع الإحباط والتهديد بحل السلطة مع البناء؟ وبناء قصر الضيافة قبل أن يكون للدولة شكلها وحجمها وصلاحياتها يذكرني ببناء كازينو القمار في أريحا بالتزامن مع وصول السلطة إلى الضفة وقطاع غزة إثر إتفاق أوسلو. لعباس المحبط في شكله وصوته الواصل عبر قناة فلسطين نقول: هذه هي النهاية المنطقية لمن يذهب إلى المفاوضات وظهره مكشوف، هو في واد وشعبه في واد آخر. لكنه ما زال يغني: للصبية الملكة تاج وصولجان.
بولا يعقوبيان تعترف
رغم كونها في برنامجها 'إنترفيوز' على شاشة 'المستقبل' تواصل حوار ضيوفها وفق مسيرة ومسار ترسمهما السياسة الامريكية للسياسة المحلية اللبنانية، بكل ما في تلك السياسة من مطبات وأفخاخ ومشاريع حروب أهلية، فإن بولا يعقوبيان اعترفت بعد مرور الزمن وانتهاء صلاحية الاعتراف بأن 'الامريكيين يورطون الناس والشعوب بسياساتهم، والشعوب هي التي تدفع الثمن'. كما اعترفت بأن عملها في قناة الحرة 'كان غلطاً كبيراً'.
جاء ذلك عندما حلّت يعقوبيان ضيفة على برنامج 'مش غلط' من قناة 'أم تي في' اللبنانية. أما الاعتراف فتلا سؤالاً: هل أنت تحت العباءة الامريكية؟
صاحبة اللقاء الشهير مع جورج بوش حين كان في البيت الأبيض وعلى مدى 25 دقيقة، لم يكن بينها سؤال يدين ما يمارسه الامريكيون من قتل في العراق أو أفغانستان. لم يكن من بينها سؤال إن كانت كذبة سلاح الدمار الشامل تستحق تدمير شعب. أرادها الامريكيون مقابلة تبييض وجه لجورج بوش فكان اختيار لصحفية لبنانية لم تزعج خاطره، ولم تستفز عقله المسطح.
جميل اعتراف بولا لكن هذا وحده لا يكفي. المطلوب ترجمة تلك القناعات المستجدة لديها إلى حقائق حين تحاور ضيوفها، سواء الذين هم مع المشروع الامريكي أو المناهضين له على صعيد المنطقة العربية وليس لبنان وحسب.