المخادعون
اليكس فيشمان
2010-12-06
الان يحاولون ان يبيعونا هذا الحريق بتعابير 'المعركة على بريطانيا'. الشعار الذي نسجه رئيس الوزراء في ورقة الرسائل التي يلوحون بها في اليومين الاخيرين امام كل ميكروفون محتمل تبشر بـ 'الانتصار من الجو'. بالمارشال الجوي بنيامين نتنياهو الذي أدار المعزوفة الدولية في المعركة على الكرمل. والان، تعد ورقة الرسائل بانهم سيشترون سربا من طائرات الاطفاء وانسوا كل ما حصل حتى الان. نحن في عصر جديد.
إذن هذا هو. لا. القصور هو اعمق واكثر جذرية بكثير من مسألة ما اذا كان او لم يكن سرب اطفاء. القصور الحقيقي يكمن في حقيقة ان الاطفائية خدمة الطوارىء والنجدة، الحجر الاساسي في الدفاع عن الجبهة الداخلية كانت ولا تزال سائبة تماما. رجال مكتب رئيس الوزراء يشرحون للامة بان اطفائية او اثنتين اخريين ما كانت لتغير أي شيء أمام هذا الحريق الضخم. ولكن المشكلة هي ليست الحريق في الكرمل في اوقات السلام. المشكلة هي الاهمال الاجرامي لاحدى الخلايا الهامة في معالجة الجبهة الداخلية في وضع الطوارىء. ومن هذا الموضوع يتملصون.
السيناريو الذي يفرون منه هو جزء من التهديد الذي تستعد له كل محافل الامن في اسرائيل: في المواجهة التالية ستسقط صواريخ على مناطق مأهولة. وستصاب احياء، ومنازل بما في ذلك متعددة الطوابق ستنهار وتشتعل.
لقيادة الجبهة الداخلية توجد وحدات مختصة للانقاذ والنجدة من داخل الحطام. وهي تعرف ايضا كيف تطهر المنطقة من مواد القتال الكيماوية. لقيادة الجبهة الداخلية توجد ايضا وحدات طبية جيدة. نجمة داود الحمراء هي منظمة مهنية جدا. الشرطة ستسيطر على الوضع بنجاعة. ولكن كل القوات الممتازة هذه ستقف عاجزة امام منطقة مشتعلة وستنتظر الى أن يحدث رجال الاطفاء المعجزات مع معدات قديمة بكميات لا تكفي ومع حجم هزيل من القوى البشرية.
بدون معدات حديثة يمكنها مثلا أن ترفع رجال الاطفاء الى أعلى المباني متعددة الطوابق، فان الناس سيختنقون وسيحترقون في الاماكن العالية. وماذا اذا نشبت النار في عدة بؤر، في حاويات الوقود في المطارات او في المناطق الصناعية كثيرة المواد الكيماوية التي ستشتعل؟ فلا يمكن لاي وحدة طبية او وحدة بحث ونجدة أن تقتحم النار دون أن تعالج هذه مسبقا. اذا كانت هناك بؤرة اشكالية واحدة، فقد نجونا. ولكن اذا كانت عشر بؤر او اكثر، بما في ذلك حرائق غابات تهدد بحرق البلدات كل وحدات النجدة ستقف لتصلي. هذا هو القصور الحقيقي الذي كشف عنه الحريق في الكرمل.
في 2007، بعد حرب لبنان الثانية، أصدر مراقب الدولة تقريرا عن وضع الجبهة الداخلية والذي كان مرشحا للتنفيذ الفوري (في ضوء حقيقة أن لجنة فينوغراد التي فحصت قصورات القيادة السياسية لم تعن بالجبهة الداخلية). وبالفعل، تغيرت الامور منذئذ. قيادة الجبهة الداخلية قفزت درجة. نجمة داود الحمراء استخلصت الدروس. اقيمت سلطة طوارىء وطنية في وزارة الدفاع. وفقط مشهد واحد تراجع الى الوراء: الاطفائية تعفنت.
في جذر القصور تكمن حقيقة أن التعاطي مع مهنة الاطفائية في دولة اسرائيل هو تعاط اعتباطي. في وزارة الداخلية يؤمنون، مثلا، انه يكفي اجتياز دورة قصيرة، تناول خرطوم، والشروع في الرش في كل الاتجاهات حتى تصبح لدينا خدمات اطفائية. ما الذي نحتاج الى معرفته في هذا المجال؟ نهج وزارة الداخلية هذا يبدأ منذ مدرسة الاطفائية، بمنشآتها الاعتباطية، التي بحد ذاتها تشكل خطرا على المتدربين. في كل الاحوال، مستوى التأهيل الاساسي لمهنة الاطفائية في البلاد لا يقترب مما يتعلمونه اليوم في الدول المتطورة.
إذن يمكن لوزير الداخلية أن يروي من الصباح حتى المساء ان كل ما كان امام ناظريه هو موضوع الاطفائية. لا المدارس الدينية، لا العمال الاجانب ولا التهويد. ولكن هذا لن يجديه نفعا. اذا اردتم انقاذ منظومة الاطفائية في اسرائيل فيجب، قبل كل شيء، انقاذها من ايدي وزارة الداخلية. والا فان مأمور خدمة الاطفائية التالي قد يكون تعيينا سياسيا.
يديعوت 6/12/2010