لشبكة العنكبوتية واحتمالات ركوبها في ترويع العالم !!
عبد اللطيف مجدوب
الخميس 16 يوليوز 2015 - 11:50
السياق العام
لا ريب في أن أبرز التقنيات التي تفتقت عنها ذهنية الإنسان ؛ منذ القرن الماضي حتى الآن ؛ تتجسد بصورة ملحوظة في شبكة النت ( الشبكة العنكبوتية world wide web ) .www ، والتي مكنت بني البشر ؛ من أقصى المعمورة إلى أقصاها ؛ من تبادل سيول عارمة من المعلومات تقدر بملايير الملايير .. في فروعها ومجالاتها وتوظيفاتها وامتلاكها ! أحدث ؛ فيما بعد ؛ رجة كبيرة في تقليص عاملي الزمان والمكان ، أعقبته بعدئذ ما يعرف بالانفجار المعرفي Knowledge explosion ، والعصر الرقمي Digital Era، أو الطفرة الالكترونية Electronic mutation.. كان من تداعياتها المباشرة ظهور مقاييس جديدة لعاملي الزمان والمكان ، وتطور في أنظمة البحث ؛ والتنقيب ؛ والبناء ؛ والتحليل ؛ والمراقبة ... لكن هذه الطفرة المعلوماتية Informatics ، وسرعتها في الإنجاز والتطوير والتنقيب ، قابلته ؛ من واجهة أخرى وكثمن مباشر لها ؛ ازدياد قلق الإنسان ، وتلهفه على إشباع حاجياته ، وتصاعد وتيرة حذره الشديد من عدو مجهول ، رغم حجم أنظمة التجسس والاستشعارات الاستباقية التي راكمها من حوله ! حتى غدت هذه الشبكات ؛ من الأنظمة المعلوماتية والروبوتية Robotic ؛ والمتحكمة في تنظيم زمكانيته ؛ محل ريبة ؛ أيثق فيها ، ويسلم نفسه لمساراتها العنكبوتية ؟ أم يستبدلها بالعودة إلى الحياة الفطرية الأولى ؟ وحتى إذا ما اتخذ من هذه الشبكة العنكبوتية مطية له ، فهل يا ترى هناك ثمة آفاق للأمن والسلام ؟ ثم كيف يتأتى له أن ينعم بها في بيئة معلوماتية تتسارع إليها ؛ بين الفينة والأخرى ؛ كائنات فيروسية Informatics virus ، فضلا عن اللمسات الإرهابية التي تبصم هذا العالم الافتراضي/الواقعي بمزيد من التهديدات والتحديات ؛ قد تقف وجها لوجه أمام مفاتيح العلب النووية ، الجاثمة رؤوسها في قيعان البحار وكهوف قصية بباطن الأرض !
عصر المعلوميات وتقلص الزمن
حاليا ؛ وفي أنحاء العالم ؛ يبدو أن أحجاما تعد بملايير الملايير من الرسائل ، التي يتم تداولها ، والتأسيس عليها في اتخاذ القرارات .. تتم في زمن قياسي ، تقلص من المعتاد إلى الحالي بنسبة 60% . فالسفر ؛ عبر طائرة نفاثة ؛ من الدار البيضاء إلى نيويورك سوف لن يتجاوز زمنه أكثر من 1س و 35ق بدلا من 10س إلى 12س مثلما كان عليه الأمر منذ 5 خمس سنوات ، كما أن بناء حاملة للطائرات كان يستغرق ؛ فيما مضى ؛ 10 إلى 12سنة ، صار اليوم لا يستدعي أكثر من 2 سنتين بفضل عامل الروبوتيك Robotic machinist الذي حجم من التدخل البشري وتحويله فقط إلى طرف مراقب .
المعلومة التي كان يلهث وراءها الباحث ، فتضطره إلى التنقل من مكتبة إلى أخرى ، أو إقامته لمدة طويلة بين أجنحة المكتبة ورفوفها ، أصبح اليوم بإمكانه اقتناصها في أقل من 3 إلى 4ق ، ووسط بلايين الكتب ومن بين أضخم المكتبات في العالم .
ثمن هذه السرعة
بيد أن هذه السرعة ؛ وبهذه المواصفات المعلوماتية والروبوتيكية خاصة ؛ لها جانبها التراجيدي في التنقل ، والمواصلات ، وبناء الأنظمة . فقد نلفي مجرد انقطاع في التيار عن خلية الكترونية ، والموالية لها في أقل من 1 ثانية واحدة ، لكافية أن تؤدي إلى كارثة محققة إما في صورة عطل في إحدى محركات الطائرة ، أو تعثر في سريان مادة الأوكسجين في الأنبوب إلى جسم مريض ...
الأنظمة المعلوماتية والفيروسات
عرف مجال الأنظمة المعلوماتية تطورا مذهلا في حقل ؛ حاول أن يكتسح كل عمليات العقل البشري : من تركيب ؛ وتحليل ؛ وتوظيب ؛ وتحليل ؛ ومراقبة ؛ وصيانة ؛ وحماية ؛ وترميم ، ومقارنة ... هذه العمليات أضحت آلية ، بل أنشئت لكل منها منظومات معلوماتية خاصة Informatics systems إمعانا في الدقة ، والضبط ، وتقليص حيز الخطأ في الصفر . لكن هذه الأنظمة المعلوماتية ؛ بالرغم من مستويات التعقيد الإلكتروني التي شملها ؛ تنتابها فيروسات ، أو بالأحرى أمراض معلوماتيةdiseases Informaticsفتتسرب بعروقها إلى خلايا خاصة بالتحكم في النظام المعلوماتي ، لتجبره على التوقف عن العمل ، وبالتالي تعطيل مسار الرسائل وانسيابها في شعيراتها الإلكترونية .
وتتخذ هذه الفيروسات لنفسها صورا لا يمكن أن تدخل تحت الحصر ، إما في شكل صور فوتوغرافية ؛ أو رسالة قصيرة مشفرة ؛ أو علامة تجارية ؛ أو دعوة إلى المشاهدة ؛ أو وصلة إشهارية ؛ أو رنة موسيقية ...الخ
إن إصابة نظام بفيروس ؛ مهما كانت درجة خطورته ؛ يرمي الهاكر Hacker /قرصان الشبكة العنكبوتية ؛ من ورائها إما إلى اختراقه وتعطيل وظيفته ، أو النفوذ إليه وإحداث تغيير في خلاياه الموجهة والمراقبِة ، كالوقوف على أسرار مؤسسة معينة ، أو هتك عرضها بتغيير في معطياتها DATA بنقل ملكيتها من المؤسسة المالكة إلى مؤسسة افتراضية ؛ ذاتية أو معنوية . مثال تضليل صاروخ موجه ، إما برجمه بفيروس لإحداث عطب ما ، أو توجيهه بعيدا عن الهدف المرسوم له سلفا
لكن أخطر هذه الفيروسات هو ما استخدم سلاحا لاختراق المواقع الحساسة لهيئة أو منظمة أو وزارة ، ونصب خلايا جديدة للتجسس ؛ من خلالها ؛ على مرور الرسائل إلى بنك معلومياتها .. وهناك شركات عالمية في مجال المعلوميات ، وظيفتها تطوير أنظمة إلكترونية لمقاومة الفيروسات ؛ مهما كانت درجة خطورتها ؛ لكنها ؛ وفي آن واحد ؛ لها صنف من العملاء منتشر في كل بقاع العالم ، مهمته تكاد تقتصر على قصف بعض المنظومات الإلكترونية في دول ما لإجبارها بالتالي على اقتناء أنظمة بديلة جد متطورة محصنة ضد أي فيروس أو تجسس ، أو ذات " مناعة طبيعية "
تخصصات معلوماتية جديدة
في خضم هذه التقنية المعلوماتية ، وما واكبها من انفجار معرفي معلوماتي ضخم ؛ برزت إلى الوجود تخصصات معلوماتية جديدة ، نكتفي ؛ في هذه الورقة ؛ بالتأشير على بعضها فيما يلي :
* منظٌر معلوماتي theoretician Informatics
* زراعة الأعضاء الروبوتية Transplantation of robotic organs
* استراتيجي معلوماتي strategist Informatics
* إخصائي في الأوبئة المعلوماتيةinformatics specialist Epidemics
* مختبر الفيروسات المعلوماتية laboratory informatics Epidemics
* مهندس الأنظمة الدفاعية Defense systems engineer
* لصوص وجواسيس الأنترنيتthieves and spies Interne
* المعلوميات الجوية Air informatics
* المعلوميات البحرية Marine informatics
* المعلوميات النووية Nuclear informatics
* الإرهاب المعلوماتي Informatics terrorism
الفكر الإرهابي عبر الشبكة العنكبوتية
نشأت أولى إرهاصات الفكر الإرهابي غداة سد الآفاق أمام انعتاق الإنسان من جبروت بعض الأنظمة الشمولية في العالم ، بالرغم من توسل ووساطة منظمات حقوق الإنسان . إذاك تحولت " المقاومة السلمية " إلى نشاط سري مسلح استهدف كل ما يمت بصلة إلى "العدو" ... واتخذت لنفسها مسارا آخر أشد ضراوة ؛ ظهر بشكل خاص لدى تيارات إسلامية راديكالية ، اختارت العمل "الاستشهادي" عقيدة راسخة لديها ؛ ما زالت العديد من المناطق الجغرافية في العالم العربي الإسلامي تعاني منها حتى الآن .
وقد أتاحت الشبكة العنكبوتية ؛ لهذا الفكر الإرهابي ؛ إمكانية الانتشار والتوسع ؛ بمعونة خبراء ؛ على درجة عالية من المهنية ؛ في مجالات التكنولوجيا العسكرية والمعلوماتية ؛ ينشطون في السطو على أبناك المعلوميات Data banks والتصرف فيها ، والتنصت ، وبناء الأنظمة المضادة ... وغدا أمر توسيع شبكاتهم ؛ في التواصل وإنشاء خلايا تابعة لهم ؛ أحد أبرز مخططاتهم على المدى البعيد ؛ في اتجاه استقطاب مزيد من الأنصار والعملاء ، والباحثين عن " الجهاد " .
السلاح النووي والتنظيمات الإرهابية
إن أخطر قضية ؛ باتت تهدد السلام العالمي ، وتقض مضجع الدول والحكومات ، سيما الغربية منها ؛ هو أن تقترب يوما هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية من امتلاك السلاح النووي ، الذي ترى فيه هذه الدول تهديدا لوجودها بالمرة ، والانزلاق بالنوع البشري إلى العهود الغابرة ، ومن ثمة حرصت بعض الأنظمة الحكومية على تشديد الحراسة والرقابة تجاه رؤسائها وإخضاعهم لفحوصات ؛ شبه دورية ؛ مخافة تصرف جنوني قد يبدر من هذا الرئيس أو ذاك بإقدامه على فتح العلبة النووية ، وتشغيل أزرارها لفتح أبواب جهنم على مصارعها في وجه الوجود البشري على وجه البسيطة