الآن في الأسواق
عدد مايو 2012
حين تولى بشار الأسد رئاسة سوريا بعد رحيل والده في عام 2000، لم يكن
السوريون يعرفون – فضلاً عن بقية الدول العربية المجاورة – عنه أي شيء
يذكر، عدا كونه ابنا للرئيس وطبيبا للعيون، ولكن لم يمض وقت يسير على تسنمه
السلطة، حتى بدأت أصوات وكتابات غربية وعربية تبشر بالرئيس الشاب ومشروعه
الإصلاحي.
المعجبون بالرئيس بشار رأوا فيه شابا متعلما، ومغرما بالكمبيوتر ومشاهدة
كرة السلة، وأن ما يميزه هو أنه رجل مدني وغير عسكري، وأنه لم يكن طامحا
للحكم، ولكن اضطر إلى لعب دور الوريث بعد وفاة أخيه باسل.
بيد أن وعود الإصلاح وأجواء الحرية النسبية التي ترافقت مع ما تمت تسميته
«ربيع دمشق» لم تستمر، وسرعان ما تحول الأسد إلى شخصية راديكالية عنيفة،
بحيث شدد قبضته الأمنية في الداخل، وسلك طريق زعزعة الاستقرار في المنطقة،
عبر دعم جماعات وأحزاب إرهابية.
لقد تبدلت النظرة إلى الأسد خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن ظل بعض
الصحافيين والكتاب يدافعون عنه، ويبحثون عن الأعذار لتبرير سلوكه الشخصي
الفظ، ودبلوماسيته القائمة على استثمار التطرف واستخدام الإرهابيين.
لا شك أن الرئيس الأسد حظي بفرص سانحة عديدة، ومدت له الأيدي أكثر من مرة
لكي يصحح المسار، ولكن الرئيس الشاب، ظل مصمما على سياسة قوامها التخريب
وتدبير المؤامرات. وفي الوقت الذي تحدث فيه بتشف عن رحيل الرئيس مبارك عن
السلطة، قائلا إن شعبه لن يثور عليه لأن نظامه مقاوم، فوجئت السلطات
السورية بانتفاضة شعبية، وعصيان مدني متواصل، منذ أكثر من عام.
إلا أنه وعلى الرغم من الأعداد الهائلة للضحايا الذين تساقطوا على يد
قواته، فإن هناك من الكتاب والمثقفين الأميركيين، الذين مازالوا يدافعون
عنه تحت لافتات كثيرة، لعل أكثرها انتشارا وضعفا في الوقت ذاته، أن سقوط
نظام البعث «العلماني» سوف يضر بمصالح الأقليات، ويهدد بقيام نظام «سني»
أصولي. هؤلاء الذين يسميهم الزميل حسين عبد الحسين في موضوع هذا العدد
«اللوبي السوري في أميركا» يلعبون دورا سلبيا في الأزمة السورية، ويعطون
نظام الأسد ذرائع للاستمرار في القتل.
هذا «اللوبي السوري» يغلف البعض فيه آراءه باسم المهنية، والبعض الآخر تحت
ذريعة الحفاظ على قيم الحرية والليبرالية، أو حفظ حقوق الأقليات. لكن
المثير للانتباه أن هذه الأصوات ذاتها، تنادي باحتواء إيران،
وتحاول التقريب بين المصالح الأميركية وطموحات طهران النووية، ولكنها في
الوقت ذاته تنتقد السعودية بشكل مبالغ فيه، وتصر على خلق أوهام حول نوايا
السياسة السعودية، لتشويه صورتها في الرأي العام الأميركي.
في هذا الصدد، يتناول هذا العدد من «المجلة» ظاهرة «المعتذرين عن الأسد»
واللوبي السوري في أميركا، والدور السلبي الذي تقوم به بعض تلك الأصوات في
تشويه صورة الانتفاضة الشعبية في سوريا.
في العدد أيضا حواران حصريان مع عمرو موسى مرشح الرئاسة في مصر والباجي
قائد السبسي رئيس الوزراء التونسي السابق. كما يشمل العدد تحقيقا عن
انقسامات الاسلاميين السعوديين في ملتقى النهضة التي احتضنته الكويت
أخيرا.. إلى جانب تحليلات ومقالات لأبرز الكتاب العرب والأجانب.
المحرّر السياسييتابع
الشأن السياسي ويرصد الأخبار والتحولات السياسية في الوطن العربي والعالم.
السياسة عند المحرّر السياسي ليست نقل الخبر فقط بل تتعداها الى ما راء
الخبر.. كل خبر لا يرتبط بحياة الأفراد والشعوب والأمم لا يصلح أن يكون
مادة جديرة بالتحليل أو المتابعة.