حياة فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1546
الموقع : صهوة الشعر تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض تاريخ التسجيل : 23/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | لماذا تراجعت اخبار ليبيا؟ | |
انحسر الاهتمام الاعلامي الغربي بالموضوع الليبي، فبعد ان كانت اخبار ليبيا ومجلسها الانتقالي تحتل صدر الصفحات الاولى وعناوين نشرات الاخبار التلفزيونية الرئيسية طوال الاشهر التسعة الماضية، تراجعت هذه الايام الى ذيل الصفحات الداخلية، هذا اذا لم تعد تذكر على الاطلاق. هذا الانحسار يعود الى سببين رئيسيين، الاول هو انتهاء عمليات حلف الناتو العسكرية بسقوط مدينتي سرت وبني الوليد وقتل العقيد معمر القذافي وانهيار نظامه كليا، والثاني ان الاوضاع الداخلية في ليبيا، وما تشهده من تطورات لم تعد تسير وفق المخططات الغربية بطريقة او باخرى. الصورة ليست وردية تماما، فالسيد عبد الرحيم الكيب رئيس وزراء ليبيا المعين ما زال يواصل مشاوراته لتشكيل حكومة انتقالية وسط غابة من الاسلحة والميليشيات المتصارعة على السلطة والحكم، كما ان الخلافات داخل المجلس الوطني الانتقالي حول هوية الحكم الجديد في البلاد ما زالت مستمرة، خاصة بين الاسلاميين والعلمانيين، والاهم من كل ذلك ان الصراع بين القوى الخارجية على تقاسم الكعكة النفطية والمالية الليبية يبلغ ذروته هذه الايام. العلمانيون خرجوا الخاسر الاكبر من حلبة التنافس على السلطة في ليبيا الجديدة، وهذا لا يعني ان الاسلاميين هم الذين خرجوا منتصرين. فالطريقة المهينة التي اخرج فيها السيد محمود جبريل رئيس اللجنة'التنفيذية الاولى (الوزارة) وانصاره توحي بان هذا الجناح العلماني الذي لعب دورا كبيرا في استدعاء التدخل الخارجي العسكري الغربي ممثلا في حلف الناتو قد اوشك دوره على الانتهاء ان لم يكن قد انتهى فعلا. المشكلة الكبرى التي تواجه رئيس الحكومة الليبية المؤقتة لا تتمثل فقط في عملية توزيع الحقائب بما يرضي جميع الاطراف او معظمها، وانما ايضا كيفية اعادة بناء مؤسسة الحكم، وبسط سلطة الدولة على مختلف المناطق الليبية وتحقيق المصالحة الوطنية وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين من تعليم وصحة ومواصلات ووظائف. ليبيا ما زالت غابة سلاح، وهناك مئات الاطنان من الاسلحة والذخائر ما زالت ملقاة في العراء دون اي حراسة، والكتائب المسلحة تتقاسم السيطرة على المدن الرئيسية، وتقيم فيها امارات مستقلة ومتناحرة، وينطبق هذا الحال على العاصمة طرابلس. الاسلاميون الذين لعبت سراياهم الدور الاكبر في ميادين'القتال ضد قوات النظام السابق يرون انهم القوة الحقيقية في البلاد، ويريدون ترجمة دورهم العسكري الحاسم على شكل حقائب وزارية سيادية مثل وزارتي الامن والدفاع والتعليم على وجه الخصوص. ولكن هناك مقاومة لمثل هذا التوجه داخل بعض اوساط المجلس الوطني وبدعم من قوى خارجية. مسألة حقوق الانسان تظل من القضايا الرئيسية التي تشكل اختبارا جديا للنظام الجديد في ليبيا، وتحظى بمتابعة منظمات عالمية مختصة بمثل هذا الملف مثل منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومان رايتس ووتش. فالنظام القضائي الليبي مهلهل ويفتقر الى المصداقية والمهنية، ولا توجد اي تحركات حقيقية او جدية لاعادة بنائه على اسس حديثة، قوامها الشفافية والعدالة وهناك اكثر من سبعة آلاف معتقل في سجون سرية'وعلنية تفتقر الى ابسط القواعد القانونية والانسانية. والطريقة التي جرى التعاطي فيها مع رموز النظام السابق، خاصة رئيسه العقيد معمر القذافي شوهت صورة النظام الجديد، وشككت بمدى التزامه بقواعد الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الانسان، وتقديم حكم بديل يشكل نقيضا للنظام الذي ثار الشعب الليبي لاسقاطه بسبب ديكتاتوريته وقمعه وفساده. مهمة الدكتور الكيب صعبة للغاية، فمرحلة بناء نظام اكثر صعوبة من هدم نظام قائم، خاصة في ظل ثورة تطلعاتها كبيرة في اوساط الشعب الليبي الذي عانى لاكثر من اربعين عاما من الظلم والاضطهاد والحرمان من ثرواته الضخمة والعيش الكريم بالتالي.
|
| |
|