سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3218
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | دفاعا عن وطنية الشعب والمجتمع والدولة | |
[b][b][b][b]
كأنها حرب أهلية، تستدعيها قوى الثورة المضادة، أو الحرب الطائفية التي يحلو للبعض من القوى الدينية المتاجرة بها، والعمل من أجل استجلابها إلى فضاءات المجتمعات والدول، وهي في كل الأحوال؛ حرب قوى الثورة المضادة، تلك التي تنطلق اليوم وعلى نطاق واسع، في كل من مصر وتونس، لتنفث سموم حقدها على قوى الشعب الوطنية التي أسقطت رأسي نظاميهما، بمعية تلك الحاشية الواسعة من قوى طبقية رثة، أبقت نفسها لصيقة أنظمة الطغاة والتسلط الاستبدادي، راهنة مستقبلها بمستقبل مشغّليهم و"أولياء نعمتهم"، حتى لاحت لهم فرصة التحرّك الآن، بعد كمون، وها هم يفجّرون ما يستطيعون من مشاكل وقضايا يرمونها في وجه المجتمع والدولة، وفي مواجهة مهام الثورة الراهنة والمستقبلية، كعقبات كؤود، تسعى إلى ترجيعها إلى الخلف، حنينا للنظام السابق بما ملك وما ملكت "أيمانه" من الأجهزة والفئات الطبقية الرثة، وهي ذاتها القوى الاحتياطية التي يجري تحريكها الآن على مسرح الثورة المضادة، وبتمويل داخلي وخارجي إقليمي ودولي، لم تعد جبهتها تخفى على أحد.
وإذا كان الكذب والتضليل والخدع التي يتقنها الاستبداد، كأنظمة سلطوية وسلطويات مجتمعية، ذات طابع ديني وطائفي متمذهب؛ هي قاعدة انطلاق التسلط الاستبدادي كمنطلق أول، فإن مضيّها في التمترس خلف عصبوياتها، ولجوئها إلى تفجير حروبها الصغيرة هنا وهناك، إنما يتم في سياق محاولة مستميتة لفرض إرادة الهيمنة السلطوية في فضاء المجتمعات والدول. على أننا اليوم أمام أفعال وممارسات لا تختلف في جوهرها باختلاف القائمين عليها، من قبيل أنظمة استبداد سلطوية، تدافع عن هيمنتها كهدف أول ورئيس لها، وهي تستخدم في سبيل ذلك، كل ما تطاله أيدي قواها القمعية والأمنية وبلطجييها وشبّيحتها، والعسكرية (مؤسسة الجيش)، المفترض أن تأهيلها كان بغرض مواجهة مهام خارجية، لا أن يجري استخدامها لمواجهة شعبها في الداخل، على ما جرى ويجري في هذه المرحلة الثانية من الثورات الشعبية العربية، في كل من اليمن وليبيا والبحرين وسوريا والأردن والمغرب والعراق.. إلخ من بلدان لم تتأهل أصلا إلاّ لتدفع إلى الشارع معالجاتها وحلولها الأمنية والعسكرية، من دون أي اعتبار للسياسة، والتعاطي السياسي مع مشكلات ذات طابع سياسي أصلا وفصلا.
إضافة إلى الطابع الاستبدادي للقوى المجتمعية الدينية، التي ماهت وتماهي بين ذاتها كذات سلطوية بطريركية، فهي مارت وتماري كذلك وتروّج لصورتها، كونها صاحبة اليد العليا أو الطولى لحركة الميادين، بينما رأينا ترددها وهروبها من الانخراط في الثورة حتى الأيام الأخيرة، إلى أن تأكدت من انتصارها المرحلي بإسقاط رأس النظام وحاشيته، إلى أن تماهت مع القسم الرئيس من النظام القديم، الذي شكل احتياط الثورة المضادة المؤكّد. بينما في المقابل بدأت تتبلور قوى "الثورة المضادة الأصيلة" التي ركب موجتها في كل من مصر وتونس بعض قوى السلفية، على اختلاف تلوناتها وأطيافها الدعوية والجهادية، إضافة إلى تيارات دينية أخرى، لا ترى رؤية القوى التي تؤمن ببناء دولة قانون مدنية ديمقراطية.
يجري كل هذا تحت يافطة العداء لأي مشروع نهضوي تنويري، تحاول قوى الثورة الديمقراطية أن ترسي لبناته الأولى، بنقل البلاد نحو إقامة ديمقراطية شعبية، تراكم على أبنية ثقافة مواطنة وعدالة ومساواة أمام القانون، والتزاما بعقد سياسي وإجتماعي يرسي تلك الثقافة، بينما تتجه العديد من التيارات الدينية للأسف – وهذا ما ينسجم مع طبيعتها وطبعها – في اتجاهات تدميرية، ليس لوحدة قوى الثورة المجتمعية والسياسية، بل ولوحدة الوطنية الجامعة التي أعادت صقلها حركة التغيير الشبابية، في ساحات وميادين المدن والعواصم والساحات العامة، التي حوت وضمّت كل القوى الثائرة على أنظمتها القديمة، وعلى أيديولوجيات القوى المحافظة والتقليدية، وهي تحاول اليوم استعادة ذاتها وإطلاقها مرة أخرى، في مواجهة كل أسباب ومسبّبات التحوّل التغييري الذي فرضته الثورة على مجتمع وطني موحد، لم يكد يكتشف قوة إرادته الموحدة، وحقه في إطلاق صرخة الحرية والكرامة، حتى جاء من يحط من عزيمته، في محاولة لتدميرها على مذبح المواجهات الطائفية والفئوية، ووضع العراقيل أمام النهوض الواسع لقوى الثورة، ليس على أيدي قوى "الثورة المضادة الأصيلة" في توجهاتها الدفاع عن أسس النظام القديم، ورموزه وشرائحه الطبقية الرثة الدنيا والعليا، بل وعلى أيدي قوى إسلاموية أو مسيحانية طائفية متمذهبة انقساما وتعصبا، في بلاد لم تعرف فضيلة لهم ولأمثالهم عبر التاريخ، بل إن الدولة ومجتمعها السياسي والوطني هي التي كانت على الدوام صانعة فضائل الوطن.
وإذا كان من فضائل الديمقراطية أنها لا يفترض بها أن تستبعد أي مكون من مكونات المجتمع، إلاّ أن هناك من يستبعد ذاته، ليس من منطلق عدائه للديمقراطية وثقافتها وقوانينها الناظمة، بل في توكيد منه لعدائه للمجتمع الوطني، بما هو كذلك، إلاّ إذا تقدم طائعا مختارا لتنصيبه "ملكا عضوضا"، وإلاّ فالتخريب والتدمير ذات الطابع السياسي والمجتمعي هو خيار تدمير الديمقراطية، ومحاولة تدمير المجتمع ودولته على حد سواء، طالما أن الدولة ليست دولة عصبوية متمذهبة في انقساماتها الطائفية. وهذا تحديدا هو ما يلجأ إليه اليوم أيتام الأنظمة القديمة، كخيار لهم اصطفافا خلف الثورة المضادة، والمضي بها في محاولة لاستعادة مجهول سياسي ومجتمعي لا مستقبل له، في ظل سيادة روح التغيير واستعادة الكرامة الوطنية المهدورة.
أهي فوضى الحرب الأهلية وطابع إشكالاتها وتمذهباتها وعصبوياتها الطائفية، أم فوضى الثورة المضادة بطابع قواها السلطوية، تلك التي تستجلبها اليوم وتضعها على نار هادئة وساخنة في آن؛ قوى النظام القديم واحتياطيها من سلفيي تديّن مضاد لوطنية الشعب والمجتمع والدولة، في ظل صمت قوى تحسب نفسها كونها هي "الإسلام السياسي" التي يخفت صوتها، كلّما ارتفع صوت التيارات السلفية المتطرفة، المضادة للثورة وللديمقراطية وحتى للشورى بالمفهوم السياسوي الإسلاموي، ما يظهر الحاجة أكثر من ماسة، للدفاع عن المجتمع والدولة، في مواجهة كل عناصر التخريب والتدمير المجتمعي والسياسي، وهي مهمة كل المؤمنين بالدولة المدنية الديمقراطية ومواصفاتها القانونية، كدولة عدل ومساواة وقيم مواطنية، يلتزم الجميع احترامها والكفاح من أجلها، وذلك كبديل من تلك المداهنة وغض النظر عن سلوك وممارسات تخريبية، واعتبار القائمين بها "حلفاء للوسطية والاعتدال" الإسلاموي، مما لا يستوجب كشف وفضح القائمين بها، ما يضع الجميع أمام مهمة الدفاع عن الثورة، لا الانسياق خلف أدلوجات وأضاليل وخدع قوى الثورة المضادة، على اختلاف أطيافها وتلوناتها الدينية وغير الدينية.
[/b][/b][/b][/b] | |
|