ادريس عمر مرحبا بك
عدد الرسائل : 128
تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | هل قرأت رسالة الشارع يا سيادة الرئيس ؟! | |
|
هل قرأت رسالة الشارع يا سيادة الرئيس ؟! | جمال سلطان | 26-01-2011 00:11 ما حدث في مصر أمس رسالة شديدة الوضوح عن أن الكيل قد فاض بالمواطنين من تراكم سياسات التجاهل والتعالي والقمع والإذلال والإفقار والتهميش وتزوير إرادة الأمة والتستر على الفساد والاستخفاف بغضب المواطن ، مشهد الآلاف الذين احتشدوا في ميادين القاهرة والاسكندرية والمحافظات الأخرى في يوم واحد وتوقيت واحد كان بليغا بدرجة أعمق وأوضح من أي مقال أو بيان أو خطاب ، وإذا عجزت القيادة السياسية عن استيعاب دلالة هذه الرسالة الآن ، فأخشى أن يأتي قريبا الوقت الذي يكون قد فات فيه الحديث عن أن القائد فهم الشعب ، كما لن يكون بوسع أحد أن يتحدث عن أن "من حوله" قد ضللوه .
مصر لم تشهد مثل هذه المظاهرات الكبيرة منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وقد قال لي أمس المجاهد الكبير الشيخ حافظ سلامة أن البلد لم تعرف مثل هذه الحشود منذ خمسين سنة ، وقد خرجت هذه الآلاف رغم التهديدات التي أطلقتها وزارة الداخلية ، وعلى الرغم من التهديدات التي أطلقها الرئيس مبارك نفسه في احتفالية عيد الشرطة ، وعلى الرغم من حملات التخويف والتشويه التي قام بها الإعلام الرسمي ، من صحف وفضائيات وإذاعة ، لتشويه صورة "يوم الغضب" ووصمه بالفوضى وعدم المسؤولية ، خرجت الناس لا تلوي على شيء ، تريد أن تقول : آن الأوان للتغيير ، وآن الأوان للإصلاح الحقيقي .
مظاهرات المصريين أمس ، على الطريقة التونسية ، خلت من أي إشارات سياسية أو أيديولوجية ، كلها تحركت تحت علم مصر ، تعبيرا عن وحدة الآلام ووحدة المطالب ووحدة الأشواق نحو الإصلاح ، وكان لافتا ـ كما كان الحال في الانتفاضة التونسية ـ أن حضور الحركات الإسلامية غير ملحوظ وربما غير موجود ، بما في ذلك الإخوان المسلمين الذين أعلنوا أنهم لن يشاركوا في التظاهرات ، ولذلك كان مثيرا للسخرية والشفقة البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية تحمل فيه الإخوان المسلمين مسؤولية تنظيم المظاهرات ، كان بيانا مدهشا في عبثيته ، وهي الرسالة التقليدية التي تبحث عنها دائما نظم العالم الثالث للتسويق الخارجي ، يريدون أن يقولوا لحلفائهم الأمريكان المرتعدين الآن خوفا على مصير الأوضاع في مصر بأن هؤلاء ليسوا هم الشعب المصري ، وإنما بعض المتطرفين من الإخوان المسلمين ، ولكن لا أظن أن تلك الرسالة التضليلية تنطلي على أحد في الداخل أو الخارج ، فالصورة كانت واضحة ، والغالبية العظمى من الذين خرجوا ، ليسوا فقط غير منتمين إلى الإخوان ، بل معظمهم لا ينتمي إلى أي عمل سياسي مؤطر أو حزبي ، إنهم مواطنون عاديون ، فاض بهم الكيل ، ويبحثون عن كوة أمل للإصلاح أو التغيير .
هذه التظاهرات الضخمة أشبه بالاستفتاء الذي عرى ما حدث مؤخرا في الانتخابات المزورة ، والأغلبية الساحقة المزورة التي حصل عليها حزب الرئيس ، وأصبح من غير المتصور الآن أن يتجاهل الرئيس مبارك حقيقة أن هذا البرلمان أصبح "عاريا" الآن أمام الجماهير وأمام العالم ، وأنه لا يعبر عن مصر والمصريين ، وإنما يعبر عن الشرذمة التي أدارت اللعبة بفجور وزورت إرادة المجتمع بدم بارد ، وكانت في طريقها لتزوير ما يستجد من انتخابات ، مغترة بالقبضة الحديدية ، وهشاشة قوى المعارضة الرسمية ، ولا أتصور أن تكون هناك قيادة سياسية حكيمة أو رشيدة يمكنها أن تتوانى ـ بعد أحداث أمس ـ عن التحرك الإصلاحي الاستباقي ، بطرح حزمة قرارات في مقدمتها قرار عاجل بحل البرلمان المزور ، والدعوة إلى انتخابات جديدة وفق أسس جديدة وضمانات أكيدة ، إن لم يكن احتراما لأحكام القضاء فليكن احتراما لإرادة الشعب الذي أرسل رسالته الواضحة أمس ، وكذلك الترتيب لتشكيل حكومة وحدة وطنية ، ورفع وصاية الحزب الحاكم عن الأحزاب وتشكيلها وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب وإصدار الصحف ، وذلك قبل أن تتحول مطالب الاحتجاجات الشعبية من الإصلاح السياسي والاقتصادي إلى مطلب آخر وحيد .
احتشاد الآلاف من المواطنين أمس ، والذي من المرجح أن يستمر الأيام المقبلة ، فاجأ كثيرين ، حكومة ومعارضة ، كما فاجأ مراصد دولية فزعت من هذا الزخم ، لدرجة أن تسارع الإدارة الأمريكية بإصدار بيان يقول أن الحكومة المصرية ليست مهددة !!، والمؤكد أن مصر بعد أحداث 25 يناير ، لن تكون كمصر قبلها ، فهناك حواجز كسرت ، وهناك طموحات كبيرة تشكلت ، وهناك آمال كبيرة تعاظم يقينها بالقدرة على التحدي وعلى التغيير ، نعم ، نستطيع أن نفعل |
|
| |
|