الزعماء العرب مذعورون
ايزي لبلار
2010-12-23
إن نبأ أن الفلسطينيين يخططون للانتظار الى ما بعد
عيد الميلاد كي يُقدموا الى مجلس الأمن اقتراح قرار يقضي بأن البناء
الاسرائيلي في يهودا والسامرة وشرقي القدس ليس قانونيا يُؤالف أحداثا شتى
وقعت في الاسابيع الأخيرة، وفي ذروتها قضية 'ويكيليكس'، تُصدق زعم ان
اسرائيل على حق في دعاواها على المسيرة السلمية.
الوثائق التي سُربت هي
دليل قاطع على أن القادة العرب ينافقون في سلوكهم عندما يهاجمون علنا توجه
اسرائيل في حين يحثون الامريكيين في الغرف المغلقة على الأخذ بعملية عسكرية
لمنع الايرانيين الذين يبغضونهم من أن يصبحوا قوة ذرية. وعلى نحو يمكن ان
نصفه بأنه سريالي فقط، دعا عبد الله، ملك السعودية التي يأتي منها جُلّ
التمويل الدولي للقاعدة والمنظمات الارهابية الاخرى، الى 'قطع رأس الأفعى
(ايران)'؛ وحذّر ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الامريكيين من ان 'احمدي
نجاد هو هتلر'، وفي واقع الأمر كل القادة العرب تقريبا نقلوا الى الولايات
المتحدة رسائل مذعورة مشابهة.
في هذا السياق يتم الكشف ايضا عن حيلة
الرئيس اوباما. يتضح من الاشياء التي كُشف النقاب عنها ان الربط الذي أحدثه
الرئيس بين الحاجة الى القيام بتنازلات اخرى من طرف واحد للفلسطينيين
باعتبارها شرطا مسبقا وبين اقناع قادة الدول العربية بتأييد العقوبات
العسكرية على ايران لم يكن دقيقا اذا لم نشأ المبالغة.
وتكشف الكشوف
الصحفية الجديدة ايضا عن التناقض في كلام محللين مختلفين، يؤيدون سياسة
اوباما في الشرق الاوسط (وفي ضمنهم مشايعوه اليهود ومنهم أناس جي ستريت)،
الذين زعموا ان الاسرائيليين و'الشركاء في مؤامرة المحافظين الجدد' فقط
يؤيدون خيار هجوم عسكري على ايران.
ينبغي أن نتناول في هذا السياق ايضا
الردود الشاحبة للولايات المتحدة على هجوم على كوريا الجنوبية تم بلا أي
تحرش على يد كوريا الشمالية، باعتبارها درسا مقلقا في كل ما يتعلق بصدق
الولايات المتحدة باعتبارها حليفا.
وفي نفس الوقت تتبين مرة اخرى الصورة
المتعلقة بأبي مازن. فهو يلتقي من جهة وفد اسرائيليين نظمته مبادرة جنيف
وأعلن انه متجه الى السلام، وشارك من جهة اخرى في المدة الاخيرة في مؤتمر
استمر يومين لـ 'المجلس الثوري لفتح'، وهو مؤتمر افتتح بتحية لأمين الهندي
المخطط لمجزرة الالعاب الاولمبية في ميونخ. وفي الصعيد العملي ايضا قضى
المجلس في صرامة بأن لا تكون مصالحات ما مع الاسرائيليين، ورفض الاعتراف
بدولة 'تُسمي نفسها دولة يهودية' وكرر مرة اخرى الطلب غير الممكن اعطاء
العرب حق العودة وهو شرط يعني نهاية اسرائيل.
ومثل آخر على جو 'اليس في
بلاد العجائب' هو استطلاع تم في المنطقة الواقعة تحت سيطرة السلطة
الفلسطينية. وبحسب الاستطلاع، كان حتى الفلسطينيون (المعتدلون) معنيين
بمشاهدة رمي اليهود في البحر، وهم يرون دولة عربية مستقلة خطوة فقط في
الطريق الى 'تحرير' البلاد كلها. وتنبأ أكثرهم ايضا بأن العودة الى 'الكفاح
المسلح' ستكون أمرا غير ممتنع.
أكثر الاسرائيليين غير معنيين بالسيطرة
على العرب وهم مستعدون لقبول تسوية تشتمل على انشاء دولتين للشعبين حتى من
الغد لو كان هذا ممكنا. لكن عندما تكون الأدلة واضحة مؤثِّمة الى هذا الحد،
فلماذا يتوقعون منا الاستمرار على هذا التظاهر الأحمق الذي يقوم على تصور
أننا في تفاوض مع 'شريك حقيقي في السلام'؟.
في هذا الوضع يجب على رئيس
الحكومة نتنياهو أن يكف عن المديح الذي يُسبغه على عباس وكأنه يبحث عن
السلام حقا. فالحقائق المؤسفة تشهد بأن الفرق الوحيد بين هدف السلطة وهدف
حماس هو الاستراتيجية المُحققة لاحرازه.
اسرائيل اليوم 23/12/2010