بعض الزعماء العرب أبلغوا الولايات المتحدة
أنهم مستعدون لتقديم ملاذ آمن للرئيس السوري بشار الأسد
نحو ثمانية أشهر مرت دون انفراجة في الوضع السوري، فالاحتجاجات مستمرة
وكذلك العنف، فما هي السيناريوهات المتبقية، لاسيما بعد تحرك الجامعة
العربية والكشف عن عرض عربي لاستضافة الأسد؟
كشف
جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، مؤخراً أن بعض الزعماء
العرب أبلغوا الولايات المتحدة أنهم مستعدون لتقديم ملاذ آمن للرئيس السوري
بشار الأسد لتسريع رحيله "المحتوم" عن السلطة. يأتي هذا في الوقت الذي
بدأت فيه الجامعة العربية تحركات تهدف للضغط على الرئيس السوري لوقف العنف
والحوار مع المعارضة في مسعى عربي لحل الأزمة السورية، المستمرة منذ قرابة
ثمانية أشهر، كلفت أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة قتيل وفق الأمم المتحدة.
وفيما تتواصل الاحتجاجات وبالتالي أعمال العنف، يثور السؤال حول
السيناريوهات المحتملة للوضع في سوريا. الصحفي الألماني فولكهارد فيندفور
مراسل مجلة "دير شبيغل" الألمانية بالقاهرة يلقي الضوء في حوار مع دويتشه
فيله حول تطورات المشهد السوري الأخيرة ومدى قدرة نظام بشار الأسد على
الاستمرار في الحكم.
دويتشه
فيله: هل تعتقد أن العروض العربية المقدمة للرئيس السوري من أجل توفير
خروج آمن له عبر استضافته في أحد البلدان العربية قابلة للتحقيق؟
فولكهارد:
صعب التكهن بمدى جدية هذه العروض، وهل سيقبلها الرئيس السوري أم لا. نفس
السيناريو كان قد حدث مع الرئيس المصري قبل تنحيه، حيث تلقي عروضاً من بعض
الدول العربية، لكن هذا لا يعنى بالضرورة أن نفس السيناريو سوف يحدث في
الحالة السورية.
فولكهارد فيندفور: الانشقاقات داخل صفوف الجيش السوري لم تصل إلى درجة انقسام الجيش على نفسه -على
المستوى الداخلي تتزايد كل يوم الانشقاقات داخل وحدات الجيش السوري، كيف
تنظر إلي هذه الانشقاقات وتأثيرها على تماسك واستمرارية نظام الأسد؟
حدث
قبل ذلك في بعض البلدان العربية، حيث قادت القلاقل والأحداث الداخلية إلي
انقسامات داخل الجيش، حدث هذا قبل ذلك في لبنان وفي عدد من البلدان الأخرى،
لذلك أن تحدث مثل هذه الانشقاقات داخل صفوف الجيش أمر وارد وقد يحدث، لكن
ما حدث في الحالة السورية هو أن بعض ضباط الجيش رفضوا تنفيذ الأوامر
الموجهة لهم من القيادة، وانضموا إلى صفوف المعارضة، ولكنى لست متأكداً ما
إذا كان العدد كبيرا بشكل يمكننا أن نصفه بالانقسام. انقسام الجيش يظهر
ويتحقق في حالة واحدة فقط، إذا كانت هناك وحدات مسلحة تابعة للجيش انفصلت
عن الجيش وبدأت في خوض معارك حقيقية ضد قوات بشار الأسد وهو ما لم يحدث حتى
الآن.
في حالة سقوط نظام بشار الأسد، هل المعارضة السورية قادرة على تحمل مسؤولية إدارة البلاد وسد الفراغ الذي قد يتركه غياب هذا النظام؟
أنا
لا أعتقد أن القيادة السورية الحالية مهددة إلى الدرجة التي تدفعها إلى
الرحيل أو ترك مقاليد الحكم، كما أن التدخل العسكري الأجنبي أمر غير وارد.
الوضع مرشح للاستمرار كما هو عليه الآن، إلي أن يتغير ميزان القوى
الداخلية. لذلك من الصعب الإجابة على سؤال عما إذا كان لدى المعارضة القدرة
على تحمل المسئولية أم لا.
بالطبع
هناك الآلاف داخل المعارضة السورية مستمرين في نضالهم ضد القيادة الحالية،
ويتحملون آثار مواقفهم، لكن من الصعب التكهن إلي أي فترة يمكنهم الاستمرار
على هذا الحال، لأن هذا يتوقف على عاملين؛ الأول: هل يحصلون على دعم مادي
من حيث المال، أو السلاح، أو الغذاء يكفيهم ويمكنهم من الاستمرار في مثل
تلك المعركة لفترة طويلة أم لا؟ والعامل الثاني؛ هل يتغير الوضع داخلياً في
القيادة السياسية في سوريا نتيجة لأي ظرف طارئ مما قد يؤدي إلي إعادة
تقييم الأوضاع كاملة من جديد. لكن حتى الآن لا توجد أية مؤشرات تشير إلى
تغيير أطراف هذه المعادلة بالتالي فأنا أري أن الوضع سيستمر على ما هو عليه
لفترة طويلة.
فولكهارد فيندفور: سيطرة فئة على الفئات الآخري ليست في مصلحة الشعب السوري ككل.
للشعب
السوري تركيبه مختلفة عن الحالة المصرية والتونسية مثلا، تركيبة متنوعة
دينياً وطائفياً وعرقياً. كيف تري أثر أي تغيير قد يحدث في سوريا على هذه
التركيبة؟
أنا
أعرف سوريا والوطن العربي ككل منذ 56 عاماً، وأقول هذا حتى لا أتهم بأنني
لست على علم بما أتحدث عنه. أنا أعتقد أن تركيبة الشعب السوري تركيبة عرقية
ودينيه مذهبية وطائفية من نوع خاص. وإذا حدث أي تغيير سواء عن طريق انقلاب
أو ثورة أو حتى احتلال أجنبي، إذا نتج عن هذا التغيير سيطرة فئة على
الفئات الأخرى أعتقد هذا لا يخدم قضية الشعب السوري ككل.
لقد
رأينا ما حدث في العراق. نعم أطيح بنظام ديكتاتوري بشع، لكن واقع الحال أن
"النظام الديمقراطي" الآن في العراق هو نظام طائفي يقوض من الأساس معاني
الديمقراطية وحكم الشعب. وهذا هو ما يجعل الآلاف من السوريين يترددون في
الانضمام إلى حركة احتجاج قد ينتج عنها تغيير يقود إلى مثل التركيبة
العراقية الحالية. لذلك فعلى أصحاب القرار في سوريا الآن أن يبحثوا عن مخرج
للأزمة السورية يحافظ على تركيبة المجتمع السوري ولا يؤدي إلى انقسامه.