الولايات المتحدة تصبح دولة مخابراتية بامتياز في الداخل والخارج.
الولايات المتحدة تتحول الى حكم المخابرات
أعلن الرئيس بوش في 13 من الشهر الجاري عن تعيين بول ريدموند وهو من كبار المسؤولين السابقين في السي أي أي مساعدا لوزير الأمن الوطني الداخلي الأميركي وهي الوزارة التي استحدثها بوش للسيطرة على كل معارض سياسي له بين الجمهور الأميركي باسم شن الحرب على الإرهاب في أ‘قاب أحداث 11 أيلول 201 .
وكان ريدموند هو الذ تولى قيادة الفريق الذي كلفته السي أي أي باعتقال الجاسوس الأميركي أيلدريك إيمز الذي عمل لصالح موسكو في عهديها السوفياتي والرأسمالي خلال 15 عاما من منصبه كمسؤول عن قسم مكافحة التجسس السوفياتي في قيادة السي أي أي وتولى ريدموند بعد محاكمة إيمز نفس منصب هذا الجاسوس وهو قسم مكافحة التجسس الروسي .
ونقول صحيفة نيويورك تايمز إن ريدموند سيكون مسؤولا داخل الوزارة الحديثة عن جميع وحدات المخابرات الداخلية التابعة للوزارة وعلى الرغم من قبول ريدموند هذا المنصب والبدء بالعمل إلا أن تساؤلات وقضايا مختلف عليها لا تزال لم تجد لها حلا حول علاقة وحدات المخابرات هذه مع مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي أي) وصلا حياته الواسعة في الداخل ومع (السي أي أي ) وهما الجهازان اللذان يعدان في مقدمة جبهة الحرب المخابراتية ضد العمليات المسلحة والنشاطات المعادية للولايات المتحدة داخل وخارج البلاد.
ويذكر أن هناك وكالات مخابرات حكومية أميركية أخرى تتمتع بصلاحيات حيات العمل المخابراتي داخل البلاد، إضافة لهذه الوكالات الثلاث ولا بد من حدوث اختلاط وتداخلات بين بعضها البعض.
ومن هذه الوكالات الحديثة جهاز المخابرات الخاص بحماية المعلومات المخابراتية ورصد المعلومات التي يتم تبادلها عبر الأجهزة الإلكترونية وشبكات الكمبيوتر الذي يطلق عليه جهاز سايبر سيكبورويتي والطريف أن هذا الجهاز يتبع أيضا لوزارة الأمن الوطني الداخلي وقد عين الرئيس بوش في نفس اليوم 13 آذار الجاري رئيسا له هو كولا الأميركية حاليا والضابط السابق في السي أي أي وهكذا أصبح ليسكوسكي مساعدا لوزير الأمن الوطني الداخلي لشؤون حماية البنية التحتية والإلكترونية والكومبيوترية الأميركية من الاختراق والرصد.
ويذكر أن ليسكوسكي سيواصل مهمته في مجلس إدارة علوم المخابرا التابع ل سي أي أي وهو مجلس يعنى بتطوير أجهزة التنصت والرصد الحديثة والفائقة الحساسية لا ستخدامها ف يمهام التجسس وجمع المعلومات وتقول صحيفة نيويورك تايمز 13/ 3/ 2003 لكن بوش لم يعين بعد أ÷م منصب في وزارة الأمن الوطني الداخلي وهو المدير العام الذي سيعمل كل ريدموند ولسيوسكي تحت إمرته بصفته رئيسا عن جميع أجهزة الأمن التابعة لوزارة الأمن الوطني الداخلي وق أطلقت الوزارة على الإدارة التي سيتولى رئاستها هذا المدير العام اسم إدارة تحليل المعلومات وحماية البنية التحتية للمعلومات والمخابرات أي أي أي بي وتقول مصادر في البيت الأبيض إن بوش يدرس الآن فكرة تعيين فكرانك ليبوتي نائب مفوض شرطة نيويورك لمكافحة الإرهاب.
والمعروف أن ليبوتي كان عميدا في سلاح المارينز وعين في منصبه في نيويورك للمساهمة في إعداد أجهزة ومهام وزارة الأمن الوطني الداخلي منذ كانون الثاني عام 2002 ويبدو أن الرئيس بوش سيعين أيضا هوارد شميدت الذي كان رئيسا لشركة مايكروسوفت لشؤون أمن المعلومات في السابق بصفة مستشار أعلى في هذا الاختصاص لوزير الأمن الوطني رغم أنه يعمل الآن مستشارا في هذا الاختصاص في البيت الأبيض.
وإذا كان الجمهور الأميركي لا يبدي قلقا من جهاز ريدموند ووحدات المخابرات الميدانية التابعة لإدارته فإن حهاز LAIP للرصد وحماية شبكات المعلومات الأميركية والمخابراتية بدأ تثير خوفا من تعريض الحريات الفردية الأميركية والخصوصيات للرصد والتنصت باسم حماية البنية الإلكترونية للمعلومات.
وإلى جانب هذه الأجهزة والمناصب ا"لأمنية المستحدثة في الولايات المتحدة ووكالات مخابراتها أنشأ بوش أيضا جهازا باسم مركز التنسيق الموحد للخطر الإرهابي تي تي أي سي وعين جون برينان رئيسا له.
ويرى برينان أن هذه الوكالة المخابراتية الجديدة ستشكل الحور الذي ستتجمع حوله جميع النشاطات التي تقوم بها الحكومة الأميركية لتنسيق ودمج جميع المعلومات المتعلقة بالإرهاب والتي تجمعها وكالات التجسس الأخرى مثل إف بي أي والسي أي أي ووزارة الأمن الوطني الداخلي وبقية الأجهزة .
وتخطط الوحدات المخابراتية التابعة لردموند للعمل عن قرب وبترابط مع هذا المركز من أجل تقدم المساعدة لرجال السياسة الأميركية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديد مستوى الخطر الإرهابي الذي تواجه الولايات المتحدة.
وسيبدأ هذا المركز عمله في شهر أيار المقبل من تورث فيرجينيا لكي يكون قريبا من مقر إدارة السي أي أي .
والجدير بالذكر أن وكالات فرعية لمكافحة الإرهاب كانت قد تشكلت قبل ذلك داخل كل من السي أي أي وإف بي أي مكتب التحقيقات الفيدرالية دي أي أي وكالة المخابرات العسكرية وتوسعت ميزانياتها وازداد عدد الأعضاء العاملين فيها حتى كادت تشكل جيشا كبيرا من الجواسيس ورجال الأمن من الاختصاصات كافة.
ونفى برينان رئيس المركز أنيكون جهازه هذا يشبه جهاز أم 15 البريطاني للمخابرات في عمله ومهامه وقال للصحافيين تسلمت هذا المنصب منذ 48 وما زالت أحاول العمل على إيجاد حل يعالج طريقه تعامل الحكومة الأميركية مع هذا المركز وبقية الأجهزة ويعترف برينان أنه لم يتم وضع التحديد الدقيق لطبيعة وأنظمة العلاقات والارتباط بين المركز الجديد وبين بقية وكالات وأجهزة المخابرات الآخرى كما لم لن يتحدد بعد الأسلوب الذي سيتبعه المركز في تقييم مستوى ودرجة الخطر الإرهابي وهل سيجري هذا التقييم على أساس يومي يوفر من خلاله المعلومات للرئيس بوش وكبار رجال إدارته.
ولعل اختيار بوش لريدموند وتعيينه مساعدا لوزير الأمن الوطني الداخلي لشؤون المخابرات لم يكن عبثا فقد كاتب ريدموند تحليلا نشرته الصحف الأميركية قبل فترة دعا فيها إلى وقف السياسة المنفتحة الديموقارطية داخل الولايات المتحدة وتحت عنوان أميركا تدفع ثمن انفتاحها دعا إلى تعزيز إجراءات الأمن الداخلية والتشدد فيها من أجل المحافظة على أسرار الأمن الوطني الداخلي ويقول ريدموند يجب علينا التعلم من تجاربنا التاريخية لأن هذه البلاد أصيبت بهزات مؤلمة بسبب الأضرار التي ألحقها التجسس ضدها، فقد ظهر فيها جواسيس لسرقة أسرارها النووية وعملت موسكو على اختراق وسائل حماية معلوماتنا من خلال الحصول على الشيفرة وكلمات الدخول السرية فأثناء الحرب الباردة قامت موسكو بحملة غزو تجسسية واسعة ضدنا جندت فيها أميركيين مثل الرقيب جاك دونلاب وويليام مارتين وليرنون ميتشل وجميعهم كانوا يعملون داخل وكالة الأمن القومي إن أس أي وهي المتخصصة العليا في التنصت والرصد الإلكتروني المتطور عبر الأراضي والأقمار وتمكن هؤلاء من نقل ااتصالات سلاح البحرية كافة إلى المخابرات السوفياتية كما نجحت موسكو في تجنيد أيلدريك أيمز رئيس دائرة مكافحة التجسس السوفياتي في السي أي أي وحصلت على أهم الأسرار المتعلقة بطرق وطبيعة الأعمال الأميركية المخابراتية ومنظماتها وعلى عدة مهم من جواسيسها في العالم.
وعثرنا على جواسيس في كل وكالة مخابرات أميركية وفي فروع المخابرات العسكرية أيضا باستثناء فرع المخابرات التابع للحرس الساحلي الأميركي أما في الكونغرس الأميركي فقد عثر على الأقل على عضو كان جاسوسا ضد الولايات المتحدة في حين إن عددا من المتعاقدين والمقاولين العاملين مع وزارة الدفاع تبين أنهم جواسيس اخترقوا هذه الوزارة.
ولاحظنا في الثمانيات أن هناك ما يزيد على خمسين دولة أجنبية حاولت التجسس علينا وسرقة أسرارنا ونجح الكثير منها في مهمته هذه وهذه الدول لا تقتصر على روسيا والصين وكوبا.
بل تتعداها إلى فرنسا وإسرائيل وكوريا الجنوبية وهناك دولة لا يزيد المعدل السنوي لدخل الفرد فيها عن 300 دولار ومع ذلك نجحت في التجسس علينا ولن أقول ما اسمها هنا لأن هذا الأمر سري ولذلك لا بد من تعزيز حماية أسرارنا مهما كلف ذلك من ثمن.
معارضة اليمين الأميركي للحرب من يقود هذه الحرب؟
باتريك بوكانان
إن أنصار الحرب سيحصلون على حربهم دون شك وهذا يتطلب منهم عرض عناصرها ومقاومتها ودوافعها وهذا ما أظهر العلاقة الوطيدة بين سياستهم ودولة إسرائيل ماكس بوت دافيد بروكس وروبرت كاغان ولورانس كابلان المنزعجون من نشر هذه العلاقة حاولوا إظهاري بمظهر المتآمر أو المعادي للسامية بهدف طعن مصداقيتي .
نحن لا نهاجم المحافظين الجدد لأنهم يهود بل نهاجم سياستهم الداعمة والمحرضة للحرب والتي تلقى استحسان شارون تهدد البلاد وهذا ما فهمه جيدا كل الذين لم يقنعوا بدوافع هذه الحرب وتعزز اعتقاد المحللين أكثر فأكثر بأن الثلاثي فيث وولفوويتز يبني سياسته على قاعدة وجود مصالح مشتركة دائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وهم لهذا مرتبطون بشارون وبحزب الليكود.
إن على الأميركيين أن يعوا الحقيقة قبل أن يستجروا إلى سلسلة من الحروب التي ستقود أميركا إلى صدام حصارات لن تكون في صالحها في الحقيقة هذه السياسة ستوتر علاقات الولايات المتحدة مع مختلف الدول العربية، وحتى مع أصدقائها القدامى وتفقدها السلام الذي حلمت به خمسين عاما على الحرب الباردة.
ومن هم المحافظون الجدد الجيل الأول هم من الليبراليين السابقين الاشتراكيين أو التروتسكيين الذين التحقوا بفريق الرئيس ريغان في آواخر السبعينات هم مدرسة مثل معهد المشاريع الأميركية أو مركز الأمن العسكري ريتشارد بيرل هو باحث في الأول وعضو مجلس إدارة في الثاني نادرا ما يأتون من أواسط الأعمال أ, العسكر وكلهم يؤيدون السياسة التوسيعة ويدعمون إسرائيل ويصدرون المطبوعات التالية إضافة إلى المقال الافتتاحي في وول ستريت جورنال ومع أن عددهم قليل نسبيا إلا أنهم يمارسون سيطرة كبيرة على المؤسسات والإعلام المحافظ.
وفي 11 أيلول حانت فرصتهم ولكن مخططهم يعود إلى أبعد من ذلك وأتت ردود فعلهم بمنتهى السرعة بعد الاعتداءات فقد صرح بيل بينيت على شاشة CNN في 12 أيلول بأنه يجب مهاجمة لبنان وسورية والعراق والصين ولم يأت على ذكر أفغانستان مأوى إرهابيين بن لادن في اليوم ذاته قدمت لنا صحيفة وولا ستريت جورنال لائحة بالأهداف المطلوبة المخيمات الإرهابية في سورية في السودان في ليبيا في الجزائر وربما مصر في كتابه بوش والحرب يشير بوب وودوارد بأن ولفوويتز لم يكن راغبا بمهاجمة أفغانستان بل كان يريد مهاجمة العراق مباشرة وفي 20 أيلول طالبت 40 شخصية من المحافظين الجدد ومن بينهم بيرل ووليام كريستول بمهاجمة حزب اله والدول التي تدعمه مع علمهم بأن لا علاقة لحزب اله باعتداءات 11 أيلول ولكن دافعهم إلى ذلك هو الإذلال الذي سببه الحزب لإسرائيل بإرغامها على الخروج من لبنان.
يتبين لنا من خلال هذه الأمثلة أن المحافظين الجدد استغلوا أحداث 11 أيلول لدفع الولايات المتحدة إلى مهاجمة البلدان التي لا حول لها ولا طولا متوافقين في ذلك مع نظريات مايكل ليدن القائلة بضرورة مهاجمة الولايات المتحدة كل عشر سنوات لبلد صغير عاجز، لإظهار كيفية إدارتها أمور العالم.
اليوم يطالب ليدن بتغيير لأنظمة العراقية الإيرانية السورية اللبنانية والسعودية ويعتبر أنه يجب هز المنطقة وفرض الديموقراطية في هذه البلاد.
تطول لائحة الأعداء التي أعدها المحافظون المحافظون الجدد وهي تتضمن كل الدول العربية هم يريدون حربا عالمية رابعة ضد الإسلام والمستفيدون الوحيدون منها هم إسارائيلـ الليكود وشارون هذه الاستراتيجية تحض على سقوط أنظمة وقادة موالين كالرئيس مبارك في مصر دون أن يقلقهم ذلك فقد حدد لورانس مورافيك استراتيجية الكبرى في مركز الدفاع العسكري قائلا العراق هو المحور التكتيكي المملكة العربية السعودية هي المحور الاستراتيجي ومصر هي الثمن الذي سيدفع المحافظون الجدد ويطمحون إلى امبراطورية أميركية والشارونية يريدون سيطرة إسرائيلية على الشرق الأدنى إن مفكرتها تكملان بعضهما.
في عام 1996 اقتراح بيرل فيث وورمسر على بنيامين نتنياهو خطة لمحاربة سورية بمساعدة الأردن وتركيا وتستلزم هذه الخطة إقامة حكم ملكي هاشمي في بغداد وإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية ولا حقا ترحيل الفلسطينيين اليوم يرأس بيرل مجلس الدفاع العسكري فيث هو الأمين العام في وزارة العراق نصب أعينهم منذ زمن طويل بالنسبة إليهم تتطابق هذه الحرب كليا مع مبدأ ولوويتز الذي يقضي بمنع قيام أي قوة إقليمية في العالم ويتفعيل استراتيجية الضربات الوقائية.
هؤلاء ارجال هم في قلب السلطة الآن وه يمارسون ضغوطاتهم على الرئيس بوش لكي لا يبدل سياسته ويضغط على إسرائيل، هذا الموقف يدفعنا إلىالاعتقاد بأن لا عودة إلى اتفاقيات أوسلو وبطبيعة الحال إلى السلام الذي يحد من العداء للأمركيين ومن الإرهاب الذي يتهددنا إسرائيل هي حلفتنا ولها الحق في العيش بسلام وطمأنينة ولكننا لا نعتقد بأن مصالح بلدينا هي دائما متطابقة ولا نعتقد بالذات بأن أرييل شارون هو الصديق الأفضل للولايات المتحدة.
لقد قام الرئيس بوش بأعمال عظيمة وهو يستحق إعجابنا ولكن إذا استمر في السير على خطى المحافظين الجدد وبحسب جدول أعمالهم فإنه لا يستحق إعادة انتخابه.
معارضة كارتر للحرب
جيمي كارتر : أسباب بوش لشن الحرب غير مقنعة لأحد
بوش استطاع أن يحقق أول انقسام عالمي أطلسي في القرن الواحد والعشرين
لعل أوضح من علق على حرب بوش ضد العراق من بين أهم الشخصيات السياسية الأميركية هو جيمي كارتر الرئيس الأسبق حين نشر مقالا باسمه في صحيفة نيويورك تايمز 9/ 3/ 2003 تحت عنوان هل ترغب أميركا بخوض أي حرب أم خوض حرب عادلة وقد أرتأينا نشر نص هذا المقال للأهمية التي تمثلها مثل هذه المعارضة التي يتقدمها الرئيس كارتر والتي ستكون لها تداعياتها الداخلية على كل المستويات . وفي ما يلي نص المقال:
إن تغييرات عميقة بدأت تطرأ على السياسة الخارجية يتواصل فيها تراجع الحزبين عن الالتزامات التي أكسبت أمتنا صفة الأمة العظيمة خلال ما يزيد على قرنين من الزمان وهذه الإلتزامات قامت على مبادئ الدينية الأساسية وعلى احترام القانون الدولي وعلى صيانة التحالفات التي تولدت عن قرارات حكيمة وانضباط ذاتي مشترك ،ولذلك يشكل تصميمنا الواضح على شن الحرب ضد العراق من دون تأييد دولي خرقا لهذه المقدمات الأساسية.
وبصفيتي مسيحيا ورئيسا واجهته بشدة أزمات دولية عدة أصبحت على اطلاع كامل بمبادئ أي حرب عادلة ومن الواضح تماما ا، الهجوم الأحادي على العراق لا يتفق أبدا مع معايير الحرب العادلة، وهذا الرأي يمثل على الغالب إيمانا عالميا لقادة الدين باستثناء عدد قليل من الناطقين باسم الميثاق المعمداني الجنوبي الذين وقعوا تحت نفوذ قوى من علاقتهم القائمة مع إسرائيل على الفكر اللاهوتي الخاص بعالم الآخرة وآخر الأيام، فلكي تكون الحرب عادلة ينبغي أن نتفق ونتطابق مع عدد من المعايير المحددة، والحرب لا يمكن اللجوء إليها إلا حين تنعدم أي وسيلة أخرى وحين يتم استنفاد جميع الخيارات السليمة قاطبة.
وفي الوضع الذي يواجهنا في العراق من الجلي تماما وجود بدائل واضحة عن اللجوء إلى الحرب وهذه البدائل كان قادتنا أنفسهم هم الذين اقترحوها في السباق وصادقت عليها الأمم المتحدة وعاد مجلس الأمن وأكد عليها في الجمعة الماضية أما الآن فقد ظهر أن الولايات المتحدة مصممة على القيام بحملة عسكرية وديبلوماسية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الدول المتحضرة رغم أن أمننا القومي لا يتعرض للخطر المباشر ورغم وجود معارضة شاملة لنا من معظم شعوب وحكومات العالم.
والمرحلة الأولى لخطة حربنا المعلنة الواسعة هذه تقوم على إسقاط 300 قذيفة وصاروخ على السكان العراقيين الذين ليس لديهم نسبيا أي وسائل دفاعية وخلال الساعات القليلة الأولى من الغزو العسكري بهدف إلحاق أكبر ضرر مادي ومعنوي بأفراد الشعب العراقي من أجل دفعهم إلى تغيير زعيمهم الذي لا يحبونه والذي يحتمل أن يكون آمنا من هذا القصف.
إن على الأسلحة الحربية التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين ولا شك أن القصف الجوي يؤدي بشكل حتمي إلى إلحاق الدمار حتى لو تم بدقة متناهية ولقد عبر الجنرال تومي فرانكس قائد القوات الأميركية في الخليج الفارس قلقه تجاه الكثير من الأهداف العسكرية القريبة من المشافي والمدارس والمساجد والمنازل الخاصة .
وعنف هذه الحرب ينبغي أن لا يتعدي التناسب مع الحرج الذي عانينا منه فعلى الرغم من كل ما ارتكبه صدام إلا أن الجهود الأميركية الهادفة إلى ربطه بأحداث 11 أيلول غير مقنعة أبدا.
وهنا على الذين يشنون الهجوم على العراق أن تكون لديهم الصلاحية الشرعية من المجتمع الذي يعترفون بتمثيله ولا شك أن التصويت بالإجماع على المصادقة على قرار مجلس الأمن بإزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية يمكن حقا احترامه لكن أ÷دافنا لم تعد تقتصر على ذلك بل أصبحت الآن تسعى إلى تغيير النظام وإقامة سلام على الطريقة الأميركية في المنطقة وربما إلى احتلال العراق المنقسم إلى إتنيات متعددة لمدة تصل إلى عشر سنوات.
ونحن نفتقر إلى إصلاحية الدولية في محاولتنا تحقيق هذه الأهداف وهناك أعضاء آخرون في مجلس لأمن الدولي ما زالوا يقاومون النفوذ الاقتصادي والسياسي الضخم الذي تستخدمه واشنطن وما يواجهنا الآن هو احتمال من اثنين إما الفشل في تأمين الأصوات الضرورية المطلوبة في مجلس الأمن الدولي وإما مواجهة الفيتو الروسي والفرنسي والصين وعلى الرغم من أن تركيا تتعرض للمغريات الأميركية من أجل تقديم المساعدة لنا مقابل مكافآت مالية ضخمة ومقابل السيطرة الجزئية على المستقبل الأكراد ووضع يدها على نفط شمال العراق إلا أن برلمانها الديموقراطي جعلها تضيف صوتها إلى أصوات القلق المنتشرة فيكل مكان في العالم.
إن السلام الذي يراد إقامته ينبغي أن يحمل تحسنا أفضل من الواقع الموجود وعلى الرغم من وجود تطلعات ورؤى للسلام والديموقراطية في العراق إلا أنه من المحتمل بعد الغزو الأمريكي ويتعرض الأمن الوطني الداخلي الأميركي للخطر وإلى جانب هذا لا بد أن يؤدي تحدي الولايات المتحدة للمعارضة الشاملة العالمية إلى تقويض الأمم المتحدة بصفتها مؤسسة للسلم العالمي.
لكن ماذا سيكون موقف العالم تجاه الولايات المتحدة إذا لم نقم بشن الحرب بعد هذا الانتشار الواسع لقواتنا العسكرية في المنطقة إن التعاطف الذي صدر من القلب والصداقة التي ظهرت تجاه أميركا بعد أحداث أيلول حتى بعض الأنظمة المعادية لأميركا سابقا تبددا بشكل واسع وبدأت السياسة الأحادية وسياسة السيطرة المتزايدين تؤديان إلى إضعاف الثقة الدولية ببلادنا إلى أدنى مستوياتها المعروفة ومن المؤكد أن يزداد انحدار المكانة الأميركية أكثر فأكثر إذا ما قمنا بشن الحرب على هذا النحو الذي نتحدى فيه الأمم المتحدة أما إذا استخدمنا وجودنا وما تشكله قوتنا العسكرية من تهديد من أجل إجبار العراق على الإنصياع إلى قرارات الأمم المتحدة من دون اللجوء إلى الحرب إلا بصفتها الخيار النهائي فإن ذلك من شأنه تعزيز مكانتنا كدولة تتطلع إلى السلام والعدل.
قمة الاستعماريين القديم والجديد:
لكن إدراك كارتر لطبيعة هذه الحرب غير العادلة بموجب المبادئ الدينية والوضعية والسياسية كافة تضمن أيضا تسليطه الضوء على علاقة المحرضين لها والمتشددين فيها داخل الإدارة الأميركية بإسرائيل ولاهوت رجال الدين الإسرائيليين حول آخر أيام الزمان التي يرمزون فيها دوما إلى نيل اليهود خلاصهم الأبدي من خلال تدمير العالم وشعوبه بالحروب.
ومع ذلك مضى بوش بحربه التي قد تندلع وتصبح في أوجها مع ظهور هذا العدد من المحرر العربي بمشاركة ثلاث دول من أقدم الاستعمار القديم البالي البرتغال وإسبانيا وبريطانيا.
فالبرتغال كانت تستعمر في أفريقيا مناطق واسعة أصبحت بعد تحررها تعرف باسم أنغولا وموزانبيق وغينيا بيساو وفي أميركا اللاتينية البرازيل وفي آسيا أجزاء من الهند غوا وأجزاء أخرى قرب أندونيسيا وإسبانيا كانت تستعمر قارة كاملة هي أميركا اللاتينية منذ نهاية القرن الخامس عشر حتى جاء الأميركيون في الشمال وقرروا استعمارها بعد طرد الإسبان.
وبريطانيا غنية عن التعريف في تاريخها الاستعماري في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بل وفي أميركا الشمالية نفسها التي أصبح معظمها يعرف باسم الولايات المتحدة الأميركية .
ومثلما كانت هذه الدول الثلاث في الماضي تستعمر حتى القرنين التاسع عشر والعشرين معظم أجزاء الأرض وهاهي تعود مع بداية القرن العشرين تنضوي تحت جناح الولايات المتحدة أكبر قوة إمبريالية على مدى قرنين لشن الحرب على العراق خصوصا والوطن العربي عموما لخدمة الإمبريالية الجديدة والعمل تحت لوائها ضد إرادة شعوبها وشعوب وحكومات دول العالم كلها.
ويبدو أن هذا القرن كما يقول عدد من المحللين الاستراتيجيين في أوروبا والولايات المتحدة سنشهد فيه انقسامات عدة أهمها .
1- انقسام حلف الأطلسي الناتو بين من يساهم في الحرب ضد العراق وبين من يعد نفسه للتخلص من هذا الحلف .
2- انقسام أسيوي بين الصين وكوريا الشمالية ومن يقف معهما وبين اليابان وكوريا الجنوبية ومن معهما.
3- انقسام أوروبي متعدد الأشكال بين من يقف مع فرنسا وألمانيا وبين من يقف مع بوش ن الدول الشرقية سابقا.
4- انقسام بين معظم دول العالم من جهة وبين الدول المتحالفة مع واشنطن في الحرب ضد العراق، أما الدول العربية فهي منقسمة منذ فترة طويلة وهذا ما سيجعل قضيتهم المركزية فلسطين تدفع الثمن الباهظة بعد العراق.