17 أبريل 2015 بقلم
علـي صدّيقـي قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:الملخص:
حقق الغرب في العصر الحديث، بفعل انتصار العقلانية وسيادة مبادئ التنوير، تقدماً معرفياً وتقنيّاً هائلاً. غير أنّ هذا التقدم لم يمنع الإنسان الغربي من مراجعة هذا المشروع الحداثي، وذلك من خلال توجيه سهام نقده إليه، ومحاولة تقويض الأسس والمبادئ التي قام عليها. ولعل من أبرز مظاهر هذه المراجعة انتقال الفكر الغربي من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، ومن العقلانية الصلبة إلى العقلانية السائلة؛ أي من مرحلة بناء الأنساق الفكرية والفلسفية إلى مرحلة تقويض هذه الأنساق. وهذا الانتقال يعكس في نظرنا تأزم الفكر الغربي، وينذر ببلوغه مرحلة النهاية.
ويهدف هذا البحث إلى تحقيق غايتين؛ أولاهما: الكشف عن مآزق النموذج الفكري الغربي الحديث، والوقوف على حدوده، وثانيتهما: تقديم البديل الفكري والمنهجي لهذا النموذج. وذلك من خلال الإجابة عن جملة من الأسئلة، منها: كيف السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة الفكرية التي أفضى إليها النموذج المعرفي الغربي؟ وما ملامح النموذج البديل؟ وما الآليات الموصلة إلى صياغة هذا النموذج؟
ويتألف هذا البحث من محورين، خصص الأول للحديث عن مآزق النموذج المعرفي الغربي الحديث، وذلك من خلال التعريف بالنموذج المعرفي، وإبراز مرجعيات النموذج المعرفي الغربي الحديث ومظاهر أزمته، والوقوف أخيراً على أهم نتائج انتصار هذا النموذج على المستوى العلمي والمعرفي. أمّا المحور الثاني فموضوعه التعريف بالنموذج المعرفي البديل، وإبراز خصائصه المتمثلة أساساً في التوحيد والاجتهاد والإنسانية والكونية. من هنا، يخلص البحث في الأخير، إلى أنّ النموذج البديل لا يمكن مطلقاً أن يكون نموذجاً قومياً أو محلياً، وإنما يجب أن يكون نموذجاً إنسانياً كونياً. أمّا البدائل القائمة على الخصوصية الضيقة والوعي القومي والمحلي، فتتنافى أصلاً مع عالمية الخطاب القرآني.