رامبو وزمن القتلة
يمكن القول ان كتاب هنري ميللر (رامبو وزمن القتلة) من الكتب التي ينبغي اعادة قراءتها، انه يفيدنا في اكتشاف رامبو برؤى جد يدة، كان هنري ميللر يصر على تأجيل قراءة رامبو، وهو خلل اكتشافاته له ينبئنا صحة مبررات التأجيل هذا ، منها ان رامبو بلغ ذراه الشعرية في سن الثامنة عشرة ،وغادر تلك الذرى الى مهاوي الحياة، فيما كان ميللر يوغل في مهاويها، خارجا منها الى مروج الادب، اذن هنا تجربتان اختلفتا في التعاطي مع الحياة والادب، ماوسع المجال رحبا امام ميللر كي يعقد مقارنات ممارسة حياة جحيمية بينه وبين رامبو.
كانت دهشة ميللر كبيرة من حالم كبير مثل رامبويترك فرنسا، ليعيش حياة بائسة في احشاء صحراء الشرق، ففرنسا رامبو اصبحت معادلا للغربة الشديدة وانعدام الرزق.
هناك في عدن، تنبثق تداعيات رؤى سياسية لدى رامبو، من وقائع الفقر والتخلف التي تعيشها شعوب الشرق المستعمرة من الغرب الاوروبي، الذي خلفه رامبو وراءه، يذكر هنري في كتابه رسالة بعثها رامبو الى اهله عن سرقة الحكومات المستعمرة لثروات شعوب الشرق، متداعيا الى ان حكومات الدول الكبرى تفسد حياة الناس والشعراء والحالمين (أي مسخرة في ان على الشاعر المتوحد الهارب الى نهاية العالم من اجل تدبيرمعيشة بائسة... أن يجلس مبسوط الذراعين وهو ينظر الى الدول الكبرى تفسد حد يقته)
هنري ميللر برم بالسلطة، مثلما هو رامبو، واذا كان القرن التاسع عشر حيث عاش رامبو قرن ولادة الثورة الصناعية وماتحتاجه من ثروات واسواق عالمية وايدي عاملة رخيصة ،فالقرن العشرون كان قرن الحروب العالمية من اجل تقسيم العالم بين الدول الكبرى،ملقيا اللوم على حكوماتها المجندة كل شيء للحروب فيما هو وغيره من الكتب والمثقفين الحالمين يعيشون حياة التشرد والفاقة.
كتاب هنري ميللر-الكاتب الاميركي الشهيرصدر لمناسبة المئوية الاولى لولادته في العام 1855،وكان هنري ميللرمفتتنا بعبارة لرامبو(ثمة خراب ضروري) قاصدا بذلك زوالا جذريا للاشكال القديمة في الحياة والادب، لافساد غالبية الحكومات – في عصره – لحيوات الناس.
افتتن ميللر بنزعة الاخلاص المتجذرة في رامبو لما يجسد اقانيم حياته: شاعرا،بوهيميا،مهرب بنادق ،رجل اعمال ،لذا يتأسف ميللر ان رامبو لم يكن سياسيا ، لانه باتقانه فعل كل شيء يحبه،يمكن ان يكون اقدر من كثير من ساسة العالم،ذاكرا اسماءهتلر،ستالين،موسولين،تشرشل،روزفلت،ايمان من ميللر بان الحالم وان يبدو للناس غير عملي (فهو اكثر قدرة وكفاءة، بألف مما نسميهم الساسة).