انتهى الحجيج.. فهل اقتربت الحرب؟!عبد الباري عطوان
May 17, 2013
اختتم السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء
تركيا يوم امس مسلسل ‘الحجيج’ العربي الشرق اوسطي الى العاصمة الامريكية واشنطن،
الذي بدأه قبل شهر الشيخ محمد بن زايد ولي عهد امارة ابو ظبي، ثم كل من
الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، والشيخ حمد بن خليفة امير دولة
قطر، وكان العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني هو الزائر قبل الاخير.
الهدف
من هذا الحجيج التعاطي مع الملفين الاكثر التهابا في المنطقة، الاول ملف
الطموحات النووية الايرانية، والثاني الحرب الاقليمية المتفاقمة على الارض
السورية من خلال وكلاء محليين سوريين وغير سوريين.
القاسم المشترك بين
الدول الخمس وممثليها الذين زاروا واشنطن تباعا، هو التدخل بشكل مباشر في
الأزمة السورية ماليا وعسكريا، والاستعداد للتدخل الى جانب الولايات
المتحدة واسرائيل، كل حسب دوره وقدراته، في حال قررتا بدء الضربات الجوية
لتدمير المنشآت النووية الايرانية.
الآن، وبعد ان اكتمل النصاب، وجرى
التشاور حول هذين الملفين، وتوزيع الأدوار، ما هي الخطوة التالية المتوقعة،
وهل باتت الحرب وشيكة، ومن الذي سيشعل فتيلها اذا ما تقرر الانتقال من
مرحلة الانتظار الى مرحلة الفعل؟
جميع الاطراف الهادفة او المستهدفة تضع
اصبعها على الزناد، وتعيش في حالة من الطوارئ والاستعدادات القصوى، مع
التأكيد على امرين اساسيين، الاول ان الخوف من تبعات الحرب يسيطر على
الجميع، والطرفين الاسرائيلي والامريكي على خاصة، ووجود نزعة شبه انتحارية
لدى الطرف الآخر المدعوم
روسياً
وايرانيا، بعد ان طفح كيله من الاهانات الاسرائيلية، والدمار الذي لحق
ببلده، وعدم وجود اي امل وشيك بالحسم العسكري، ونحن نتحدث هنا عن النظام
السوري تحديدا.
الاسرائيليون هم اكثر الاطراف رعبا وقلقا، وهم قد يكونون
الطرف الذي يفجّر الحرب الاقليمية في اضخم صورها واخطرها، وهذا ما يفسر
الزيارة المفاجئة التي قام بها الى
تل ابيب جون برينان رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) في
اليومين الماضيين، بهدف التهدئة، ومنع اي حماقة جديدة تتمثل في غارات جديدة
على اهداف
سورية.
بيني غانتز رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي حذر قبل ثلاثة ايام من ان
اسرائيل لن تتسامح مع اي ارسال لشحنات اسلحة سورية حديثة الى حزب الله في
لبنان، وستقوم بضربها، ولا يوجد اي مؤشر بان شحنات هذه الاسلحة ستتوقف، بل ما يحدث هو العكس تماما.
‘ ‘ ‘
ما
يرهب الاسرائيليين اكثر هذه الايام، واكثر من اي وقت مضى، الصلابة غير
المعهودة في الموقف الروسي الداعم لنظام الرئيس الاسد، الذي انعكس في المضي
قدما بتسليمه بطاريات صواريخ من طراز اس 300 المضادة للطائرات، وفشل
نتنياهو في منعها، وهو الذي نجح في زيارة سابقة في الغاء عقد لشراء ايران
العشرات منها، وارسال موسكو غواصات نووية، وسفنا حربية للوجود قرب السواحل
السورية تحت عنوان حماية
القاعدة الروسية في طرطوس.
قلنا
اكثر من مرة، ونقلا عن مصادر وثيقة، ان شهر حزيران (يونيو) قد يكون هو
الموعد المحدد للحرب المتوقعة في المنطقة، وما يفصلنا عنه ايام معدودة اذا
صحت هذه التسريبات، والسيناريو الاكثر ترجيحا هو اقدام طائرات اسرائيلية
على قصف اهداف داخل سورية تحت ذريعة الحفاظ على الامن الاسرائيلي، واختراق
الخط الاحمر بإرسال اسلحة الى حزب الله.
هناك مؤشرات قوية بان روسيا
اعطت الضوء الاخضر للنظام السوري وحزب الله، للرد على اي عدوان اسرائيلي
جديد، الامر الذي سيفجر المنطقة بأسرها. فجميع الاطراف ملّت من حالة
الانتظار، وضاقت ذرعا من اطالة امد الجمود وغياب الحسم، سواء تجاه الملف
الايراني، او ازاء تفاقم تعقيدات الملف السوري، وتوسع نفوذ التنظيمات
الجهادية في اطرافه الشرقية والغربية.
القيادة الروسية لن تكرر خطأها في
السكوت عن تغيير النظامين العراقي والليبي على ايدي حلف الناتو وحلفائه
العرب، والا لخسرت مصداقيتها ومصالحها كقوة عظمى، والنظام السوري اثبت،
اتفقنا معه او اختلفنا، انه اصلب من ان يكسر مثلما كان يتوقع الكثيرون،
والاسرائيليون والاتراك وبعض العرب على رأسهم.
الحل السياسي الذي اطلّ
برأسه اثناء اللقاء بين جون كيري وزير الخارجية الامريكي ونظيره الروسي
سيرغي لافروف تراجع، ان لم يكن تبخّر، فرفض الطرفين المبطن له، الحكومة
والمعارضة، والخلاف على مصير الرئيس الاسد في نهاية المرحلة الانتقالية
وحجم صلاحية الحكومة الانتقالية التي ستشكل ومن سيتمثل فيها، وأدت هذا الحل
وهو نطفة.
‘ ‘ ‘
من الصعب علينا ان نراهن على اي من احتمالات
الحرب او الحل السياسي، لان الاولى مكلفة جدا في زمن لا تريد الادارة
الامريكية، او تتهرب، من اي حرب في المنطقة، اما الاحتمال الثاني، اي الحل
السياسي، حتى لو جرى تذليل كل العقبات في طريقه فإنه سيحتاج الى وقت طويل
وغير مضمون النتائج.
الشيء الوحيد الذي يمكن ان نقوله بكل ثقة ان الوضع
الحالي لا يمكن ان يستمر، لانه ليس في مصلحة اي من الاطراف الاقليمية
والدولية، لان هناك اتفاقا فيما بينها على ان الخطر المشترك هو جبهة النصرة
وشقيقاتها، ولا بد من مواجهته.
الخلاف حاليا هو هل ستكون الأولوية لاسقاط النظام اولا، والانتقال بعد ذلك لمواجهة الجماعات الجهادية، ويفضل هذا التوجه
امريكا واسرائيل والحلفاء العرب والاتراك، او تتم هذه المواجهة مع بقاء النظام
واعطائه الدور الاكبر في هذا الصدد، والروس والايرانيون من محبذي هذه
النظرية وداعميها.
الاسابيع المقبلة قد تحسم الكثير من القضايا والملفات المتفجرة، والمنطقة في انتظارالحماقة الاسرائيلية المقبلة.