** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الآلات التي تفكِّر لنفسها(*)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هشام مزيان
المشرف العام
المشرف العام
هشام مزيان


التوقيع : الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) Democracy

عدد الرسائل : 1751

الموقع : في قلب كل الاحبة
تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش
تاريخ التسجيل : 09/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25

الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) Empty
29122012
مُساهمةالآلات التي تفكِّر لنفسها(*)

الآلات التي تفكِّر لنفسها(*)
تقنيات جديدة تتفوَّق على الخبراء في تعليم الحواسيب كيف تتعلَّم.
< ياسر أبو مصطفى>


باختصار
تعلُّم الآلة هو فرع من علم الحاسوب يبحث في البيانات عن معلومات لاستعمالها في التنبُّؤ بالمستقبل.

وهو يُستعمل لتحديد توجُّهات اقتصادية ولاستِشخاص توصيات(1)، وبناء حواسيب تبدو وكأنها تفكِّر.

ومع أن تعلُّم الآلة أصبح رائجا إلى حد بعيد، فإنه لا ينجح إلا في حالات مشكلات ذات مجموعات بيانات كبيرة.

ويجب أن يكون العاملون في مجال تعلُّم الآلات حذرين من قيام الخوارزمية بتحديد أنماط غير موجودة فعلا.


قبل
بضع سنوات، طلب إليَّ مديرو شركة ملابس نسائية مساعدتهم على وضع توصيات
لأزياء أفضل لزبائنهم. ولم يكن في ذهن أحد منهم أن يسعى إلى نصيحة مني في
مجال لا أعرف عنه إلا قليلا، فأنا في الواقع لست سوى رجل مختص بالحاسوب.
ولم يكونوا مهتمين برأيي الشخصي في الأزياء، بل بإرشاداتي حول تعلُّم
الآلة. وقد استجبت لهم بسرور. واعتمادا على أرقام المبيعات واستطلاعات
الزبائن فقط، تمكَّنتُ من أن أقترح على نساء لم ألتقِ بهن من قبل أزياء لم
أرها قط. وتفوَّقت توصياتي على أداء المحترفين في عالم الأزياء، مع أنني
ما زلت لا أعرف سوى القليل عن أزياء النساء.

يُعدُّ تعلُّم الآلة(2)
فرعا من علم الحاسوب يمكِّن الحواسيب من التعلُّم من التجربة والممارسة.
وهو منتشر في كل مكان. إنه يجعل نتائج البحث في الوِب أقرب إلى المطلوب
وفحوص الدم أكثر دقة، كما يجعل خدمات التواعد الغرامي أقدر على العثور على
قرين ملائم. وفي أبسط صيغِهِ، تأخذ خوارزميات تعلُّم الآلة مجموعة من
البيانات المتوفِّرة، وتبحث ضمنها عن أنماط معينة، ثم تستعمل تلك الأنماط
لتوليد توقُّعات عن المستقبل. وقد حسَّنت التطورات في تعلُّم الآلة خلال
العقد المنصرم من أداء هذا الحقل. وبالفعل، تُعتبر تقنيات تعلُّم الآلة
اليوم مسؤولة عن جعل الحواسيب «أذكى» من البشر في كثير من مهامهم. خُذْ
المنظومة واتسون(3) مثلا، وهي منظومة حاسوبية من الشركة IBM استعملت تعلُّم الآلة للتغلب على أفضل متسابقي البرنامج جيوباردي(4) في العالم.

إلا
أن أهم مسابقة لتعلُّم الآلة لم تتضمن التحدُّث إلى حواسيب تُجيب عن أسئلة
جيوباردي. فقبل عدة سنوات، رغبت شركة أفلام الوِب نتفليكس Netflix
في مساعدة زبائنها على العثور على الأفلام التي يحبونها، وخاصة الأفلام
غير المطلوبة كثيرا وغير الحديثة، وحتى تلك المغمورة في مؤخِّرة فهارسها.
وتوجد لدى الشركة فعلا منظومة لاقتراح الأفلام، إلا أن مديريها رأوا أنها
بعيدة عن أن تكون ملائمة، ولذا أطلقوا مسابقة لتحسين الحالة القائمة.
وكانت قواعد المسابقة بسيطة: يربح أول من يتفوَّق أداؤه في المسابقة على
أداء منظومة الشركة الموجودة بـ10%، جائزة مقدارها مليون دولار. واشترك في
المسابقة ألوف الناس من شتى بقاع العالم.

لقد
كانت المسابقة حلما بالنسبة إلى الباحثين الذين يعملون في مجال تعلُّم
الآلة (وليس هذا بسبب قيمتها النقدية وحسب على الرغم من جاذبيتها). فأكثر
مكوِّنات منظومة تعلُّم الآلة أهمية هي البيانات، وقد وفَّرت الشركة في
مسابقتها 100 مليون عنصر من البيانات الحقيقية الجاهزة للتحميل من الوِب.

أيام التدريب(**)

ودامت
المسابقة نحو ثلاث سنوات. وقد عالجت مجموعات كثيرة من الباحثين المشكلة
بأن نسبت عددا كبيرا من السمات المختلفة إلى كل فيلم. فعلى سبيل المثال،
بإمكانك أن تعثر على أي فيلم يتصف بِسِمات معينة من قبيل مقدرته على
التسلية أو الإضحاك أو درجة تعقيده أو جاذبية ممثليه. ومن أجل كل مُشاهد،
تعود وتلقي نظرة على الأفلام التي بَحث عنها هذا المشاهد بغرض معرفة
تقييمه لتلك السمات: مدى استمتاعه بالأفلام الهزلية، وتفضيله للمؤامرات
البسيطة أو المعقدة، ورغبته في مشاهدة الأفلام بسبب وسامة وجمال ممثليها
وجمالهم [انظر المؤطَّر في الصفحة 69].

لقد
صار التنبُّؤ الآن مجرد مطابقة بسيطة لذوق المشاهد بسمات الأفلام الجديدة.
فإذا كان يحب الأفلام الهزلية والمؤامرات المعقَّدة، فعلى الأرجح أنه سوف
يحب أفلام الرقص الصاخب التي هي من قبيل الفيلم السينمائي «البعض يحبونها
ساخنة» Some Like It Hot أو «سمكة اسمها واندا» A Fish Called Wanda. وبعد أن تتلاءَم الخوارزمية مع عشرات من هذه السمات، تكون التوصية النهائية مؤشِّرا جيدا إلى مدى رغبة المشاهد في رؤية الفيلم.


الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) 2012_09_10_67_b

ونحن
نفكر عادة بسِمات سهلة التحديد من قبيل «الهَزْل» أو «المؤامرة المعقدة»،
إلا أن الخوارزميات ليست بحاجة إلى هذا التمييز. وفي الواقع، تتصف
السيرورة برمتها بأنها مؤتمتة، والباحثون لا يكترثون البتة بتحليل محتوى
الفيلم. فخوارزمية تعلُّم الآلة تبدأ بِسِمات عشوائية لا اسم لها.
وبحصولها على بيانات عن تقييمات المشاهدين للأفلام في السابق، تولِّف
سماتها مع تقييماتهم حتى تتوافق معا.

على سبيل المثال، إذا كان الناس الذين يُعجبهم الفيلم A يميلون أيضا إلى الأفلام B و C و D، فستخرُج الخوارزمية بِسِمة جديدة مشترَكة بين A و B و C و D. ويحصل هذا فيما يسمى بطور التدريب(5)،
وفيه يبحث الحاسوب عن السمات ضمن الملايين من تقييمات المشاهدين. وهدف هذا
الطور هو إيجاد مجموعة من السمات الموضوعية التي تقوم على تقييمات
موضوعية، لا على تحليل شخصاني(6).

قد
يكون من الصعب تفسير السمات المختلفة التي تُنتجها خوارزمية تعلُّم الآلة،
تفسيرا مفهوما لنا. فهي ربما لا تكون واضحة وضوح السمة «هزلي» مثلا. وفي
الواقع، يمكن أن تكون السمة شديدة التعقيد، وحتى غير قابلة للإدراك، لأن
الخوارزمية تحاول فقط العثور على أفضل السبل للتنبُّؤ بكيفية تقييم
المشاهد للفيلم، دون أن تشرح لنا كيفية فعل ذلك. وإذا كان أداء المنظومة
جيدا، فإننا لا نصر على فهم كيف فعلت ذلك.

وهذه،
ليست الطريقة التي اعتاد الناس على فعلها. ففي وقت مبكر من حياتي العملية،
طوَّرتُ منظومة تدقيق في الحسابات البنكية لمصلحة أحد البنوك (المصارف).
وعندما أنجزت العمل، طلب البنك إليّ تفسير معنى كل سمة. ولم يكن للطلب صلة
بأداء المنظومة الذي كان جيدا. فقد كان سبب الطلب قانونيا: لا يمكن للبنك
رفض إقراض أي شخص من دون تبرير معقول، ولا يستطيع هذا إرسال رسالة إلى أي
شخص تقول إن الطلب قد رُفِض لأن X أصغر من 0.5، مثلا(7).

ومع
ذلك فإن منظومات تعلُّم الآلة المختلفة تُطوِّر مجموعات فريدة من السمات.
ففي الأسبوع الأخير من مسابقة نتفليكس، بدأت مجموعات البحث، التي كانت
تعمل مستقلة عن بعضها، بمزج خوارزمياتها معا باستعمال ما يُعرف بتقنيات
التجميع(8). وفي الساعة الأخيرة من المسابقة التي دامت ثلاث سنوات، بقي فريقان في حلبة التنافس على الجائزة. وأظهرت لوحة الدرجات (العلامات)(9) تقدما طفيفا للفريق أَنسامبل(10)،
وهو فريق كان من بين أعضائه خرِّيج حضَّر أطروحة الدكتوراه ضمن مجموعة
البحث التابعة لي في معهد كاليفورنيا للتقانة، على فريق بِلّكور(11).
ولكن السجل النهائي للدرجات وضع الفريقين في المقام نفسه إحصائيا، فقد
حقَّق كل منهما تحسنا مقداره 10.06 في المئة مقارنة بالخوارزمية الأصلية.
ووفقا لقواعد المسابقة، تذهب الجائزة في حالة التساوي إلى الفريق الذي
يُسلِّم حله أولا. وبعد ثلاث سنوات من التنافس، وفي الساعة الأخيرة من
المعركة، سلَّم فريق بِلّكور حلَّه قبل الفريق أَنسامبل بعشرين دقيقة.
ونجم عن ذلك التأخير بمقدار 20 دقيقة، في مسابقة امتدت ثلاث سنوات، فرقٌ
يقدر بمليون دولار.

التطابق المطلق(***)

إن نوع تعلُّم الآلة الذي استُعمل في مسابقة تقييم الأفلام يُسمى تعلُّم تحت الإشراف(12)،
وهو يُستعمل أيضا في مهام من قبيل التشخيص الطبي. فمثلا، يمكننا تزويد
الحاسوب بألوف من صور كريَّات الدم البيضاء من سجلات المرضى الطبية، إضافة
إلى معلومات عن كون الخلية مسرطَنة أو غير مسرطَنة. ومن هذه المعلومات،
تتعلَّم الخوارزمية استعمال سمات خلوية معينة، من قبيل الشكل والمقاس
واللون، لتحديد الخلايا المصابة. هنا يُشرف الباحثون على سيرورة التعلُّم
ويتحكمون فيها، فمن أجل كل صورة من بيانات التدريب، يعطي الباحثُ أو
الباحثة الحاسوبَ الجواب الصحيح.

يُعتبر التعلُّم تحت الإشراف أكثر أنواع تعلُّم الآلة شيوعا، إلّا أنه ليس الوحيد. فالباحثون في مجال الإنسالية (الروبوتية)(13)،
مثلا، ربما لا يعرفون أفضل السبل لجعل إنسالة (روبوت) ذات ساقين تمشي
عليهما. وفي تلك الحالة، يمكنهم تصميم خوارزمية تُجري تجارب باستعمال
مشيات مختلفة. فإذا أدت مشية ما إلى سقوط الإنسالة (الروبوت)، تعلَّمت
الخوارزمية عدم استعمالها ثانية.

وذاك هو نهج التعلُّم المعزَّز(14).
وهو نهج تجربة وخطأ من حيث المبدأ مألوف لدينا جميعا. ففي واحد من
سيناريوهات التعلُّم المعزَّز الشائعة لدى كل من البشر والآلات، نواجه
حالة تظهر فيها حاجة إلى إجراء ما. وعوضا عن أن يُخبرنا أحد بما نفعله،
نجرِّب شيئا ما ونرى ما يحصل. وبناء على ما يحصل، نعزِّز الأفعال الجيدة،
ونتجنب في المستقبل الأفعال السيئة. وفي النهاية نتعلَّم، نحن والآلات،
الإجراء الصحيح للحالات المختلفة.

على
سبيل المثال، خذ محركات البحث في الإنترنت. فمؤسِّسو گوگل لم يخوضوا غمار
الوِب حتى حوالي عام 1997، وقد فعلوا ذلك بغرض تدريب حواسيبهم على تمييز
صفحات من قبيل صفحة «الغنمة دولِّي(15)». وزحفت خوارزمياتهم
عبر الوِب ببطء لتوليد نسخة أولية من النتائج، ثم اعتمدت على نقرات
المستعملين لتعزيز الصفحات المهمة واستبعاد الصفحات غير المهمة. فعندما
ينقر المستعملون على رابط صفحة في نتائج البحث، تستنتج الخوارزمية أن تلك
الصفحة مهمة، وإذا أهمل المستعملون رابطا ظهر في أعلى نتائج البحث،
استنتجت الخوارزمية أن صفحة ذلك الرابط غير مهمة. وتُجمِّع الخوارزمية
استجابات ملايين المستعملين معا لتقييم الصفحات في عمليات البحث
المستقبلية.



[كيفية عمل تقانة تعلُّم الآلة]
للكبار فقط (وتصنيفات أخرى)(****)
ما هو الفيلم الذي يجب أن تشاهده هذه الليلة؟ تساعد محركات توصيات مستشخصة(16)
ملايين الناس على تضييق نطاق الأفلام المتوفرة بحيث تتوافق مع أذواقهم
الشخصية الفريدة. وتعتمد هذه الخدمات على طريقة لتعلُّم الآلة تسمى تحليل
القيم الفريدة(17)، وهي طريقة تحلِّل الفيلم إلى لائحة طويلة
من السمات، وتطابِق تلك السمات مع تفضيلات المشاهد. ويمكن توسيع هذه
التقنية لتعمل في أي منظومة توصيات تقريبا، من محركات البحث في الإنترنت
حتى مواقع المواعيد الغرامية.
الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) 2012_09_10_69
تحويل الأفلام إلى بيانات

يأخذ محرك التوصيات أولا مجموعة كبيرة من البيانات عن الأفلام وتقييمات
المشاهدين لها. ومن ثم يستعمل التقييمات الجماعية لإضفاء مجموعة كبيرة من
السمات على الأفلام إفراديا. ويمكن للسمات الناتجة أن تطابق خصائص سهلة
التمييز من قبيل «هزلي» أو «تراث ديني»، ويمكن ألا تطابق شيئا، وحينئذ
يعرِّفها الحاسوب بأنها X و Y و Z.

مطابقة رغبات المشاهدين مع الأفلام

لقد أصبحت الآن التوصية بمشاهدة فيلم ما مشكلة بسيطة تنطوي على تحديد رغبة
المشاهد ثم مطابقتها مع الأفلام الموافقة لها. فإذا استمتع شخص في الماضي
بفيلم هزلي مع حيوانات مثلا، أو ذي خاصية سحرية ما X لا اسم لها، فسيعثر محرك التوصيات على أفلام مشابهة لذلك الفيلم.


مشكلات الإفراط في البيانات(*****)

يستعمل
الباحثون التعلُّم المعزَّز غالبا للمهام التي تتطلب سلسلة من الأفعال
المتتالية، ومن أمثلتها الألعاب. خُذ مثالا بسيطا من قبيل لعبة تِك تاك توي(18). يبدأ الحاسوب بوضع X عشوائيا في إحدى الزاويا. وهذه حركة قوية، ولذا يربح الحاسوب هذه اللعبة عددا من المرات يفوق تلك التي يربحها حين يضع في البداية X على أحد الجوانب. وتتعزَّز الحركة التي تؤدي إلى الربح، أي X
في الزاوية. ويوسِّع الباحثون هذه العملية لاستنتاج ما هو الفعل الصحيح
الذي قد يحصل في أي خطوة مستقبلية من اللعبة، ومن أي لعبة أخرى، من لعبة
الداما(19) إلى لعبة التطويق(20). ويُستعمل التعلُّم المعزَّز أيضا في التطبيقات الاقتصادية المتقدمة، ومنها إيجاد توازن ناش(21).

وأحيانا
يكون التعلُّم المعزَّز أكثر كثيرا مما نحتاج إليه، لأننا لا نستطيع فيه
معرفة استجابة الآلة لأفعالنا. وفي تلك الحالات، علينا الالتفات إلى
«التعلُّم دون إشراف»(22). هنا توجد لدى الباحث مجموعة من
البيانات من دون أي معلومات عن الإجراء الذي يجب القيام به - إما صراحة،
كما في التعلُّم تحت الإشراف، وإما ضمنا، كما في التعلُّم المعزَّز. فكيف
يمكننا التعلُّم من هذه البيانات؟ إن خطوة أولى لفعل ذلك هي تصنيف
البيانات في مجموعات تبعا لتشابهاتها. ويُسمى هذا التصنيف بالعَنْقَدة(23)،
وفيه يجري البحث ضمن البيانات عن معلومات تخص بنيتها الخفيَّة لاستعمالها
أساسا للتصنيف. وتوفِّر لنا العنقدة فهما أفضل للبيانات قبل تحديد الإجراء
الذي يجب القيام به. وأحيانا تكون العنقدة كافية وحدها؛ - فإذا أردنا
ترتيب مكتبة، فإن تجميع الكتب في فئات متشابهة هو كل ما علينا فعله. وفي
أحيان أخرى، يمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك وتطبيق التعلُّم تحت الإشراف
على البيانات المعنقدة.

وعلى عكس
المنتظر، فإن أكبر فخ يقع فيه العاملون في مجال تعلُّم الآلة هو تسخير
كثير من الطاقة الحسابية للمسألة الواحدة. وإدراك ذلك والتمكُّن من
التعامل معه على نحو مناسب هو ما يميِّز المحترفين من الهواة.

كيف
يمكن للمزيد من الطاقة الحسابية أن يكون ضارا؟ تحاول خوارزميات تعلُّم
الآلة كشف وجود أنماط ضمن البيانات. فإذا كانت تلك الخوارزميات قوية جدا
واستَعملت نموذجا شديد التعقيد لتمثيل عينة محدودة من البيانات، أمكن لها
أن تضلِّل نفسها بكشف أنماط زائفة تَصادفَ وجودها في العينة من دون أن
تكون لها صلة حقيقية بها. لذا فإن جزءا كبيرا من البحث في النظرية
الرياضياتية لتعلُّم الآلة يركِّز الاهتمام على مشكلة الإفراط في تمثيل
البيانات هذه، فنحن نريد كشف روابط حقيقية تتوافق مع البيانات، لكننا لا
نرغب في الإفراط في ذلك لئلا ننتهي إلى أنماط لا يمكن الوثوق بها.

لفهم
كيفية حصول ذلك، تخيَّل مقامرا على طاولة روليت (بغرض التبسيط، سوف نفترض
أن الطاولة تحتوي على أرقام حمراء وسوداء فقط، ولا تحتوي على 0 أو 00).
يرصد المقامر الدولاب ويلاحظ أنه قد دار 10 دورات وأعطى نتائج متعاقبة
متناوبة بين الأحمر والأسود. فيقول لنفسه: «لا بد أن الدولاب منحاز، فهو
يعطي دائما أحمر، أسود، أحمر، أسود، أحمر، أسود». وبذلك يكون قد تولَّد في
ذهن اللاعب نموذجا أكَّدته تلك البيانات المحدودة العدد. ولكن في الدورة
الحادية عشرة، ومباشرة بعد أن وضع المقامر 100 دولار على الأحمر، أكَّدت
الطبيعة العشوائية للدولاب عشوائيتها، وتوقف عند الأسود في تلك الدورة،
وخسر اللاعب الـ100 دولار.

لقد كان
لاعبنا يبحث عن أنماط معينة لا وجود لها في الواقع. إحصائيا، ثمة احتمال
يساوي نحو 1 من 500 لأي دولاب روليت للتناوب عشوائيا بين الأحمر والأسود
10 مرات متتالية. وليس للدورات السابقة في الروليت تأثير في المستقبل،
واحتمال ظهور الأحمر أو الأسود في الدورة التالية يساوي 50 في المئة
دائما. وفي مجال تعلُّم الآلة، لدينا قول مأثور: «إذا عذَّبت البيانات
طويلا، فإنها سوف تعترف»(24).

لتجنب
هذه النتيجة، يجري جعل خوارزميات تعلُّم الآلة منحازة بغية إبقاء النموذج
أبسط ما يمكن، ويتحقَّق ذلك باستعمال تقنية تسمى التطويع(25). فكلما كان النموذج أكثر تعقيدا، كان أكثر عرضة لأن يكون مفرطا، والتطويع يضع حَدًّا لذلك التعقيد.

ويتيقَّن
الباحثون أيضا من صحة الخوارزميات عادة باستعمال بيانات من خارج مجموعة
بيانات التدريب. وبهذه الطريقة نضمن أن الأداء الذي نحصل عليه هو أداء
حقيقي، لا مصطنع بفعل بيانات التدريب. فعلى سبيل المثال، لم تُختَبر جائزة
نتفليكس، باستعمال البيانات الأصلية التي قُدِّمت للمشتركين في المسابقة،
بل باستعمال مجموعة بيانات جديدة لم يكن يعرفها سوى العاملين في الشركة.

التنبُّؤ بالمستقبل(******)

من
الصعب أن تشعر بالملل وأنت تعمل في مجال تعلُّم الآلة. إنك لا تعرف
التطبيق الذي سوف تعمل به في المرة القادمة أبدا. فتعلُّم الآلة يمكِّن
غير المختصين في مجال تطبيقي معين، ومنهم الذين يستعملون الحاسوب في مجال
الأزياء النسائية مثلا، من التعلُّم والتنبُّؤ بناء على البيانات فقط. في
ربيع عام 2012، اتبع طلبة من 15 تخصصا مختلفا المقرر الذي أقدمه عن تعلُّم
الآلة في معهد كاليفورنيا للتقانة. وقد وَضعتُ مادة المقرر في الوِب وأذعت
المحاضرات بالڤيديو مباشرة. وشاهدها ألوف من الناس في شتى أنحاء العالم،
وحلُّوا تمارينها (ويمكنك أنت فعل ذلك أيضا: انظر الرابط ضمن: مراجع
للاستزادة).

إلا أن تعلُّم الآلة لا
يعمل إلا في حالات توفر بيانات كافية. وفي كل مرة عُرِض عليَّ فيها مشروع
لتعلُّم الآلة، كان أول سؤال أطرحه: ما هي البيانات المتوفرة؟ إن تعلُّم
الآلة لا يكوّن معلومات، بل يحصل عليها من البيانات. ومن دون بيانات تدريب
كافية تحتوي على المعلومات الملائمة، لن يكون تعلُّم الآلة ناجحا.

لقد
أصبحت البيانات متوفرة في عدد هائل من المجالات أكثر من أي وقت مضى،
وبوجودها سوف تستمر قيمة تعلُّم الآلة بالازدياد. ثقوا بقولي هذا،
فالتنبُّؤ من اختصاصي.


المؤلف
ياسر أبو مصطفى
أستاذ الهندسة الكهربائية وعلم الحاسوب في معهد كاليفورنيا للتقانة.
الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) 2012_09_10_67_a

مراجع للاستزادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الآلات التي تفكِّر لنفسها(*) :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الآلات التي تفكِّر لنفسها(*)

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: منبر البحوث المتخصصة والدراسات العلمية يشاهده 23456 زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: