حركة 20 فبراير: الحصان الطروادة الذي ركبه الجميع
خالد أوباعمر
الاثنين 18 يونيو 2012 - 10:13
موجة
الاعتقالات في صفوف عدد من الناشطين في حركة 20 فبراير، ليس لها من تفسير
الا الانتقام كما ورد في أحد بيانات الحزب الاشتراكي الموحد. وما أخشى
عليه هو أن تكون هناك التقائية في هذا الأمر، بين مصالح المخزن" رد
الاعتبار لكل من طالب الشباب برحيلهم من رموز الفساد والاستبدا، واعادة
الاعتبار الى ما أسماه وزير العدل والحريات مصطفى الرميد بهيبة الدولة
التي لم يعد القبول باستمرار التفريط فيها" ومصالح الحزب الاسلامي
الاديولوجية في مواجهة ثقافة اليسار وقيمه المؤسسة على الحرية "الفردية
والجماعية" والكرامة والعدالة الاجتماعية.
الطامة الكبرى هنا، هي
أننا سنصبح أمام حلف " مقدس" وطاحونة مدمرة تؤتي على الأخضر واليابس، في
محاربة حرية الرأي والتعبير والمعتقد والانتماء، وهي الحقوق المشمولة
بحماية دستور فاتح يوليوز وبنصوص عدد من التشريعات والمواثيق الدولية
لحقوق الانسان.
بالأمس القريب، اعتقل الحاقد، فنان حركة عشرين
فبراير، وحوكم بسنة سجنا نافذة في مجاكمة، تبين فيما بعد وبشهادة منظمات
حقوقية دولية" هيومن رايتس ووش" أنها كانت سياسية بامتياز، وليس لها أي
ارتباط بهيبة جهاز من أجهزة الدولة، تابع المغاربة كيف أن كرامة أحد ولاته
بالعاصمة الرباط، مرغت في الوحل دون أن يحاكم الجناة بما يتوافق وشروط
المحاكمة العادلة.
وبعد محاكمة معاد، اعتقل عدد من الناشطين في
مدن متفرقة بتهم اختلف تكييفها القانوني بحسب الظروف من شخص لاخر. وبعدهم
حوكم "سقراط" المدون الفقير المغلوب على أمره اجتماعيا، بسنتين نافذة
بتهمة الاتجار في المخدرات، وغدا لست أدري على من سيأتي الدور بعد أن تم
استهذاف الفن والقلم في صفوف الحركة؟
الغريب في الأمر، أن
الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، اللتان كانتا تتهافتان على شباب
حركة عشرين فبراير، بحسابات مختلفة في العلاقة مع الدولة، لم تجد من خيار
بعد انتخابات 25 نونبر، وبعد تعيين الحكومة، وبعد تزايد وثيرة القمع
والاعتقال في صفوف ناشطي حركة فبراير، الا الركون الى الزاوية والتزام
الصمت ووضع العصابات على الأعين.
نفس الأحزاب والنقابات، لم تجد
أدنى حرج، وهي توجه الدعوات للناشطين في حركة عشرين فبراير، من أجل الخروج
في تظاهرات عمالية فلكلورية للمطالبة برحيل حكومة العدالة والتنمية واسقاط
عبد الاله ابن كيران! ولم نسمع أن أجهزة الأمن قامت بمطاردة الناشطين في
أزقة الدار البيضاء وشورعها بسبب الشعارات التي رفعت في مسيرة النقابتين
العماليتين المدعومتين من أحزاب البام والاتحاد وباقي ملحقات اليسار
السياسية بما في ذلك الحزب الاشتراكي الموحد، بخلاف ما وقع لشباب الحركة
في مناسبات لم يخرجوا فيها للمطالبة باسقاط رموز الفساد والاستبداد، الذي
اختار رئيس الحكومة تسميتهم بالتماسيح والعفاريت والحزب السري، مثل الوقفة
التضامنية مع والي أمن الرباط مصطفى مفيد والتي تم فيها اعتقال ناشطين من
الحركة قبل أن يتم الافراج عليهما بعد الاستماع لأقوالهما من طرف معتقليهم
!
حركة عشرين فبراير، كانت بمتابة الترمومتر السياسي ، الذي
مكننا من قياس درجة البؤس والفساد السياسي المستشري في أوساط الطبقة
السياسة والنقابية والجمعوية في البلاد. الكل تهافت عليها عندما كانت
مصالحه الانتهازية الضيقة في اطار تدافعه السياسي مع الدولة تقتضي ذلك،
والكثرين تخلو عنها وعن شبابها فيما بعد ولأسباب انتهازية أيضا في علاقتهم
بالمخزن عندما بدأت الالة المخزنية تجني في صفوفهم الأخضر واليابس.
لكن،
وهذا هو بيت القصيد، اليوم وبعد أن تبين بأن المعارضة الموجودة اليوم في
البرلمان، غير قادرة على مجاراة شعبوية حزب العدالة والتنمية، ولا النيل
منه سياسيا لاضعاف شعبيته وادلاله سياسيا أمام المجتمع، بسبب هوانها وترهل
شعبيتها وضعف مصداقيتها وتورطها عدد من قيادييها في ملفات فساد، بدأ تظهر
بوادر العودة لتوظيف حركة عشرين فبراير بشكل انتهازي من جديد، ليس في
مواجهة رموز الفساد والاستبداد التي كانت الحركة تطالب برحيلهم، بل
لمواجهة الحزب الذي يقود حكومة ترفع شعار محاربة الفساد والاستبداد !.
وقد
لوحظ في الاونة الأخيرة كيف أن عدد من شباب الحركة الذين كانوا يحذرون من
التونسة والسطو على المؤسسات الدستورية في البلاد وتوظيفها لخدمة أجندة
الفساد والاستبداد، أصبحوا يبيضون وجه الفساد وينقلبون عن قناعاتهم
السياسية بمائة وتمانون درجة عما كانو يطالبون به، بل منهم من ارتمى في
أحضان من كان ينعتهم بأقبح النعوث والأوصاف، وبدأ يستعد لأخد نصيبه من
كعكة الشباب بدون حشمة ولا اسحياء ! باختصار شديد، انه العبث المغربي في
زمن الربيع!