الإنترنت متنفس الشعر في عصر العولمة
يجمع
الكثير من المثقفين والأدباء على أن الشعر الذي شهد في السنوات الأخيرة
انحسارا على الصفحات الورقية في مواجهة الرواية، وجد في عالم الإنترنت
متنفسا له ومجالا للازدهار.
ويلفت النظر في مواقع الإنترنت الأدبية التي
خصصت فيها مساحات واسعة للشعر أنها غدت منابر حرة لأساليب أدبية مختلفة
منها القديم والجديد والفصيح والعامي والجيد وذاك الذي ينقصه كثير من
مقومات الشعر، وقد تكون أحيانا أصدق في تمثيلها للشعر العربي المعاصر من
الصحف والمجلات وحتى المجموعات الشعرية المطبوعة، لأن هذه الأخيرة تخضع
لمعايير جمالية نقدية وتحريرية أكثر صرامة مما تعتمده بعض المواقع
الإلكترونية.
ولعل موقع "جهة الشعر" الذي أنشأه الشاعر البحريني قاسم
حداد يأتي في مقدمة هذه المواقع، وقد أنشأ حداد موقعه عام 1996 وفي حين
يتولى هو بنفسه الإشراف العام عليه، فإن للموقع مجلس أمناء من أسماء عربية
معروفة ومحررين مستشارين من بلدان عربية وأجنبية.
ويقول حداد إن
الإنترنت إشارة لمستقبل لا يمكن تفاديه، حيث أصبحت المعرفة هي المعنى
الكوني لحركة الإنسان، منوها إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه الإنترنت
في نشر الشعر والتبادل الثقافي.
وهناك موقع آخر يحمل اسم "موسوعة الشعر
العربي" يصدره من مصر الدكتور علي محيلبة الذي كتب يقول "عندما يتحول
العالم إلى قرية كبيرة وتبدو المسافات بين الشعوب قصيرة جدا يظل احتياجنا
إلى الكلمة كبيرا، نحن في حاجة إلى كلمات الحب النابعة من القلوب والعقول
الباحثة عن إسعاد الأجيال القادمة".
والقصائد المنشورة في هذا الموقع
اشتملت على توثيق لأنواع الشعر العربي وأبوابه منذ القدم وعلى مواد جديدة
راوحت بين أساليب مختلفة، وتنشر هذه المواقع وغيرها العديد من الأعمال
الشعرية لشعراء من مختلف العالم العربي، الذين كتبوا في مختلف أشكال الشعر
وأساليبه.
على الصعيد ذاته أعلن المجمع الثقافي في أبو ظبي عن إصداره من
الإصغاء إلى مجموعة من القصائد الشهيرة المسجلة بأصوات نخبة من الفنانين
والأدباء إضافة إلى جداول إحصائية تدل على توزيع الأبيات والقصائد والبحور
الشعرية.
وتضم الموسوعة الإلكترونية الناطقة التي ستتاح قريبا بالمجان
على الإنترنت نحو 2.4 مليون بيت من عيون الشعر العربي لنحو 2300 شاعر منذ
ما قبل الإسلام وحتى العصر الحديث إضافة إلى تراجم عن مئات الشعراء.
كما
شملت شرحا مبسطا عن علم العروض والبحور الشعرية إضافة لآلية للتقطيع
العروضي تمكن المستخدم من معالجة أي بيت يريده وإعادة كتابته عروضيا وتحديد
البحر وكذلك شرح معاني بعض الأبيات.
واحتوت الموسوعة أهم عشرة معاجم
لغوية عربية هي لسان العرب لابن منظور وتاج العروس للزبيدي والصحاح للجوهري
وأساس البلاغة للزمخشري والعباب الزاخر للصاغاني والعين للخليل بن أحمد
والمحكم لابن سيده والمحيط لابن عباد وتهذيب اللغة للأزهري وجمهرة اللغة
لابن دريد.
وقال الأمين العام للمجمع محمد أحمد السويدي الذي أشرف بشكل
مباشر على إصدار الموسوعة إنها أهم عمل علمي عربي في مجاله وقد صدرت في
إطار خطة شاملة للمجمع تهدف إلى نقل الثقافة العربية عبر الوسائط المتعددة
ومنها الأقراص المدمجة والإنترنت.
من جانبه أشار منذر العكيلي الذي أشرف
على الموسوعة تحريريا وتقنيا إلى أن هيئة استشارية عربية خاصة ساهمت في
الإشراف على هذا العمل الضخم ضمت شعراء وأكاديميين موضحا أن الموسوعة قسمت
الشعراء حسب المرحلة الزمنية التي عاشوا فيها وتضم العصر الجاهلي والإسلامي
والأموي والعباسي والفاطمي والأيوبي والمملوكي والأندلسي والحديث حتى عام
1953.
وأضاف أنها تضم أيضا مكتبة تحتوي على ما يزيد عن 265 عنوانا من
أمهات كتب التراث العربي في مجال الأدب والشعر والتاريخ منها الأغاني
للأصفهاني ويتيمة الدهر للثعالبي والأمالي للقالي والأصمعيات للأصمعي
والمفضليات للمفضل الضبي والإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب والأمثال
لابن سلام والبيان والتبيين للجاحظ والحماسة لأبى تمام والسيرة النبوية
لابن هشام والشعر والشعراء لابن قتيبة.
وعرفت الموسوعة بكل هذه الكتب
بإعطاء لمحة عن كل كتاب وسبب تأليفه وكذلك ترجمة وافية عن مؤلفه إضافة
لفهرس لمحتوياته كما يمكن طباعة أية صفحة من الكتاب أو نسخها لنقلها لبرامج
أخرى