** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الديمقراطية المعولمة العولمة الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

الديمقراطية المعولمة  العولمة الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟ Empty
08032013
مُساهمةالديمقراطية المعولمة العولمة الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟

الديمقراطية المعولمة


العولمة
الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟





محمد زين الدين


توطـــئة


في عالم العولمة والتفاعل الثقافي والإعلامي القويين أمسى
العالم ليس فقط قرية كونية
(The global village) [sup][1][/sup] بل أسرة
كبيرة تتوحد على مستوى نمط الاستهلاك بمفهومه الشمولي بشكل يشمل الجانب الاقتصادي
مثلما يشمل الجانب الاجتماعي والسياسي والإعلامي، ميزته الأساسية انمحاء نظام
الثنائية القطبية وتعويضها بأحادية قطبية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث
أمسينا اليوم ليس أمام نظام للعولمة، بل نظام الأمركة يسعى إلى بسط سيادته على
العالم بطرق حضارية تتخذ من تبني النهج الديمقراطي والتحرر الاقتصادي واجهة أساسية لترجمة هذا النظام[sup][2][/sup].



إن السؤال المركزي الذي أمسى يشغل بال الباحثين ليس البحث في
مفهوم العولمة نفسه بل في طبيعة الخطاب الذي تحمله؛ فنحن اليوم لسنا أمام شكل واحد
وموحد من العولمة بل أمام منظومة كاملة ومتكاملة يتداخل فيها المعطى السياسي بشكل
وثيق مع المعطى السوسيو ثقافي.



لكن قبل هذا وذاك
تتناثر جملة من التساؤلات المركزية من قبيل : ماذا نعني بالعولمة؟ وكيف برزت إلى
حيز الوجود؟ وما هي أبرز مظاهرها؟ وأي موقع ستحتله الاقتصادات النامية في زمن
العولمة؟



وغير بعيد عن هذه
التساؤلات الأولية يبرز سؤال نوعي يتعلق بشرعية ومشروعية نظام العولمة. بمعنى أدق:
هل من المجدي التبشير بالديمقراطية المعولمة كما هي متعارف عليها حاليا؟ أم ينبغي
دمقرطة العولمة حفاظا على مستقبل البشرية؟ وإذا كان الاحتمال الثاني هو الوارد؟
فما هو السبيل لتجاوز إكراهات العولمة



للإجابة على هذه التساؤلات سنفرد المحور الأول للبحث حول
ماهية العولمة فيما سنفرد المحور الثاني لتسليط الأضواء حول إرهاصات الديمقراطية المعولمة
.



الـمحور
الأول : مـا العـولمة؟



إن العولمة ليست نظاما اقتصاديا فقط بل منظومة كاملة
ومتكاملة يحضر فيها الجانب السياسي إلى جانب الجانب الاجتماعي؛ فمثلما هي منظومة
اقتصادية فإنها أيضا إيديولوجية واضحة المعالم تخلص بشكل كبير للنظام الأمريكي على
اعتبار أن العولمة لا تعدو أن تكون الوجه الآخر لمصطلح الأمركة أي نشر وتعميم
النموذج الأمريكي في العالم؛ ولعل العدوان على العراق يترجم مرحلة متقدمة في مسلسل
العولمة، ألا وهي عسكرة العولمة؛ فبعدما تم التمهيد للعولمة اقتصاديا واجتماعيا
هاهي الولايات المتحدة تخطو خطوة جديدة في نظام العولمة.



أولا : ماهية العولمة


للإحاطة بمفهوم
العولمة لا بد لنا من التوقف- بإيجاز شديد- عند مجمل التعريفات التي أعطيت لها
سواء على مستوى المفاهيمي أو المؤسساتي؛ فالمفكر العربي عابد الجابري يشير على
أنها ترجمة لكلمة الفرنسية التي تعني جعل" الشيء" على مستوى عالمي؛ أي
نقله من المحدود والمراقب إلى اللامحدود الذي ينأى عن كل مراقبة؛ والمحدود هنا هو
أساسا الدولة القومية التي تتميز بحدود جغرافية وبمراقبة صارمة على مستوى الجمارك؛
نقل البضائع والسلع إضافة إلى حماية ما بداخلها من أي خطر أو تدخل خارجي؛ سواء
تعلق الأمر بالاقتصاد أو بالسياسة أو بالثقافة. أما اللامحدود فالمقصود
به"العالم" أي الكرة الأرضية؛ فالعولمة إذن تتضمن معنى إلغاء حدود
الدولة القومية في المجال الاقتصادي وترك الأمور تتحرك في هذا المجال عبر العالم
وداخل فضاء يشمل الكرة الأرضية جميعها"[sup][3][/sup].
أما المؤسسات المالية كالمنظمة العالمية للتجارة أو صندوق النقد الدولي فإنهما
ينظران للعولمة باعتبارها ترابطا في المصالح الاقتصادية للدول اعتمادا على بعضها
البعض من أجل توسيع وتنويع تبادل البضائع والخدمات وتنشيط الحركة الدولية لرؤوس
الأموال وكذا نتيجة لتسريع انتشار التقنيات الحديثة فيما بينها.



فيما يذهب تعريف آخر
إلى اعتبارها تصريفا للتفاعل بين تكثيف الانتقال الدولي للموارد وتكثيف مجال
المنافسة من خلال عمل المشروع المتعدد الجنسيات؛ فالعولمة لا تعني تغييرا كميا
للأسواق بل إنها إفراز لأسواق جديدة تتجاوز البنيات الوطنية والدولية لتخلق لنا ما
أمسى يعرف بالاقتصاد الكوني
L économie globale الأمر الذي دفع الباحث الاقتصادي الإنجليزي ريتش إلى النظر إليها
ليس كمشروع كبير أو مجموعة من المشاريع الصغيرة بل شبكة من المشروعات يعمل مركزها
على إعطاء التوجهات الاستراتيجية وإحداث الروابط بين مختلف مكوناتها .



إن العولمة في جوهرها مسلسل يهدف إلى توحيد العالم في كافة
الميادين فيبدو كحتمية قائمة على التطورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة التي
شهدت دفعة نوعية وتحولات جذرية في نهاية القرن الأخير
.


- فكيف حدث هذا التحول؟


ثانيا : التطور التاريخي لمسلسل العولمة


جاءت العولمة
كامتداد لمسلسل التدويل إذ عكست عملية تعجيل وترسيخ لظاهرة التدويل من خلال إحداث
تحول نوعي في وثيرة العلاقات الاقتصادية الدولية؛ والواقع أن مسلسل التدويل مر
بمرحلتين أساسيتين : الأولى انطلقت مع الجزء الأخير من القرن 19. أما الثانية
فبرزت ملامحها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تميزت بتوسع كبير في حجم
المبادلات التجارية. وقد ساهم التقاء الظاهرتين التجارية والمالية في تطوير مسلسل
النمو انطلاقا من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى حدود السبعينيات ليرافق كل هذا
التحول تقدم مضطرد في العملية الإنتاجية. بيد أن التحول النوعي الذي مس مسلسل
التدويل لم يكن وليد التقدم الحاصل في عملية انتقال رؤوس الأموال والمبادلات
التجارية بل يرجع بالأساس إلى التقاء الظاهرتين معا بحكم حضور أربعة عوامل رئيسية
يشكل تشابك وتعدد الاستثمارات الخارجية أولها وتوحيد الطلب ثانيها وحدوث تطور
تكنولوجي سريع ثالثها وتحرير الأنشطة الاقتصادية بالعالم كالانتقال من تحرير تجارة
المواد إلى تبادل الخدمات، التقليص التدريجي لحقوق الجمرك، التخلي عن التقنينات
المعمول بها في الحياة المصرفية، رابعها.



لقد كان لنمو التجارة العالمية، المحرك القوي للاقتصاد
العالمي خلال الفترة الممتدة من 1945 إلى 1973،
الأثر القوي على بداية الإرهاصات الأولية لنظام العولمة ليتقوى هذا التوجه
انطلاقا من عقد الثمانينات جاعلا من الاستثمار الأجنبي المرتكز على الشركات
العابرة للقارات قطب الرحى. فما هي مميزات هذه الشركات ؟



1- توزيع جغرافي واجتماعي سيء، إذ
يرتكز في الدول الصناعية القوية.



2- يرتبط عملها بمحيط البلدان المستقبلة.


ثمة جملة من الكتابات التي مهدت بكيفية دوغمائية لنظام
الديمقراطية المعولمة؛ فكتابات فرانسيس فوكوياما حول "نهاية التاريخ"
وصمويل هنتنتون حول "صراع الحضارات" ووليام كريستول وروبرت كاغان حول
حاجة العالم إلى"الهيمنة الخيرة" كلها أدبيات نظرت لنظام العولمة؛
فحينما أشار فوكوياما على أن الطريق إلى الديمقراطية ونظام السوق قد أزاحت عرضية
الاشتراكية"- في مقاله حول "نهاية التاريخ" الصادر في سنة1989-
فإنه كان يقدم النموذج الذي يرسم ملامح الفكر السياسي الغربي ومن تم يمنح للساسة
إطارا مرجعيا على هديه يسيرون؛ ليرفع الساسة عقيرتهم بالمناداة بتطبيق الديمقراطية
ونظام السوق في أرجاء العالم وقد انهد حائط برلين؛ بل إن مستشار الأمن القومي السابق
للرئيس الأمريكي أنتوني ليك قدم إطارا مرجعيا للسياسة الخارجية الأمريكية في خطاب
ألقاه بمعهد هوبكنس الشهير في خريف 1993 حول تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ وقد
نظر المراقبون آنذاك إلى هذا الخطاب وكأنه الإطار المرجعي أو الأنموذج لعالم ما
بعد الحرب الباردة، فصاغ الخطاب السياسي آنذاك تعابير مثل "الصناديق عوض
البنادق أو شخص واحد؛ وصوت واحد لكن ليس مرة واحدة"[sup][4][/sup].



في نفس الاتجاه
ستذهب تصريحات مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين الدوليين أمثال روناتو روجييرو
المدير العام السابق للمنظمة العالمية للتجارة حينما صرح أمام قمة لرؤساء دول
ميركوزور لأمريكا اللاتينية التي عقدت بمدينة أسونسيون عاصمة البارغواي في يوليوز
1997 مشيرا إلى أن: "العولمة لا تعني فقط تحرير التجارة وتنقل الرساميل
والاتصالات التكنولوجية، إنما تعني التقارب المتزايد في المصالح والأهداف
والتطلعات والآمال وكذا تماثل التصور والإدراك والرؤية نحو العالم... وإلى نسج
روابط متينة في علاقات التعاون عبر الحدود"[sup][5][/sup].



ثالثا : أبعاد وتجليات
العولمة



أيا كانت
المسميات التي تطلق على المرحلة الحالية فإن العولمة تتخذ خمسة أبعاد أساسية أولها
المجال المالي المتجلي أساسا في التدفقات القوية للمال وأسواق العملات والبورصات،
وثانيها المجال التقني المرتكز على الشركات العابرة للقارات والوكالات الحكومية،
وثالثها المجال الاثني الذي يبرز من خلال تزايد الهجرة والسياح، ورابعها
المجال الإعلامي الذي يشهد ثورة عارمة في تدفق الصورة والمعلومة، وأخيرا المجال
الإيديولوجي الذي يشكل الخزان الاستراتيجي للعناصر الأربعة بحيث يشمل ترسانة غنية
من الأفكار والتوجهات التي سترسم
معالم جديدة للخريطة البشرية.



فهل تعني العولمة اليوم ما كان يعنيه الاستعمار بالأمس؟ أم
العولمة مرحلة متقدمة يمكن اعتبارها بما بعد الاستعمار؟ إذا كان الأمر كذلك فما هي
نتائجه على الدول الفقيرة التي مازالت لم تتخلص بعد من مخلفات الاستعمار القديم؟



بيد أن السؤال المركزي هنا هو كيف ستحول العولمة عالم اليوم
من عالم الصراع والتفاوت الطبقي إلى عالم
إنساني؟



يروج أنصار العولمة بأنه نظام مثالي سيجلب الازدهار
للإنسانية بتجنيبها هزات الأسواق المالية؛ مثلما ستشكل منقذا لدول العالم الثالث؛
فقد جاء في دراسة لمجلة الايكونوميست اللندنية أن البلدان النامية سوف تتجاوز في
أفق سنة 2020 الولايات المتحدة الأمريكية إذ ستستحوذ على 60% من إنتاج العالم فيما
لن يتمكن الاتحاد الأوروبي من الحصول إلا على 40%، ومبررهم في ذلك أن حركة رأس
المال بالتجارة الحرة سوف تقود إلى انتقال هائل للصناعات التحويلية بفعل تدني أجرة
العمال بدول العالم النامي مقارنة مع الدول المتقدمة، مما سيفضي إلى تدمير الإنتاج
واليد العاملة في الغرب. وفي نفس الاتجاه برزت كتابات عديدة مبشرة بنعيم العولمة
حيث نجد في هذا الصدد مقاربات كل من بول هيرست وغراهام طومبسون وجاري بير تلس
وروبرت لورانس وليتان وشابيرو التي تصب في هذا الاتجاه؛ ففي كتابهم الجماعي
"جنون العولمة" لم يتردد هؤلاء الأنصار في الإفصاح صراحة عن فضائلها
معتبرين بأن العولمة بوصفها ظاهرة ناتجة عن التقدم العلمي والتقني وعن تطور
البشرية بشكل عام تفتح الطريق أمام فرص كبيرة لتكريس الديمقراطية؛ فهي ظاهرة ستعمل
على تقريب الشعوب من بعضها البعض فتلغى الحدود ومن ثم تشجع التطور نحو
الديمقراطية خصوصا من خلال حرية تنقل أكبر للأفراد والبضائع؛ كما أن تطور
تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديث الذي هو أحد أهم جوانب العولمة يتيح فرصا
واسعة للإعلام للتبادل والاتصال بين الشعوب؛ كما أن وجود منظمات دولية مختلفة
كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية ووكالة الاستثمار متعددة الأطراف
والمنظمات النقابية الدولية والمنظمات غير الحكومية وتجمعات المنتخبين من كل مناطق
العالم بالرغم مما تتعرض له من ضغوط ورقابة من لدن الدول القوية تتيح آفاقا واسعة
للتشاور بين حكومات وشعوب العالم.



ويعتقد دعاة العولمة أن السوق تدفع الديمقراطية إلى آماد
تعجز عن الوصول إليها السياسة الديمقراطية، فيصور لنا صامويل هنتنتون الديمقراطية
المعولمة التي ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في تصديرها للعالم قائلا: "إن
أكثر الفوارق السياسية أهمية بين البلدان لا يتعلق بشكل حكوماتها؛ بل بدرجة
حكومتها؛ فالفروق بين الديمقراطية والدكتاتورية هي أقل من الفروق بين تلك البلدان
التي يجسد سياستها: التوافق العام، المجتمع، الشرعية، التنظيم،، الفعالية،
الاستقرار، وبين تلك البلدان التي تفتقر سياستها إلى هذه الميزات. توضع عادة كل
الحكومات سواء الشيوعية الشمولية والغربية الليبرالية بشكل عام في تصنيف النظم
السياسية الفعالة، لا النظم السياسية الضعيفة للولايات المتحدة وبريطانيا العظمى
وروسيا أشكال مختلفة من الحكومات، ولكن في
الأنظمة الثلاثة كلها الحكومة هي التي تحكم، وكل بلد منها هو مجتمع سياسي فيه
اتفاق عام بين الشعب على شرعية النظام السياسي وفي كل بلد يشترك المواطنون وقادتهم
في الرؤية حول المصلحة العامة للمجتمع، وفي التقاليد والمبادئ التي يرتكز عليها
المجتمع السياسي.



إن في الدول الثلاث كلها مؤسسات سياسية جيدة التنظيم على
درجة عالية من المشاركة الشعبية في الشأن العام: أنظمة نافذة للمدنيين تسيطر على الأنظمة العسكرية،
نشاط واسع المجال من قبل الحكومة في
الاقتصاد وإجراءات منطقية فعالة لتنظيم الخلافة في تولي المناصب وضبط الصراع
السياسي. تسيطر تلك الحكومات على ولاء مواطنيها وبذلك تملك المقدرة على جباية
الضرائب عن الموارد وعلى تجنيد القوة البشرية وعلى ابتكار سياسة أو ممارستها؛ فإذا
أصدر المكتب السياسي أو المجلس الاستشاري أو الرئيس قرارا فإن احتمال تنفيذه
من خلال آلة الحكومة سيكون مرتفعا[sup][6][/sup].



بموازاة مع مرحلة التنظير الفكري جاءت تصريحات صناع القرار
السياسي لتصب في نفس الاتجاه، فلم يتردد المسؤولون الأمريكيون بمن فيهم جورج بوش
وديك شيني وهنري كسنجر أثناء حرب الخليج وما بعدها في القول: إن النظام المزمع
تأسيسه سيقوم على الحق الذي يضبط سلوك الأمم؛ وأن هذا النظام سيكون تحت قيادة
أمريكا التي لن يقتصر تدخلها على المجالات الأمنية والسياسية بل لابد أن يشمل
المجال الاقتصادي أيضا بحيث يوفر لها القدرة على مراقبة بحار ومحيطات العالم؛ وعلى
القيام بالتزاماتها في الشرق الأوسط وأوربا والمحيط الهادي وجنوب شرق آسيا وبناما
ومواجهة المفاجآت والدفاع عن أوربا ومصالح الأمريكيين أينما كانت وحيثما تعرضت
للتهديد"[sup][7][/sup]



وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية لم تتردد في الترويج
للربط الجدلي بين نظام السوق والديمقراطية فإن فرنسا لم تقف مكتوفة الأيدي إزاء
هذا الخطاب بل عمدت إلى تبنيه؛ فميتران لم يتردد في خطابه التاريخي في لابول
بمناسبة انعقاد مؤتمر"فرنسا- إفريقيا 1990- إلى الربط بين التنمية
والديمقراطية.



فإلى أي حد تصمد هذه الادعاءات أمام الواقع السياسي
والاقتصادي ؟



المحور الثاني : ماهية الدمقراطية
المعولمة



إن هذه الوعود المجانية لا تصمد أمام لغة الأرقام المفجعة
فخمس دول العالم: الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وفرنسا وألمانيا تتوزع فيما
بينها 172 شركة من أصل 200 من أكبر الشركات العالمية وهذه الشركات المائتان
العملاقة هي التي تسيطر عمليا على الاقتصاد العالمي[sup][8][/sup].
ومن تم تسيطر على صياغة القرار السياسي العالمي على اعتبار أن رجل السياسة اليوم
أمسى في مرحلة تبعية ملحوظة لرجل الاقتصاد المتطلع دائما إلى تحقيق الربح دون
التفكير في الأضرار الناجمة عن مخلفات ربح جامح لا يأخذ بعين الاعتبار الجانب
الاجتماعي. فالرأسمالية الحالية غيرت بنيتها من احتكارات قومية تنتمي إلى دولة
محددة ومتخصصة في إنتاج معين ... إلى كائن غريب تماما هو الشركات الكوكبية[sup][9][/sup].



لنبق مع لغة الأرقام قليلا: إذ أشار الباحث المغربي رضوان
زهرو إلى أن الإنتاج العالمي اليوم تسيطر عليه 500 شركة كبرى. وكل سنة تضعف 15% من
الشركات لتتكون وتبرز شركات جديدة ذات طاقة وبنية ونشاطات ورأسمال عالمي وبذلك تم
الانتقال من الاقتصاد المبني على الرأسمالية
الوطنية إلى الاقتصاد المبني على الرأسمالية العالمية، تسيطر عليه شركات عملاقة
عالمية لا تخضع لأي سلطة وطنية مباشرة[sup][10][/sup].



أما "على
المستوى المالي فنشاهد تطورا سريعا لأسواق المال ونموا كبيرا في حجم معاملات البورصات الدولية، حيث ارتفعت من
300 مليار دولار سنة1995 إلى1200 مليار
دولار في آخر هذا القرن، كما ارتفعت الصفقات في بورصات لندن ونيويورك وطوكيو من188
مليار دولار سنة1986 إلى632 مليار دولار
سنة 1998، وهو ما يمثل80% من المعاملات الدولية"[sup][11][/sup].



أولا :مستقبل البشرية في زمن العولمة


إن التناقض الاجتماعي
الذي أفرزته الرأسمالية في قلب النظام العالمي الراهن أفضى إلى إلغاء قدرة كل دولة
على تنظيم التراكم الرأسمالي والاستحواذ على فائض القيمة الأمر الذي أدى إلى تكريس
نظام يقوم على أقلية مترفة وأغلبية محرومة على النحو الذي تنبأ به كارل ماركس، لكن
هذه المرة مع غياب جبهات أو أرض بكر للرأسمالية الكولينيالية يمكن أن تعوض أثر
التناقضات السياسية والاجتماعية للاستقطاب الناشئ عن العولمة؛ فتكثيف التناقضات
الاجتماعية جاء كنتيجة لانطلاق العولمة الرأسمالية المتحررة من أي كابح والتي تولد
بدورها أزمات مستمرة تقوض الاستقرار داخل كل دولة على حدى[sup][12][/sup].



إن مجموع المعاملات المالية اليومية على الصعيد العالمي تبلغ
1500 مليار دولار وهو ما يعادل مبلغ سنة من حجم تجارة العالم، لكن 99% من هذا
الرقم يروج في المضاربات ولا يستفيد منها إلا المضاربون أي أصحاب الشركات أنفسهم
طبقا لمقولة" مني علي دارت كؤوسي". أما الواحد في المائة المتبقي عن هذه
الصفقات الشرهة فهو فقط الذي يكمن وراء
خلق ثروات جديدة.



فأي رخاء بشري هذا الذي
لا يستفيد منه إلا هذا العدد
التافه من جنس البشر؟"[sup][13][/sup].
يحصي إيكناسيو راموني في مقال عنونه بالحرب
الاجتماعية نتائج العولمة بقوله: "لقد نشبت 160 حرباً بين دول العالم الثالث
في الفترة من 1945 – 1990، وعلى العموم فإن الكوكبية كانت علامة على تحول مميز في
الصراع العالمي من نزاعات داخل الدول تعكس روابط محددة بين الطبقات والأمم في
مرحلة الرأسمالية القومية إلى صراع طبقي عالمي.



ويشير تقرير التنمية البشرية لعام 1994 إلى هذا التحول من
نموذج الحروب بين الدول إلى نموذج الحروب داخل الدول، فمن بين 82 نزاعا مسلحا من
عام 1989 إلى عام 1992 كانت هناك ثلاث حروب فقط بين الدول. ورغم أن المظهر الأساسي
للحروب كان ذا طابع عرقي فإن كثيراً منها كان له طابع سياسي أو اقتصادي. وقد بلغ
الإنفاق العسكري 815 بليون دولار عام 1992، منها 725 بليوناً أنفقتها الدول
الغنية. ويعادل هذا الرقم الدخل الإجمالي لـ 49% من سكان العالم في نفس العام.



إن هذه الوضعية المزرية تقود عالم اليوم إلى ما يمكن أن
نسميه بالعنف الاقتصادي الذي تمارسه الدول
الغنية بفعل العولمة الليبرالية؛ فقد بلغت اللامساواة الاجتماعية حدا لم يسبق له
مثيل؛ فنصف ساكنة العالم تعيش اليوم في فقر مدقع وأكثر من الثلث تعيش في بؤس عارم
وأزيد من 800 مليون يعانون من سوء التغذية وما يقارب المليار نسمة أميون ومليار ونصف
لا يتوفرون على الماء الشروب أمام هذه الموجة المتصاعدة لما يمكن أن نسميه بانعدام
الأمن الاجتماعي أمست العديد من دول المعمور كالمكسيك، كولومبيا، نيجريا، جنوب
إفريقيا تنفق ميزانيات ضخمة لتطويق الحرب الاجتماعية بشكل يفوق ميزانيات دفاعها
الوطني؛ فالبرازيل على سبيل المثال لا
الحصر تخصص 10.6% لحماية الأغنياء من ثورة الفقراء فيما لا تخصص لميزانية قواتها
المسلحة سوى 2% من ناتجها الداخلي[sup][14][/sup].



وتشمل مرحلة الفوضى السياسية التي نعيشها حالات تتراوح ما
بين الحروب الأهلية، كما في يوغسلافيا السابقة وعديد من الدول الأفريقية، إلى
الصراعات التي تبلغ حد الغليان في أمريكا اللاتينية وآسيا، كما عرفت مدناً مثل لوس
أنجليس وبون وباريس ومعظم العواصم الشمالية أعمال عصيان مدني تراوحت حدتها؛ كما
أدى انعدام الإحساس بالأمن والمخاطر التي تهدد حق الوجود والذي سببته الرأسمالية
في مرحلة العولمة إلى إطلاق صراعات ذات طابع أصولي ومحلي وقومي وعرقي وعنصري.



وبينما تقود الطبقة العالمية الحاكمة- أي الرأسمالية عابرة
للقارات- البشرية إلى أزمة حضارية، فإن الحياة الاجتماعية تحت هيمنة رأس المال
العالمي تؤدي إلى الإفقار الإنساني بصورة متزايدة، مثلما تنعدم فيها أي قيمة
أخلاقية الأمر الذي دفع سيرج لاتوس إلى الإفصاح صراحة بأن العولمة-
التكنو-اقتصادية تؤدي بطريقة شبه آلية إلى أزمة أخلاقية"[sup][15][/sup]. ذلك
أن الاقتصاد المعولم الجديد قضى على حلم
مجتمع الرفاه فأصبح منظروه يتحدثون عن "مجتمع العشرين" الذي يدفع بفئات
اجتماعية متعددة إلى حافة الفقر والتهميش؛ وخلق تربة خصبة لنمو حركات التطرف
والنزاعات القومية الشوفينية والبدع الدينية؛ وقد تنبأ بذلك الكاتب الأمريكي
المعروف وليم كريدر حينما أردف قائلا: "تزدهر الفاشية في ظل ظروف اقتصادية
ومالية معينة؛ فكل سياسي أمريكي تسلطي يوحي بشيء من المصداقية حينما يعد الشعب
بأنه سيحقق له سبل الحصول على لقمة العيش، سيفوز فوزا باهرا خاصة عندما يقدم وعده
هذا وقد زخرفه بنبرات عنصرية الفحوى"[16]. ذلك أن
جموح الليبرالية الجديدة: الأس الإيديولوجي للعولمة لفرض حرية السوق دون قيود قد
أدى إلى ظهور أصولية جديدة هي أصولية حرية السوق وغدا الأصوليات الإثنية والدينية
والسياسية.



فما هي النتيجة المستخلصة من كل هذا؟


الملاحظ أن هناك خمس احتكارات تسعى إليها الولايات المتحدة
جاهدة وهي
:


1- احتكار مجال التقنية
الجديدة؛



2- السيطرة على مالية العالم؛


3- السيطرة على مصادر الطبيعية.؛


4- احتكار منظمة الأمم المتحدة والسيطرة عليها حيث بدأ هذا
التوجه واضحاً منذ فترة العقد الأخير من القرن العشرين وبرز أكثر وضوحاً في الكثير
من القرارات اللاشرعية التي صدرت ضد بعض الدول كالعراق وسوريا مؤخرا؛



5- احتكار القوة العسكرية، حيث لا تسمح للآخرين بامتلاك قوة
كبيرة أو أسلحة متميزة عدا الكيان الصهيوني، وتستخدم الآليات الإستراتيجية لنظامها
العالمي الجديد كما تسعى لفرض إرادتها من خلال استراتيجية كاملة ومتكاملة تنبني
على الأسس التالية:



- فرض النموذج الليبرالي الجديد في التنمية والتحول بالصيغة
الاستعمارية الجديدة والتحديث الاتكالي.



- عملية العولمة التي
تلغي الإرادة الوطنية المستقلة أي الدولة القومية المهددة بالانمحاء.



- تفشي أشكال الإمبريالية الثقافية باعتماد المنهج الغربي في
العالم كوسيلة لعملية التحديث والتطور



- التحريض على النزاعات الداخلية ذات الخصوصيات العرقية
والدينية وعلى عدم الاستقرار لغرض استغلالها لتحقيق الأهداف الجيوستراتيجية
.


- التدخل العسكري المباشر
للإطاحة بالأنظمة الديمقراطية الشرعية وتنصيب الحكام العملاء الذي يساهمون في
تعزيز مواقع الإمبريالية وأهدافها اللاشرعية[sup][17][/sup].



لقد قاد هذا
الوضع إلى التحذير من خطورة العولمة؛ فهانس بيتر وهارالد شومان وقفا موقف الرافض
للعولمة إذ يشيران إلى أنه إذا استثب الأمر للعولمة كنظام فإنها ستزج بالعالم في
ديكتاتورية السوق العالمية الواحدة؛ والتي سيزداد معها تركز الثروة في العالم
المتقدم الغني وسيصبح هذا العالم جاهلا[sup][18][/sup].



في نفس السياق تذهب كتابات نعوم تشومسكي إذ يعتبر عمق
التطلعات الهيمنية للولايات المتحدة الأمريكية من وحي مصالحها الأمنية القومية أو
ما أمسى متعارف عليه بـ"الحلم الأمريكي" الذي تحول وجوده على أرض العراق
كواقع معيش. فالولايات المتحدة في حربها على العراق هدفت إلى تكريس مفهوم جديد في
العلاقات الدولية يتمثل في الحرب الوقائية
والذي على أساسه تعطي الولايات المتحدة لنفسها الحق في مهاجمة كل بلد من
الممكن أن يكون منافسا محتملا؛
ويرى تشومسكي أن العراق هو الحالة الأولى لتطبيق هذا المذهب، فالحديث عن الحقوق
غير وارد حين ترد الولايات المتحدة على التعرض لسلطتها أو موقعها أو هيبتها"
كما يقول دين ايشنسن أحد الساسة الأمريكيين والمستشار السابق في إدارة جون كنيدي.



ويرى الباحث المصري
السيد يسين أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر تؤكد مقولة أضحت كلاسيكية ألا وهي أننا
نعيش في عالم يتسم بعدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ أو بعبارة المفكر الفرنسي
دينيس ديكلو عالم يتسم بالانقطاعات السياسية والثقافية والاقتصادية"[sup][19][/sup].



إن سيادة الأمركة ستخلق تناقضات مركزية ليس فقط على مستوى
العالم ككل؛ بل داخل المجتمع الغربي نفسه بفعل تناقض الرأسمالية مع واجهتها
الإيديولوجية ألا وهي الديمقراطية، فقد بشرت الليبرالية على أنها الحامية الأولى
لسيادة القانون؛ الإقرار بحرية التعبير؛ حق
التملك؛ ومن هنا كان الالتقاء موضوعيا بين الليبرالية والديمقراطية.



لكن هذه الرابطة ليست هي تلك التي يدافع عنها الليبراليون
الجدد؛ وهنا يقول فوكوياما يجب العودة إلى هيجل؛ فالعولمة الراهنة تجسد الليبرالية
الجديدة في صورها المتطرفة التي تعني عدم
المساواة الصارخة والرهيبة المقرونة بشتى صنوف الاستغلال والاضطهاد التي
تتعرض لها البشرية خصوصا بدول العالم الثالث.



صحيح أن الديموقراطية الليبرالية بالاشتراك مع الرأسمالية
توفر قدرا عظيما من الوفرة المادية؛ بيد أن القوة المحركة للديمقراطية ليست هي
الثروة بل الغاية غير المادية تماما في
الاعتراف بحريتنا؛ فالديموقراطية الليبرالية والرأسمالية مرتهنان ببعضهما
على اعتبار أن التنمية الاقتصادية تعزز ظروف الاستغلال الذاتي الفردي.



ثانيا : مصير الدولة القومية في زمن العولمة


يشير الباحث عابد
الجابري على "أن العولمة نظام يقفز على الدولة والأمة والوطن، وفي مقابل ذلك
يعمل على التفتيت والتشتيت. إن إضعاف سلطة الدولة؛ والتخفيف من حضورها لفائدة العولمة
يؤدي حتما إلى استيقاظ أطر الانتماء سابقة على الدولة أعني القبيلة والطائفة
والجهة والتعصب المذهبي والنتيجة تفتيت المجتمع وتشتيت شمله"[sup][20][/sup].
فالغرب الإمبريالي لا يكتفي بالمشاريع التي ذكرنا، بل إن مشروع الدعوة المتوسطية
التي بلورت شعاراتها الكبرى قمة برشلونة ثم قمة مالطا تكشف بدورها عناصر وملامح
لطبيعة الهيمنة الجديدة"[sup][21][/sup].



وفي المقابل تطرح إشكالية التوزيع غير عادل للثروات على
الصعيد العالمي وكذا التعامل الانتقائي للولايات المتحدة الأمريكية مع مقتضيات القانون
الدولي خصوصا في الشرق الأوسط (القضيتين الفلسطينية والعراقية) مبررات موضوعية
لمواجهة خطر العولمة؛ فتفشي الأصولية الدينية المتطرفة لا يجد مبرره فقط في غياب
الديمقراطية بالدول المصدرة لها بل في سلوكيات وممارسات العولمة الليبرالية
المتوحشة؛ ذلك أن تفاقم الآفات الاجتماعية كالفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي
والأمية وانتشار الأمراض الفتاكة وممارسة سياسة الكيل بمكيالين للقانون الدولي*
تفسر جانبا مهما من تزايد معضلات العنف الاجتماعي والكراهية والإرهاب.



وبعيدا عن إشكالية
التوزيع غير عادل للثروات تطرح إشكالية
تصدير نموذج واحد موحد من النظام السياسي
لكل بلدان العالم امتعاضا ملحوظا من قبل
المجتمع الدولي؛ ذلك أن كل مجتمع يفرز منظومته السياسية مثلما يفرز منظومته الاجتماعية
والثقافية وأي محاولة لتنميط المجتمع الإنساني في إطار نظام سياسي واحد وموحد
ستخطأ هدفها؛ فالخصوصية السياسية مسألة تفرض نفسها بإلحاح شديد ليس فقط في علاقة
دول الشمال بدول الجنوب بل حتى داخل المنتظم الغربي نفسه نظرا لتميز المسارين
التاريخي والسياسي لكل مجتمع؛ فالنظام السياسي البريطاني ليس هو النظام السياسي
الأمريكي؛ كما أن النظام السياسي الفرنسي ليس هو النظام السياسي السويسري؛
فبالأحرى تصدير نموذج واحد وموحد لكل دول العالم.



ثالثا : العولمة.. والحداثة : تطابق أم تنافر؟


تحمل العولمة بين طياتها عوامل
اندثارها؛ ففي الوقت الذي ترفع فيه شعار
الحداثة فإن الواقع يفندها
، فبداية النظام الرأسمالي بشرت بقيم العقلانية
والديمقراطية واحترام الآخر
، وبكيفية
الاستفادة من التاريخ وتطويره ودفعه إلى الأمام
،
وبإقامة
المجتمعات القومي
َّة؛ لكن اليوم مع نظام العولمة أمسينا إزاء العكس تماما؛ فالرأسمالية الآن دخلت مرحلة الاحتكارات الكبرى والشركات متعددة الجنسية وهي تسعى إلى الهيمنة
على العالم لتحقيق مصالحها الاقتصادية
،
فأمست
العولمة ضد الاتجاه العقلاني
ّ والديمقراطيّ وضد احترام الآخر وضد الرؤية التاريخيَّة وضد الحداثة. هذا
في الوقت الذي نجد فيه اليوم
الاتجاهات الاشتراكيَّة والاتجاهات الوطنيَّة
والديمقراطي
ََّة هي التي تتبنى الحداثة الحقيقية،
فالعولمة
الآن هي مرحلة ما بعد الحداثة أي
ّ نقيض
الحداثة.



رابعا : العولمة بين
عالمي الاختلاف والخلاف الثقافي



يشير عبد الإله بلقزيز بأن العولمة هي
فعل اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات؛ إنها رديف الاختراق الذي يجري بالعنف المسلح بالتقانة- فيهدر سيادة
الثقافة في سائر المجتمعات التي تبلغها
عملية العولمة[sup][22][/sup].



فما الذي دفع
هذا الباحث إلى إصدار
مثل هذا الحكم؟



تصطدم فكرة عولمة الثقافة أو عالميتها ببروز ظاهرة المركزية
الثقافية وهي نظرة لا تخلو من التعالي
العنصري إن لم تصل أحيانا إلى درجة التفرقة العنصرية؛ ففي حالة المركزية الثقافية هناك ثقافة تجعل
من نفسها مركزا، وبقية الثقافات هوامش أو
أفلاك تدور حول هذا المركز؛ ويحكم
على تطور أو تخلف أي ثقافة أخرى بمقدار قربها أو تشابهها مع
الثقافة المركزية؛ وتحاول الثقافات الأخرى أن تبلغ مستوى هذه الثقافة من خلال
التقليد وأن تتبنى مظاهر هذه الثقافة المركزية دون مقاومة؛ ويندرج مفهوم عبئ الرجل الأبيض الذي
برر به الاستعمار احتلال الشعوب غير الأوروبية ضمن فكرة المركزية الثقافية؛ فقد اعتبرت فلسفة الاستعمار في تلك الحقبة التاريخية،
أن الرجل الأبيض يقوم بمهمة تمدين
وإعمار تلك المناطق النائية والتي أطلق على
سكانها أحيانا صفة البدائيين؛ وكان
المركز يقيس مدى التطور من خلال انتشار المسيحية والإدارة والتعليم
الغربيين؛ ولقد أثبتت حركات التحرر الوطني بنيلها الاستقلال زيف ذلك التبرير كما
أن التخلف الاقتصادي أكد أن الاستعمار الغربي قد نهب واستنزف موارد تلك البلاد ثم جعلها تابعة
تحت علاقات تبادل غير متكافئ؛ ولم تكن المهمة
الحضارية أكثر من الضرر الذي أوقعه الرجل
الأبيض على المستعمرين ( بفتح الميم) وقد أظهرت حقبة الاستعمار عمق التنوع
الثقافي، كما أصبح يقينا استحالة هيمنة ثقافة واحدة مهما استخدمت من وسائل"[sup][23][/sup].



خامسا: :عولمة الإعلام
: بين التنميط الديمقراطي والحق في الاختلاف



إن العولمة في أبهى تجليانها لا تعدو أن تكون سوى
محاولة لتنميط سوسيو- ثقافي وفكري يستهدف استبطان ثقافة أحادية منمطة تعمل على تكريس نمذجة لثقافة كونية عبر الترويج لإمكانية وجود مستهلك كوني يتوحد في
نمط استهلاكه الاقتصادي وخياره السياسي؛ مثلما يتوحد في منظومته الثقافية
والإعلامية؛ بل إن هذا الأخير تحول إلى ساحة جد مفضلة لبسط مختلف التناقضات التي
يشهدها المنتظم الدولي؛ فبين عولمة الاقتصاد وعولمة الثقافة أمسى الإعلام ساحة
الوغى للاثنين بامتياز؛ مثلما تحول إلى حلبة للصراع الضمني بين السياسي والاقتصادي
بهدف التحكم في المشهد الإعلامي إدراكا من الطرفين بأن من يتحكم في الإعلام يتحكم
في دواليب المحيط الاقتصادي؛ فلا يمكن بلورة مشروع مجتمعي قوي في غياب نظام إعلامي
فاعل وفعال.



ويرى المفكر الإعلامي الأمريكي الفان طوفلر أن مجتمع العولمة
أمسى يطبعه ثلاثة مميزات أساسية تشكل القوة: أولها والثروة ثانيها، والمعرفة
ثالثها؛ ففي مجتمعات اليوم، مجتمعات المعرفة والمعلومة، سيكون التمكن من هذه
الأخيرة مع التوفر على الرأسمال المعرفي والعلمي بمثابة المصدر الأساسي للسلطة
الذي تتفرع عنه باقي السلطات الأخرى[sup][24][/sup]؛ بحيث
أننا في ظل العولمة لم تعد السلطة تكمن في امتلاك الأدوات المادية بقدر ما تتمحور
حول التحكم في الأدوات اللامادية"[sup][25][/sup].



وإذا كان "من مزايا العولمة نقل الخبر العاجل، حيث
أصبحنا نعيش"الميكرو- عالم" أو
العالم الصغير، إذ أصبحت
الأحداث والوقائع تعاش في لحظتها وآنيتها في مختلف بقاع
العالم فلم تعد هناك الآن إشكالية نقل الخبر صوتا وصورة،
عكس ما كان عليه أسلافنا في الماضي حيث
كان العالم كبيرا "ماكرو- عالم" والزمن بطيئا. ويكفي أن نشير إلى
أن نقل خبر موت نابليون بونابرت قد استغرق ستة أشهر ليصل من سانت هيلاكة إلى باريس". بل إن خبر وفاة ابن تومرت زعيم الموحدين في المغرب قد استغرق حوالي ثلاث سنوات لينقل من إيلغ إلى تامسنا وفاس "[sup][26][/sup]. إن
من أبرز سلبيات العولمة هو ذلك التفاوت الصارخ بين الدول الغربية ونظيرتها
بالعالم الثالث؛ فهناك ما يقارب 2000 قمر صناعي لأمريكا الشمالية النصيب الأوفر
منه يتم من خلاله توجيه الأخبار والأحداث حسب إرادتها وبالشكل
الذي تراه مناسبا لها:



* 88%من معطيات الانترنيت تبث باللغة الإنجليزية؛


* [email=75@#$%%]75%[/email] من
أجهزة الحاسوب المستفيدة من الأنترنيت تصنع بأمريكا.



* 60% من البث التلفزي
المشاهد في العالم منتوج أمريكي



يضاف إلى ذلك أن :


* أربع وكالات أنباء عالمية فقط تهيمن على الخبر وتوجهه كما تشاء،
وهي:



- * الوكالة المشتركة للصحافة "اشوشيتدبريس" أعظم وكالة
عالمية أمريكية



- الوكالة المتحدة
للصحافة "يونا يتدبريس" أمريكية أيضا؛



- وكالة رويترز إنجليزية


- وكالة فرانس بريس الفرنسية[sup][27][/sup].


لقد فسرت عواطف عبد الرحمان سبب مطالبة دول العالم الثالث
بتعامل جديد على المستوى الإعلامي كنتيجة
للاتقاء ثلاث شكاوى ضد النظام الحالي:



أولا : سياسة الصمت حول القضايا الحيوية في
العالم الثالث مثل قضايا النضال لاستكمال الاستقلال السياسي والاقتصادي ومشكلات
التنمية في العالم الثالث.



ثانيا: التشويه
الذي تزخر به الأخبار المنشورة في صحف
وإذاعات دول الشمال عن دول الجنوب.



ثالثا: الدعاية الثقافية المضادة الموجهة من دول الشمال إلى
دول الجنوب"[sup][28][/sup].



إن هذه السيطرة الممنهجة للمؤسسات الاقتصادية الكبرى على
وسائل الإعلام توازيها سيطرة ذات صبغة سياسية قد يتداخل فيها المعطى السياسي مع
المعطى الاقتصادي أو تأتي نتيجة لهيمنة العامل السياسي فقط مثلما هو عليه الحال
بالنسبة للعديد من دول العالم الثالث؛ حيث مازالت سيطرة الاقتصادي على الإعلام
تبدو ضعيفة نوعا ما مقارنة مع الدول المتقدمة التي أمست تجعل من الإعلام حصان
طروادة لتمرير خطاباتها السياسية واستراتيجيتها العسكرية حيث نستحضر على سبيل
المثال لا الحصر إصرار إدارة الرئيس جورج بوش الأب على خلق قمر اصطناعي خاص بإنشاء
قنوات تلفزية للإطاحة بنظام كاسترو؛ وفي نفس الاتجاه بدأ الحديث يجري بجدية في
كواليس البنتاغون على خلق مركز لرصد نظام الاتصال التلفزي وني وهو في واقع الأمر
نوع من الرقابة على القنوات التلفزيونية؛ ويترجم الامتعاض الذي أبدته إدارة جورج
بوش الابن ضد "قناة الجزيرة" بسبب انفرادها ببث تصريحات "ابن
لادن" المناوئة للولايات المتحدة الأمريكية؛ مثلما يترجم الحملة الشرسة التي
قامت بها الولايات المتحدة لثني بعض القنوات التلفزية العربية عن بث المسلسل
التلفزيوني بـ" فارس بلا جواد" بدعوى أنه يذكي مشاعر العداء
للإسرائيليين؛ فيما حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم مسلسل "نهاية
أميرة" وهو مسلسل يتعرض بشكل فاضح للحياة الخاصة لإحدى الأميرات بالمملكة
العربية السعودية؛ ورغم العلاقات الديبلوماسية الجيدة والمحاولات الحثيثة التي
أجرتها السلطات السعودية إلا أن المشاهد الأمريكي تمكن من مشاهدة هذا المسلسل.



إن استعراض هذه
الأمثلة يفيد بأن في زمن العولمة أمسى الإعلام بدوره خاضعا لمنطق النظام العالمي
الجديد القائم في جوهره على تغليب منطق القانون والمبادئ الإنسانية ليسود منطق
الكيل بمكيالين؛ فمثلما أمست العولمة خيارا استراتيجيا والنهج الديمقراطي خيارا
سياسيا مفروضا على الجميع فإن عولمة الإعلام جاءت كتحصيل للخيار بين الاقتصادي
والسياسي.



إن الأمر هنا يتعلق بإشكالية أعمق وأدق ألا وهي إشكالية
دمقرطة وسائل الإعلام والاتصال في المنتظم الدولي المعاصر؛ وذلك بسن بروتوكول دولي
يضمن الحق في دمقرطة وسائل الإعلام والاتصال بشكل يحقق لها الاستقلالية والحياد
والموضوعية بعيدا عن أي تأثير للوبي الاقتصادي أو لصناع القرار السياسي.



إن هذه الاستقلالية
هي التي ستحقق روح وجوهر الديمقراطية في أبعد تجلياتها؛ فقد عجزت جل الأنظمة
الديمقراطية عن ترجمة إعمال فعلي لمبدأ
"الديمقراطية حكم
الشعب للشعب وبواسطة الشعب" لكن بإمكان وسائل الإعلام أن تحقق هذا الهدف
مثلما بإمكانها امتصاص التوترات المجتمعية بفتح نقاشات جادة حول مصير مجتمع
العولمة.



خامسا: بدائل العولمة


من القادر اليوم على
مواجهة العولمة ؟



إن الاشتراكية قادرة على مواجهة العولمة، ولكن تطبيقها بعيد المنال، فالقضية ليست مواجهة العولمة فقط؛ إذا كانت العولمة ظاهرة موضوعية متحققة بالفعل في الواقع من خلال سيادة النظام الرأسمالي. [/font:f
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الديمقراطية المعولمة العولمة الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الديمقراطية المعولمة العولمة الديمقراطية.... أم دمقرطة العولمة؟

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
»  نهاية العولمة إنبعاث حلف الناتو يسقط العولمة
» الدولة والسيادة في عصر العولمة
» فخ العولمة
» فخ العولمة
» بؤس العولمة: إعادة التعريف

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: