ظلال منافقة
قام بما أعتقده لازما ، أقام سياجا للفسيلة المغروسة
في الطين وسط إطار رخام الزقاق ، قام على حراستها زمنا ، يخاف الذراع
الفلاذية ، تمتد في الطول كلما أستطال بها الحنين ، اليد الخشنة تقتلع
الحياة بلا شفقة ، تملأ من عمرها وقتا ، لا ينتبه الناس لشجرة لا تؤتي
أكلا ولا تفيئ ظلا ، سنينا تفرعت الفسيلة منحت ظلا وثمارا ، أضفت على
المكان رونقا وجمالا ، لحق زمن الإقبال ، خَدَمُ السلطان يسألون عن
الغارس ، الجند يتحرون عن الحارس ، أراد أن يصنع من نفسه إستثناءا للمواطن
الصالح ، ذات صباح و العصافير تزقزق على الأغصان وجد شمعا أحمرا على
الأوراق، يمنع التجمع تحت الظل ، ربما صارت الشجرة منبرا ، أو صنعت منها
الأقلام دون علم مولانا ، في ذات الصباح وجد نفسه وحيدا ، الوجوه الصفراء
أصابت الأوراق بعدوى لونها ، يمضي الربيع خريفا ، يترك ظله، يطعن في
الظلال المنافقة العابثة وراءه ، راح يرسم على الجدار صورة شجرة بلا أوراق
كبرت في حينها.. في الجدار المقابل رأى رسما ، أيادي بأصابع لولبية تحمل
مطرقة وفأسا.
وحش الغابة
وفـّى بالعهد ، خوفا من سؤال العهد ، أخبر قبيلتها بأنه آتي إلى القرية
التي كان فيها و العير التي كان دوما يقبل فيها ، ضربت المواعيد للعهد
القديم بين القبيلتين ، لما خلا بها قالت : ما تقول في شجرة أقتلعت من
الغابة
و أخذت لبيئة غير بيئتها ؟ قال : ستموت ، رفعت رأسها في خيلاء : هكذا أنا
، حياتي في القرية مثل هذه الغابة ، ما كان ليضحك إلا من نفسه حين قال:
مالي وقتل النفس التي حرّم الله ... نقضت شخصه حين لبست الغول ، كذبت
ما عاهدت الرجل عليه ... مر زمان ، ولى زمان ، صارت هوايته تسلق الشجر إلا
أنه سقط مرات ومرات حتى حدق ، كان يتعلم كيف يصعد الشجرة هروبا و خوفا من
وحش الغابة... قطع عهدا جديدا ببناء شجرة بلاستيكية في غابة الإسمنت
تذكارا ووفاءا لحلم لبس صورة الوحش وجعله فوق الشجرة... أقسم أنه سيتخلص
منه ويقتله بحب.
رجل لا يحترم ظله
كانت لفحات الهجير تصفع وجهه كما تعبث بخلايا دماغه ،
رأى المكان يهيج يتمايل ، أمواج لظى وسراب، العرق يأخذ طريقه من رقبته
إلى قفاه ، لمح من بعيد شجرة ، أسرع ليستأنس بظلها ، كان النسيم يقترب من
أنفه ينعشه ، ذاك رسول الأوراق و حق الضيافة ، أخذ القيلولة ما شاء له أن
يأخذ ، لمّا أفاق تقيئ شيئا قد تناوله صباحا ودن أن يشكر و يحمد الله قام
وتبوّل على المكان الذي قيـّل فيه ، لم يستحي من ظله و ما احترمه ، نَتِنَ
التراب و تعفـّن من رائحة ابن آدم ... حمد الظل ربه بأن خلقه متحركا ولم
يجعله ساكنا.
الجمعة يوليو 16, 2010 1:21 pm من طرف سميح القاسم