رعب «ايبولا» يجتاح العالم ويفضح عنصريته ايضا
رأي القدس
October 17, 2014
يجتاح الرعب من انتشار فيروس ايبولا القاتل ارجاء العالم، مع ظهور حالات اصابات به خارج افريقيا، بعد ان اودى بحياة الآلاف في افريقيا، وهو ما دفع دولا اوروبية لفرض اجراءات مشددة في المطارات تجاه المسافرين القادمين من دول غرب افريقيا، بينما تدرس الولايات المتحدة اغلاق حدودها تماما امامهم. وكان الرئيس الامريكي الغى منذ يومين زيارة عمل خارج واشنطن ليترأس اجتماعا طارئا للحكومة بشأن الاجراءات المطلوبة في مواجهة ذلك الوباء.
وأدت حمى ايبولا النزفية الى وفاة 4555 شخصا من بين 9216 حالة اصابة مسجلة في سبعة بلدان (ليبيريا وسيراليون وغينيا ونيجيريا والسنغال واسبانيا والولايات المتحدة) بحسب آخر حصيلة نشرتها أمس الجمعة منظمة الصحة العالمية.
وكانت الحصيلة السابقة للمنظمة الاربعاء اشارت الى وفاة 4493 من بين 8997 مصابا.
وليبيريا هي البلد الاكثر تعرضا للوباء مع 4262 اصابة و2484 وفاة.
وفي 14 تشرين الاول/اكتوبر سجلت 3410 اصابات و1200 وفاة تم احصاؤها في سيراليون و862 وفاة من 1519 اصابة في غينيا حيث انطلق الوباء.
الواقع ان الاهتمام الدولي بهذا الفيروس الخطير لم يكد يبدأ اصلا الا بعد ان ظهرت اول حالة اصابة في اوروبا، ما يشير الى عنصرية غربية واضحة ومستمرة في التعامل مع قضايا العالم الثالث.
ومن المثير للحزن انه من اصل عشرين مليون دولار من الوعود، لم يصل الى صندوق الامم المتحدة المخصص لمكافحة الوباء، سوى مئة الف دولار، قدمتها كولومبيا. ويفسر هذا المرارة التي ميزت تصريحات الامم المتحدة بان كي مون ، اذ قال (ان النداء للحصول على مساعدات لم يلق اذانا صاغية وان الهيئة الاممية تواجه «مشكلة جدية» بينما يحذر خبراء من ان حصيلة الوباء يمكن ان ترتفع بشكل كبير).
وشدد بان كي مون على ان المنظمة تحتاج الى مليار دولار لمكافحة ايبولا الى جانب مساعدات طبية كبيرة.
اما سلفه كوفي أنان فكان اكثر صراحة عندما قال «في الواقع، اذا راقبنا تطور الازمة فان الاسرة الدولية افاقت فعلا عندما وصل المرض الى
امريكا واوروبا».
وهكذا تثبت الامم المتحدة مجددا انها «نادي للاغنياء»، وانها عاجزة ليس فقط عن منع الحروب، او مواجهة آثار المظالم التاريخية التي تتعرض لها شعوب العالم الثالث، لكن مكافحة ما يصيبها من الاوبئة والكوارث ايضا.
وحتى من الناحية الاعلامية، وعلى الرغم من وفاة اربعة آلاف وخمسمئة شخص على الاقل في افريقيا، لا تكاد تتوفر تغطية مناسبة لهذا الوباء الخطير الذي ينتشر بسرعة كبيرة ما يجعل عدد ضحاياه يتضاعف كل اربعة اسابيع حسب احصائيات الامم المتحدة.
وبينما اتفق وزراء صحة اوروبيون اخرون عقدوا اجتماعا في بروكسل على تنسيق الاجراءات عند نقاط الدخول الى الاتحاد الذي يضم 28 دولة، لم نسمع عن اجتماعات للجامعة العربية او اجراءات عاجلة لمواجهة الوباء، بالرغم من ان الدول العربية في افريقيا بشكل خاص مازالت تفتح حدودها مع بعض الدول الاكثر تأثرا بالوباء في غرب افريقيا، كما ان بعض خطوط الطيران العربية تواصل العمل في تلك المنطقة.
والسؤال ان كانت الحكومات العربية المفترض انها معنية بالحفاظ على سلامة شعوبها، تنتظر ظهور حالات لديها لكي تبدأ في اتخاذ اجراءات؟ مع العلم ان الوقاية من هذا الوباء اسهل كثيرا من مقاومته، خاصة في ظل ضعف الامكانيات الصحية والمادية في تلك الدول، ناهيك عن اقتراب موسم الشتاء الذي يوفر للفيروس فرصة لمزيد من الانتشار.
اما السؤال المثير للأسى حقا، فهو ان كان العالم الذي حركته حالات اصابة قليلة في اوروبا وامريكا، ولم يحركه موت الآلاف من الافارقة بالوباء، يمكن ان يكون جادا في انقاذ الفقراء من وبائهم؟ ام سيكتفي باغلاق ابوابه ليواجه سكان الجنوب مصيرهم المحتوم؟
رأي القدس