تلويح هادئ لشعراء الدكتاتورية
الفريد سمعان
يعلمنا التاريخ ان الحياة لا يمكن ان تستقر .. على نمط معين ولا يمكن ان تستمر الأشياء لكل المواطنين ضمن قوالب جاهزة محددة .. وان الدروس والوقائع تؤكد على التغيير والتعامل بشكل عقلاني وبتواضع واحترام ما أفرزته الارتباطات الدينية والأخلاقية .. وما تركته التطورات السلمية او المعارك الدامية من نتائج ... لابد من دراستها ومراجعة الأبجديات بروح طيبة وقناعات بعيدة عن التزلف والمراوغة ببناء عمارات من الكلمات او الإبحار عبر بواخر عظيمة مثل تايتانيك بل يجب الرضوخ للأمر الواقع كما يحدث مع الطبيعة ، فحين تتحرك الزلازل لتلتهم البيوت والمزارع والبشر او حين تنفجر البراكين او تهب العواصف الرهيبة وتقتلع البيوت والأشجار العملاقة وتتلاعب بالسفن والبوارج و كأنها زوارق من ورق . أقول يجب ان نتعلم ونتواضع ونضع أمامنا التجارب شعاراً ونهجاً وسلوكاً وهذا ما يجعلنا قريبين من الوطن والأهل و كل أبناء الوطن ، والبشر على شتى الانتماءات والأديان وبأساليب الصلوات وتنوع عبارات التمني والدعوات ..
آلالاف من الكبار تساقطوا بعد ان تحققت لهم أمجاد كبيرة واستطاعوا ان يستحوذوا على اهتمام التاريخ والمؤرخين وان يحكموا الملايين بإشارات من أصابعهم ... ويعلنون من الحروب ويبعثون لحقول النار والعذاب والرعب الملايين من أبناء الأوطان التي يحكمونها .. التاريخ حافل بالأسماء .. جنكيز خان والقياصرة .. وعلى رأسهم قياصرة الرومان وروسيا والعثمانيون وملوك وأمراء العرب .. في شتى العصور .. نابيلون وهتلر وينوشت وفرانكو ومويسلي وشاه إيران وصدام .... كل هؤلاء وسواهم كانوا جبابرة ... لا يرحمون .. ويقتلون .. يترنمون بالأمجاد يحتوون آلاف الأقلام والمبدعين لكي يقدموا خدماتهم كما يشتهون .. ولكنهم رحلوا ولم يبق منهم سوى الذكريات السود البغيضة وآخرون ذهبوا .. أيضا وتركوا بصمات مشرقة على صفحات التاريخ هم العلماء الأفذاذ والمبدعون من الكتاب والشعراء والموسيقيين والمسرحيين والتشكيليين وبقوا في ذاكرة العلوم والفنون والمعرفة واختراعات انشتاين واديسون وفورد وكوشيرك .. والملايين من العلماء على مدى العصور الى جانب المبدعين الكبار : شكسبير وكوته ودستوفسكي و برشت وهوغو وهمنغواي وبوشكين وهوارد فاست .. وسواهم ومن الموسيقيين العظام بتهوفن وكورساكوف وشوبان .. والشعراء طاغور والخيام وفضولي وايلوار ونيرودا واراكون ولوركا وقبلهم المتنبي والمعري والبحتري .. والملايين الذين لا تحضرنا أسماؤهم ... وأوطانهم أيضا لان لكل بستان أسرابه من الطيور المتألقة والأصوات الدافئة المهم لدينا .. ان هذه الأسماء تنقسم الى مبدعين تمسكوا بإبداعهم ولم يحنوا رؤوسهم لأكبر الرؤوس والى آخرين استخدموا وباعوا نتاجهم الإبداعي بشكل مبتسر وبأرخص الأثمان وتمسكوا بمكاسب وإغراءات محددة ، ربما تكون ذات آثار عظيمة على حياتهم وربما أصبحوا أثرياء منها .. وارتفعت أسماؤهم واعتقدوا إنهم نالوا الأمجاد ووضعوا على رؤوسهم تيجان العصر .. وعلى صدورهم أوسمة التألق الأبدي وهم واهمون لان اكبر الأسماء .. مهما كبرت تظل صغيرة اذا كانت ذليلة ورخيصة .. وتافهة .. لان أسماءهم عندما تذكر بعد زمن .. تحاط باللعنات والذم العنيف مع أقسى عبارات المذلة والخنوع .. والاحتقار .. في حين تشرف الأوطان والعوائل بهم وبالأسماء المتألقة التي ( ترفعت ) بفخر عن الهدايا والأموال المغسولة بمستنقع المذلة والاهانة والرضوخ ومما يؤسف له .. وهذا ما دعانا الى كتابة هذه الكلمات . هو هذا ألتهافت من قبل بعض ( الصغار جداً ) ممن يحسبون أنفسهم ( مبدعين ) ..
اقول ان الجو غير النظيف ( الفاسد ) والتكتلات الباهتة .. ( واقعياً ) رغم ما يحيط بها من جماعات ( تتربص ) بالمكاسب التي يمكن ان تجنيها من إعلان انتمائها لهذه الفئة الطارئة او تلك ممن حصلوا على نفوذهم بالاحتكام والادعاء بالانتماء لهذا التيار او المجموعة .. وأخذتهم العزة بالإثم ويتحدثون بلغة لا تليق بهم ولا يليقون لها ترافقهم إيماءات ( التعالي والترفع ) والتباهي لما وصلوا إليه وهم يعلمون ( جيداً ) إنهم صفر على الشمال وان تاريخهم يزخر بالمواقف الرديئة والإذلال .. والتسول بالدكتاتورية لكي ترضى عليهم وقد قبضوا منها .. وهم يدنون لها بالولاء والخنوع وعلى استعداد لفعل ما يشاءون وهم منتشرون بيننا بلا عطاء في حقول الإبداع الفكري متجاهلين ان هناك المئات من الذين يعرفون من هم .. وكيف ( تسلقوا ) تلال المنفعة في السابق واللاحق ..
وهم معروفون ( بسذاجة ) بما لديهم وسوء ما قدموه للدكتاتورية من مديح في قصائدهم الرنانة وهم ليسوا ممن قال عنهم الجواهري يقولون من هم أولاد الرعاع / فافهمهم بدم من هموا ونأمل من يفهم من تقصدهم .. كلماتنا