الاصل
: قد سلبك أحد الأشخاص مخك واحتمال انك حتى لا تعرف ذلك . حسنا, لم يسلبك
مخك بالضبط ولكن قرر أنك لا تستخدمه. إنها الأسطورة القديمة التي سمعتها
مرارا وتكرارا عن كيف الناس تستخدم فقط عشرة بالمئة من أمخاخها . بينما
بالنسبة للناس الذين يكررون تلك الاسطورة فربما تكون صحيحة, بقيتنا لحسن
الحظ نستخدم كل أدمغتنا.
الأسطورة والإعلام
هذا الادعاء الممل بالعشرة بالمئة يظهر طول الوقت . في عام 1998 عرض إعلان
لمجلة قومية تابعة للإذاعة الأمريكية رسم للمخ. تحت الرسم هذا العنوان "
تستخدمون فقط 11 بالمئة من إمكانياته" . حسنا , إنهم أقرب قليلا من رقم
العشرة بالمئة ولكنهم بعيدون بنحو 89 في المئة. في يوليو 1998 شَغَّل
تلفزيون الـ ABC إعلانات ترويجية لـ"الحياة السرية للرجال" إحدى عروضهم
لتشكيلة الموسم كله . عرض الإعلان دعاية مبالغ فيها تملئ الشاشة التي
تُقرأ " الرجال يستخدمون فقط عشرة بالمئة من أمخاخهم".
لسبب واحد صمدت هذه الدعاية وهو أنه تم تبنيها من قبل الفيزيائيين وآخرون
مروجي الخوارق ليفسروا القوى العقلية . سمعت في أكثر من مناسبة فيزيائيين
يخبرون جمهورهم " نحن نستخدم فقط عشرة بالمئة من عقولنا". ولو لا يعلم
العلماء ما نفعله بالتسعين في المئة الأخرين , فانها حتما تستخدم للقوى
العقلية ! . كتاب " في سبب الاعتقاد : مرشد عملي في الظواهر الخارقة"
مؤلفه مايكل كلارك يذكر رجلا يدعى كريج كارجس . أودع كارجس الكثير من
المال في برنامجه "الحد الحدسي" المصمم لتطوير القدرات العقلية الطبيعية.
يقتيس كلارك قول كارجس " نحن نستخدم فقط من 10 الى 20 في المئة من عقولنا.
فكروا كيف قد حياتنا مختلفة لو استطعنا الانتفاع بالثمانين الى التسعين في
المئة الاخرى المعروفة بالعقل اللا واعي" .
هذا كان نفس السبب أيضا الذي استخدمته كارولين ميس لقوها الحدسية المزعومة
في قسم عين لعين مع بريانت جامبل, والذي بُثِّ في يوليو لعام 1998 . قالت
ميس والتي كتبت كتب في "القوى الحدسية" المتحررة أن كل شخص لدية هبات
حدسية وندبت اننا نستخدم قليل جدا من قدرة العقل. ولجعل الامر أكثر سوءا
فانه فقط الاسبوع الماضي في نفس البرنامج تماما عرضت تصحيح معلومات عن
الأسطورة في فترة نحس بين البرنامج والاعلانات ظهر استطلاع سريع على
الشاشة " ما النسبة المئوية التي تستخدم في المخ" ? ترواحت الاجابات
متعددة الاختيار من 10 الى 100 في المئة . ظهرت الاجابة الصحيحة , والتي
كنت سعيدا لرؤيتها . ولكن اذا علم المنتجون أن ما قاله أحد الضيوف كان
بوضوح خاطئا , فلماذا سمحوا ببثه؟ هل المخ الأيمن لا يعلم ما يفعله المخ
الأيسر؟ لعل لقاء ميس كان إعادة , في هذه الحالة من المفترض أن المنتجين
راجعوا حقائقها بعد أن أُذاعت وشعروا ببعض المسئولية لتصحيح خطأ في بث
الأسبوع التالي . أو ربما بُثَّت للإذاعات في تسلسل والمنتجون ببساطة لم
يهتموا ويذيعون ميس ومعلوماتها الخاطئة على أي حال.
حتى يوري جيلر, صنع مهنة من محاولة اقناع الناس ثني معدل بعقله بعرضه ذلك
الحجر الكريم . يظهر هذا الادعاء في مقدمة كتابه قوة عقل يوري جيلر "
عقولنا قادرة على الاعمال الفذة الرائعة الغير معقولة , حتى الآن لا
نستخدمهم لِسِعَتِها الكاملة. في الحقيقة معظمنا نستخدم فقط حوالي 10
بالمئة من أدمغتنا اذا كان ذلك كذلك, التسعون في المئة الآخرين ممتلئون
بجهد غير مُستغَل وقدرات غير مكتشَفة والذي يعني ان عقولنا تعمل في مجال
محدود جدا بدلا من اتساعها الكامل . إنني أعتقد انه كان لدينا يوما ما قوة
كاملة خلال عقولنا , كان علينا ذلك لنظل على قيد الحياة ولكن بما أن
عالمنا اصبح اكثر تطورا وتعقيدا فقد نسينا كثيرا من قدراتنا التي
امتلكناها ذات يوم .(جمل مائلة مؤكدة في النص الأصلي) .
الدليل ضد أسطورة العشرة في المئة
برهان القوة العقلية التي تأتي من الأغلبية الغير مستخدمة للمخ مبنية على
المغالطة المنطقية للبرهان من الجهل . في هذه المغالطة, افتقار الدليل
لموقف ( أو ببساطة نقص المعلومات) تستخدم محاولةً لدعم إدعاء خاص. حتى لو
كان ذلك حقيقي انه الغالبية الشاسعة من عقل الإنسان غير مستخدمة (والتي من
الوضوح لا) , الحقيقة من المستحيل أنها تعني أن أي سعة إضافية يمكن بطريقة
ما أن تعطي الناس قوى خارقة . تبرز هذه المغالطة طول الوقت في الإدعاءات
الخارقة , وسائدةن خاصة بين أنصار الأطباق الطائرة . على سبيل المثال ,
يرى شخصان ضوءا غريبا في السماء. الأول, مصدق لوجود الاطباق الطائرة ,
يقول " انظر هناك! , هل تستطيع تفسير ذلك؟" المشكك يرد انه لا لا يستيطع ,
المصدق مبتهجا "ها, انت لا تعلم ما هذا, إذن حتما هو مخلوقات فضائية"
مجادلا عن جهل.
ما يلي هو اثنين من الاسباب التي تجعل قصة العشرة بالمئة مشكوك فيها .
(لمزيد من التفاصيل المتعمقة والمفصلة للموضوع , انظر باب باري بيرشتاين
في كتاب لعام 1999 اساطير العقل : اكتشاف غوامض كل يوم للعقل . )
1) تفحص تقنيات بحث تصوير الدماغ مثل ت.إ.م (التصوير المقطعي لانبعاثات
الموضع) او ت.ر.م.و( تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي) تُظهر جليا أن
الأغلبية الشاسعة من المخ ليست مهملة او غير مستغلة. حقا, على الرغم من ان
وظائف قليلة معينة قد تَستخدم فقط جزءا صغيرا من المخ في وقت واحد , فإن
أي مجموعة من النشاطات المعقدة بما فيه الكفاية او أساليب الفكر سوف
تَستخدم بالفعل أجزاءا كثيرة من المخ. تماما مثل الناس لا تستخدم كل
مجموعات العضلات في وقت واحد , هم أيضا لا يستخدمون كل أدمغتهم في وقت
واحد. مع أي نشاط معين مثل الأكل , مشاهدة التلفاز , الللقاء الحميمي , أو
القراءة قد تستخدم أجزاء معينة قليلة من مخك . في غضون يوم كامل , كل المخ
على وشك الاستخدام مرة واحدة او أخرى .
2) تفترض الأسطورة توطين شديد لوظائف المخ. لو كانت الأجزاء "المستخدمة"
او "الضرورية" للمخ منتشرة في جميع انحاء العضو قد يوحي هذا أن معظم
الدماغ ضروري في الحقيقة . ولكن توحي الاسطورة ان الجزء المستخدم من المخ
هو منطقة منفصلة والجزء الغير مستخدم هو مثل الزائدة الدودية أو لوزة
الحلق , مستولية على فراغ ولكن أساسا غير ضرورية. ولكن إذا كانت كل تلك
الأجزاء عير مستخدمة فإن استئصال او تلف للجزء الغير مستخدم لزم ان يكون
ثانوي أو غير ملحوظ. لازال الناس الذين يعانون من صدمة او ضربة الدماغ او
إصابة مخ اخرى غالبا ضعاف بشدة . هل سمعت من قبل طبيبا يقول " لكن لحسن
الحظ عندما دخلت الرصاصة جمجمته دمرت فقط التعسين في المئة من المخ التي
لم يستخدمها" ؟ بالطبع لا.
الصور المختلفة لأسطورة العشرة بالمئة :
الأسطورة ليست ببساطة شئ ثابت أو حقيقة وهمية غير مفهومة , كان لها عدة
أشكال, وهذا التكيف قد أعطاها فترة تخزين أطول من علامة تجارية مطلية . في
الصورة الأساسية , تدعي الأسطورة أن عالما اكتشف منذ سنين عدة أننا بالفعل
نستخدم عشرة بالمئة من دماغنا التي رسمت بالتفصيل, وهذا بدوره سيئ فهمه
حيث عشرة في المئة مستخدمة . وصفت صورة ثالثة فيما مضى بواسطة كريج كارجس
. هذا المرأي أن المخ مقسم بعناية الى جزئين : العقل الواعي والذي يستخدم
10 الى 20 في المئة من الوقت ( محتملا على حسب القدرة) ; والعقل اللا واعي
حيث الثمانون الى التسعين بالمئة غير مستخدمة . هذا التوصيف يكشف سوء فهم
عميق لدراسة وظيفة الدماغ.
إن جزءا من السبب لطول حياة الأسطورة أنه لو يمكن إثبات صورة واحدة أنها
غير صحيحة, فالشخص الذي تمسك بالاعتقاد يستطيع ببساطة نقل سبب اعتقاده
لشخص آخر بينما الاعتقاد نفسه يظل سليم . لذا , على سبيل المثال, لو شخص
معروض على فحوضات ال ت.إ.م تصور نشاط خلال المخ بأكمله , لازال يستطيع
ادعاء ذلك, حسنا, رقم التسعين بالمئة أشار حقيقة الى العقل اللا واعي ,
ولهذا السبب رقم العشرة في المئة لا يزال أساسا صحيح .
بغض النظر عن الرواية الدقيقة المفهومة, الأسطورة منتشرة وتعاد , بواسطة
القصد الجيد والمضلل عمدا. إن الإعتقاد الذي يبقى حينذاك الذي يسمية روبرت
ج.سامويلسون "حقيقة نفسية" , "هو الاعتقاد الذي - مع أنه غير مدعم بدليل
قوي , يؤخذ كحقيقي لأن تكراره المستمر يغير الطريقة التي نختبر بها
الحياة" . الأناس الذين لا يعرفون شئ أفضل سيكررون مرى تلو الأخرى, حتى -
مثل التحذير من السباحة مباشرة بعد الأكل- يصدق الإدعاء على نطاق واسع.
("انتصار الحقيقة النفسية" نيوزويك, 9 مايو 1994).
إن أصول الأسطورة ليست كلها واضحة. بيرشتاين من معمل سلوك الدماغ بجامعة
سيمون فريزر في كولومبيا البريطانية تتبع أثرها حتى الجزء المبكر من
القرن. عمود لعام 1998 في مجلة العالِم الجديد اقترحت أيضا جذورا عديدة
متصمنة ألبرت أينشتاين وديل كارنيجي ("مصرف المخ"). من الرجح أن لها عدد
من المصادر سيئ فهم او سيئ تفسير نتائج علمية منطقية اساسا مثل معلمي
تطوير الذات .
إن أكبر طعما للأسطورة من المحتمل أن يكون الفكرة التي أنه نستطيع تطوير
قدراتنا العقلية, او على الاقل اكتساب دعامة في المسابقة عن طريق تحسن
ذاكرتنا او تركيزنا. كل ذلك متاح للسؤال, لقول الاعلانات, لو فقط استفدنا
اقصى ما يكون من أعضاء الدماغ. فات الأوان لجعل هذه الاسطورة ان تتوقف
ولكن إذا ظلت حية لقرن على الاقل حتى الآن , إنها ستعيش حتما في الألفية
الجديدة . ربما أفضل طريقة لمقاومة هذا القسطل هو الرد على المتحدث ,
عندما تذكر الأسطورة " أوه , أي جزء أنت لا تستخدمه؟"
اعتراف بالجميل :
أنا مدين بالفضل لـد/ باري بيرشتاين لإمدادي المساعدة البحثية والاقتراحات .