لو دامت لغيرك ...
إبراهيم جوهر - القدسحرارة اليوم مرتفعة ، والجفاف سيد اليوم المتوّج .
جفاف في الجو ، وجفاف في الحلق . مهنة التعليم التي تتطلب صوتا
وكلاما وكتابة ومسحا وتثبيتا في مثل هذا الجفاف السائد تكون أكثر إرهاقا ، وكذا كان
يومي .
تصادف اليوم ليكون يوما لقواعد اللغة العربية التي لا تخلو من
(جفاف) تتهم به . وحين يكون توضيح القواعد نظريا يزداد الجفاف .ولأن الأمر يستدعي
تركيزا وربطا وتطبيقا يزداد الجفاف .
بعد الظهر قرأت أكثر من مئة صفحة بقليل في رواية (عاشق على
أسوار القدس) لكاتبها (عادل سالم) فوقفت على عشق طاغ للقدس ، ونقل حيوي في وصفه
لأزقتها ، وذاكرتها ، وذكريات راويها . الكاتب يرى ضياعا قائما في القدس بفعل
الممارسات الخارجة عن إرادة أهلها ، ويصف غربة الإنسان فيها وينتقد اعتباره سائحا
تمهيدا لطرده منها ، ويحذّر من أن يصبح أهلها لاجئين بعيدا عنها . ولا ينسى انتقاد
بعض الممارسات غير اللائقة ممن يفترض فيهم أن يعيدوا للقدس بهاءها وهويتها .
(الابن المريض يكون دائما محط اهتمام أفراد العائلة ، والقدس
اليوم هي الابن الأكثر مرضا ومعاناة لذا كثر وصفها والتذكير بها .مؤخرا كثرت
الأعمال الأدبية والفنية التي تنقل وجع القدس .)
قرأت ترجمات لما كتب حول واقع التعليم في القدس ، والنقص الحاد
في الغرف الصفية والمعلمين ، وواقع التسرب بين الطلاب الذي يصل إلى ما نسبته أربعين
في المئة !
( سنقطف ثمار هذا كله في القريب العاجل )
طلبت من تلميذتي (رهف السعد) عاشقة الكتابة أن تجري حوارا
متخيلا مع الحقيبة المدرسية ؛ الحقيبة تشكو ، والتلميذ يشكو .سأنتظر قلم (رهف)
وخيالها لأرى كيف ينقل الجيل الشاب همومه ، وأحلامه .
مساء ذهبت للسلام على صديقي الكاتب (جميل السلحوت) الذي عاد فجر
اليوم من زيارة أقربائه في الولايات المتحدة .
ارتفاع درجة حرارة اليوم أنهته نسمات لطيفة بدأت تتوالى عند
المساء .
حسنا ، لا شيء باق على حاله