ايفا مانديز: أنا أكثر من امرأة
ايفا مانديز النجمة اللاتينية في
هوليوود والبالغة من العمر 34 سنة، تعكف في السنوات الاخيرة على تأكيد
أهليتها للادوار الصعبة. وهي وان كانت لا ترفض لقب «المرأة السكسي»، الا
انها لا تريد الاكتفاء بأن تكون أيقونة جمال، بعدما صارت مطلوبة من
المخرجين الكبار.
هنا بورتريه عن فتاة هوليوود التي تعرف من اين تأتي والى اين تذهب، وإضاءة على آخر اعمالها.
في
نهاية هذا الشهر من السنة يبدأ عرض فيلم «Very Bad Cops» للمخرج آدم
ماكاي، وهو من بطولة ايفا مانديز. ويشاركها البطولة كل من ويل فيرل ومارك
فولبرغ.
ايفا في هذا الفيلم تلعب دور ربة منزل غير مستقرة لكن مثيرة
جداً، وفي هذا الدور تقول: «انه دور يذكر بصورتي كنجمة سكسي، حتى لو أنني
ارى ان هذه الصورة قد اصبحت ورائي».
وهي، إيفا، تحقق في هذا الفيلم
واحدا من أحلامها كممثلة، وهو ان يديرها المخرج آدم ماكاي. تقول: «ان فيلمه
«Anchorman» هو فيلمي المفضل في كل الازمان، وهو يأتي قبل افلام فيلليني
وبرسبيرغر... نعم، أنا لا افرح. ولقد أخبرت آدم بأنه اذا هو أنجز الجزء
الثاني من «ِAnchorman» من دون أن يشركني فيه، فإنني سأصيبه بالأذى هو
وعائلته.
الفيلم من نوع الكوميديات الهوليوودية الخفيفة او ما يطلق عليه
في اميركا «Buddy Movie» او الافلام التي نجد فيها رجلين يتناقضان في كل
شيء، ومع ذلك فهما مجبران على ان يتعايشا معاً. وفي فيلم «Very Bad Cops»،
الرجلان شرطيان.
في الجولات التي تسبق عرض افلامها، وما يرافق ذلك من
مؤتمرات صحفية تتألق ايفا مانديز في تقديم اعمالها. ومع انها تكون محاطة
بعدد من أركان فريق العمل يضم احياناً المخرج وبعض الممثلين، الا انها هي
التي تستقطب الاضواء وأسئلة الصحفيين. وهي لا تتوانى عن الاجابة بكل صراحة،
حتى ان الصحفيين الذين عرفوها عن قرب يؤكدون انها لا تعرف البروتوكول في
المقابلات الصحفية، وذلك لشدة صراحتها. والواقع ليس انها لا تعرف، بل انها
لا تعير ذلك أهمية.
وفي المقابلات الصحفية لا تقتصر الاسئلة الموجهة لها
عن العمل الفني بل تتعداه الى جوانب أخرى من حياة النجمة، خصوصاً صورتها
الدعائية لمنتجات كالفن كلين... وفي آخر مؤتمر صحفي سألها أحدهم عن الصور
«الحارة» التي ظهرت فيها والتي منعتها الرقابة في اميركا... فماذا قالت
إيفا؟ «اميركا تأسست على قواعد طهرية متزمتة، وهذا لا يمنعنا ان نتقاتل في
عروض واهنة وضعيفة... انا عشقت سلسلة الصور التي التقطها لي جيمي دورمان من
اجل كالفن كلين. ووجدت نفسي فيها «سكسي» جداً من رأسي حتى اخمص قدمي، وهذا
نادر جداً... لقد التقيت جيمي قبل جلسة التصوير حول فنجان قهوة، ووجدت بين
يديه كتاب «النبع الحي» للفيلسوف آين راند... وهكذا تناغمنا».
ايفا
مانديز لا تمل ابداً أن تحدثها عن نفسها كـ«قنبلة لاتينية»، وهي ترد
احياناً بشيء من التهكم على نفسها. تقول: في كل مرة احاول بها ان ابدو سكسي
اكسر كعب حذائي العالي»!
هل هذه سمات فكاهية لديها ام نوع من
الاستراتيجيا؟ يبدو انه حين تكتب الصحافة أن مجرد ظهورها يجعل المناخ
حاراً، فان عليها من دون شك ان تكافح من اجل ان لا تتورط اكثر في الصورة
المقولبة.
وايفا استطاعت في عشر سنين ان ترسخ أقدامها في هوليوود. صحيح
انها مولودة في ميامي، لكن هي ما زالت تحمل الكثير من اصولها الكوبية...
لذلك صبرت في صعودها كي تصل الى موقع محترم في شباك التذاكر بذكاء نادر.
كانت تقبل الادوار الصغيرة لكن مع مخرجين كبار، ادوار تترك علامة. هذه
فلسفتها التي اعتمدتها للنجاح. وقد فعلت فوصلت الى البطولة والنسائية
المطلقة.
في فيلم «Bad Lieutenant» اختارها المخرج الالماني وارنر
هيرزوغ لتشارك البطولة نيكولاس كاج. وفي هذا الفيلم هي تجسد شخصية فرانكي،
بائعة الهوى العاشقة لتيرناس ماكدوناغ (نيكولاس كاج) وهو شرطي مريض نفسياً
بعدما كسر ظهره وهو ينقذ شخصاً في كارثة اعصار كاترينا. ومنذ ذلك الوقت
انغمس في ادمان المخدرات من اجل ان يسكت الالم. وفرانكي تشاركه واقعه
الاليم.
والمخرج الالماني فرض ايفا مانديز على منتجي الفيلم، وحسناً
فعل، لأن النجمة عرفت كيف تقدم لنا شخصية فرانكي بشكل مؤثر. فهي التي
تتعامل بعنف مع زبائنها، تتعامل بكثير من النعومة مع تيرناس متجاوزة دوماً
حدود القانون في عملها لتأمين جرعة الكوكايين اليومية لمحبوبها.
اثبتت
ايفا مانديز في الفيلم انها ممثلة تعتمد على الاداء. فالدور المركب والمعقد
اتاح لها فرصة ان تتخطى ظاهرة النجمة المثيرة الى الممثلة الجديرة.
تقول
ايفا عن شريكها في البطولة: «انا اعشق نيكولاس الذي عملت معه مرتين، انه
لا مثيل له في لعب الشخصيات المعقدة». وتضيف: نيكولاس هو سوبر رائع في
التواصل، وأنا لا أمزح، والعمل معه رائع».
وعن المخرج تقول: «عندما عرض
عليّ وارنر الدور، أجبت رأساً: «بالطبع سأعمل معك»، كيف اقفل بابي على مبدع
وضع توقيعه على «Fizcarraldo»؟ ولدهشة ايفا، فإن التصوير مر بهدوء، مع ان
المعروف عن وارنر انه صعب و«وحشي» في التعامل مع الممثلين. وبعد انتهاء
العمل قالت ايفا: «وارنر شخص من ذهب، انه لا يفكر كما الآخرين. وعندما اقول
«الآخرين» فأنا أتحدث عن الجنس البشري. انه واحد من النادرين الذين افعل
اي شيء من اجلهم...».
وكالعادة فإن إيفا مانديز تتدرب على ادوارها مع
مدرب خاص. هكذا فعلت من اجل هذا الفيلم. والصعاب التي كان عليها ان تتخطاها
ليست غريبة عنها. فهي منذ سنتين عانت مشاكل الادمان وتخطتها بمتابعة علاج
في أحد المراكز المختصة. وهي لا تخفي الامر، وهذا مدهش. ففي الوسط
الهوليوودي تعودنا من زملائها التستر دائماً على مشاكلهم وإخفائها عن الرأي
العام. ولكن إيفا مانديز تعودت دائماً ان تكون صريحة وأن تسمي الاشياء
بأسمائها، وأن تمتدح ايجابيات العلاج النفسي. كما تعودت ان تواجه الاسئلة
التي تجهل الاجابة عنها بأن تقول بكل صدق: «أنا لا اعرف».
ايفا مانديز
لم تعرف لا فيلجونسيو باتيستا ولا فيدل كاسترو، ولم تضع قدميها ابداً في
كوبا، اي في الجزيرة التي هاجر منها أبواها في العام 1955، اي اربع سنوات
قبل الثورة. لكن والديها انفصلا بسرعة وذهبت والدتها لتستقر في لوس انجلوس
حيث كانت ترتزق من اعمال متواضعة من اجل ان تطعم عائلتها. تقول ايفا:
«والدتي ربتني وحدها، وأنا لا اتذكرها عندما كنت صغيرة إلا وهي تعمل. لم
نكن في حال بائسة جداً، حتى ولو ان أثاث المنزل الذي نقطنه أعطانا اياه
الخيّرون. في مرحلة ما اتذكر ان خبز «التاكو» الذي يكلف 49 سنتاً كان يشكل
اساس الغذاء الذي كنت اتناوله». وتضيف: كنا عائلة محبة بعضها لبعض. وأنا
حتى بقيت قريبة جداً من والدي».
وهي تحفظ لوالدتها كدها من اجل العائلة.
تقول: «امي ربتني وحدها، عندما كنت صغيرة كنت اكتب اليها رسائل أعدها فيها
بأن اشتري لها منزلاً جميلاً وأن اسدد ديونها وأن آتي لاصطحابها في سيارة
ليموزين. كنت أريد ان انقذها، وهذا فعلاً ما حصل. ففي يوم العرض الاول
لفيلمي «2 Fast 2 Furious» وفيت بوعدي. في هذه الامسية سال الكحل من عيني
على حذائي».
تقول ايفا ايضا: «والدتي كانت توجه حديثها إلينا، نحن
اولادها الثلاثة، بالاسبانية، لكنها كانت تفرض علينا ان نجيبها
بالانكليزية. كانت تريد ان نصبح أميركيين. لكن بجسدي وميلي الى الضحك، وحبي
للرقص بقيت كوبية. واعتقد فعلاً أنني اخذت الافضل من الثقافتين».
في
البداية عملت ايفا مانديز في المسرح، ولكنها في الوقت نفسه كانت تسعى الى
السينما، وبعد عدة ظهورات لها في فيديو كليبات بينها واحد لفرقة
«ايروسميت»، أسندت اليها ادوار صغيرة في افلام، الى ان كان فيلم «Training
Day» لانطوان فوكا مع دانزيل وشنطن. كان لها دور صغير لكن لافت. بعد ذلك
بأربع سنوات حظيت بدور البطولة النسائية الى جانب ويل سميث في فيلم «Hitch»
وهو كوميديا رومانسية للمخرج اندي تينانت. وفي هذا الدور لفتت أنظار
الجمهور والنقاد وصحافة المشاهير. ويمكن القول ان ايفا مانديز قد انطلقت.
ثم
جاء جيمس غراي يعطيها الدفعة النهائية وذلك في فيلم «الليل يخصنا» وهو
فيلم جميل جداً من النوع الاسود يدور حول شقيقين الاول شرطي، والثاني فتى
سيئ. المخرج عرض عليها ان تلعب دور صديقة الثاني (جواكين فونيكس). ايفا
اعتبرت ان الدور ثانوي جداً وارادت ان ترفضه تقول: «ولكن جيمس اصر لمدة
سنة... عند ذلك قلت لنفسي عندما يصر امرؤ ما الى هذا الحد فإنه يستحق ان
نصغي اليه، وأنا لم يخب ظني. فهذا المخرج تعامل معي كما لو كنت الممثلة
الوحيدة في هذا العالم».
بعدها طلبت ايفا من جيمس ان يسمي الشخصية
اماندا، على اسم جدتها الكوبية، وقدمت لمخرجها اكثر المشاهد المثيرة
لافتتاح الفيلم. ومع هذا الفيلم التحقت ايفا مانديز بزميلاتها بينيلوبي
كروز وسلمى حايك وجينيفر لوبيز في نادي الممثلات اللاتينيات الناجحات في
هوليوود.
تقول ايفا: المكانة التي أحرزتها ساعدتني كثيراً... خصوصاً وان
التنوع الإثني هو المستقبل. ولكن لا، ليس الاختلاف الاثني هو الاصعب في
هوليوود. الاصعب ان تكون... امرأة». بمعنى آخر ان تستطيع الممثلة المرأة ان
تحظى بشكل دائم بالادوار المهمة. فعادة ينظر الى الممثلة فقط كعنصر جنسي
يلون الفيلم كدور ريكس.
لكن ايفا بذكائها عرفت كيف تجعل المخرجين
يتطلعون اليها لاسناد الادوار المهمة. بل هي لجأت للمشاركة في الانتاج من
اجل ان تضمن لنفسها اختيار الادوار التي تراها مناسبة لها، كما حصل في فيلم
«Live» للمخرج بيل كوتنتاغ، وهو فيلم طويل ساخر عن تلفزيون الواقع، جسدت
فيه ايفا دور منتجة ذات لسان لاذع وطويل.
الصحف الصفراء تحدثت كثيراً عن
علاقات عاطفية ربطتها اولاً بـ«فات دامون» ثم بـ«جواكين فونيكس»... وهي
ردت قائلة: «انا اعيش مع جورج غرغوروفيتش وهو مخرج من بلاد البيرو».
الصحافة
الاميركية تحاول عبثاً معرفة تاريخ زواجهما... لكن لها رأياً خاصاً في
الزواج. تقول: «انا لا اؤمن بإيجابيات مؤسسة الزواج بالنسبة إلي. لكن قد
اراجع وضعي بعد ان ينال مثليو الجنس حقوقهم في الزواج».
ايفا مانديز
التي تطالب بحقها كممثلة جدية، وتعرف ان الجمال لا يدوم إلا لبعض الوقت،
ترفض ان تتحول الى صورة فقط تعرض تقاطيع قوامها الكاملة... اما كيف تتصور
نفسها في الخمسين؟ تقول: «يا رب السموات، انا لا اتصور كيف سأكون في الويك
اند المقبل!».
اما عن مشاريعها المقبلة، فهي ايضا في اطار إثبات نفسها
كممثلة درامية سنراها بطلة لفيلم بعنوان «Last Night» للمخرج ماسي تاجودان،
مع غيوم كانيه وكيرا ناتيلي... والفيلم من نوع الدراما الثقيلة.
الأربعاء يوليو 08, 2015 6:38 pm من طرف سميح القاسم