هشام مزيان المشرف العام
التوقيع :
عدد الرسائل : 1762
الموقع : في قلب كل الاحبة تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش تاريخ التسجيل : 09/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25
| | ماذا تريد قطر؟ | |
أضيف في 31 أكتوبر
أعتقد أن الثورة الليبية كانت عبارة عن زواج متعة أطرافه دول الخليج ودول حلف الناتو والعروس فيه بطبيعة الحال هي ليبيا.الشيء الأكيد هو أن الناتو هو أداة عسكرية في يد مجلس الأمن لحماية المصالح الغربية ويخطيء من يعطيه دور محرر الشعوب فالذئب لن يكون أبدا راعيا مؤتمنا ولو أظهر عكس ذلك,الدليل العراق وأفغانستان وفلسطين.
إن دول الخليج هي دول صغيرة وحديثة التكوين وغنية وبعضها إسلامية تقليدية,هي تجاور الفرس وتخافهم,هاته الدول تحتاج إلى حماية لوجودها ولثروتها وهي مستعدة للتحالف ولو مع الشيطان,كما قالها الشيخ حمد بن جاسم إبان حرب الخليج,والنتيجة هي شبه إستعمار أمريكي للبحرين وإبنتها قطر و تنصيب هاته الدويلات كحماة للمصالح الغربية في المنطقة.لقد قلت من قبل في مقالي ”ريح السمسار تهب من الخليج العربي” أن دول الخليج تعيسة لأنها تملك المال ولا تملك القوة والسلطان والقوة والسلطان هنا هما الديمقراطية والمجتمع الحر القوي الذي يعرف كيف يدافع عن نفسه ضد السبي ,ولهذا كان من الأحسن لها أن تعطي الحرية (والرشاقة ) لشعوبها ,التي تعاني من الإستبداد ومن السمنة, قبل أن ترسل جزيرتها وعربيتها وبترودولاراتها لتحريرنا نحن بني عربان .
لكن قطر تجاوزت حجة الحماية هذه إلى محاولة عيش تجربة الشعور بالعظمة ولعب دور جهوي أكبر من حجمها,فهي لها الملايير تريد أن توظفها لبناء مجد مزيف,فهي جذبت وأغرت بعض النخب العربية والإسلامية للإستقرار في الدوحة وهي توظفهم كأدوات لبناء مجدها كاالشيخ القرضاوي وعزمي بشارة ورئيس الشيشان السابق الذي أغتيل في الدوحة والشيخ علي الصلابي وغيرهم كثيرون…إن قطر أصبحت جنة كل من حُرم من جنته في وطنه الأصلي,فمن شيخنا عباسي مدني إلى فلسطيني الشتات إلى الصلابي وموسى كوسا والقرضاوي وغيرهم, كلهم فرحين شاكرين لنعمة الشيخ حمد صانع قناة الجزيرة و محقق معجزة إستضافة كأس العالم ومؤسس الجامعات الأمريكية في الدوحة… ونعم صاحب العلاقات القوية مع إسرائيل ومستضيف القاعدة العسكرية الأمريكية كذلك.
فقطر أصبحت تعتقد أنها قد وجدت البديل للأنظمة العربية المستبدة والمتآكلة ,ولتخوف الغرب من وصول الحركات الإسلامية المتطرفة إلى الحكم ,فأرادت أن تلعب دور السمسار لإيجاد صفقة تفرح البائع والمشتري على حد السواء !بديل يرضي الشعوب ويحفظ مصالح الغرب في نفس الوقت, وبذالك تكون قطر قد نصبت نفسها كمدجن للحركات الإسلامية المتطرفة لتتحول إلى شريك سياسي في بناء الديمقراطية العربية الجديدة. قطر ومن خلال الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين غازلت العرب في غزة وفي دارفور وجنوب السودان وأستعملت الجزيرة في إشهار ذلك وعندما حققت بعض النجاحات كبرت أحلامها فهي ودول الخليج تفكر الآن في إحتواء المغرب والأردن واليمن,وكخطة مستقبلية تطمح إلى مراودة الجزائر ومصر بالأموال كذلك.
من أدوات قطر لتنصيب نفسها كقوة إقليمية الشيخ القرضاوي والإخوان وملايير الدولارات في مصر ,مصانع الحديد وغيرها من المشاريع وربما دور للشيخ عباسي مدني في الجزائر, تبني حزب النهضة وأستثمارات لاحقة في تونس و عرض عضوية المغرب في مجلس التعاون الخليجي,والملاحظ أن خطة قطر تشمل تبني وإحتواء وتمويل تنظيم الإخوان المسلمون بمساعدة الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين لتحقيق حلمها في ما تعتقد أنه الإسلام الوسطي أو التقليدي وإيصاله إلى الحكم في العالم العربي. كيف نفذت قطر مخططاتها في ليبيا؟ قطر إستغلت وجود الشيخ علي الصلابي في الدوحة لتشكل نواة مايسمى بجماعة بنغازي ,فأستعملت مركزه الديني وعلاقته بالشيخ الغلياني المحترم كثيرا في ليبيا وأستغلت تذمر الرجلين من القذافي, كما إستغلت كراهية وحقد شباب بنغازي والبيضا ودرنة الإسلاميين للقذافي لدوره في جرائم سجن أبوسليم وحرق الجبل الأخضر بالنبالم وقضية فيروس السيدا في مستشفى بنغازي وسحقه لشباب جبهة الإنقاذ الليبية,فوجدت عبد الحكيم بلحاج وآلاف الشباب من أتباعه متعطشين لإسقاط القذافي. سارعت قطر ودول الخليج إلى إستعمال الجامعة العربية لتمرير طلب غربي إلى مجلس الأمن للتدخل في ليبيا وأستغلوا في ذلك إنشغال مصر وسوريا والجزائر بمشاكلها,وبعد ذلك ضخت قطر ملياري دولار لتمويل الثورة الليبية بالسلاح والرجال والإعلام لتنفيذ مشروعها الطموح ولمعاقبة القذافي على وصفه لحكام الجزيرة العربية بخنازير الجزيرة.
لاشك وأن أجواء الربيع العربي عجلت وشجعت على قيام الثورة وعسكرتها في ليببا قبل نضوجها ,هذا النضج الذي فشلت قطر والناتو في قراءته أنتج الفوضى والدمار والفراغ السياسي الذي نراه في ليبيا الآن,فالشيء الغريب في ليبيا أن القذافي كان شخصا مجنونا وغريب الأطوار ومتهورا وأوقف أي نمو للإقتصاد ولمؤسسات الحكم في ليبيا, فكيف لم ينقلب عليه جماعة عبد الجليل وشلقم ولعبيدي منذ عقود وكيف لم تكن هناك ثورات على مدى عقود من الزمن”ما عدا ثورة جبهة الإنقاذ الليبية”, والآن وبقدرة قادر أو برحمة هنري ليفي وأمير قطر, تقوم القيامة ويفتي بعض مشايخنا الأفاضل بأن القذافي مجرم وكافر ويجوز التنكيل بجثته ورميه في البحر,إنه الفتح الإسلامي الكبير في أرض الفاتح العظيم ! ! لقد سربت قطر ترسانة من الأسلحة إلى ثوار ليبيا مباشرة,برضا أو بدون رضا المجلس الإنتقالي وبعلم ومباركة الناتو,فقطر لعبت بغباء دور الممول للثورة مكان الناتو,والأخطر من ذلك أن قطر كانت تختار الفرق التي تسلحها وكأنها كانت تعد لمرحلة مابعد القذافي.
عندما إنهار حكم العقيد إستولت الأطراف التي لم تسلحها قطر, كجماعة عبد الله ناكر, على مخازن السلاح وهذا ما يهدد حقا أمن المنطقة برمتها.يبدو أن شغف الإخوة القطريين بصيد الغزال وطائر الحبار في صحراء الجزائر سيمتد ليتحول إلى ولع بتمويل الثورات في الوطن العرب وفي المغرب العربي على الخصوص,فهم يرمون لحكوماتنا جزر المال والإستثمارات ولكنهم لا يتورعون في إشهار سلاح تسليح الجماعات الثائرة بتواطؤ من الغرب, ومن مبكيات ومضحكات الزمن الليبي العجيب أن تحالف أحباب ليبيا بزعامة قطر هو من سيمشط ليبيا من السلاح الذي شحنوه هم أنفسهم إلى ليبيا وهو من يريد أن يحمي حدودنا من تهريب هذا السلاح إلى جماعة درودكال,أي أن كمشة من صيادي اللؤلؤ والمرجان تحولت بفعل البترودولار إلى وصية وحاكمة لأرض وملايين من أحفاد عمر المختار . واليوم تعتقد قطر أن تصريحات الغنوشي الليبيرالية في تونس ودعوة عبد الحكيم بلحاج وعبد الجليل إلى إسلام وسطي في ليبيا وربما تصريحات مماثلة من إخوان مصر وسوريا في المستقبل, هي إرهاصات ودلائل نهضة إسلامية ونشوء خلافة إسلامية وسطية ترضي اليهود والنصارى وتسكت آلاف الجياع وتلبي طموحات آل ثاني في نفس الوقت.
والخلاصة أنه من الواضح جدا أن الناتو هو أداة حماية مصالح بلدانه وهو يريد نفط وأموال ليبيا وواضح كذلك أن برنارد هنري ليفي له آجاندته الخاصة وهو يريد علاقات عربية يهودية لحماية إسرائيل,ومن الأكيد أن قطر والخليج لهم أجندة خاصة يريدون تطبيقها في ليبيا وسوريا ولا يريدون تجريبها في اليمن والبحرين,قطر والإمارات تريد حماية ثروتها ونفسها بالتعاون مع الغرب وقطر تقول كذلك أنها تريد أن تساعد في تأسيس أنظمة حكم إسلامية وسطية مقبولة لذى الغرب ولذى الشعوب الإسلامية على السواء وهو شيء مقبول,لكن السؤال هل لقطر المقدرة في ضمان النتائج؟ فعندما ترسل قطر عشرات الشحنات من الأسلحة والجنود إلى ثوار ليبيا مباشرة وهي بذلك تتجاوز المجلس الإنتقالي في كثير من الأحيان فهي تلعب بالنار,عندما تريد قطر أن تتزعم وتمول حلف أحباب ليبيا ومهمته ايجاد معادلة حكم مستحيلة بين الثوار والمجلس, فهي تغطي على التواجد الإستعماري الجديد في المنطقة وهي بالتنسيق مع فرنسا والثوار الذين مولتهم تريد أن تضع ضغطا على دبلوماسية مراد مدلسي الخجولة والخائبة,فزيارة رئيس وزراء قطر الأخيرة للجزائر وعرضه السخي لإستثمارات ضخمة في بلادنا وتصريحات الرئيس بوتفليقة حول تحسين العلاقات مع المجلس الإنتقالي الليبي (المهمش من الثوار على الأرض ) كلها دلائل على أن الجزائر هي هدف مستقبلي أكيد لمشيخة قطر,فأستر ياستار.
| |
|