تاريخ التسجيل : 11/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3
01102011
علاقة الخلايا العصبية الانعكاسية بالسلوك
نوع خاص من الخلايا الدماغية، يمكن تسميته بالعاكس العصبي، هو السبب في كوننا نستطيع تصور مشاعر الاخرين او لانستطيع، وبالتالي يؤثر على مجمل السلوك والانسجام ومشاعر التضامن وحتى على الصفات الاخلاقية. هذا النوع من الخلايا اكتشفه العلماء الايطاليين قبل عشرة سنوات. وكما يشير الاسم فأن وظيفته هي عكس الامور. خلايا العكس العصبية تكون نشيطة عندما نقوم بنشاط ما، مثلا ان نرفع كأس او نشبك ايادينا ببعضهم، ولكنهم ينشطون ايضا عندما نرى الاخرين يقومون بالشئ نفسه. إضافة الى ذلك فأنهم ينشطون عندما نقوم بالتعبير عن مشاعرنا مثلا عندما نبتسم او نرى الاخرين يبتسمون. إنها خلايا تقوم بحسن امتزاجنا مع المحيط.
هذا يعني ان القدرة على الشعور بالانسجام، اي فهم مشاعر الاخرين وصحة ترجمتها، متعلق بالخلايا العاكسة وسلامتها. عندما نرى شخصا يبتسم تنشط الخلايا العاكسة في تحفيز بعث عملية بيوكيميائية لتصبح وكأن الابتسامة كانت ابتسامتنا. هنا نجد عدد من الافلام التي تظهر ردود فعل انعكاسية لها علاقة بالاندماج الاجتماعي والسلوك. بمعنى اخر نحن نفهم مشاعر الاخرين من خلال اطلاق عملية بيوكيميائية مماثلة تؤدي الى بعث مشاعر مشابهة. هذه القدرة ضعيفة للغاية عند الاشخاص المصابين بمايسمى: ASD, Autistic Specrum Disorders, autismspektrumstörning, ومشهور تحت اسم: autism. الاحرف المستخدمة في اختصار المرض هي نفسها تشير الى عدة انواع من الخلل النموي بما فيه النوع الكلاسيكي والنوع المسمى Aspergers syndrom وهو نوع خفيف. تقريبا 1% من الاطفال في عمر الدراسة لديهم احد عوارض هذا الاختلال، ويعتقد ان البالغين يعانون منه بالنسبة ذاتها.
العوارض تختلف ولكن جميع اطياف هذا المرض تملك عاملا مشتركا: العجز عن فهم مايمر به الاخرين وبالتالي العجز عن التعاطف وخلق المشاعر الانعكاسية والانسجام. لهذا السبب يفشل المصاب بهذا المرض من التفاعل مع الاخرين ويصبح منبوذ عن محيطه. حسب البروفيسور Marco Iacoboni من جامعة كاليفورنيا ، يجب البحث عن الاسباب في الخلايا الانعكاسية الموجودة في مناطق اللحاء الدماغي الثلاث.
قياس الابتسامة الغير مرئية
في دراسة حديثة قدمها Marco Iacoboni وفريقه، عرض فيها نتائج ابحاثه لقياس قدرة المشاركين في الاختبار على تقليد تعابير وجوه الاخرين. الباحثين قارنوا المعطيات القادمة من مجموعة سليمة مع معطيات مجموعة مماثلة من المصابين بعوارض ASD.
عندما نرى وجه محدثنا قد اصبح غاضب تقوم ردة فعلنا الغير واعية بتقليد تعابير وجه محدثنا على الفور. هذا يشير الى اننا نقوم بإقتباس الحالة النفسية للاخرين. ردة الفعل هذه يمكن قياسها. مستقبلات حساسية يمكنها التقاط الانقباضات في عضلات الوجه عند الابتسام او الغضب. لقد ظهر ان الردود الانعكاسية اللاارداية لاتظهر عند المصابين بعوارض ASD. عند المجموعة الطبيعية يظهر تحفيز نشاط الخلايا العصبية الانعكاسية في حين لايظهر هذا النشاط لدى البقية.
ليس فقط المشاعر وحدها يصعب على المعانين من ASD التعامل معها وفهمها بل حتى الحركات العادية التي تصدر عن الانسان الطبيعي في مجرى الحياة اليومية. عند عمل الخلايا العصبية الانعكاسية اكتشف العلماء انهم يقومون بتعطيل موجة دماغية محددة بطول 8-13 هيرتز تسمى موجة m. هذه الموجات صادرة عن قسم من اللحاء الدماغي.
الموجات الدماغية تكشف الحالة
في مختبر علمي Center for Brain and Cognition العائد لجامعة كاليفورنيا قامت مجموعة من العلماء بفحص الموجات المذكورة اعلاه عند اطفال مصابين بهذا الخلل وبين الغير مصابين به. القياس جرى بينما كان احد الاطفال يقوم بتحريك يده، ومرة اخرى عندما كان ينظر فيه الى شاشة كمبيوتر ويرى نفس الحركة تحدث. في كلا الحالتين كانت تجري عملية تعطيل الموجة الدماغية 13 هيرتز، مما يعني ان الخلايا العصبية الانعكاسية كانت في قمة نشاطها. هذا الامر لم يحدث عندما قام الاطفال المصابين بإجراء التجربة نفسها. كما كان متوقع فقد جرى تعطيل الموجات عندما قام الاطفال المصابين بتحريك ايديهم، ولكن التعطيل لم يحدث عندما كانوا ينظرون الى الحدث نفسه على شاشة الكمبيوتر. هذا الامر يظهر بوضوح ان الخلايا العصبية الانعكاسية لاتقوم بوظيفتها على الوجه الاكمل.
عوارض مختلفة
ASD يغطي مساحة واسعة من العوارض التي ترافق خلل النمو. حتى الان كانت جميع الدراسات التي جرت على الخلايا العصبية الانعكاسية تجري على المصابين المشخصين بثقة. هذا الامر لكون العلماء يريدون تفادي الالتباسات التي قد تنشأ بسبب مصادر غير مدروسة عند المصابين بحالات صعبة. المصاب بالعديد من الاعراض لربما سيكون رد فعله مختلف فقط لكونه لم يستطيع الانتباه الى يد تتحرك امامه.
بعض العلماء يعتقدون ان فقدان القدرة على استقبال مشاعر الاخرين هو سبب حتى الحالات الصعبة من التعوق العقلي، في حين يعتقد علماء اخرين ان هناك اسباب اضافية عند الافراد الذي لديهم عوارض قاسية مثل الشعور بالقسر على تكرار فعل معين.
هل يوجد علاج
السؤال الذي يقف امام العلماء هو معرفة فيما اذا كانت الادمغة المصابة بمرض Autistic تملك خلايا انعكاسية مخربة وبالتالي غير قابلة للاصلاح ام انها ضعيفة وغير قادرة على القيام برد فعل محسوس. الكثير من الدلائل تشير الى ان الافتراض الاخير هو الاغلب، ولكن لايعلم العلماء لماذا يحدث هذا الامر.
غير ان وجودهم يعني انه بالامكان القيام بمحاولة لاصلاحهم، لربما من خلال التدريب. الملاحظات تشير انه وبالرغم من ان هذا المرض لايمكن علاجه حتى الان إلا ان التدريبات اظهرت قدرتها على تحسين قابلية المصابين على التفاعل مع محيطهم. في الثمانينات من القرن الماضي قام عالم النفس Stanley Greenspan بوضع استراتيجية لمعالجة الاطفال المصابين اطلق عليها Developmental individual-defference relationship, DIR. الطريقة تقوم على تعليم الاطفال تبادل الاشارات المعبرة عن المشاعر مع والديهم او استاذ متخصص. يمكن ايضا ان تتضمن تمارين اجتماعية اكثر تعقيدا يتعلم منها الطفل الدخول في علاقة متبادلة مع الاخرين. كما يجري تعليهم كيفية احياء الاتصالات مع الاخرين وتحسين قدراتهم على التضامن والانسجامK ومن الملاحظ ان تعليم الموسيقى للمصابين يؤدي الى تحسنات ايجابية عند 80% منهم.
في الوقت الحالي يقوم العلماء بتجربة طريقة جديدة للغاية تسمى الايعاز العصبي العكسي، وهو قد استعمل في السابق لمعالجة امراض الدماغ HDV. العالم Jime Pineda وفريقه العلمي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو يحاول اعادة تحفيز خلايا الانعكاس العصبي بمساعدة لعبة كمبيوترية مصممة خصيصا. العلماء يقومون بقياس الموجات الصادرة عن الدماغ اثناء لعب الاطفال باللعبة. إذا تمكن الاطفال من توجيه موجات الدماغ في إتجاه معين فإنهم يتمكنون بذلك من السيطرة على الجزء المراد في اللعبة. مثلا يحصل الاطفال على سيارة الكترونية إذا تمكنوا من اضعاف الموجات الدماغية. بمعنى اخر فأن الحوافز مرتبطة بنشاط الاطفال في السيطرة على اللعبة من خلال الموجات الدماغية.
ولكن هل يمكن تعليم الانسجام والتضامن من خلال لعبة كمبيوترية؟ لازال من السابق لاوانه الاجابة على هذا السؤال، ولكن النتائج التي توصل اليها العلم اليوم تشير الى إمكانية ايقاظ الخلايا الانعكاسية العصبية عند البعض. ولازال الامر يحتاج الى وقت طويل حتى يتم تطوير اللعبة بشكل كافي، إضافة الى انه من الواضح ان الخلل في الخلايا العصبية الانعكاسية ليست السبب الوحيد لهذا المرض. نحن نعلم ان هناك خلفية وراثية لتقبل تطوير نمو هذا الخلل.