هل هي فعلا ثورات شعبية عفوية ضد الاستبداد ومافيا السلطة والمال
التي تستولي عليها الغراشية عائلي وقبلية لانظير لها في العالم ولم يعرف
التاريخ مثلها في التركيب والتشكيل والقسوة والقهر واللصوصية ..؟؟؟؟
أم هندسة لنموذج قديم جديد يهدف الى اعادة بناء شكل الاستبداد مع تغيير
طفيف يطال رؤوسه وبعضا من رموزه الذين استنفذوا دورهم وحرقت كافة اوراقهم
..، هذا الاستبداد العربي المنصهر تماما مع التحالف المقدس الصهيو امريكي
الغربي ، بما يقدمه هذا الاستبداد من خدمات استراتيجية حيوية وخطيرة
لديمومة هذا التحالف .
هناك بعض المؤشرات التي تؤكد الاحتمال الثاني: ففي تونس التي انطلقت منها
شرارة الانتفاضات الشعبية ، وبعد هذه الانتفاضة التي قيل بعفويتها والتي
لم تعرف تونس مثيلا لها في تاريخها ، بعد حادثة البوعزيز في سيدي بوزيد
الشهيرة ، وبعد اسابيع قليلة من هذه الانتفاضة الشعبية العارمة وتحت ضغط
المنتفضين ، اضطر الطاغية ملك تونس زين العابدين الى الفرار هو وعائلته..
وبسرعة تم احتواء الموقف من طرف النظام الذي استطاع تأمين نقل سلس للسلطة
.. وهو ما اشر على استمرارية نفس النظام القديم الجديد في خدمة الالغراشية
المتحالفة مع الصهيو امريكا والغرب .
فما وقع حقيقة هو تغيير شكلي للرأس وبعض رموزه واستبذالهم باخرين شيئا
فشيئا بالمراهنة على الوقت والتواطئ مع ما يسمى المجتمع الدولي ستقوم هذه
الوجوه الجديدة باعادة انتاج نفس المنظومة القهرية والتحالفية .
الأمر الذي تم استنساخه في مصر مع تغييرات شكلية لااقل ولا اكثر تمثلت في
كون العسكر في مصر اعلن صراحة استيلائه على السلطة على عكس الجيش التونسي
الذي لم يعلنها جهارة بالرغم من كونه هو الحاكم الفعلي ايضا في تونس .
في مصر كما في تونس قان الجيش بتعيين نفس الحكومة ونفس رئيس الحكومة
المعين من الرئيس المخلوع بقصد ادارة الدولة فما اسموه بالفترة الانتقالية
والتي حددت في مصر كما في تونس ب6 اشهر اي نصف عام .. ولطمأنة الشارع يقوم
الجيش مع حكوماتهم الانتقالية بالقيام ببعض الاجراءات الخجولة كاصلاح بعض
بنوذ الدستور وتقديم بعض الرموز المحروقة الى المحاكمة ..الخ وهي في
الواقع تنازلات تكتيكية الى حين تثبيت الامور من جديد ..
ادن نحن أمام نفس السيناريو يتكرر في كل الأقطار العربية وبشكل مدروس
ومتوقعة نتائجه وهو الأمر الذي يحدث الان في ليبيا ، بحيث لم تتضح بعد
الصورة ولم يتم التوصل الى الجهة التي يمكن ان تضمن سيرورة نفس النظام
الالغراشي ..التحالف الصهيو امريكي والغرب يلتزم الصمت لحد الساعة او يدين
بشكل جد محتشم على الرغم من هول وبشاعة المجازر التي تميز بها العقيد
وتفوق على من سبقوه لحد الساعة .. هذا الرجل المجرم السفاح بامتياز الذي
يستخدم اسلحة ثقيلة ضد شعب اعزل مدنين يقصفهم بالطائرات الحربية المتطورة
والمدفيعية والاسلحة الفتاكة المضادة للطائرات ويستقدم مرتزقة من صربيا
وافريقيا ليذبحوا شعبه ..هذا السيكوباتي المهوس بالسلطة لدرجة الجنون ..
..العالم الحر بين مزدوجتين المتشدق بحقوق الانسان .. لازال يتفرج والشعب
الليبي الاسطورة هو الذي يدفع فاتورة الدم القاسية جدا في انتظار ان
يتبلور شكل من النظام يرضي التحالف الصهيو امريكي والغرب المجرمين..
رخصة القتل والأبادة مفتوحة ومشرعة للطاغية يمارس هوايته البشعة في الذبح والسفك والتخريب والحرق ..
ان هذا السيناريو هو الدليل " كاتلوك" المعمول به في كل الاقطار العربية
التي تعرف الان او التي ستعرف انتفاضات شعبية لايراد لها ابدا أن تؤسس
لمنظومة سياسية وحضارية واجتماعية تقطع مع الاستبداد واللصوصية وتؤسس
لمجتمعات حديثة كباقي دول العالم .. هذه الشعوب التي قدر لها أن تقع بين
مطرقة انظمة قاتلة لصة متجبرة وسنداد تحالف صهيو امريكي وغربي اناني مجرم
.. فقط لان صدفة الجغرافية والتاريخ جعلته في صلب الصراع الابدي لمصالح
امم كانت دائما متكالبة عليه استعمارا وتقسيما ودعما لانظمة الفساد
والاستبداد..
الثلاثاء يونيو 07, 2011 1:07 pm من طرف سميح القاسم