ما الذي يجري في البحرين؟!! غليان في الشارع وحضور مكثف لأجهزة الأمن اتهمت
السلطات البحرينية ثلاثة وعشرين معارضاً بتدبير مؤامرة تهدف إلى تغيير
نظام الحكم بوسائل غير مشروعة. وأشار التلفزيون البحريني إلى أن هذه
المجموعة التي اعتقل معظم أفرادها منتصف آب/أغسطس اتهمت ببث الدعايات
والأخبار الكاذبة من خلال الخطب التحريضية في بعض دور العبادة. ولم يتسن
الاتصال بجماعات المعارضة للرد على هذه الاتهامات، لكن الأنباء المتوافرة
تشير إلى غليان في الشارع وحضور مكثف لأجهزة الأمن.
فالأزمة في البحرين
تتجه نحو مزيد من التعقيد مع عزم الحكومة إخضاع المنابر الدينية والمساجد
لإشرافها المباشر، وأرفق ذلك بدعوة ولي عهد البحرين سلمان بن حمد آل خليفة
ملك البلاد إلى اعتبار هذه المنابر خاضعة للدولة بالكامل.
دعوة سلمان بن
حمد بُررت بالحرص على مصالح الأمة وتأكيد معنى ولاية الأمة من خلال ولاية
الدولة على المنابر الإسلامية بهدف تحقيق التوجيه الديني السليم، فيما أعلن
مجلس الوزراء أن الحكومة ستعمل على جعل المنبر الديني البحريني مكاناً
يعتليه فقط من هو قادر على تكريس قيم التسامح والوسطية والاعتدال.
في
المقابل، فإن الخطوات الحكومية الأخيرة لاقت ردود فعل شاجبة من قبل جمعية
الوفاق، وهي أكبر كتلة برلمانية معارضة، وأستغرب أمينها العام الشيخ علي
السلمان اتهام الموقوفين بالانتماء إلى منظمة سرية واحدة وهم يمتلكون وجهات
نظر مختلفة.
الشيخ علي سلمان اعتبر أن صوت جهاز الأمن الوطني أصبح
عالياً واستطاع أن يفرض الخيار الأمني على حكومة البحرين، واتهم الأجهزة
الأمنية بالتحريض والإعداد للحملة الأمنية واعتقال الناشطين السياسيين.
وترى
المعارضة البحرينية أن المعتقلين لا يتبنون العنف من خلال عملهم العام،
فخطاباتهم السياسية كانت تشدد على عدم إلحاق الضرر بمصالح البلاد أو
الممتلكات العامة، ولذا لا يمكن أن تَركَب تهمة التنظيم السري عليهم.
وأكدت
المعارضة البحرينية أن الخيار الأمني لن يؤدي لأي حلول بل سيزيد من
المشكلة المتفاقمة، فاعتقال العشرات لن يؤدي لوقف الاحتجاجات بل سيزيدها
لتعم إرجاء مختلفة من البلاد، وطرحت المعارضة تساؤلات عن المدى الذي ستأخذه
الحالة الأمنية في البحرين في ظل معرفة الجميع أن الخيار الأمني يشكل
مشكلة وليس حلاً.
وفيما يلي عرض لتسلسل الأحداث وتطور الأزمة في البحرين:
التوترات
التي تسود البحرين هذه الأيام سببها سياسي بامتياز وهي لا تعدو كونها محطة
جديدة في مسلسل صراع قديم ـ جديد بين السلطة الحاكمة وغالبيةٍ معارضة
تنادي بالمشاركة في الحكم.
اشتعل فتيل الأزمة قبيل انتخابات العام ألفين
واثنين حينما اعترضت المعارضة على تهميش دورها في الدوائر الحكومية
والرسمية وتغييب تمثيلها في الحياة البرلمانية، ومع ذلك شاركت في الحكومة.
وفي
حكومة 2006 ، مُثِّلت المعارضة بأربعة مناصب وزارية وكانت المرة الأولى
التي تشغل فيها شخصيةٌ معارضة منصبَ نائب رئيس الوزراء ، لكن الأفضلية في
المناصب الحكومية الحسّاسة كالدفاع والداخلية ظلت ضمن حصة الفريق الحاكم.
على
الصعيد البرلماني ، شكلت المعارضة أكبر كتلة في مجلس النواب ، لكن قدرتها
على الحركة بقيت مقيدةً بحدود ، ذلك أن الملك يعين أعضاء مجلس الشورى الذي
يوازي مجلسَ النواب المنتخب.
إضافة إلى ذلك ، شكلت قضية "التجنيس"
مصدراً لتوتر لا يهدأ ، ورأت المعارضة أن سياسة التجنيس العشوائي محاولة
لتغيير التركيبة الديموغرافية لمصلحة نظام الحكم ، إذ جرى تجنيس عشرات آلاف
الأشخاص من رعايا خمس وأربعين دولة في بلد لا يتجاوز عدد سكانه مليون نسمة
.
وانفجرت الأزمة الراهنة قبيل انتخابات ألفين وعشرة حيث رفضت السلطة
التجاوب مع مطالب المعارضة بشأن تمثيل عادل وإعادة النظر في قانون الانتخاب
، بل وشنت سلسلة اعتقالات طالت بعض كبار رموزها.