-4- الـــصـور
لقد كانت دراسة صور الأجنبي وتجلياته، خلال عقود طويلة،
أحد الأنشطة المفضلة للمدرسة الفرنسية) في الأدب المقارن : لقد بدأت هذ
الدراسة مع جان - ماري كاريه، ثم أخذها ماريو - فرانسوا غويار، ودافع عنها،
ونشرها في الفصل الأخير من كتابه الصغير ضمن سلسلة كوسيج - ماذا أعرف ؟)
عام 1951): " الأجنبي مثلما نراه ". بعد ذلك بوقت قصير، أبدى رينيه ويلك،
ضمن مقالة في الكتاب السنوي للأدب المقارن والأدب العام، معارضة شديدة
للدراسات التي يعدها أقرب إلى التاريخ أو تاريخ الأفكار منها إلى الأدب.
بعد عشر سنوات، ندد إيتامبل في كتابة مقارنة ليست صواباً) بالأعمال التي
تهم المؤرخ، وعالم الاجتماع أو رجل الدولة )، إنه يشير إلى أن هذه الأعمال
كانت مزدهرة في فرنسا). " تقريباً مثل الدراسات حول الرحالة الإيسلنديين
في مدغشقر، والمالغاش في KAMTCHATKA أو السويديين في بانكوك ... ". لقد
أثارت دراسات الصور انتقادات. وكانت تمتلك هذه الانتقادات بعض المسوغات،
إذا أخذنا بعين الاعتبار بعض رسائل الدكتوراه القديمة أو المقالات التي
يظهر فيها، بصورة كاريكاتورية) سقطات هذا النوع من البحث : قائمة
بالموضوعات، تجريد النصوص المقبوسة ودراستها كوثائق، توسع في الاقتباسات،
تفسيرات مسهبة، خلط بين مجال الأدب ومجال التاريخ .... مع ذلك، وفي الوقت
نفسه، وضعت سلسلة من الرسائل قاعدة دراسة الصورة IMAGOLOGIE )(1) :
نذكر منها رسالة أندرية مونشو ألمانيا أمام الآداب
الفرنسية من عام 1814 إلى عام 1835، تولوز، 1953)، ورسالة ماريو - فرانسوا
غويار صورة بريطانيا العظمى في الرواية الفرنسية - 1914 - 1940، ديدييه،
1954)، ورسالة رينيه شوفال ألمانيا والحرب P.U.F ، 1963)، ورسالة ميشيل
كادو صورة روسيا في الحياة العقلية الفرنسية - 1839 - 1856 - فايارد،
1967)، وبعض الرسائل الأخرى التي ستذكر لاحقاً. يمكنها أن تدعم ...
المقارنة مع الرسائل التي قدمها مؤرخون مثل رينيه ريمون، الذين طرحوا
غالباً دراسات عن الرأي العام مثل الولايات المتحدة أمام الرأي العام
الفرنسي - 1815- 1852، كولان، 1962، مجلدان). وحتى إذا ظهر ماريو - فرانسوا
غويار مهتماً برسم حدود بين المؤرخين والمقارنين الذين يعطيهم مهمة النقل
الأدبي) لصورة، فإنه من الواضح أن دراسة الصورة كانت مشتركة بين المعارف
قبل الأدب. [size=12]
- دراسة الصورة : تأمل معرفي مشترك : [/size]
[size=12][size=12]
يتقاطع هذا النوع من الدراسات مع البحوث التي يقوم بها
علماء السلالات البشرية، وعلماء الإنسانيات، وعلماء الاجتماع، ومؤرخو
العقليات والحساسيات، الذين يطرحون مسائل حول ثقافات أخرى، والغيرية (2)
، والهوية، والمثاقفة، والتنافر الثقافي، والاستلاب الثقافي، والرأي العام
أو الخيال الاجتماعي. من المهم بالنسبة للمقارن، أن يأخذ بعين الاعتبار
التساؤلات التي يمارسها باحثون متقاربون، ليس من أجل نسيان الدراسة الأدبية
وتوسيع أرضيتها كثيراً، ولكن من أجل مقابلة هذه المناهج مع مناهج أخرى،
خاصة الصورة الأدبية مع شهادات متوازية ومعاصرة، ومع صور انتشرت عبر
الصحافة، والأدب الموازي، والسينما، والفنون. يتعلق الأمر جيداً بإعادة
تسجيل التأمل الأدبي ضمن تحليل عام يخص ثقافة أو ثقافات عديدة تعود
لمجتمعات محددة جيداً. تعد الصورة الأدبية، بهذا الشكل، مجموعة من الأفكار
عن الأجنبي مأخوذة ضمن تطور التأديب (3) ) وكذلك أيضاً المجمعة (4)
). هذا المنظور يجبر المقارن على أخذ النصوص الأدبية في الحسبان، وكذلك
شروط إبداعها، ونشرها، وتلقيها، وكل أداة ثقافية كتبنا بها، أو عشنا معها،
أو فكرنا، وربما حلمنا بها. تقود الصورة إلى مفترقات إشكالية تبدو فيها
ككاشف موضح، بصورة خاصة لآليات عمل مجتمع ما ضمن أيديولوجيته التمييز
العنصري، والإغرابية مثلاً)، وضمن منظومته الأدبية بوضوح، وضمن خياله
الاجتماعي.(5) [/size][/size]
[size=12][size=12][size=12]
مع ذلك، من غير الممكن أن ينفي المقارن خصوصية الفعل
الأدبي غالباً عبر قصص الارتحال، والدراسات، والقصص الخيالية، والمسرح -
نماذج أجنبية - والشعر بصورة أكثر ندره ). [/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12]
هذه الحاجة المضاعفة، وهذا التغيير للأفق ليسا دون نتائج ضمن إعادة تحديد حقل تأمل دراسة الصورة )، وكلمة الصورة نفسها. [/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
- الصورة المقارنية : [/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
في المعنى المقارني، يستدعي مفهوم الصورة تعريفاً أو على
الأصح فرضية عمل يمكن أن تصاغ على الشكل التالي : كل صورة تنبثق عن إحساس،
مهما كان ضئيلاً بالأنا) بالمقارنة مع الآخر، وبهنا) بالمقارنة مع مكان
آخر. الصورة هي إذن تعبير، أدبي أوغير أدبي، عن انزياح ذي مغزى بين
منظومتين من الواقع الثقافي. إننا نجد، مع مفهوم الانزياح، البعد الأجنبي
الذي يؤسس كل فكر مقارني. في علم الاجتماع، يصبح هذا الانزياح اختلاف طبقات
اجتماعية، أو أصول، أو فضاءات جغرافية - ثقافية منطقة رئيسية). وفي علم
الإناسة ما يتعلق بالإنسان) يصبح الانزياح تعارضاً بين مجتمعات لها كتابتها
وتاريخها، ومجتمعات تسمى بدائية ). [/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
إعادة التقديم والانزياح : [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
الصورة إذن هي إعادة تقديم واقع ثقافي يكشف من خلاله
الفرد والجماعة الذين شكلوه أو الذين يتقاسمونه أو ينشرونه)، ويترجمون
الفضاء الاجتماعي، والثقافي، والأيديولوجي، والخيالي الذي يريدون أن
يتموضعوا ضمنه. هذا الفضاء، المطروح كأفق للدراسة، هو المسرح، والمكان
اللذان تتوضح بهما، بطريقة مزخرفة، أي بمساعدة الصور، الكيفية التي ينظر
وفقها مجتمع إلى نفسه ويتأمل فيها، وكذلك الكيفية التي يفكر بها بالآخر
ويحلم به. مما لاشك فيه، في الواقع، أن صورة الأجنبي يمكن أن تعبر أيضاً عن
أشياء حول الثقافة الأصلية الثقافة الناظرة) التي من الصعب أحياناً
تصورها، والتعبير عنها، وتخيلها. تستطيع صورة الأجنبي الثقافة المنظورة)
إذن، أن تنقل، على مستوى مجازي، حقائق وطنية) لم يعلن عنها وتحدد بصورة
واضحة، والتي، من أجل هذا، تقوم على العقيدة) وهي تقوم كذلك، بالنسبة
للمقارن، على خيال اجتماعي، مطبوع بالثنائية: هوية غيرية، وتعابير متعارضة
ومتكاملة في الوقت نفسه، إن مفهوم دراسة الصورة لاينحصر فقط بدراسة درجة
تزييف الصورة، مثلما يطرح الآن أحياناً كل صورة كاذبة بالضرورة، بوصفها
تقديماً لبعض الحقائق وتحويلاً لها إلى كلمات)، ولاينحصر كذلك بدراسة
الانتقالات الأدبية لما يسمى، للسهولة، واقعاً، ويجب أن ينفتح على دراسة
مختلف الصور التي تشكل، في لحظة معينة، تقديم الأجنبي، وعلى دراسة خطوط
القوة التي تحكم مجتمعاً، ومنظومته الأدبية، وخياله الاجتماعي. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
لايستطيع المقارن، وإن كان أسير الكلام، أن يمنع نفسه من
الاقتباس من الحقل المعجمي للبصريات إدراك، نظر، قراءات، رؤيا، وهم) من
الثابت أن الصورة تقديم، أي عناصر ماثلة في ذهن الكاتب، والجماعة)، والتي
تحل محل عنصر أصلي غائب الأجنبي)، وتقدم بدلاً عنه خليطاً من المشاعر
والأفكار التي من المهم معرفة صداها الانفعالي والعقائدي، والمنطق، نريد
القول الانزياح الخيالي. الصورة المقارنة ليست نسخة عن الواقع، إنها تتشكل
وتكتب بالاعتماد على مخططات، وإجراءات توجد قبلها ضمن الثقافة الناظرة.
الصورة لغة، إلى نقطة معينة، وهي لغة ثانية موازية للغة التي يتكلم بها
الأنا)، ومتعايشة معها، ومضاعفة لها بصورة من الصور، من أجل التعبير عن
الآخر، وقول شيء آخر. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
- الصورة لغة رمزية : [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
الصورة تحمل كل سمات اللغة مثلما حددها اللغويون، مثل
إميل بينفينيست. ويمكن تطبيقها، دون تعسف، على الصورة : تعبير الحديث هو
حديث عن شيء معين انطلاقاً من مكان التعبير) ؛ وتشكيل ضمن وحدات متميزة كل
واحدة منها هي إشارة من هنا تأتي ضرورة وصف هذه اللغة التي هي الصورة )؛
ومرجع بالنسبة لكل أعضاء جماعة بشرية واحدة تكشف صور الآخر الانتساب إلى
ثقافة)، وتحيين (6) واحد للاتصال بين الأفراد : تخدم الصورة، خاصة الأدبية، في قول شيء معين)، وهذا الشكل من الدلالة الثقافية الأحادية حالة النمط )(7) هو الذي يسبب مشكلة ضمن إطار دراسة أدبية. ولكن الصورة هي أيضاً لغة ثانية لأسباب أخرى. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
إنني أنظر إلى الآخر، وصورة الآخر تنقل أيضاً نوعاً من
الصورة عن هذه الأنا) التي تنظر، وتتكلم، وتكتب. من المستحيل تجنب ألاّ
تبدو صورة الآخر، على مستوى فردي كاتب)، وجماعي مجتمع، أو بلد، أو أمة)،
ونصف جماعي عائلة فكرية، رأي، أدب)، نفياً للآخر أيضاً، وتتمة وتعميقاً
للأنا) وفضائها. تريد الأنا) الحديث إلى الآخر لأسباب ضرورية ومعقدة
غالباً) ولكن في حديثها إلى الآخر، تصل إلى نفيه، وتحادث نفسها. في مستوى
آخر، من بين كل اللغات الرمزية التي يمتلكها مجتمع معين للتعبير عن نفسه،
وللتفكير لنفكر - بالموضة - التي درسها رولان بارت في - نظام الموضة)، تعد
الصورة واحدة منها، ووظيفتها التعبير عن العلاقات بين الشعوب والثقافات،
وهي علاقات ليست فعّالة بمقدار ماهي مُعتقدة، أو يحلم بها بين المجتمع الذي
يعبر وينظر والمجتمع المنظور. الصورة فعل ثقافة ، وممارسة إناسية متعلقة
بالإنسان) للتعبير عن الهوية والغيرية في الوقت نفسه واللباس، والمطبخ لغات
رمزية أخرى) ضمن هذا المجال، للصورة مكانتها ضمن العالم الرمزي الذي نسميه
خيالاً)، والذي سمي خيالاً اجتماعياً لأنه لاينفصل عن تنظيم اجتماعي،
وثقافي. [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
أخيراً، الصورة لغة لأن كل تقديم، بالمعنى الذي قصدناه
هنا، يوجد من أجل التواصل. ولهذا فإن الصورة تستحق تحليلاً يستطيع أن
يتبنى نوعاً من علم الدلالة، بتوسع وحرية بصورة خاصة. من أجل إعادة استخدام
كلمات رولان بارت في عناصر علم الدلالة )، فإن للصورة وظيفة - إشارة).
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
نقول إن هذه السمة متعددة المعاني، تطال أحياناً الدلالة
الأحادية، وهي التي تسبب مشكلة في دراسة أدبية. في لحظة تاريخية معينة،
وضمن ثقافة ما، ليس ممكناً قول أي شيء عن الآخر) وكتابة. إن النصوص التي
يدرسها علم الصورة، والتي تسمى أحياناً صورية - نمطية، هي نصوص مبرمجة، في
قسم منها، ويمكن تأويلها مباشرة إلى حد ما عن طريق الجمهور الذي يعرف
الصورة كلياً أو جزئياً للثقافة، والقول اللذين عبر عنها بهما. بالإضافة
إلى ذلك، إن الخطابات عن الآخر) المتنكرة بالخيال، ليست مطلقة عددياً، إنها
متسلسلة بحسب رأي المؤرخين. وتعدادها، وإظهارها، وشرحها يعني فهم كيف أن
الصورة لغة رمزية داخل منظومة ثقافية، وخيال اجتماعي، هذا هو موضوع دراسة
الصورة [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
- الأنماط Stéréotypes [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
تبقى الصورة كلمة مبهمة، متنقله في كل مكان، مناسبة زوراً. هل من المفيد التفكير بشكل خاص وشامل للصورة : [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
النمط. هنا أيضاً، أصاب الغموض غالباً هذه الدراسة غير
المعروفة كثيراً في الأدب) بسبب مسألة زيف النمط ونتائجه الأساسية على
المستوى الثقافي . [/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
[size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12][size=12]
- من العلامة إلى الإشار[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]