** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الاتصالات والتبادلات  I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الاتصالات والتبادلات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
وردة
مرحبا بك
مرحبا بك
وردة


عدد الرسائل : 72

الموقع : حضن الحبيــب
تاريخ التسجيل : 09/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

الاتصالات والتبادلات  Empty
13022011
مُساهمةالاتصالات والتبادلات

مع بداية كل تساؤل مقارني، يوجه اهتمام خاص نحو الخارج، ونحو معرفة الثقافات الأجنبية، والاتصالات واللقاءات، والعلاقات بين الكتّاب، والتداخل بين الثقافات، وكتابة الاكتشافات المشتركة .‏

أطلق بول فان تييغم على هذا النوع من البحث اسم Mesolgie )(1) Mesos، الذي يبقى في الوسط). لم تلق الكلمة رواجاً كبيراً، وانتقدت دراسات الوسطاء) بسبب دعوتها إلى التعمق. وكان بول فان تييغم أول من سخر من حقيقة أنها تطلبت صبراً ونظاماً أكثر مما تطلبته من العبقرية ). لهذا، تبدو، للوهلة الأولى، أنها لاتخضع في قسم كبير منها للدراسة الأدبية تحديداً.‏

- الأدب المقارن والتاريخ الثقافي .‏

المقصود هنا إعادة بناء جو من التفكير، والرأي في مواجهة العالم الأجنبي، ودور الأجانب في تكوين هذا الرأي، وتقويم فائدة المحادثات، والكلام المتبادل، والصداقات بين الأدباء، والكتّاب الذين يفضلون المعرفة المتبادلة للثقافات. بذلك، يمكن إعادة تشكيل حياة الأمريكيين في باريس فيما بين الحربين العالميتين، من خلال التنقيب عن علاقاتهم، وصداقاتهم، والدور الذي أدته مكتبة أدريان مونييه) في شارع أوديون)، أو مكتبة سيلفيا بيش شكسبير وجماعته) في شارع الأرصفة. يمكن أيضاً أن نقرأ الصورة التي أعطاها عنهم همنغواي في باريس حفلة)، مع عدم نسيان البعد الأدبي للشهادة .(2)‏

تهتم بعض الدراسات عن الوسطاء بإعادة بعث كتّاب مبتدئين، وتضحي بالسيرة العقلية، وتقع بذلك في دراسة أحادية الجانب تجد المقارنية مكانها فيها بصعوبة أوبصورة عرضية. إن اختبار العالم الخارجي هوالموضوع المقارن. والفعل التوسطي) لكاتب وإن يكن من الطبقة الثانية). وما يجب شرحه أحياناً، ودون أي تناقض، هوغياب الاتصالات، وسوء التفاهم، والجهل.‏

يمكن لدراسة اللقاءات والاتصالات أن تفيد تاريخ الأفكار، والطباع، ولكن ليس تاريخ أشكال الأدب، وأجناسه، والمقاربة الشعرية له , إن لقاء أندريه بريتون، و إيميه سيزير عام 1941 في فوردوفرانس، مثلما رواه الأول في سحر مارتينيكي للثعابين) بعيد عن أن يكون للتندر، بل يخص التاريخ السياسي، والإيديولوجي، وتاريخ الحركة السوريالية ضمن امتداداتها في جزر الكارييب وأمريكا.‏

ولكن يجب أخذ النص المقبوس كنوع من وصف رحلة غريبة، وليس كوثيقة في المعنى الضيق للكلمة. يختفي تاريخ الاتصالات ليحل محله تسجيل رحلة، ولقاء، واكتشاف من قبل شاعر فرنسي لفضاء فرنسي)، ومع ذلك غريب بصورة عميقة : وهذا مثال جيد عن مقارنيه داخلية). تتحول معرفة العالم الأجنبي إلى كتابة، وتقديم فضاء، وثقافة غريبين. ليس هناك أدنى شك في أن أندريه بريتون كان أيضاً وسيطاً بالنسبة لسيزير وبالعكس، إذا تذكرنا اكتشاف مجلةTropiqnes، أو الرحلة حتى شق أبسالون، على بعد كيلومترات قليلة من فوردو فرانس !)‏

ولكن لايمكن إهمال هذا المستوى البيوغرافي، الطارئ على تحليل التأثيرات)، على الرغم من الإشارات الواضحة على الكتابة السوريالية عند الشاعر المارتينيكي.‏

لايمكن لعملية التوسيط أن تعني التأثير : يبدو أن الخلط حدث في الماضي بسبب التصور الميكانيكي للتبادلات. ما الذي يمكن إنقاذه أوالمحافظة عليه من التساؤلات التي تبقى، مع ذلك، أساس الدراسات المقارنة؟ ضمن نظام من الأدبية المتنامية، يمكن أن نميز المناطق، ، والمراكز، وأنصار الأممية، مثل المجلات أوالوسطاء، والحالة الخاصة التي يمثلها الرحالة، وأدب الرحلات.‏

- المناطق والمراكز.‏

يجب أن يفهم من المنطقة) فضاءات تستطيع أن تضم أراضيَ عديدة ويمكن أن تشكل جزءاً من دول مختلفة. حددت السياسة الحدود، ولكن الوقائع الجغرافية، والثقافية تعطي للمنطقة نوعاً من الوحدة.‏

مع ذلك، من المناسب أخذ مقياس معين، في الحسبان، ووعي الأبعاد والحدود التي تفرضها المنطقة. وفي خلاف ذلك، يمكن وصف الأمبراطورية النمساوية - الهنغارية القديمة على هذه الحال، وكذلك La Mittel Europa كلها، أو أيضاً حوض الدانوب الذي سار معه كلوديوماغريس، واقتفى أثر مجراه، مازجاً بين الحلم والمعرفة. دانوب غاليمار، 1986 ).‏

يمكن لبلاد الهند أو Patagonie أن تشكل بالنسبة للفنان، والكاتب، والشاعر، والرحالة فضاءات غنية بإمكانيات الكتابة، ولكنها لايمكن أن تكون مناطق تبادلات أدبية، بالمعنى المقارني للتعبير. في المقابل، إن منطقة Rio de la plata التي تضم قسماً من محيط بوينيس أيريس، والواجهة البحرية للأرغواي، وقسماً من البارغواي، تشكل منطقة غنية للاتصالات، والتبادلات بين تقاليد وطنية متنوعة، خاصة بين هذا القسم من أمريكا وأروبا: اختلاط الشعوب، الوجود النشط في بوينيس أيريس لجاليات إيطالية، وسلافية، وألمانية، دون نسيان الجالية اليهودية. هذه الحقائق الثقافية تؤثر في الإبداع الأدبي، وفي الحياة العقلية، وهي تفسر نشاط الطباعة، وغنى بعض المجلات، ووجود تقاليد فنية غربية، وآداب أصيلة، هُجنت بطريقة مناسبة مثل هذا المسرح في اللغة الإيطالية - الإسبانية Le cocolich). يمكن للمنطقة الأدبية أن تشمل تقريباً دولة صغيرة بكاملها تكون مركزاً نشيطاً للتبادلات مثل هولندا في القرنين السابع عشر والثامن عشر مع وجود لاجئين يهود، وبروتستانت، وصحفيين، وباحثين، وبوجود نشاط مطبعي موروث فعال جداً.‏

يمكن أن نستشهد هنا أيضاً بسويسرا، أو ببعض المناطق المدنية مثل جنيف، وبال أوزيوريخ. يمكن أن تقتصر المنطقة على إقليم حدودي أو ثغر) مثل الألزاس (3) ،أو تخوم) مثل Trieste) ملتقى ثلاثة تقاليد أدبية، إيطالية، وألمانية، وسلوفينية. (4)‏

لن ننسى الروح) العالمية لبعض المناطق بالمعنى الفرنسي للكلمة :‏

الفلاندر، البورغوغون في عصر الأنوار مع الأكاديمية النشيطة جداً في ديجون، وأيضاً منطقة اللورين في عصر الدوقات حيث تأكدت لحقبة دعوات الجنوب. يساعد مفهوم المنطقة على تطوير نوع من المقارنية المنطقية) المطروحة سابقاً، أو على فتح برامج بحث ودراسات نوعية في بعض البلدان. يجب على المقارنية الإسبانية، وحتى الإيبيريكية، أن تأخذ في الحسبان وجود مناطق) كاتالان، وغاليسينية ، واللهجة المتقلبة بين الكاستيلية، والبرتغالية التي قدم عنها فيديلينو فيغيريدو الرائد المقارني البرتغالي لمحة في كتابه Pirene) عام 1953. على المقارني المبتدئ أن يعيد تشكيل أجواء عقلية، وجغرافية للتبادلات، ومتابعة حركة الأفكار والاشكال وإعادة زرعها، وجرد القرائن، والأراضي، وفهم كيف أن أفكاراً تسطيع أن تتحول إلى صور، وموضوعات أدبية. يرتبط الأمر هنا غالباً بالبحث أكثر مما يتعلق بالتدريس .‏

من الواضح أن المراكز هي مدن، ومؤسسات أدبية، وثقافية.‏

هناك عواصم سيطرتها الأممية واضحة (5) ويمكن أن تحتفظ بمفاجآت كانت لشبونة دائماً أكثر انفتاحاً على المؤثرات الأوربية من مدريد)، وهناك مدن أخرى، أدت لحقبة طويلة، دور المأوى، والملتقى، ومركز استقبال للافكار والناس برشلونة، ليون، مطابعها من عصر النهضة إلى الأنوار، مركز نشر الإيطالية في فرنسا، مرسيليا بوابة الشرق )، وكذلك أيضاً فينيسيا التي تتبنى الدعوة نفسها، وبعض المدن التي تتجاور فيها الثقافات وتتحاور : مثل طنجة الأثيرة عند بول موران، وجوزيف كيسيل، وجوان غويتيسولو، أو بول بويل، وكذلك توليد Toléde المدينة القروسطية التي تحاورت فيها الديانات الثلاث(6) من جهة أخرى هناك الحلقات المتعددة مثل الندوات، والجماعات، والمدارس، والمقاهي، والصالونات، والمحافل، والمكتبات، والأكاديميات ...إلخ‏

- المجلات الأدبية :‏

يجب العودة إلى بول فان تييغم أيضاً من أجل الاستشهاد بدراسة رائدة هي السنة الأدبية) 1754-1790)، كوسيط في فرنسا للآداب الأجنبية باريس، ريدير، 1917).‏

اعتمد أولاً على المقاربة الإحصائية لوحات، نسب مئوية)، ولذلك لاحق الاتجاهات الرئيسية للصحيفة، وميولها نحو انكلترا)، ومنسياتها، وتجاهلاته الأداب الإيبيريكية). تكون الدراسة نوعية عندما يجب فحص الترجمات، والأحكام الجمالية، ومقاييس الاستحسان أوالرفض، وشخصية بعض المحررين أوالمساعدين. لهذا، نحن نقترب من دراسة التلقي، انظر الفصل الثالث). ما هي نماذج المجلات التي يمكن أن تفيد المقارن؟ بصورة مبدئية، كلها، لأن المطلوب هو كشف. البعد الخارجي للنشر وتقويمه كان لبعض المجلات، منذ ظهورها، رغبة في الانفتاح على العالم الخارجي مثل مجلة العالمين Revue deux Mondes) أو مجلة Le Mercure de france) أو أيضاً مجلة الغرب Ravistaw d'occident) الشهيرة، التي يعود الفضل في تأسيسها إلى الفيلسوف أورتيغاغاسيه، وكانت ولادتها، في السنوات الأخيرة من الفرانكفونية، دليلاً على تجديد فكري حر ومفتوح على أوربا، وكذلك المجلة الأرجنتينية المشهورة جداً Sur) التي أسسها فيكتوريا أوكامبو على شاكلة N.R. F)، المجلة التي استطاع من خلالها غارسيا ماركيز أن يقرأ فوكنر، وأن يكتشف أو كتافيوباز أندري بروتون (7) . هناك مجلات أخرى أقل شهرة، لكنها استطاعت أن تؤدي دوراً وسيطاً لايستهان به. لحقبة طويلة، مثل Le Disqne vert) للبلجيكي فرانزهيلين، إطلالة على ‎أوربا) من عام 1921 إلى عام 1957، من أجل إعادة أخذ عنوان مختارات قدم لها بول غوسيكس، بروكسل، لابور، 1992).‏

- الوسطاء‏

الوسيط قيمة عقلية، ناقل للأفكار والمعارف، له أوجه عديدة، ويمكن أن يتحدد ميله عبر طرق مختلفة :‏

1- من خلال معارفه خاصة اللغوية)، وسيكون في هذه الحالة مترجماً انظر الفصل الثالث).‏

2- من خلال غنى معارفه عن العالم الخارجي وتنوعها الرحلات، واللقاءات) ويستطيع كاتب معروف أن يقوم بدور الوسيط (8)‏

3- من خلال قدرته على الشهادة، وبصورة عامة، من خلال إرادته على نشر أفكار، ومعلومات عن العالم الخارجي (9)‏

من هنا تأتي ضرورة فحص حياته، ومراسلاته، ودراساته، وفهم استراتيجيته في التفكير، وانتقاء الموضوعات أو الكتب التي سيتكلم عنها، وطريقة توجيه تفكيره، والإجابة عن توقعات جمهوره، وأقرانه، وتجديد ذهنه وشحذه من أجل الاكتشاف. كل مقارن هو وسيط بالقوة. إننا نفكر بهؤلاء الوسطاء الذين تحدث عنهم سابقاً إدغار كيني في القرن الماضي، وبهذه البرازخ بين القارات) وهذه المضائق بين البحار) التي يجب دراستها .‏

إن عمل الناقل) هو الذي يميز الوسيط صاحب التوجهات الأممية عن رحالة أكثر وحدانية أو سرية، أوعن كتّاب يجمعون بين ثقافتين أو ثقافات عديدة، يكتبون ويفكرون) بلغتين. يمكن أن يكون هؤلاء أيضاً موضوعات لدراسات مقارنية، ولم يعد الأمر يتعلق بقاصرين عند ذكر بعض الأسماء مثل الناقد شارل دوبوس (10) ، وجوزيف كونارد، وفيرنا ندوبيسوا الذي نشر قصائد إنكليزية) 1918- 1923)، أوجوليان غرين. نفكر أيضاً بالإيرلنديين الناطقين بالإنكليزية سويفت، وايلد، جويس ،.....) وبالغاليسيين الذين يكتبون باللغة الكاستيلية مثل غونز الوتورنت باليستر الذي يعترف أنه مارس الترجمة الذاتية، واحتفظ بلغته الكاستيلية ليغوص في أعماق موضوع سحري غاليسي. يمكن أن يبدو إيرازم (11) مثالاً لوسيط إذا اعتبرنا فاعليته في النشر والتوزيع الايديولوجيين : روح نقدية، ولع بالتسامح ،نوع من المعرفة المحببة التي نجدها في كتابه. مع أمير Ligne - لين - المعجب بنفسه لامتلاكه ستة أوسبعة أوطان، فإن روح الأنوار الحرة، وأحياناً الطائشة، التي تظهر ضمن مجموعة الكتابات التي دخلت طي النسيان بصورة ظالمة، ماعدا حكاياته اللاأخلاقية ..... ومع لا فكاديو هيرن المولود في Leucade من أم يونانية وأب إيرلندي، فإن التجوال Cincinnati) الذي وصل حتى اليابان وانتهى إلى تبنيها، قام بتعريف الغرب ببعض صورها بعد أن قطع بحار العالم قاطبة خاصة الكاراييبي (12) . لقد فتح بعمله الغني المتضمن أكثر من سبعين عنواناً، الأدب على شعر العناصر وجماليات جزر شهيرة، خاصة في روايته الأولى شيتا Chita) 1889). هل ينبغي تتبع قائمة لانهاية لها؟ ومن يجب الاستشهاد به؟‏

ستاندال حياة روسيني، ونزهات في روما، وريلكه الشاب، وسكرتير رودان، أوألفيني ستيفان زفيغ الذي سيفتخر بعالمية مدينته الأصلية في كتابه عالم الأمس) ... أو معاصرنا الصحفي والشاعر ماكس بول فوشي النهم للاطلاع على الثقافات والفضاءات، ومؤلف قصص الرحلات مثل : الشعوب العراة )(13) عن أفريقيا، أو دراسات مثل المجموعة التي تحمل عنواناً رمزياً هو: النداءات )(14) .‏

ماالذي يمكن أن يجمع هذه الاسماء؟ إن ما يجمعهم هو حرية الروح، وانفتاح الفكر، والاستماع إلى الآخر، وحب المغامرة، والثقافة الواسعة، والعلم الغزير الذي يزداد دائماً ويوضع موضع شك، والروح البدوية) من أجل أخذ كلمة كينيث وايت في صورة الخارج) بلون، 1978) الذي استطاع أن يقدم جيو - شعرية) حقيقية من مشهد العالم والرحلات. في المقابل، يعد هؤلاء جوالين حقيقيين مثل : والتربنجامين، ومنفيين، ومهاجرين، ورجالاً سيعانون من قساوة الغربة. أو أنهم سيعيشون بطريقة مأساوية بسبب ثقافتهم المزدوجة. إن اختبار الأشخاص الوسطاء، وأحياناً القاصرين، والمهمشين الذين لاينقذون وحدانيتهم الكئيبة إلا من خلال كتاباتهم، يؤدي إلى الشعور بالخاصية المتنوعة للتوسيط الثقافي، وحوار الثقافات.‏

- كتابة الوساطة‏

يمتلك الوسيط سلسلة واسعة من الأجناس، وأجناس أدبية فرعية، واشكال من الكتابة توظف في خدمة عمل معين أو جمهور خاص.‏

- الرسالة، لنفكر أولاً بالأدب أوالنص الذي يأخذ بعض السمات‏

من الشكل الترسلي مثل الرسائل الفلسفية 1734) التي بفضلها عرّف فولتير الجمهور الفرنسي بإنكلترا جديدة. تقدم الرسالة نبرة حميمة، وطريقة ارتجالية، وتدعو باستمرار للإشارة إلى الحاضر، وتأخذ كشاهد المرسل إليه، وهي بالنسبة للوسيط، وسيلة إقناع، وحتى دعاية لأفكاره. ولاننس الرسائل المخطوطة التي يمكنها أن تضاعف من انتشار الصحف، وتخلق حلقات فكرية مهمة.(15)‏

* الدراسات :‏

في مقابل ذلك، تشير الدراسة حقاً إلى نوعية المعلومات عن الثقافة الأجنبية وامتدادها. في ذهننا كتاب من ألمانيا) لمدام دوستال، و الرواية الروسية) للكونت ميلشيور دوفوغوي 1886) في الطرف الآخر من القرن. لم يخدم الاستقبال الحماسي للعمل فقط المدرسة الرومانسية الروسية الجديدة، التي لم تكن معروفة في فرنسا، ولكن أيضاً كل أولئك الذين يهاجمون المدرسة الطبيعية التي هاجمها أنصار جمالية أخرى هي الرمزية .(16)‏

* - مرفقات النصوص :‏

في منتصف الطريق بين الدراسة المتخصصة، والمقالة في مجلة، والنص الذي يتطلب حضوراً فعالاً للمتلقي، نشاهد أشكالاً مختلفة من مرفقات النصوص مثل التمهيد أو التذييل) لترجمة، أو من أجل تقديم مؤلف، أوعمل غير معروف بصورة جيدة. يمكن أن نفكر بالأصداء المختلفة للنص الذي قدّم معه جان بول سارتر المختارات الفتية للشعر الإفريقي والمالغاشي التي صنعها ليوبولد سيدار سينغور، وكان عنوان التمهيد Orphé noir) 1948). أو أيضاً التمهيد الذي أعطاه أندريه مالرو لعمل فاغنز Sanctuaire)‏

* المقالات والأخبار :‏

يأتي بعد ذلك مجموعة المقالات، والأخبار التي يعطيها الصحفي أوالوسيط إلى مجلة، أو نشرة دورية، بصورة نظامية. هذه الممارسة لاتهم فقط النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وبذلك يتم نسيان الدور الرئيسي الذي قامت به الصحف، والأوراق المنفصلة، ونشرات مؤقتة أخرى، في القرن السابع عشر وخلال عصر الأنوار كله حيث ظهر نموذج جديد من الأدباء الذين حققوا بعض الشهرة بفضل نشاطهم الصحفي : أرادت صحيفة الفيغاور أن تحقق شهرة كبيرة مع Journal Inutile التي شهدت نشاطاً نقدياً، وهجائياً، ونقاشاً حامياً استدعى انتباه العالم الخارجي كثيراً، من أجل تمرير نقدٍ ذي غرض محلي. مع الانكليزيين ستيل وأديسون، محرري الصحيفة المشهورة Spectator)، ومع الأب بريفوس في صحيفته Pour et contre) ظهرت ظاهرة جديدة في الأدب حيث أخذت صحيفة دورية توجهاً أدبياً، نقدياً غالباً. نجد مثل هذه المظاهر في إيطاليا بيتروفيري، جيوسيب باريتي)، وفي إسبانيا مع كلافيجو) التي أثرت خصوماتها مع Beau- marchais) في غوته، أو أيضاً في روسيا فونزيفين، كريلوف أو راديشتشيف).‏

يهدف العمل أولاً إلى تقديم تعريف موجز) عن الأعمال الجديدة، خاصة الأجنبية، وعن بعض المقاطع الأساسية فيها ثم تقديم حكم عام عليها. فهو إذن عمل تحليلي وتركيبي يخضع لمتطلبات الوقت الحاضر)، والدقة الانتظام الدوري) .‏

تذكر الصحيفة بالنشاط التوسيطي القديم للآداب : وكانت تعنون MERCURE , NOUVELLES , COURIER ... وكانت تركز حيناً على المكتبة الموسوعية (17) وحيناً آخر تعود إلى الصورة الرمزية للصحفي، ودروه الثقافي والاجتماعي (18) لقد أصبحت الصحيفة نوعاً من المسرح يكون فيها الصحفي مشاهداً وقارئاً، وحكماً. إن مسألة وجهة النظر، المهمة، عندما يجب الحكم على العالم الخارجي، لاتنفصل عن النشاط الصحفي. انتشرت خلال القرن التاسع عشر بالتدريج، ظاهرة المراسل الصحفي، والصحفي المختص. في باريس قبل عام 1914، وبعد هذا التاريخ أيضاً، اهتمت جالية إسبانية - أمريكية مهمة بنقل أخبار مدينة النور، عاصمة العالم، باريس عاصمة فرنسا، إلى جمهورها فيما وراء الأطلنطي، وحتى في إسبانيا، وذلك بصورة دورية. ولم يكن الرصاص قد انطلق بعد في مدينة النور، كما سيقول بخبث عن أيامنا الحاضرة الروائي البيروفي بريس إيشنيك. بهذه الطريقة قدمت مجموعة من الأسماء وحتى أكثر) للدراسة المقارنة. لقد أعطى الغواتيمالي إنريك غوميزكاريلو، عن الوسيط، صورة عظيمة بالألوان ومثالاً يحتذى، فهو على التوالي مراسل صحفي، وناقل أخبار، وناقد، وروائي، ومناقش، ورحالة، ومراسل حرب، ورسام وجوه، ومترجم، وكاتب مقدمات، ومدير ومؤسس لدوريات، ومؤلف لنحو خمسين كتاباً ومجموعة من التقارير، والمقالات النقدية، والقصص، والانطباعات عن الرحلات، ونصوص جدلية. (19) لا تنفصل شخصية الوسيط هنا عن الكتابة التي بفضلها عرض الصحفي المختص ذاته الاجتماعية : لايستطيع أن ينقل الأخبار دون أن يتخذ موقفاً، ويشكل أسطورة الفضاء الباريسي الذي يتطور فيه. إذا لم يجد الخبر، وانتقال الأفكار صداهم دائماً ضمن هذه الوساطة فلن ننسى أن هذه الوساطة تهدف إلى نشر صور، و كليشات). وكذلك الحال بالنسبة للكاتب الذي يكتب قصة رحلته.‏

- الرحلات :‏

من بين تجارب العالم الخارجي كلها، تبقى الرحلة بالتأكيد الأكثر مباشرة، ولكنها واحدة من أكثر التجارب تعقيداً. يستطيع المؤرخ أن يستفيد من الرحلات : كتابة تاريخ الرحلات، تدل على فهم تطور المعارف، وانتقال أخبار عن مناطق بعيدة ومجهولة (20) ، وانتشارها. من الأب بريفوست إلى جول فيرن، تحول بعض الكتّاب إلى جامعي مواد لتأليف مختارات من كتابات الرحلات البحرية غالباً. منذ عقود طويلة، قام المقارنون خاصة الفرنسيين، برحلات من أجل كتابة الدراسات والبحوث .إن الثلاثي المتمثل في الرحلات، والصور انظر الفصل الرابع)، والخيال قد حدد نوعاً من المقارنية خلال سنوات 1950 التي دافع عنها جان ماري كاري.(21)‏

ولكن بعض الإصدارات الحديثة تؤكد الفائدة الدائمة لهذا. نذكر كأمثلة عن استمرارية جيدة، و تغيير) رائع : هيلين توزيه في : الرحالة الفرنسيون في جزيرة صقلية في العصر الرومانسي، بوافان، 1945، وجزيرة صقلية في القرن الثامن عشر من وجهة نظر الرحالة الأجانب، ستراسبورغ، هيتز، 1955)، وجان ماري كاريه في الرحالة والكتاب الفرنسيون في مصر، باريس، القاهرة، 1956)، وروجر ميرسييه في أفريقيا السوداء في الأدب الفرنسي - الصور الأولى من القرن السابع عشر إلى القرن الثامن عشر، داكار، 1962)، ودينيز براهيمي في رحالة فرنسيون في بلاد البربر خلال القرن الثامن عشر، جامعة ليل الثالثة، 1976)، وفانسان فورنييه في المكان المثالي الغامض : السويدي والنرويج عند الرحالة والدارسين الفرنسيين - 1882 - 1914 - كليرمون - فيران، أدوسا، 1989)، وكلود دوغريف في الرحلة إلى روسيا : مختارات لرحالة فرنسيين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لافون، 1990) ولكن هذه السلسلة المهمة تتضمن أيضاً دراسات كتبت من قبل متفرنسين مثل : جان كلود بيرشي الرحلة إلى المشرق، مختارات من رحالة فرنسيين إلى بلاد المشرق في القرن التاسع عشر، لافون 1985).‏

- الرحلة بين الحج والسياحة :‏

الرحلة نشاط ثقافي، محدد، تتطلب مقاربة تاريخية وانتروبولوجية. يمكن العودة إلى الصفحات التي تقدم مدارات حزينة) لكلود ليفي - شتراوس، المعنونة نهاية الرحلات)، والتي يرى فيها دارس السلالات نفسه، في سنوات التعلم، يستعد لرحلات تكشف له ثقافات تسمى بدائية).‏

يواجه المقارن الرحلة كتجربة إنسانية متميزة، لايساويها شيء بالنسبة للذي يعيشها، وتعد، في شكلها المكتوب، شهادة تأخذ حيزاً في لحظة محددة من التاريخ الثقافي لبلد معين : إنه الرحالة.‏

الرحلة التي يدرسها المقارن، هي انتقال مسجل ثانية، وتعاد كتابته، ينتج عن تبادل بين فضاء غريب، واختيار لكتابة، وشكل، ومضمون ثقافي. والرحلة أيضاً هي التي تخدم كنموذج لتغيرات أدبية أخرى، مثل : الرحلة الخيالية، والحكاية الخيالية، (22) أوالرواية.‏

- من الخادع إلى الحاج :‏

إذا كان الرحالة الوحيد يعد شيطاناً بالنسبة للقرآن (23) الكريم)، فإنه بالنسبة للتراث اليوناني - اللاتيني، كاذب : إنه يروي قصة، قصته، وقصص. من نموذج ذلك، يوليس الذي درسه جوفينال SATIRE XV) لشالاتان)، و ARETALOGUS) . وهذا أيضاً رأي الموسوعة التي تذكر في مقالة رحالة) أن كل إنسان يكتب عن رحلاته هو كاذب). لم يلحظ إذن كثيراً الاختلاف بين رحلة حقيقية، ورحلة خيالية : من خلال فعل الكتابة، يقوم الكاتب الرحالة بوضع حبكة. من المهم رؤية وفق أي منطق ستبنى أكاذيبه)، حتى عندما يعرض النص كقصة موضوعية، وأي من هذه الأكاذيب) تصلح لأن تتحول إلى مادة أدبية. إذا تأملنا في العلاقات بين الرحلة والأدب نرى أنه من المدهش ملاحظة الأشكال الرئيسية الثلاثة التي تخطر على تفكيرنا ضمن تتابع يحترم التأريخ : الحج، والرحلة، والسياحة.‏

من الواضح أن الحج ليس رحلة، مثلما أنه في المجال العربي تتعارض الرحلة مع السفر(24) يثبت الحج، بوصفه نشاطاً ثقافياً، عدم فائدة العالم الأرضي، ويعارض الحياة الأرضية بمصادفاتها، وبؤسها مع التطواف والبحث. بحث عمودي عن نظام علوي، يكمل ويضاعف من الطريق الأفقي، والمسارات، ونهارات الطريق. خلال العصر الوسيط كله، كان الحاج يسافر ضمن مجموعة للحج إلى سان - جاك في كومبوستيل، وهذا الحج قاد المرشدين الأوائل، بالمعنى الحديث للكلمة، وقليلاً جداً من الأدب)، وتفصيلات عن وضع الفنادق ،والاستراحات الضرورية، والدورات الواجبة، باسم عبادة مفهومة جيداً، والوجبات التي يجب التعرف عليها. كان يجب الانتظار حتى القرن السادس عشر والقرن السابع عشر لكي نرى الحاج يتنقل وحيداً، متحولاً إلى شخصية رومانسية، حتى وإن تحول إلى موضوع لمقطوعات شعرية. لقد استبدل رحلته الروحية بالبحث العشقي : مثل الحاج في وطنه) للوب فيغا، و الحاج في الحب) في كتاب SOLEDADES الوحدات) لغينغورا، والحاج ماشياً) في كتاب PERSILES لسرفانتس، وهذه الأعمال روائية ضمن ذوق الروايات اليونانية القديمة وفي العمل المشهور الإبحار إلى سيتير) لفاتو، نرى أن الشخصيات الرجالية احتفظت ببعض عناصر لباس JACOBITE). وبذلك تم نسيان كومبوستيل .. ولكن المظهر الجمالي للحج أدى إلى التفكير بشكل أولي بـ السياحة)، مع الرحلات الجماعية والمنظمة، بخبرائها ومرشديها الدائمين.‏

* - الرحلة أو إثبات الفرد :‏

تتعارض الرحلة مع الحج والسياحة في الوقت نفسه، من حيث أن الرحالة يحتفظ بالسمة الفردية لعمله، وقراره. لا وجود لرحلة دون قرار يتخذه فرد بحرية، حتى إذا خاصة إذا) لم ترتسم لذة اكتشاف المجهول جانبياً منذ البداية، وزادت من شهية غير المنظور الذي يحمله كل رحالة. " أعرف الذي أهرب منه، ولكن ليس الذي أبحث عنه "، هذا ما يقوله مونتين الذي نستطيع أن نعده مع بيترارك وإيرازم من النماذج الأدبية الأولى عن الإحساس الارتحالي، وعن نظرة مهتمة بمشهد العالم. هذا النوع من الحرية أو القدرية) للرحالة يجب ألا ينسينا بعض الطرق التي لا تجعل الرحالة حراً بصورة حقيقية في اختياراته، وتنقلاته. إن ظاهرة الدورة الكبرى) التي كانت تقود سيداً إنكليزياً شاباً حول العالم للقيام برحلة لمدة سنتين أو أكثر يزور خلالها فرنسا، وأرض الفن والسعادة الإيطالية والتي جاءت منها كلمة سياحة)، تسمح برؤية اختلاط جولة شخصية متميزة مع نشاطات تثقيفية، وتعلم مع دورات اصطلاحية، ومحطات إجبارية.‏

تعبر الرحلة وقصة الرحلة أو المذكرات)، في ممارستها والتعبير الأدبي عنها، عن لحظة ثقافية معروفة جيداً هي لحظة التقاء الإنسان مع العالم الخارجي، وسيطرته الواضحة على العالم، وقدرته اللامحدودة على وصف العالم وفهمه، واعتقاده بسيادته عليه، ورهانه الدائم على إمكانية تحويل المجهول إلى معلوم ومفهوم. ارتحل مونتسكيو إلى إيطاليا وأخفى مفكراته) التي ستخدمه في عمله الفلسفي الضخم روح القوانين). كان اهتمامه بالتعرف على فضاءات حضرية قليلاً بالمقارنة مع اهتمامه بالإطلاع على تاريخ البشر، وأوجه الحضارة، وعاداتها وأخلاقها. قصة الرحلة عمل تفاؤلي للغاية وإيجابي يعيد قول إمكانية الرحالة وإرادته في النظر إلى فضاء ناس آخرين وزمانهم من أجل الإحساس بوحدة الروح الإنسانية، وتنوع المجتمعات، وطرق الحياة الاجتماعية : الرحالة هو واحد من المفاتيح التفسيرية للعالم والتاريخ خاصة إذا امتلك نوعاً من الحكمة المأخوذة من الكتب، أو روحاً فلسفية. للرحلة، وأدب الرحلات، حدود تاريخية هي الاكتشافات الكبرى في مطلع العصر الحديث، والمشاريع الاستعمارية الكبرى في القرن التاسع عشر : العصر الذهبي للفرد المسلح بعقله والذي استطاع ديكارت أن يصفه ‎:" انطلق هذا الفارس الفرنسي بخطوة جيدة "، هذا إذا أعيد استعمال كلمة بيغوي. العصر الذهبي للفردانية، ولنظام ثقافي ذي قيم يحمل اسم إنسانية ).‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الاتصالات والتبادلات :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الاتصالات والتبادلات

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: