هشام مزيان المشرف العام
التوقيع :
عدد الرسائل : 1762
الموقع : في قلب كل الاحبة تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش تاريخ التسجيل : 09/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25
| | وعاء الثقافة الإسلامية الفاسد | |
افة culture هي وعاء من الأعراف والعادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية التي تتوارثها الأجيال وينقلها الآباء إلى الأبناء، الوعاء الذي لا يمكن تناول أي طعام معرفي جديد إلا منه وعبره فيحد من نكهته ويعطيه طعما مميزا ويخفف تأثيراته. وعاء هو مثل المريء للمعدة لا يصلها الطعام المعرفي إلا عبره، أكان طعاما علميا، أدبيا ،أخلاقيا أو ثوريا، علمانيا أو لبراليا، محافظا أو تحرريا، يساريا أو حتى شيوعيا ومهما كانت قوة الطعام وشدته وكثرة توابله فانه لا بد وان يكون مشوبا بشيء منه، رائحة، نكهة، طعما أو حتى نفسا يجبرنا على التساؤل من أين أتى هذا النفس غير المستساغ، غير المحبب هذا الخيط من الرائحة الذي لا يمكن إلا ملاحظته وتميزه عن الطعام الأصل. إن هذا التساؤل الذي طالما شغل بال المرأة فحيرها، فلم تجد تفسيرا لهذا التناقض الغريب بين أفكار زوجها الثوري وبين تربيته المحافظة لأبنائه ومعاملتها الاستعلائية لها، بين ثوريته ونضاله من اجل التغيير وبين تجنبه لهذا التغيير في بيته، بين تحديه للسلطة وجبنه عن تحدي المجتمع، بين ثوريته المتفجرة في البيانات والخطابات والنضال ضدها وبين تماهله وتردده وضعفه وهزاله في حقيقة ممارسته في الصراع ضد العادات والتقاليد والممارسات الدينية، نجد جوابا له في تأثير وعاء الثقافة الإسلامية على الفرد والمجتمع. الثقافة الإسلامية التي ليس احد بمنجى منها، هي مثل الطقس، الجو، الذي نعيش فيه، يخضع الفرد لتأثيراته المناخية رطوبة أو حرارة أو انفعال أو ردود فعل، هذا المناخ يلازم الفرد منذ ولادته، منذ نعومة أظفاره، منذ ساعات وعيه الأولى فيلقن بان الله ربه ومحمد نبيه، تحوم الملائكة حوله لتستوطن أكتافه وتشغل وقت فراغه بكتابة ذنوبه ومعاصيه، تراقب كل صغيرة وكبيرة من أفعاله، الشياطين ترصد خطواته وتنصب الفخاخ له ليقع في حفرها المظلمة، الله ينتظره بجحيمه وجهنمه وعصيه واسواط من نار وطعام من غسلين، الإنسان المسلم أو الذي نشا في بيئة مسلمة محاصر من كل صوب، مريض وصريع ومهووس وهما أو تصورا. يشعر بالإثم عندما ينظر إلى جمال المرأة وينجذب إلى إغرائها، وعندما يحب ويعشق يؤلمه ضميره ويزحم بأحاسيس الذنوب وحين يرضي غرائزه يقتض مضجعه وكأنه اقترف الكبائر، هذا وهو صغير وعندما يشب ويقوى ويحس انه قد تحرر من تبعات هذه التربية الإسلامية المرعبة ، يكون قد فات الوقت فالقيد لا يربط اليدين ولا الرجلين ولا يكمم الفم ولا يغلق العين فقط، بل يحجر على العقل فلا يقوى على التحدي إلا بحدود رضي المجتمع لا يقتحم إلا بمقدار السلامة. الثقافة الإسلامية تولد الرغبة في الإنسان إن يكون اعمي أو اخرس أو أطرش إن يفقد حواسه الخمسة، فلا يقع ضحية غريزة أو نظرة بريئة أو رغبة مكتومة كي يرضي الله ونبيه ورجال دينه ليس ليدخل الجنة، فالرغبة الأولى إن ينقذ ويجنب جلوده كرابيج الله النارية. فالله لا يرضى حسب الثقافة الإسلامية، أو حسب رجال الدين إلا بقمع حواس الإنسان. أليس الإنسان بميت عندما تقتل الحواس فيه ؟ أليس الحواس هي الحبل السري الذي يربط الإنسان بالمجتمع وبالحياة.؟ أليست هي الغرائز التي تربط المرأة بالرجل والرجل بالمرأة؟ إن هذا الوعاء الثقافي الإسلامي الرجعي هو المسئول عن وجود الإنصاف. أنصاف ثوريين، أنصاف العلمانيين، أنصاف الشيوعيين، أنصاف ألبراليين، أنصاف المثقفين. البعض مقتنع إن يكون نصفا من شيء لاعتقاده بأنه لا يوجد وعاء آخر عندما يكسر وعاء الثقافة الإسلامية الفاسد. البعض لا يجرئ على كسر الوعاء، فانه يخاف العاقبة والخوف من العاقبة هو النكهة والطعم والمكون للثقافة الإسلامية. | |
|
الأربعاء ديسمبر 11, 2013 3:01 pm من طرف سميح القاسم