17 أبريل 2015 بقلم
محمد بنتاجة قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:وهم الخلافة الإسلامية:
رؤية نقدية للمرجعية الكلاسيكية حول نطرية الخلافة الراشدة في التجربة السياسية للإسلام
الملخص:
يشهد واقع الأمة العربية الاسلامية تغيرات مستمرة. صلاحيتها بالموازاة أزمات عدة، لا يقل بعضها خطرا عن بعضها الآخر. وقد كان للواقع السياسي العربي دوره في تعميق أزمة المجتمعات العربية الاسلامية، وتوسيع رقعت الخلاف والشقاق بين مختلف الأطراف والاطياف السياسية المؤثثة للمشهد العربي عموما.
كما كان لهذا الواقع السياسي الهزيل أثره على حياة الناس وواقعهم المعيشي. وقد ظهرت في مقابل هذا الواقع الهش حركات دينية متشددة وأخرى إسلامية حركية تدعو الى احياء رسوم ما يسمى بالخلافة الاسلامية باعتبارها الحل الأمثل لتجميع الطاقات الاسلامية وبلوة مشروع تحديثي يعيد للأمة الاسلامية نهضتها وحضورها في المشهد العالمي المعاصر.
وهذا بناء على رؤية تمجيدية للتاريخ السياسي الاسلامي، خصوصا لتاريخ الخلافة الاسلامية التي طالما اعتبر امتداد لنمط الحكم النبوي المتسم بالخصوصية الخاصة غير القابلة للتقليد. وهنا مكمن الخطر وسوء الفهم للواقع التاريخي والمعاصر.
وقد رمنا في هذا البحث إعادة قراءة الرؤية السياسية للخلافة الاسلامية، باعتبارها تجربة بشرية لا علاقة لها بما هو مقدس متعال عن التشريح والنقد والتصحيح. خصوصا وأن ظاهرة التقديس لمفهوم الخلافة الاسلامية لم يتبلور الا خلال القرن الثاني الهجري، حيث اعتبرت الخلافة جزء لا يتجزأ من منظومة العقيدة الاسلامية. ولا يخلو كتاب للعقيدة من الحديث عنها كأن المسلمين في حل من كل شيء اللهم قضايا الحكم والخلافة. وهاهم الصحابة أنفسهم قد اقتتلوا على الحكم ورد بعضهم على بعض وانتقد بعضهم بعضا وطالب بها بعضهم وسفكوا الدماء في ذلك. وهي بذلك لا تفرق عن أي تجربة بشرية أخرى، ناهيك عن المآسي الاجتماعية التي كان يعاني منها المسلمون (المواطنون) في ظل هذه الخلافة والتي استمرت معهم الى يومنا هذا.
وحتى لو فرضنا صلاحية نموذج الخلافة الاسلامية الكلاسيكي لواقع كواقع الأمة العربية الاسلامية المعاصرة، فهل كان سيحل مشاكلنا المعاصر بعد ان عجز على حل مشاكل المسلمين القديمة؟؟ خصوصا بعد تعقد العلاقات الدولية وتشعب المصالح وتغير موازين القوى العالمية. إن الاسلام السياسي في شطر كبير منه يسوِّق الوهم للشعوب الإسلامية في دعوتها للخلافة المزعوم، تحت مسميات وشعارات دينية شتى. متناسين أن الواجب الأول هو ضرورة احياء الانسان المسلم بتحسين تعليمه وإخراجه من ظلمات الأمية والجهل وتحسين ظروف عيشه وتحفيزه على الابداع الخلاق والنفع لمجتمعه وسلوك الوسطية والاعتدال في مواقفه والتحلي بروح الانسانية التي جمعتنا كبشر. فهذا هو الرهان الحقيقي في تصوري لبناء أمة صالحة، ومواطن إيجابي يعرف ما له وما عليه، وفي تناسق وتفاعل مستمرين وايجابيين مع محيطه.