بن عبد الله مراقب
التوقيع :
عدد الرسائل : 1530
الموقع : في قلب الامة تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | يتبع | |
تطور العلاقة بين الفلسفة وفيزياء الكم يعد من أعمق التداخلات بين العلم والفكر، حيث أثارت الاكتشافات الكمية في بدايات القرن العشرين وحتى الآن موجات فكرية أثرت على الفلسفة في مجالات متعددة، من الميتافيزيقا إلى نظرية المعرفة والأخلاق. إليك عرضًا تطوريًا لهذه العلاقة:1. البدايات: الشك في الواقعية الكلاسيكية- عندما بدأ العلماء في اكتشاف الظواهر الكمية، مثل تراكب الحالات ومبدأ الريبة، بدأت أسس الواقعية الكلاسيكية التي استندت إليها الفلسفة الطبيعية منذ عهد نيوتن في الانهيار. ومع ظهور هذه الظواهر، بدأ الشك في كون الواقع "ثابتًا" ومحددًا كما اعتقد العلماء والفلاسفة سابقًا.
- هذا الشك قاد فلاسفة مثل هايزنبرغ ونيلز بور إلى اقتراح تفسير كوبنهاغن، الذي يقول بأن خصائص الجسيمات لا يمكن تحديدها إلا عند القياس، مما يعني أن الواقع على المستوى الكمي ليس موضوعيًا بشكل تام بل يتأثر بالملاحظة.
2. تأثير تفسير كوبنهاغن: إعادة النظر في مبدأ الموضوعية- تفسيرات فيزياء الكم دفعت الفلاسفة إلى التفكير في دور المراقب في تشكيل الواقع. على سبيل المثال، وفق تفسير كوبنهاغن، لا يمتلك الجسيم موقعًا أو سرعة محددة إلا عند قياسهما. وهنا، ظهرت مسألة العلاقة بين الوعي والواقع، مما أعاد إحياء نقاشات فلسفية قديمة حول ما إذا كان هناك وجود مستقل للعالم عن المراقب.
- هذه النظرية ألهمت مدارس فلسفية ترى أن الواقع ليس "مطلقًا" بل قائمًا على علاقات وارتباطات، مما دفع الفلاسفة للتساؤل عن طبيعة الواقع وعن إمكانية الوصول إلى الحقيقة المطلقة.
3. تفسيرات متعددة: احتمالات متعددة لفهم الوجود- مع تزايد الأبحاث في فيزياء الكم، ظهرت تفسيرات أخرى أكثر تعقيدًا مثل تفسير العوالم المتعددة لهيوغ إيفريت، والذي يقول بوجود أكوان متوازية تنفصل عند كل حدث كمومي. وقد أثارت هذه الفكرة نقاشات فلسفية حول طبيعة التعددية والواقع، وعما إذا كانت جميع الأحداث المحتملة تحدث بالفعل في عوالم مختلفة.
- تفسير العوالم المتعددة أعاد النقاشات حول تعدد الأكوان، مما أثر على الفلسفة الوجودية من خلال إثارة تساؤلات عن حرية الإرادة، والقدر، واحتمالات الواقع.
4. البنيوية والتفاعلية: نظرة جديدة إلى طبيعة المعرفة- تطور المفهوم البنيوي في الفلسفة الفيزيائية، والذي يقترح أن ما ندركه ليس الواقع في حد ذاته، بل علاقات أو بنى تحدد كيفية تفاعل الأشياء مع بعضها. فمثلاً، الإلكترونات لا تُفهم كجسيمات مستقلة بذاتها، بل كجزء من شبكة من العلاقات تحدد خصائصها.
- تعززت هذه الأفكار بمفهوم التفاعلية، التي تعني أن القياسات ونتائجها مرتبطة بعلاقة تفاعل بين النظام والمراقب، مما يدعو إلى التفكير في أن المعرفة ليست مجرد اكتشاف مستقل، بل هي تفاعل مشترك بين الوعي البشري والواقع.
5. التداخل الفلسفي: العقل، الوعي، والواقع الكمومي- تساؤل الفلاسفة حول ما إذا كان هناك دور أساسي للعقل والوعي في تشكيل النتائج الكمية قاد بعضهم إلى استكشاف علاقة أعمق بين الفيزياء وعلم الإدراك. برزت النظريات التي ترى أن الوعي البشري ربما يكون جزءًا من "التفسير" الذي تحتاجه فيزياء الكم.
- اقترح بعض الفلاسفة مثل ديفيد شالمرز وجون ويلر أن الوعي قد يكون مكونًا أساسيًا للكون، مما يجعلنا نفكر في "العقل" كجزء لا يتجزأ من الواقع، وهو مفهوم يتقاطع مع فكرة أن الكون قد "يراقب" ذاته.
6. آفاق المستقبل: الأخلاق والاحتمال في ضوء النظرية الكمية- تقدم فيزياء الكم للعالم مفهومًا جديدًا للأخلاق ومسؤولية الأفعال، حيث إن الطبيعة الاحتمالية للأحداث تتيح فهمًا جديدًا للأخلاقيات. ففي عالم حيث لا شيء محدد أو قطعي، تنفتح آفاق جديدة لمفهوم "الاختيار" و"العواقب".
- هذا يدعو الفلاسفة إلى التفكير في أن الأخلاق قد لا تكون حتمية بل احتمالية، وأن الأفعال الإنسانية تأخذ أبعادًا متعددة داخل إطار كوني قائم على الاحتمال
| |
|