نابغة فريق العمـــــل *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 1497
الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي
تاريخ التسجيل : 05/11/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | ما العمل؟ فلاديمير لينين | |
ما العمل؟ فلاديمير لينين أ- ما معنى "حرية النقد" ؟إن شعار"حرية النقد" هو، دون شك، الشعار الأوسع انتشارا في الوقت الحاضر، الشعار الأكثر استعمالا في الجدل بين الاشتراكيين والديموقراطيين في جميع البلدان. وإنه ليصعب على المرء، لأول وهلة، أن يتصور شيئا أدعى إلى الدهشة من تذرع أحد المتجادلين، على مسمع من الملأ، بحرية النقد. هل ارتفعت، يا ترى، من بيئة الأحزاب المتقدمة أصوات ضد القانون الدستوري الذي يضمن في معظم البلدان الأوروبية حرية العلم وحرية البحث العلمي ؟ "إن وراء الأكمة ما وراءها" – هذا ما سيقوله لنفسه بالتأكيد كل إنسان غير متحيز يسمع هذا الشعار الدارج يكرر في كل ناد وواد، ولكنه لم يدرك بعد جوهر الخلاف بين المتجادلين. "يبدو أن هذا الشعار من كلمات السر التي يكرسها الإستعمال كما هي الحال في الألقاب وتصبح أشبه بأسماء الأجناس".وفي الحقيقة لا يخفى على أحد أن اتجاهين قد نبعا في الاشتراكية-الديموقراطية العالمية(1) الراهنة، اتجاهين يحتدم بينهما الصراع ويضطرم أواره حينا، ويهدأ حينا آخر ويخمد تحت رماد "قرارات عن الهدنة" مهيبة. وقد أعلن برنشتين وأظهر ميليران بما يكفي من الوضوح فحوى الإتجاه "الجديد" الذي يأخذ من الماركسية "القديمة، الجامدة"، موقفا "نقديا".ينبغي للإشتراكية-الديموقراطية أن تتحول من حزب للثورة الإجتماعية إلى حزب ديموقراطي للإصلاحات الإجتماعية. هذا المطلب السياسي أحاطه برنشتين بمجموعة كبيرة من البراهين والاعتبارات "الجديدة" نسقها تنسيقا لا بأس به. فقد أنكر إمكانية دعم الاشتراكية علميا وإمكانية البرهان على ضرورتها وحتميتها من وجهة نظر المفهوم المادي للتاريخ؛ أنكر واقع تزايد البؤس والتحول إلى البروليتاريا وتفاقم التناقضات الرأسمالية؛ أعلن أن مفهوم "الهدف النهائي" ذاته باطل ورفض فكرة ديكتاتورية البروليتاريا رفضا قاطعا؛ أنكر التضاد المبدئي بين الليبرالية والاشتراكية؛ أنكر نظرية الصراع الطبقي وزعم أنها لا تنطبق على مجتمع ديموقراطي صرف يدار وفق مشيئة الأكثرية، الخ..وهكذا فإن مطلب الإنعطاف الحاسم من الاشتراكية-الديموقراطية الثورية إلى الإصلاحية الإجتماعية البرجوازية قد رافقه انعطاف لا يقل حسما نحو النقد البرجوازي لجميع أفكار الماركسية الأساسية. ولما كان هذا النقد يساق ضد الماركسية منذ أمد بعيد من المنابر السياسية ومنابر الجامعات، وفي مجموعة كبيرة من الكراريس وجملة من الأبحاث العلمية، ولما كان الجيل الناشئ كله من الطبقات المتعلمة يتربى بانتظام وطيلة عشرات السنين على هذا النقد – فلا غرو أن ينبثق الإتجاه "النقدي الجديد" في الاشتراكية-الديموقراطية بشكله المتكامل دفعة واحدة، كما انبثقت مينيرفا من رأس جوبيتر. لم يكن من الضروري أن يتطور هذا الإتجاه ويتكون من حيث مضمونه: فقد نقل نقلاَ من المطبوعات البرجوازية إلى المطبوعات الاشتراكية.وبعد. إذا كان نقد برنشتين النظري ومطامعه السياسية قد ظلت غامضة بالنسبة لبعضهم، فقد عنى الفرنسيون بتبيان "الطريقة الجديدة" في التطبيق. وفي هذه المرة أيضا أثبتت فرنسا أنها تستحق ما اشتهرت به منذ القدم من أنها "البلاد التي كان يصل فيها صراع الطبقات، في تاريخها، أكثر مما في أية بلاد أخرى، إلى نهايته الفاصلة" (إنجلس، من مقدمة لمؤلف ماركس 18 برومير لويس بونابرت). فالإشتراكيون الفرنسيون لم ينصرفوا إلى النظريات، بل إلى العمل المباشر، ذلك لأن الظروف السياسية المتطورة في فرنسا تطورا أكبر من وجهة النظر الديموقراطية، قد مكنتهم من الإنتقال رأسا إلى "البرنشتينية العملية" مع كل ما ينجم عنها من نتائج. ولقد أعطى ميليران مثلا رائعا عن هذه البرنشتينية العملية، فليس عبثا إذن أن اندفع برنشتين وفولمار للدفاع عن ميليران وامتداحه بمثل هذه الحماسة ! وبالفعل، إذا كانت الاشتراكية-الديموقراطية ليست في جوهرها إلا حزب الإصلاحات وإذا كان ينبغي لها أن تجد في نفسها الجرأة على إعلان ذلك أمام الملأ – فعندئذ لا يحق للإشتراكي أن يشترك في الوزارة البرجوازية وحسب، بل ينبغي له أن ينزع دائما إلى ذلك. وإذا كانت الديموقراطية تعني، في جوهرها، إلغاء السيادة الطبقية – فلماذا لا يعمد الوزير الإشتراكي إلى إغراء العالم البرجوازي كله بخطابات عن تعاون الطبقات ؟ ولماذا لا يبقى في الوزارة ولو بعد أن جاءت مصارع العمال على يد الدرك دليلا للمرة المئة بل الألف على حقيقة طابع التعاون الديموقراطي بين الطبقات ؟ ولماذا لا يشترك شخصيا في تحية القيصر الذي لا ينعته الإشتراكيون الفرنسيون في الوقت الحاضر إلا ببطل المشانق والسياط والمنافي (knouteur, pendeur et déportateur) ؟ وتعويضا عن هذا الحضيض من الهوان الذي سقطت الاشتراكية فيه والاحتقار الذي جلبته لنفسها، أمام العالم كله، وتعويضا عن إفساد الوعي الإشتراكي بين جماهير العمال – وهو الأساس الوحيد الذي في وسعه أن يضمن لنا الإنتصار – تعويضا عن كل ذلك نرى مشاريع طنانة لإصلاحات تافهة، تافهة بحيث أمكن الحصول على أكثر منها من الحكومات البرجوازية !إن الذين لا يتعامون عن عمد يرون لا محالة أن الإتجاه "النقدي" الجديد في الاشتراكية ليس غير مظهر جديد من مظاهر الإنتهازية. وإذا حكمنا على الناس لا على أساس الرداء البراق الذي يخلعونه على أنفسهم بأنفسهم، لا على أساس اللقب الطنان الذي ينتحلونه لأنفسهم، بل على أساس تصرفاتهم وعلى أساس ما يدعون إليه في الواقع، اتضح أن "حرية النقد" تعني حرية الإتجاه الإنتهازي في الاشتراكية-الديموقراطية، حرية تحويل الاشتراكية-الديموقراطية إلى حزب إصلاحي ديموقراطي، حرية إدخال الأفكار البرجوازية والعناصر البرجوازية إلى الاشتراكية.الحرية كلمة عظيمة، لكن، تحت لواء حرية الصناعة شنت أفظع حروب السلب والنهب، وتحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة. وكلمة "حرية النقد" في استخدامها الحالي تتضمن مثل هذا الزيف. إن الذين يؤمنون حقا بأنهم دفعوا العلم إلى أمام لا يطلبون حرية وجود المفاهيم الجديدة إلى جانب المفاهيم القديمة، بل إبدال الجديدة بالقديمة. أما الصرخة الحالية: "عاشت حرية النقد !" فتشبه شديد الشبه حكاية الطبل الأجوف.نحن نسير جماعة متراصة في طريق وعر صعب، متكاتفين بقوة. ومن جميع الجهات يطوقنا الأعداء، وينبغي لنا أن نسير على الدوام تقريبا ونحن عرضة لنيرانهم. لقد اتحدنا بملء إرادتنا، اتحدنا بغية مقارعة الأعداء بالذات، لا للوقوع في المستنقع المجاور الذي لامنا سكانه منذ البدء لأننا اتحدنا في جماعة على حدة وفضلنا طريق النضال على طريق المهادنة. وإذا بعض منا يأخذ بالصياح: هلموا إلى هذا المستنقع ! وعندما يقال لهم: ألا تخجلون، يعترضون قائلين: ما أجهلكم يا هؤلاء ! ألا تستحون أن تنكروا علينا حرية دعوتكم إلى الطريق الأحسن ! – صحيح، صحيح أيها السادة ! إنكم أحرار لا في أن تدعوا وحسب، بل أيضا في الذهاب إلى المكان الذي يطيب لكم، إلى المستنقع إن شئتم؛ ونحن نرى أن مكانكم أنتم هو المستنقع بالذات، ونحن على استعداد للمساعدة بقدر الطاقة على انتقالكم أنتم إليه. ولكن رجاءنا أن تتركوا أيدينا، أن لا تتعلقوا بأذيالنا، أن لا تلطخوا كلمة الحرية العظمى، ذلك لأننا نحن أيضا "أحرار" في السير إلى حيث نريد، أحرار في النضال لا ضد المستنقع وحسب بل أيضا ضد الذين يعرجون عليه ! | |
|
الأربعاء مارس 02, 2016 10:38 am من طرف نابغة