يهتمّ الخطاب الأشعري بالقضايا السّياسيّة ضمن مبحث الإمامة من كتبه العقديّة، باعتبار أنّ هذا المبحث يُلحق غالبًا بالمؤلّفات في أواخرها، وحتّى تناوله لهذه القضايا في مواقعها لم يكن مفصّلاً ولا واضح المعالم بالقدر الكافي لمن يريد تبيّن التّفاصيل؛ ففي «مقالات الإسلاميّين» على سبيل المثال كان الأشعري يورد مقالات مختلف الفرق الإسلاميّة في القضايا المتعلّقة بالإمامة، ولكنّه يكتفي بذلك العرض المجرّد دون أن يبيّن رأيه هو فيما يورده، ودون أن يكون له تعليق عليها بالموافقة أو الاعتراض إلا في الأقلّ، وفي كتابيه «الإبانة» و«اللّمع» لم يتناول الإمامة إلاّ باختصار شديد لا يتجاوز الاستدلال على مشروعيّة الخلافة الرّاشدة في ترتيبها الذي تمّت عليه، وعلى الرغم من ذلك فإنّ النّقاط الفاصلة في الأحداث الخلافيّة التي بنى عليها الأشعري خطابه حول النّص، تغري بالبحث في مجال المضمر في هذا الخطاب، خاصّة إذا ما تمثّلنا تموقع الخطاب الأشعري في السّياق التّاريخي الإسلامي العام، ومن داخل علاقة علم الكلام بالسّياسة...