12:20 11:45 11:17 10:10 09:38 08:12 07:35 06:47 05:58 04:06 مواقيت الصلاة
إختر مدينتك :
03/10/2014[th]الفجر[/th][th]الشروق[/th][th]الظهر[/th][th]العصر[/th][th]المغرب[/th][th]العشاء[/th]
05:55 | 07:20 | 13:21 | 16:37 | 19:13 | 20:27 |
النشرة البريدية
استطلاع الرأي
هل ترَى بأنّ أثمان أضاحي العيد توافق مداخيل المغاربة؟
نعم لا
أرشيف الاستطلاعات الكلمات الدليلية:
لا يوجد كلمات دليلية لهذا الموضوع
قيم هذا المقال
3.00
المزيد في كُتّاب وآراء
* محمّد محمّد خطّابي
محمد بنعزيز
محمد وراضي
رمضان مصباح الادريسي
عبدالحميد البجوقي
أحمد إفزارن
احمد بابانا العلوي
صــلاح بوســريف
عبد الرحيم العلام
محمد برادة
Imprimer الرئيسية |
كُتّاب وآراء |
أيها المعلمون كفى من النواح.. أيها المعلمون كفى من النواح..
مولاي التهامي بهطاط
الأربعاء 01 أكتوبر 2014 - 21:21
أين درس عباقرة المغرب السابقون والحاليون؟
في كل دخول مدرسي، تنطلق المندبة المعلومة، لتستمر حتى ما بعد العطلة الصيفية، ولتتكرر في كل مرة نفس الاسطوانات، ولتتواصل حفلات النواح على امتداد التراب الوطني..
صحيح أن هناك مشاكل لا يحصيها العد في قطاع التربية والتعليم، الذي يلتهم ربع ميزانية المغرب، لكن ماذا ننتظر من "نظام" أعلن قبل نصف قرن أن التعليم يؤدي إلى الشغب، وإلى الخروج عن "الصراط المستقيم" وأن "الأمية هي الحل" المرحلي على الأقل لوأد أحلام التغيير؟
وصحيح أيضا أن المجتمع المغربي عرف انقلابا كبيرا على مستوى المفاهيم في العقود الأخيرة، فلم يعد العلم قيمة في حد ذاته ولا أداة للارتقاء الاجتماعي، لكن هذا الوضع ليس مغربيا خالصا بل تشترك فيه كل الدول العربية غنيها وفقيرها، بدليل أن دول الخليج حطمت كل الأرقام القياسية في مجال الإنفاق على التعليم، لكنها لم تصل إلى الفضاء، بل إن "علماءها" يتنافسون على ترويج الخرافات.. ولا عجب إن وجدت "دكتورا" تعلم في أعرق كليات الطب الأوروبية والأمريكية ينصح مرضاه بشرب بول الإبل.. لأن الشيخ فلان، أو الداعية علان روى حديثا "صحيحا" في هذا الباب..
كل هذا صحيح، ويمكن أن استمر إلى ما لا نهاية في تشخيص مواطن الداء التي يعرفها الجميع.. لكنني أود التوقف عند مسألتين في غاية الأهمية:
المسألة الأولى تتعلق بالدور المحوري الذي يلعبه رجل التعليم في المنظومة التعليمية حيث بإمكانه قلب كل المعادلات، إما في الاتجاه الإيجابي أو في الاتجاه السلبي.
لكن لا تكاد تمر دقيقة دون أن تقرأ هنا أو هناك -خاصة في زمن فورة مواقع التواصل الاجتماعي- عن صرخة احتجاج للمطالبة بتحسين الوضع المالي للأستاذ، وتوفير الوسائل اللازمة حتى يؤدي وظيفته على الوجه الأكمل.
لن أدخل هنا في تفاصيل ولا في مقارنات، بل أكتفي بتسجيل بعض الملاحظات:
- هناك "حكمة" ملأت جدران الفيسبوك منذ شهور مؤداها أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ردت على القضاة حين طالبوها بالمساواة في الأجور مع "المعلمين" قائلة :"كيف أساويكم بمن علمكم؟"..
نسي مرددو هذه التخاريف حتى أن يتحققوا من الأمر عبر البحث في شبكة الانترنيت ليتأكدوا من أن أجر القاضي في ألمانيا يصل إلى 66 ألف أورو سنويا، وأن اقصى ما يمكن أن يحصله أستاذ الثانوي في نهاية مشواره هو 64 ألف أورو.. ونسي هؤلاء أيضا أن يطلعوا على الإحصائيات التي تؤكد أن 80 في المائة من التلاميذ الألمان يتابعون تعليمهم في المدارس العمومية، وأن الـ 20 في المائة الأخرى لم تختر التعليم الخاص هربا من فشل القطاع العام بل بسبب تنوع التخصصات أو لأسباب أخرى لا علاقة لها بالجودة..
- قبل أيام قليلة أوردت وسائل الإعلام الفرنسية معطيات حول حجم النقص الذي تعرفه الموارد البشرية في قطاع التعليم ما يدفع الوزارة الوصية إلى البحث عن حلول ترقيعية نعرفها جيدا في المغرب.
من الأسباب المعلنة لهذا النقص، عزوف الشباب عن الاشتغال بالتعليم، رغم أن المدرس الفرنسي يتقاضى سنويا أكثر من 25 ألف أورو في بداية مشواره لترتفع أجرته إلى 47 ألف أورو بعد 30 سنة من العمل الفعلي.
والغريب أن قطاع التعليم يشترك في خاصية العزوف هذه مع قطاعات مهنية أدنى من قبيل الجزارة.. وغيرها من الحرف اليدوية الشاقة..
- مؤخرا أيضا، تداولت وسائل الإعلام الأمريكية معطيات حول طريقة تقويم أداء رجال التعليم في كافة المستويات.
ففي كل سنة هناك مراقبة لمدى احترام المدرس لمجموعة من المعايير المضبوطة التي يسهر مفتشون مختصون على التحقق منها.
والعجيب أن الأجر يخضع -صعودا ونزولا- لنتائج هذا التقويم السنوي، والأهم من ذلك أن المعيار الحاسم في تحديد مصير الأستاذ هو نسبة النجاح التي يحققها تلامذته، بحيث يتم إنهاء تعاقده في حالة عجزه عن بلوغ المستوى المحدد على مدى ثلاث سنوات.
- إن التعليم في جميع الأزمنة والأمكنة، هو رسالة قبل ان يكون وظيفة، لأنه يساهم في الولادة الثانية للإنسان، بل الولادة الحقيقية لأنه يفتح أمام الطفل عوالم المعرفة، ويمكنه من الانتقال من "العدم" إلى "الوجود" الفعلي...وإذا كان البعض يعتبر أن قدرة الرضيع على المص بحكم الفطرة هي معجزة الخلق الأولى التي تضمن له الحياة، فإن تعليم الكتابة والقراءة معجزة لا تقل أهمية...
وهذا الكلام ليس نظريا، أو مغرقا في المثالية، بل هي الفلسفة التي حكمت علاقة المعلم بالمتعلم منذ بدء الخليقة.. ألم يقولوا في الأمثال :"من علمني حرفا صرت له عبدا"؟
فأين المشكلة الحقيقية إذن؟
المشكلة في أن الهاجس المادي أصبح حاضرا في الواجهة، فرجل التعليم عندنا يريد مالا أكثر من القاضي ومن المهندس ومن الطبيب وربما حتى من الوزير، ويحتج بالمقولة المنسوبة زورا إلى السيدة ميركل، وينسى المبدأ الذي أشرت إليه أعلاه، وهو أن التعليم رسالة قبل أن يكون وظيفة.
إن إحد أهم أسباب التردي الذي يعرفه قطاعا التعليم والصحة تحديدا يتمثل في هذا الانقلاب في المفاهيم..
فالطبيب أو الممرض أو المعلم أو الأستاذ، الذي ينظر إلى عمله على أساس أنه مهنة أو وظيفة تخضع لقاعدة "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"، لا يفهم خطورة الدور الذي يلعبه..
وفي اعتقادي المتواضع، لا فرق بين الطبيب الذي يرفض تقديم العلاج أو إنقاذ حياة إنسان قبل الحصول مستحقاته مسبقا، وبين المعلم الذي ينتقم من الدولة التي تدفع له أقل مما "يستحق" عبر تضييع مستقبل عشرات التلاميذ.. كما لا فرق بين الممرض الذي لا يتحرك إلى بعد "تحفيزه" بعشرين درهما، وبين الأستاذ الذي يمد يده لتلميذه مقابل دروس الدعم والتقوية..
أما المسألة الثانية، وهي حاضرة أيضا على جدران الفيسبوك باستمرار، فتتمثل في صور مدراس وأقسام ينقصها الكثير، بل تحول بعضها إلى حظائر للغنم والبقر..
هل نقفز على هذا الواقع، وندعي بأن كل شيء على ما يرام؟
لا، إطلاقا.. لكن لنجب على السؤالين التاليين:
هل مدارس المغرب أسوأ من مدارس غزة التي تتعرض للهمجية الإسرائيلية بانتظام، وتعاني من آثار الحصار اللاإنساني المفروض على هذا الشريط الضيق الذي يسجل أعلى نسبة خصوبة على مستوى العالم؟
وإذا قلنا إن غزة تعاني ظروفا "خاصة" تجعل القياس عليها مستحيلا والمقارنة معها عبثا، فهل مدارسنا أسوأ من مدارس الدول الإفريقية التي تسبقنا على معدل جودة التعليم في كثير من الإحصائيات الدولية ومنها الكاميرون وناميبيا؟
المسألة مسألة إرادة ليس إلا، وإلا فأين درست أجيال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات؟ أليس في مدارس مهترئة ينقصها كل شيء؟ ومن أين "تخرجت" نخب المغرب "الجديد"؟
شخصيا لقد عرفت المدرسة أول مرة في قريتنا المعلقة فوق إحدى قمم الأطلس المتوسط، وكنا نستعمل الشمع، ونتحدى عوادي الطبيعة القاسية شتاء، بل كان لي شرف الدراسة في المدرسة القديمة التي كانت عبارة عن غرفتين طينيتين في منزل أحد أعيان القرية، وهي المدرسة التي خرج منها عدد من الجنرالات والضباط السامين والمحامين والاساتذة الجامعيين ورجال السلطة...والمسؤولين الإداريين..
إن الإشكالية الحقيقية لها بُعدان:
يتمثل الأول في أن الأسر بشكل عام لم تعد ترى في الشهادة العلمية قيمة في حد ذاتها، ولسوء الحظ لا نتوفر على معطيات إحصائية دقيقة حول معدلات الهدر المدرسي، لأنني بالمعاينة الشخصية أستطيع أن أجزم بأن الأطفال الميسورين أكثر حرصا على مغادرة الأقسام مبكرا، وهو واقع تؤكده مثلا بعض الأسر، التي يربط أطفالها استمرارهم في الدراسة بالاستجابة لرغباتهم المبالغ فيها والتعجيزية احيانا، وقد اشتكت لي إحدى السيدات قبل أيام ابنها الذي "رفض" الذهاب إلى المدرسة إلا بعد اقتناء طاقم من الملابس "السينييه" وضمنها حذاء رياضي لا يقل ثمنه عن ألف درهم، بل إن هذه السيدة أكدت لي أنها أصبحت تتوجس من إعلانات الهواتف النقالة، فـ"طفلها" الصغير يتجول هذه الأيام يتجول في الشوارع، وفي يده "آي فون" ثمنه 6000 آلاف درهم.. من المتوقع أن يطلب تغييره بآخر أحدث في مستقبل قريب..
أما البعد الثاني، فيتعلق بغياب الإرادة لدى كثير من رجال ونساء التعليم.. أذكر أنه في فترة السبعينات وحتى الثمانينيات كان المعلمون في مدينة تازة يصنفون -شعبيا- حسب نسب نجاح تلاميذهم خاصة في قسم الشهادة الابتدائية، وأذكر أن أحدهم كان مواظبا على تحقيق نسبة مائة في المائة مع أن مدرسة "المعسكر" مثلا لم تكن من ملحقات البعثة الفرنسية، كما أن روادها كانوا في الغالب الأعم من أبناء المواطنين العاديين الكادحين.. كما أن النجاح كان يتطلب الحصول على المعدل على الأقل، ولم يكن كما عليه الحال اليوم حيث لا ترسب حتى حمير شباط..
هذه النقطة بالذات، تحتاج إلى وقفة فعلية منطلقها سؤال : لماذا كانت مدارس ذلك الزمن تؤدي رسالتها رغم كل الإكراهات، بينما مدارس هذا الزمن لا تنتج سوى الانحراف والأمية والجهل المركب؟ ولم كان مدرسو ذلك الزمن يعتبرون التعليم رسالة سامية تتطلب التضحية، بينما صار كثير من مدرسي هذا الزمان ينظرون إلى التدريس كـ"نشاط مدر للدخل" ليس إلا، ولذلك فالعنوان الرئيسي لكل الاحتجاجات هو "الزيادة في الأجور"...